منذ اكثر من 15 عاما والعراق يعوم على بحر متلاطم من المشاكل المختلفة ومنها المشاكل الثقافية حيث لم تضع الحكومات المتعاقبة الملف الثقافي في حساباتها وكان آخر ما يفكر به السياسي بمختلف الاحزاب والكتل هو الملف الثقافي ولم تأخذ وزارة الثقافة كمؤسسة حكومية معنية بالثقافة والفن دورها المطلوب حتى غدت حالها كحال الوزارات الاخرى المبتلية بالفساد والمحسوبيات ولم تشفع لها المهرجانات التي تقيمها بين حين وآخر وبقيت تسير في القاطرة الاخيرة من الحياة العراقية الامر الذي يضع المثقفين العراقيين امام مسؤولياتهم في اختيار مؤسستهم التي غيبت عن المشهد العراقي.
ومع انطلاق التظاهرات الشعبية في بغداد وبقية المحافظات كان للمثقف دور كبير في المشاركة الفعالة الا ان كل ذلك لم يتضمن ستراتيجية ثقافية يضعها المثقفون أمام الحكومة فيما لم تؤكد الاصلاحات التي قدمها رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي على الملف الثقافي ولم تطال اصلاحاته المؤسسة الثقافية الا بشيء بسيط وهو تغيير مدير عام وهذا لا يغير في واقع الثقافة العراقية وستبقى اذا ما استمر الحال تخوض في وحل المزاجية.
المطلوب الان هو تكاتف كل المثقفين العراقيين وفي جميع المحافظات من اجل وضع ستراتيجية ثقافية ومسار ثقافي واضح المعالم وان يختاروا وزيرا للثقافة من بينهم بعيدا عن المحاصصة المقيتة التي جرت البلاد الى تلك المشاكل التي لا حصر لها، وهذه الاستراتيجية تبدأ من رأس المؤسسة الثقافية الحكومية حتى جذورها وليس من المعقول ان تنكفئ الحكومة على علاتها السياسية متناسية الواقع الثقافي المزري.
علينا ان نتخذ موقفا واضحا وصريحا ازاء ما يحدث وان نقول للسياسي كفى سرقة باسم كل المبادئ التي يعلن عنها دون ان تكون واقعاً، علينا ان نطالب بدولة مدنية تراعي حق الفرد والرأي بعيدا عن المحاصصة التي لم تجلب لنا الا الذل. وعلينا ان نسترد هيبة الثقافة العراقية من ايدي الديناصورات الملوثة بدم العراقيين وان نشارك جميعا في التظاهرات الشعبية مستمدين العزم من أبناء العراق الذين يحلمون ببلد خال من كل الشوائب.
—