قصص قصيرة جدا
قصي الخفاجي
1- بيضة النسر الاسطوري
على صخرة الرماد النابتة في كهف مظلم قرأنا نحن الحفاة الصغار اسطورة عجيبة خطها اجدادنا العظام بحذق وبراعة وفحواها يقول: كانت هنا يوماً بيضة نسر زرقاء باردة عثر عليها بدوي عجوز ودفنها في قلبه.
اعوام مرت كالريح.. تشققت قشرة الارض واختفت خطوطها وظهرت خطوط جديدة وهطلت امطار وجفت امطار.. وريح سفت.. وسكنت ريح.. وعصفت اعوام، واعوام، واعوام.. مات فيها البدوي وفقست البيضة.
حين هبطت طائرة جند الغزاة اخر مرة في الحرب الكونية الاولى انشقت رمال الصحراء وهاجت الضواري والوحوش ودبت هوام الجحور ورحل الرعاة الى اودية التيه بحثاً عن العشب والكلأ والامان (كان ذلك في فجر ندي بارد يوم خرج نسر دهري عنيد من اعماق الرمال وزعق بضراوة وهو يرى الطائرة تحمل جند القيادة الغازية فحام حولها ودخل محركها اثناء التحليق وسقطت وتفحمت وتفحم كل من فيها).
نحن الذين قرأنا يوماً تلك السطور الغامضة عن طريق الصدفة الان كبرنا وشبت اخيلتنا وشغلتنا فكرة الماضي الغابر (من صلب المحاضرة قادنا استاذ التاريخ الى تلك المجاهيل الباقية في عرض الصحراء.. راينا اثار العطب الاسود حين وقف معنا ذلك الاستاذ في اجواء التاريخ الميداني على تلة رملية متحركة وهو يشير باصبعه الثابتة الى تلك البقعة الباقية من الصدأ المنسي المتفحم) كان الاستاذ يسكب صوته الحزين في قارورات اذاننا: يا اخوتي الاعزاء دونوا اسفار قهركم واساطير كينوناتكم الجريحة. وفيما كنا نمعن بالكتابة السريعة انخسفت الرمال بالاستاذ وغاص في بحر الاسطورة.
2- رعد ابيض قاهر
خرج من متاهة السجن معتوهاً تماماً فهام على وجهه في البراري الحزينة ينتظر سقوط الامطار التي تغسل اوساخ السنين التي عاشها في السجن وشرع يخط حروفاً على طين الارض الحمراء (وانقدحت بروق تفلق عنان السماء- وهو يحفر- ثمة عتمة ليل- وهو يحفر- حافات انهر- وهو يحفر- الانفلاقات عالية- وهو يحفر- ويحفر- ويحفر) ثمة صخرة شاهقة نام تحت ظلها فمرت في خياله اخر هجرات السجن الجماعية الى ما وراء الوراء الوراء الوراء.
دوى رعد قاهر فأفاق من نومه رأى العالم حفرة مظلمة الهبت خياله الايروسي ظل يداعب (…) الذابل ويتمرغ ويتلوى ويعوي.
واذ تلفت كانت السماء تصدح وخيوط البرق تشتعل هي ذي هجرات تنتهي او لا تنتهي لا يهم كل شيء لا يعود الى مكانه كل شيء لا يعود لا يعود ابداً عدا حزن السجن الكثيف المتقطر سيجعل من كفي تاخذ ثارها.
امسك شفرة حجرية باشطة وقطع (…) الذابل ثم دسه في فمه وغاب في حفرة العدم.
3- دردنيل
الرجفة في شراع الخيال ويضطرب ثم بضربة الم عاصف يخوض تجربة النزول الى البحر يغمره سحر الامواج وهناك تحت المظلة الشمسية تتمدد امراة شبه عارية تلبس عوينات سود يلمحها صامتة مثل تمثال تحت الظل. لوحت له بكفها البضة.
شرع يدب بخطاه وببطء حذر.. هتفت به فجأة: آخر اقدارنا هو البحر
اخر مشاويرنا هو البحر
اخر صرعاتنا هو البحر
ثمة خوف مجهول الم به.. ان شخصاً ما غامضاً ولو لفترة قصيرة قد صوب عليهما ناظريه ظل صامتاً وقد تداركت المراة شحوبة واحست ان صمتاً افرز بحاراً من الحلم والكلام كان يرقب الايقاع القادم. ربتت على كتفه: ماذا بك؟
– انا خائف، كانت هي خائفة
– انا قلق، كانت هي قلقة
-انا يائس، كانت هي يائسة
-“انا ضائع” ….. ……. انا لست ضائعة.
شاهدتني اتلوى في اللجج عامت ورائي فجأة وقد اكملت عريها. قادتني بعد لأي مثل سفينة الى صخرة العالم قرانا هناك حروفاً محفورة، “ليس للحياة ساحل امان للارض الموعودة”.
ادركناه اخيراً في المستشفى ذلك الغامض الذي يسلط علينا ناظريه وعرفنا انه قد مات في الحياة وعشنا نحن في غصص حائرين، حائرين، حائرين.
على صخرة الرماد النابتة في كهف مظلم قرأنا نحن الحفاة الصغار اسطورة عجيبة خطها اجدادنا العظام بحذق وبراعة وفحواها يقول: كانت هنا يوماً بيضة نسر زرقاء باردة عثر عليها بدوي عجوز ودفنها في قلبه.
اعوام مرت كالريح.. تشققت قشرة الارض واختفت خطوطها وظهرت خطوط جديدة وهطلت امطار وجفت امطار.. وريح سفت.. وسكنت ريح.. وعصفت اعوام، واعوام، واعوام.. مات فيها البدوي وفقست البيضة.
حين هبطت طائرة جند الغزاة اخر مرة في الحرب الكونية الاولى انشقت رمال الصحراء وهاجت الضواري والوحوش ودبت هوام الجحور ورحل الرعاة الى اودية التيه بحثاً عن العشب والكلأ والامان (كان ذلك في فجر ندي بارد يوم خرج نسر دهري عنيد من اعماق الرمال وزعق بضراوة وهو يرى الطائرة تحمل جند القيادة الغازية فحام حولها ودخل محركها اثناء التحليق وسقطت وتفحمت وتفحم كل من فيها).
نحن الذين قرأنا يوماً تلك السطور الغامضة عن طريق الصدفة الان كبرنا وشبت اخيلتنا وشغلتنا فكرة الماضي الغابر (من صلب المحاضرة قادنا استاذ التاريخ الى تلك المجاهيل الباقية في عرض الصحراء.. راينا اثار العطب الاسود حين وقف معنا ذلك الاستاذ في اجواء التاريخ الميداني على تلة رملية متحركة وهو يشير باصبعه الثابتة الى تلك البقعة الباقية من الصدأ المنسي المتفحم) كان الاستاذ يسكب صوته الحزين في قارورات اذاننا: يا اخوتي الاعزاء دونوا اسفار قهركم واساطير كينوناتكم الجريحة. وفيما كنا نمعن بالكتابة السريعة انخسفت الرمال بالاستاذ وغاص في بحر الاسطورة.
2- رعد ابيض قاهر
خرج من متاهة السجن معتوهاً تماماً فهام على وجهه في البراري الحزينة ينتظر سقوط الامطار التي تغسل اوساخ السنين التي عاشها في السجن وشرع يخط حروفاً على طين الارض الحمراء (وانقدحت بروق تفلق عنان السماء- وهو يحفر- ثمة عتمة ليل- وهو يحفر- حافات انهر- وهو يحفر- الانفلاقات عالية- وهو يحفر- ويحفر- ويحفر) ثمة صخرة شاهقة نام تحت ظلها فمرت في خياله اخر هجرات السجن الجماعية الى ما وراء الوراء الوراء الوراء.
دوى رعد قاهر فأفاق من نومه رأى العالم حفرة مظلمة الهبت خياله الايروسي ظل يداعب (…) الذابل ويتمرغ ويتلوى ويعوي.
واذ تلفت كانت السماء تصدح وخيوط البرق تشتعل هي ذي هجرات تنتهي او لا تنتهي لا يهم كل شيء لا يعود الى مكانه كل شيء لا يعود لا يعود ابداً عدا حزن السجن الكثيف المتقطر سيجعل من كفي تاخذ ثارها.
امسك شفرة حجرية باشطة وقطع (…) الذابل ثم دسه في فمه وغاب في حفرة العدم.
3- دردنيل
الرجفة في شراع الخيال ويضطرب ثم بضربة الم عاصف يخوض تجربة النزول الى البحر يغمره سحر الامواج وهناك تحت المظلة الشمسية تتمدد امراة شبه عارية تلبس عوينات سود يلمحها صامتة مثل تمثال تحت الظل. لوحت له بكفها البضة.
شرع يدب بخطاه وببطء حذر.. هتفت به فجأة: آخر اقدارنا هو البحر
اخر مشاويرنا هو البحر
اخر صرعاتنا هو البحر
ثمة خوف مجهول الم به.. ان شخصاً ما غامضاً ولو لفترة قصيرة قد صوب عليهما ناظريه ظل صامتاً وقد تداركت المراة شحوبة واحست ان صمتاً افرز بحاراً من الحلم والكلام كان يرقب الايقاع القادم. ربتت على كتفه: ماذا بك؟
– انا خائف، كانت هي خائفة
– انا قلق، كانت هي قلقة
-انا يائس، كانت هي يائسة
-“انا ضائع” ….. ……. انا لست ضائعة.
شاهدتني اتلوى في اللجج عامت ورائي فجأة وقد اكملت عريها. قادتني بعد لأي مثل سفينة الى صخرة العالم قرانا هناك حروفاً محفورة، “ليس للحياة ساحل امان للارض الموعودة”.
ادركناه اخيراً في المستشفى ذلك الغامض الذي يسلط علينا ناظريه وعرفنا انه قد مات في الحياة وعشنا نحن في غصص حائرين، حائرين، حائرين.