حسين رحيم :
المجانين وألأطفال والطيور لهم مشروعية ممارسة الخوف والفرح والكلام متى شاؤ أوكيفما أرادو..دون ان يعنيهم من يسمعهم لذلك هم أولى بألأنصات لهم من بقية البشر , فهم بحاجة لمن ينصت وليس لمن يتحدث لأن الكل يتحدث ولامن مجيب فالمتحدثون دائما أكثر من المنصتين لأن هؤلاء في أغلبهم مستعمون فقط ولم يرتقوا لمرتبة ألأنصات وألأصغاء لسبب بسيط…. إنهم يقفون على مسافة واحدة من اشياء كثيرة في الحياة ومن ضمنها مكونات الحب والكره والحسد والخيبة والشوق وتوابعهم .كي لايقعوا في فخ مسؤلية فأر محشور في جحر ينتظر موت قطط الدنيا كي يخرج وهو مايضعهم في المسافة بين الفرح والخوف , فالحب يعني السقوط في الحب رغم انه من المشاعر التي ترفع ألأنسان مثل السمو والنبل والكبرياء …والغضب هو الوقوع فريسة للغضب ونقول قتله الحسد وكفى ونتحدث عن كبح جماح الغضب والتسامح ثم نروي حكايتنا ونجترح آلامنا ومانظنه سوء حظنا وخيبات املنا في من اخلصنا لهم ونعيد ونكرر بمرارة الحكاية ذاتها التي هي واحدة منذ ولادة اول خائن على ألأرض ولحد آلآن , كنوع من المازوشية الذاتية بوصفنا أبررا إزاء شياطين الآخرين من حولنا لكننا نكون ممثلين بارعين في ابعاد اصبع ألأدانة عنا محاولة منا لأخفاء السبب الحقيقي وراء خيانة وغدر ألأخرين لنا والذي نظنه مخجل ومهين لكبرياءنا لأننا اكبر واجمل من أن نضعف ونرتخي امام صديق أو حبيب لأننا الشموخ وألأباء …بهذا الكم من العبارت والمجازات نحاول ان نبدوا كالشجرة التي تموت وهي واقفة لذلك نجد إن كثير من الناس يروون قصصا غير حقيقية عن بطولاتهم الملائكية وهذا يوقعهم فريسة للوهم ألأكبر ..الا وهو الكذب بوصفه طاقية اخفاء العيوب ونقاط الضعف والتزلف أو ترتد عليه فيشرب المقلب ويصدق نفسنه وهو اخطر انواع الكذب لكن نجد إن المجنون او المريض عقليا (اصطلاح مهين لهذا الكائن المظلوم والظريف)قد الغى حواجز الخوف والريبة والشك والحذر والتوجس بينه وبين العالم فلم تعد به حاجة للكذب, لأنه اقفل باب العقل وغادره الى عالم آخر صنعه بنفسه يرانا من خلاله كما يريد هو ان يرانا ونحن نطلق عليه تسميات مثل عالم الوهم و الهذيان والخرافات واللامنطق لكنه مقتنع بعالمه وراض عنه لذلك هو كائن سعيد ونحن نحاول جاهدين اعادته الى عالم العقل والمنطق بالعقاقير والرجات الكهربائية ناسين او متناسين إن الجنون هو شكل من اشكال الرفض والتمرد والهروب من عالم العقلاء الذين يبنون القلاع والصروح والمدن ويزرعون الورود وألأزهار وألأشجار المثمرة وفجأة …بلحظة غضب حمقاء يمحون كل ذلك ويحيلوه الى خراب ودمار ثم يعودون ليبنوا ماخربته ايديهم دون ان يعتذروا لأحد والمجنون كائن يمتلك احساسا مضخما لماحوله وفي اغلب ألأحيان يكون في المكان والزمان غير المناسبين له لذلك هو لم يستطع ألأجابة عن كثير من ألأسئلة التي تطرق لذلك ارتضى الهروب منها ..في الغرب يهتمون لهذا ألأمر كثيرا, وهم يحاولون معالجته من البداية عن طريق ألأطباء النفسيين وجلسات جماعيىة يتحدثون فيها عن كل ماهو مخجل لنفوسهم بلا خوف او وجل كنوع من التطهير النفسي ويكون دور الطبيب النفسي ألأنصات للمريض كي يتخلص من عقدة الصمت لأنه في اغلب ألأحيان يولد الكبت من تراكم الصمت على ألأحتجاجات والرفض والامقبولية للواقع و الذي حتما سينفجر يوما ما كبر كان خامد ويحول صاحبه إما الى روائي أو شاعر
او موسيقي او رسام أو…. مجنون…وألأخيرة هي أفضل الجميع ….
—