رحمة بن مدربل :
أشعرُ بالخوف، قالتِ التلّة البعيدة، و السَهْلُ يشعرُ بالبرد بعد أن تعرَّى من سنابله … الصمتُ يقتله الهدوء ، يشتاقُ شغباً و فوضى …
و قلبي المحصُور في قفصي الصدري يشعُر بالضيق ، تضّخم جداً و لم تعدْ تكفيه المساحة … يُريد أن يهربُ من مكانه … و يركض في البراري باحثاً عن شيءٍ ما، لا يعرفُ للوقت معنى ، لا يعرف كيف يهدأ… لا يُجيد القيام بوظيفته الأصلية في أن يضُّخَ الدماء إلى جسدي القلق
” !أشعرُ بالخوفْ ”
…قالتْ الشجرة الحزينة الوحيدة المُتبقية فوق الجبل … تحِنُّ إلى أمِّها الغابة التي قُطعتْ
الفأسُ البارِدُ يشعُرُ بالغُربة … عيناه الضامِرتان في شفرةِ الحديد، في النَصْلِ المُتجمِّد الحديدي ترتجفانِ، مرعوبتانِ من فكرة رُؤية الرُّؤوسِ مقطوعةً … لا يهمُّ إن كانتْ لجماداتٍ أو كائناتٍ حية
بقدر رُعبه … كنتُ مرعوبةً كأرنبٍ هاربٍ … يتبعه كلبُ الصَّيد المدرَّب و قناصٌ محترفٌ لا يرتاح من ملله الروتيني إلاَّ إذا اصطادَ طريدةً برية
كان إحساسي برياً، عفوياً حدَّ التطرف… مخيفاً حدَّ توتر أطرافي حينما أحاول تهدئته
أشعر بالخوف ،،، إلى درجة أنني عندما أمشي أحسُّ قلبي يسقط في تجويفِ بطني فجأةً و أشهقُ ثم يُغمى عليّ …
حتى الاحتمالات الكثيرة التي كنتُ أحتمي بها من يأسي ، تقزَّمَتْ و توقَّفتْ عن التضاعف ، وصارتْ إحتمالاً واحداً لا أريد أن أذكره، لا أريد أن أفكِّرَ به … نعم لا أريد … حتى فعلُ الإرادة ناقمٌ …
الأضواء التي تلتمعُ في الخارج في شارعٍ أسكنه و لا أعرفُ اسمه بعد ، كثيرةٌ تُغريني بالخروج ، حتى الأضواء و شوشتْ لي في أذني بإنّها خائفة ، ورِثَتْ ذلك عن جدَّاتِها الشمعات، التي تخافُ من كلِّ هبَّة ريحٍٍ تُطفيء وهجها الأحمر
متى تطلعُ الشمس ؟ … قال الليل الذي ملَّ من نفسه و منّي … ، سيطردني قريباً إلى مدينة نهارها متواصلٌ لأربعٍ و عشرين ساعة كاملة
أشعُرُ بالخوف …
من نفسي التي لا تثبتُ … ترقصُ بداخلي برعب… تُقرِّرُ ثم تتراجع عن قراراتها في طُرفة عين ، تُرهقني و تجعلني أرتجفُ خوفاً … أفقد صبري و أخرجُ عن صمتي الجميل إلى قبح الكلام و الثرثرة
! كل هذا الخوف سيزول إذا عانقتني … ماذا تنتظر ؟
—-