البصرة :عد روائيان عراقيان وناقد، رحيل الروائي السوداني الكبير الطيب صالح الذي توفي يوم الأربعاء، في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن خسارة كبيرة للرواية العربية بشكل خاص وللثقافة العربية بشكل أوسع، واعتبروا منجزه الروائي من الأعمال السردية التي كشفت عن خصوصيته في عالم الكتابة والتي تركت لمسات عميقة في سفر الرواية العربية.
قال القاص والروائي محمد خضير لوكالة(أصوات العراق)“بوفاة الروائي الطيب صالح ينطبق مجلد ثمين من مجلدات الرواية العربية ما بعد الكولنيالية، لقد افتتحت روايته (موسم الهجرة الى الشمال) مرحلة هامة من مراحل الحوار الثنائي بين الشرق والغرب، وأسست رؤية مضادة لرؤيا الغرب الإستشراقية من موقع التجربة الملموسة والخبرة العملية المتمرسة في السرد والحياة”.
وأضاف وعلى الجانب الآخر”كان الطيب صالح متمكنا وخبيرا بعمله فلم يتخذ موقعا انتقاميا من الغرب الاستعماري ، ولم ينجز عملا تابعا لسلطة الآخر العرقية والحضارية المتفوقة. من ناحية أخرى كان الطيب صالح فنان الطبيعة وفيا للأرض التي ولد عليها، ونستطيع أن ننسبه الى القرية السودانية ببساطة، كما نستطيع أن ننسبه الى المدن الكبرى التي كان يغزوها بثقافته وخبرته في العمل الأدبي والإعلامي”.
وأوضح خضير “كان من الأدباء العرب القلائل اللذين جمعوا في رواياتهم بين بلاغة التعبير التراثي وأساليب السرد الحديثة، حيث تشربت بساطته الريفية الى عمق بنائه الروائي الكلاسيكي،”مستدركا “لم ينتج الطيب صالح إلا أعمال قليلة ، لكن دلالاتها التعبيرية اتسعت بسعة مصادرها الطبيعية والثقافية”.
وخلص الروائي قائلا “أخيرا مات الطيب، جاء الخبر بهوله، ولما تزل الرواية العربية في منتصف الطريق لإنجاز مهامها الصعبة في التحديث والاكتشاف، لذا فأن وجود الطيب صالح الأدبي . سيبقى طويلا بيننا”.
ولد الطيب صالح عام 1929 في إقليم مروى شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقيرة, وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها، و تلقى تعليمه في وادي سيدنا وفي كلية العلوم في الخرطوم، وتوفى عن عمر يناهز الثمانين عاما، بعد رحلة طويلة في مجال الأدب والثقافة والصحافة، ما حدا بالكثير من النقاد إلى تسميته بـ”عبقري الرواية العربية”، لا سيما وأن إحدى رواياته اختيرت لتنضم إلى قائمة أفضل 100 رواية في القرن العشرين.
وقال فاضل ثامر الناقد ورئيس اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين “يعد رحيل الروائي السوداني الكبير الطيب صالح خسارة كبيرة للرواية العربية بشكل خاص وللثقافة العربية بشكل أوسع، فقد استطاع هذا الروائي الموهوب أن يضع لمساته العميقة في سفر الرواية العربية من خلال روايته الرائدة موسم الهجرة الى الشمال، والتي أعقبها بمجموعة من لأعمال السردية التي تكشف عن خصوصيته في عالم الكتابة”.
وأضاف لـ(أصوات العراق) “ويمكن أن نقول بأن رواية الطيب صالح من الروايات المبكرة التي كشفت عن هذا الصدام بين الثقافة المحلية والثقافة العالمية أو بشكل أدق بين المستعمر والمستعمر والثقافة ما بعد الكولنيالية”. مستطردا ” ويمكن أن نقول أيضا أن رواية الطيب صالح حاولت أن تقدم ردا فنيا وحضاريا على انتهاكات النظام الكولينيالي لبلدان الشرق، فضلا عن ذلك أرى أن أسلوب الطيب صالح السردي في معظم ما كتب يتسم بلون من الحياد والموضوعية والرفض من خلال عين الكاميرا البارد”.
وأوضح ثامر” فهو يكاد أن يسقط التأثيرات السايكلوجية للعقل السردي ، وهو بهذا يقترب مما يمكن أن نسميه بالكتابة البيضاء أو الكتابة في درجة الصفر، والتي وجدنا تماثلا لها في رواية الغريب للبير كامو ونماذج عربية لإبراهيم أصلان وصنع الله إبراهيم وإيهاب طاهر في مصر، ومحمد خضير وعائد خصباك في العراق”.
وتابع “لذا سنقول مرة أخرى أن مثل هذا الرحيل سيترك بالتأكيد فراغا كبيرا في مسيرة الرواية العربية ربما يقترب من الفراغ الذي تركه رحيل الروائي الكبير نجيب محفوظ”.
مارس الطيب صالح التدريس ثم عمل في الإذاعة البريطانية في لندن، كما نال شهادة في الشؤون الدولية في إنكلترا، وشغل منصب ممثل اليونسكو في دول الخليج ومقره قطر في الفترة 1984 – 1989.
ورأى القاص و الروائي محمود عبد الوهاب أن “رحيل الروائي الكبير الطيب صالح غياب لصوت أصل في الرواية العربية، فأعماله خلاصة لثقافة قارة كاملة، بكل تقاليدها وأحلامها وهواجسها، وقد أثارت رواياته أسئلة نقدية هامة تتعلق بطبيعة تلك الروايات وفلسفتها الجمالية وعلاقتها بالواقع الذي كتبت عنه في حقبة الستينات”.
وأوضح أن “روايته(موسم الهجرة إلى الشمال)، 1966، تثير في خصائصها النوعية كثيرا من الأسئلة أكثر مما تحمله من الأجوبة، فهي لا تعرض الواقع (اليقيني ) بقدر ما تكتب عن الواقع (الإشكالي) ممثلا في شخصيتها الروائية (مصطفى سعيد) التي جسدت موضوعة التوتر الثقافي المفارق بين قيم الشرق والغرب”. مشيرا إلى أن على الرغم من أن “تلك الموضوعة تناولها هيكل في روايته (زينب)، 1914، قيل الطيب صالح، وتوفيق الحكيم في (عودة الروح) و(عصفور من الشرق) ويحيى حقي في (قنديل أم هاشم).
واستدرك “لكن موضوعة الطيب صالح في (موسم الهجرة الى الشمال) كانت تكريسا تراكميا لموضوعة ذلك التوتر بين حضارتي الشرق والغرب تحتدم ضد مركزية الغرب”.
وأضاف “لقد أثار الطيب صالح ذلك القروي الذي ارتحل من قريته شمال السودان الى لندن وعمل في هيئة الإذاعة البريطانية . وشارك في ندوات مثقفي لندن ، وأثار إعجاب كثير من النقاد ودارسي الرواية بالبناء الفني الأصيل في أعماله”.
وخلص عبد الوهاب أن “رحيله الآن ينطوي على خسارة كبيرة للمسار الروائي العربي، الذي كان الراحل أحد البنائين الكبار في تشييد قيمه الفنية لرؤية الإنسان والعالم في المرحلة التأريخية التي أسهم الراحل فيها بكتابة رواياته”.
وكان صدور رواية الطيب صالح “موسم الهجرة إلى الشمال” والنجاح الذي حققته سببا مباشرا في التعريف به والتي أكسبته شهرة عالمية على مدى أكثر من 40 عاما، المقياس الذي توزن به قيمة أعمال أخرى تالية تناول فيها روائيون عرب الصدام بين الشرق والغرب، ووصفتها الأكاديمية العربية ومقرها دمشق عام 2001 بأنها أهم رواية عربية في القرن العشرين.
ومن أهم مؤلفاته الأخرى عرس الزين رواية ( 1962)، مريود، نخلة على الجدول، دومة ود حامد، وترجمت بعض رواياته إلى أكثر من ثلاثين لغة، وتحولت روايته “عرس الزين” إلى دراما في ليبيا ولفيلم سينمائي من إخراج المخرج الكويتي خالد صديق في أواخر السبعينيات حيث فاز في مهرجان كان.
وفي مجال الصحافة، كتب الطيب صالح خلال عشرة أعوام عمودا أسبوعيا في صحيفة لندنية تصدر بالعربية تحت اسم “المجلة”، وخلال عمله في هيئة الإذاعة البريطانية تطرق الطيب صالح إلى مواضيع أدبية متنوعة
ولم يكف صالح عن الانخراط في القضايا السياسية من خلال مقالات ظل ينشرها في بعض الصحف والمجلات حتى أيامه الأخيرة.
وفي نهاية الشهر الماضي أرسلت مؤسسات ومراكز ثقافية في الخرطوم منها اتحاد الكتاب السودانيين رسالة الى الأكاديمية السويدية ترشح فيها صالح لنيل جائزة نوبل في الآداب.
قال القاص والروائي محمد خضير لوكالة(أصوات العراق)“بوفاة الروائي الطيب صالح ينطبق مجلد ثمين من مجلدات الرواية العربية ما بعد الكولنيالية، لقد افتتحت روايته (موسم الهجرة الى الشمال) مرحلة هامة من مراحل الحوار الثنائي بين الشرق والغرب، وأسست رؤية مضادة لرؤيا الغرب الإستشراقية من موقع التجربة الملموسة والخبرة العملية المتمرسة في السرد والحياة”.
وأضاف وعلى الجانب الآخر”كان الطيب صالح متمكنا وخبيرا بعمله فلم يتخذ موقعا انتقاميا من الغرب الاستعماري ، ولم ينجز عملا تابعا لسلطة الآخر العرقية والحضارية المتفوقة. من ناحية أخرى كان الطيب صالح فنان الطبيعة وفيا للأرض التي ولد عليها، ونستطيع أن ننسبه الى القرية السودانية ببساطة، كما نستطيع أن ننسبه الى المدن الكبرى التي كان يغزوها بثقافته وخبرته في العمل الأدبي والإعلامي”.
وأوضح خضير “كان من الأدباء العرب القلائل اللذين جمعوا في رواياتهم بين بلاغة التعبير التراثي وأساليب السرد الحديثة، حيث تشربت بساطته الريفية الى عمق بنائه الروائي الكلاسيكي،”مستدركا “لم ينتج الطيب صالح إلا أعمال قليلة ، لكن دلالاتها التعبيرية اتسعت بسعة مصادرها الطبيعية والثقافية”.
وخلص الروائي قائلا “أخيرا مات الطيب، جاء الخبر بهوله، ولما تزل الرواية العربية في منتصف الطريق لإنجاز مهامها الصعبة في التحديث والاكتشاف، لذا فأن وجود الطيب صالح الأدبي . سيبقى طويلا بيننا”.
ولد الطيب صالح عام 1929 في إقليم مروى شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقيرة, وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها، و تلقى تعليمه في وادي سيدنا وفي كلية العلوم في الخرطوم، وتوفى عن عمر يناهز الثمانين عاما، بعد رحلة طويلة في مجال الأدب والثقافة والصحافة، ما حدا بالكثير من النقاد إلى تسميته بـ”عبقري الرواية العربية”، لا سيما وأن إحدى رواياته اختيرت لتنضم إلى قائمة أفضل 100 رواية في القرن العشرين.
وقال فاضل ثامر الناقد ورئيس اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين “يعد رحيل الروائي السوداني الكبير الطيب صالح خسارة كبيرة للرواية العربية بشكل خاص وللثقافة العربية بشكل أوسع، فقد استطاع هذا الروائي الموهوب أن يضع لمساته العميقة في سفر الرواية العربية من خلال روايته الرائدة موسم الهجرة الى الشمال، والتي أعقبها بمجموعة من لأعمال السردية التي تكشف عن خصوصيته في عالم الكتابة”.
وأضاف لـ(أصوات العراق) “ويمكن أن نقول بأن رواية الطيب صالح من الروايات المبكرة التي كشفت عن هذا الصدام بين الثقافة المحلية والثقافة العالمية أو بشكل أدق بين المستعمر والمستعمر والثقافة ما بعد الكولنيالية”. مستطردا ” ويمكن أن نقول أيضا أن رواية الطيب صالح حاولت أن تقدم ردا فنيا وحضاريا على انتهاكات النظام الكولينيالي لبلدان الشرق، فضلا عن ذلك أرى أن أسلوب الطيب صالح السردي في معظم ما كتب يتسم بلون من الحياد والموضوعية والرفض من خلال عين الكاميرا البارد”.
وأوضح ثامر” فهو يكاد أن يسقط التأثيرات السايكلوجية للعقل السردي ، وهو بهذا يقترب مما يمكن أن نسميه بالكتابة البيضاء أو الكتابة في درجة الصفر، والتي وجدنا تماثلا لها في رواية الغريب للبير كامو ونماذج عربية لإبراهيم أصلان وصنع الله إبراهيم وإيهاب طاهر في مصر، ومحمد خضير وعائد خصباك في العراق”.
وتابع “لذا سنقول مرة أخرى أن مثل هذا الرحيل سيترك بالتأكيد فراغا كبيرا في مسيرة الرواية العربية ربما يقترب من الفراغ الذي تركه رحيل الروائي الكبير نجيب محفوظ”.
مارس الطيب صالح التدريس ثم عمل في الإذاعة البريطانية في لندن، كما نال شهادة في الشؤون الدولية في إنكلترا، وشغل منصب ممثل اليونسكو في دول الخليج ومقره قطر في الفترة 1984 – 1989.
ورأى القاص و الروائي محمود عبد الوهاب أن “رحيل الروائي الكبير الطيب صالح غياب لصوت أصل في الرواية العربية، فأعماله خلاصة لثقافة قارة كاملة، بكل تقاليدها وأحلامها وهواجسها، وقد أثارت رواياته أسئلة نقدية هامة تتعلق بطبيعة تلك الروايات وفلسفتها الجمالية وعلاقتها بالواقع الذي كتبت عنه في حقبة الستينات”.
وأوضح أن “روايته(موسم الهجرة إلى الشمال)، 1966، تثير في خصائصها النوعية كثيرا من الأسئلة أكثر مما تحمله من الأجوبة، فهي لا تعرض الواقع (اليقيني ) بقدر ما تكتب عن الواقع (الإشكالي) ممثلا في شخصيتها الروائية (مصطفى سعيد) التي جسدت موضوعة التوتر الثقافي المفارق بين قيم الشرق والغرب”. مشيرا إلى أن على الرغم من أن “تلك الموضوعة تناولها هيكل في روايته (زينب)، 1914، قيل الطيب صالح، وتوفيق الحكيم في (عودة الروح) و(عصفور من الشرق) ويحيى حقي في (قنديل أم هاشم).
واستدرك “لكن موضوعة الطيب صالح في (موسم الهجرة الى الشمال) كانت تكريسا تراكميا لموضوعة ذلك التوتر بين حضارتي الشرق والغرب تحتدم ضد مركزية الغرب”.
وأضاف “لقد أثار الطيب صالح ذلك القروي الذي ارتحل من قريته شمال السودان الى لندن وعمل في هيئة الإذاعة البريطانية . وشارك في ندوات مثقفي لندن ، وأثار إعجاب كثير من النقاد ودارسي الرواية بالبناء الفني الأصيل في أعماله”.
وخلص عبد الوهاب أن “رحيله الآن ينطوي على خسارة كبيرة للمسار الروائي العربي، الذي كان الراحل أحد البنائين الكبار في تشييد قيمه الفنية لرؤية الإنسان والعالم في المرحلة التأريخية التي أسهم الراحل فيها بكتابة رواياته”.
وكان صدور رواية الطيب صالح “موسم الهجرة إلى الشمال” والنجاح الذي حققته سببا مباشرا في التعريف به والتي أكسبته شهرة عالمية على مدى أكثر من 40 عاما، المقياس الذي توزن به قيمة أعمال أخرى تالية تناول فيها روائيون عرب الصدام بين الشرق والغرب، ووصفتها الأكاديمية العربية ومقرها دمشق عام 2001 بأنها أهم رواية عربية في القرن العشرين.
ومن أهم مؤلفاته الأخرى عرس الزين رواية ( 1962)، مريود، نخلة على الجدول، دومة ود حامد، وترجمت بعض رواياته إلى أكثر من ثلاثين لغة، وتحولت روايته “عرس الزين” إلى دراما في ليبيا ولفيلم سينمائي من إخراج المخرج الكويتي خالد صديق في أواخر السبعينيات حيث فاز في مهرجان كان.
وفي مجال الصحافة، كتب الطيب صالح خلال عشرة أعوام عمودا أسبوعيا في صحيفة لندنية تصدر بالعربية تحت اسم “المجلة”، وخلال عمله في هيئة الإذاعة البريطانية تطرق الطيب صالح إلى مواضيع أدبية متنوعة
ولم يكف صالح عن الانخراط في القضايا السياسية من خلال مقالات ظل ينشرها في بعض الصحف والمجلات حتى أيامه الأخيرة.
وفي نهاية الشهر الماضي أرسلت مؤسسات ومراكز ثقافية في الخرطوم منها اتحاد الكتاب السودانيين رسالة الى الأكاديمية السويدية ترشح فيها صالح لنيل جائزة نوبل في الآداب.