لم تعد الحافلة حبيسة تيار واحد ، ماجدوى ذلك ؟
كي لاتُفهمْ انطباعاتي عن السقوط على انها هذيان خيال محموم او اثغاث احلام ، حتى الهواجس كانت اشلاءا من عدم ، لذلك ارتأيت ان اقول لكم ان ميلا شديدا يشدني الى علم الباراسايكلوجي ويطبع تفكيري بتفسير الاحداث على ضوء هذا العلم ، وتبعا لذلك صرتُ اكثر الناس استعدادا للخروج عن سراط
الحقيقة الموشومة بوهج الخرافات.
ليلتها كانت حافلتنا تمخر عباب الطريق من مرفأ الكاظمية باتجاه جزر الاعظمية ، ورغبة بل هوس يدفعني لتلك الرحلة كأنها مس من جن .
ركبنا حافلتنا العملاقة العتيقة المصنوعة قبل ستة الاف عام من معادن متفرقة ، بعد ان حملناها بالزيت والبلح والدقيق والنفط وما يلزمه من فوانيس ، لكن حمولتنا لم تكن محسوبة ولامنسقة ، مما جعل حافلتنا تترنح وتلتوي اطاراتها اقلعنا ، تدفعنا ريح ليّنة تمشي بمحاذاة الخوف ، دون ان يقطع رتابة سيرنا افق لحلم باستناء نشوة لسرب نوارس كانت تعمل قبل الغروب لعبة الشواطئ التصق وجهي على زجاج النافذة احدق في الفراغ وغيمة وحيدة تعاني العزلة جذبت انتباهي ، بزغت من حيث وهدوا الشمس ، لونها الغريب يثير الانتباه ، وهي بذات الوقت الغيمة الاولى التي طالعتنا منذ ان غادرت مركبتنا المرفأ ، رحت ارقبها باهتمام حتى نهاية الغروب الاول بعدها انتشرتْ على الجهات الاربع وطوقت الافق بحزام بخاري كثيف ، كأنه شاطئ طيني ، قفز انتباهي الى قمر اطلّ بحمرة وارسل اشعته الى دجلة الذي اخذ يتغير بسرعة ، استجاب للمناخ دون مقاومة وبدت مياهه اكثر شفافية من المعتاد ,
الان استطيع رؤية قعر النهر بوضوح ………….
_____________
مقطع من قصتي القصيرة الطويلة (سقوط.. ليل بغداد)