عيسى عبد الملك
دعوها تموت بهدوء ، قال الطبيب وغادر ..كانت في حشرجة النزع الأخير وكنا واجمين تلفنا رهبة الموت منقضا على روح حمامة وهي بيأس تصارعه..بعضنا أمسك بالسرير والسرير يرجف.بعضنا غالب دموعه فقد كانت زميلة نحبها .كانت مثال الوقار والطيبة والورع… شيخ اخترقنا بصمت وخشوع . وقف عند رأسها . نظر طويلا إلى الوجه الذي غيرته صبغة الموت ..ثمّ ركز بحزن على الشفتين والعينين . لحظة لن أنساها ، لحظة التقاء عينيها بعينيه. سقطت دمعتان .سالتا ببطء على خديها .مسحهما برفق بيديه ثم انسحب بحزن ووقار . لم يلتف لأحد حينما غادر بصمت وهدوء .نظر بعضنا بوجه بعض .لم يعرفه أحد ..تبعته .أخرج منديل ورق . مسح دموعه .لم يرم المنديل بل دسه في جيبه .أحكم أزرار معطفه المطري .نشر مظلته.نقل خطاه على الرصيف الموحل .سمعته يسعل .كان المطر يسقط غزيرا . الشيخ يصارع الريح والمطر وظلمة الشارع غير عابي بما يدور ولا بنداء سائق سيارة أجرة أراد أن يقله .
ـــ هل عرفت من يكون ؟ سألني زميل هامسا .
ـــ أبدا أجبت ! ,