سعد عباس:
“الى .. طاهر البكاء”
(1)
يحنُّ الى ما تبّقى من هواءِ مدينتِهِ
ما تبقّى فوقَ طينِ الأرضِ
من أرضٍ
وفي الفراتْ
من دموعٍ، شموعٍ، نذورٍ، بخورٍ، مواويلْ
(2)
يَتذكّرُ الحَبْوَ، باليهَ الطفولةِ
هو ذا لهوُ الطبيعةِ، غنجُها
حيثُ الأكفُّ دفوفٌ
يُروّضُ الخطى إيقاعُها
“تاتي.. توّاتي”
ويفتَحُ الطفلُ عينيهِ على اتسّاعِهما
وفي خلفيّةِ اللوحةِ
تواريخُ العباءاتِ والحنّاءِ
وجوهُ السابحينَ في نهرِ التراتيلْ
تَهجّي الأسماءِ
والأشياءِ والأخطاءْ
مركباتُ الريحِ
تقذِفُهُ على الحرفِ
نقطةَ
وعلى الجرفِ
صَدَفةْ
ثمّ تحذفُهُ كفاصلةٍ من الحِجْرِ الى “الكاروك”
ومن حضنٍ الى حُلُمٍ
ومن حُلُمٍ الى مخاضاتِ البلادْ
(3)
ويَلزمُهُ اضطرارٌ ليتركَ الرملَ
منتظراً. والليالي
بلا تاريخِها عاريةً يمتطيها الخيالْ
(4)
يحنُّ الى شَجَنِ الفراتِ
في مدنِ الجنوبِ
والعَدْوَ على الزَبَدِ
هذا لعابُ خيولِهِ الصلعاءِ
بصمةٌ لاحتراقِ الصخور
فيا ملاكَ المسرّاتِ السحيقةِ
يا نداءاتِ الطبيعةِ
رغباتُهُ، مُذْ حينِها، لم تعدْ
محضَ اختبارٍ للذاكرةْ
وللذاكرةِ الجرحُ
أسى الطينِ
شيطانُ الليالي في انكسار البلادْ
(5)
فعودي، فتاةَ المضائقِ الخضراء
ليعودَ بتاريخِهِ غيرِ الملتبسْ
طفلُكِ الفراتيُّ
ليحرسَ أحلامَكِ حينَ ينامْ.
—————————
* تمتاز الخيول الشامية والخفاجية بأن جباهها صلعاء… على أن “الخيول الصلعاء” في النصّ تعبير مجازي.