عبد الصمد مرون:
لثمته بقوة وقالت له: أتحبني؟ راوغ السؤال بسؤال مخادع: هل تظنين الجو مناسبا؟ لم ينتظر جوابها. استرسل في الكلام، لو لم تكن هذه العاصفة لما التقينا هذا الصباح، خلف كل عاصفة حكمة ما، وإن لم تكن خلقناها كي يظل لنا شيء ننتظره بعد انقشاع الغبار، لم تفهم كلامه لكنها حركت رأسها موافقة، هي التي تعودت دائما، تفادي نقاشات تتيه نتيجتها في عدمه، هذا العدم الذي لم يعد يؤمن بشيء غيره.
كل لحظة تمر في علاقتهما تدنيه من عدمية متصاعدة، لطالما حدثها في بداية علاقتهما بكلمات أحلام مستغانمي. “أجمل حب هو ما تجده، وأنت تبحث عن شيء آخر” جملة حفظتها عن ظهر حب، هكذا تسللت أحلام بينهما، فحولت حياتهما نهرا دافقا بالحنين، بين مقاعد السينما كانا يجلسان ثلاثتهم، يتعطران من عبق الكلمات، تحيط بهوائه، يقترب منها ويكاد يدنو حتى يقبلها لكنه لا يفعل، يلفهما سواد رومنسية مستوحاة من فوضى حواسهما ومن السرير الذي لم يعبراه قط، وفي جسديهما يخطان ما سيصبح ذاكرتهما المشتركة.
كل هذا دفن في الماضي، الآن يحدثها بلسان المعري، فقد أصبح كل ما يعيشه خرافة يا أم عمرو، لذا لا بأس من البكاء مع غانيات ماركيز الحزينة، ولا مفر من مناوشة الرياح مع سرفانتيس. نظرت في عينيه هذا المساء فما وجدت غير بقايا أشلاء سفينة لم تبحر قط. ما أقبح اليأس إذا اختار الأدب كفنا له، هكذا قالت في قرارة نفسها، لكنها مع ذلك قررت أن تقطع صحراء حبهما، عسى يكون ما اعتقده الجميع سرابا، ماء عذبا زلالا، يروي ظمأ السنين، قطع حبل أفكارها بقبلة قوية، وقال: ما رأيك أن نصبح صديقين؟