“كملاكٍ محمولٍ على غيمةٍ
أتطلع إلى وطني
وأبكي
*
أيّها العالم
أنأتيك بالمجاهر
لترى عذاباتنا ” عبد الكريم كاصد
منذ البدايات انصرف الشاعر عبد الكريم كاصد بجدية و نهم للقراءة الثقافية المتنوعة. في العام الدراسي 1962-1963 كان طالباً في كلية اللغات- قسم اللغة الفرنسية – جامعة بغداد. في إعصار 8 شباط 1963 هرب إلى البصرة، واختبأ في بيتهم بـ(صبخة العرب) ،ولم يغادره إلا بعد هزيمة القتلة في حكمهم الأول، وتقدم للدراسة على نفقته الخاصة، في جامعة دمشق فقبل في قسم الفلسفة. نشر للمرة الأولى قصيدة في مجلة (الآداب)اللبنانية، عندما كان طالباً في دمشق، كما كان يشارك في النشاط الثقافي و ينشر في الجرائد والمجلات السورية. كتبت عنه الناقدة (سلمى الخضراء الجيوسي) في عمود ثقافي كانت تنشره، في مجلة شهرية لبنانية-عامة، ولم تكن (الجيوسي) تعرفه ، لكنها اطلعت على قصيدته المنشورة وبعض شعره مخطوطاً عبرَ بعض أصدقائه، وأنهت عمودها نصاً: ” ثمة مستقبل شعري لامع ومتميز لهذا الشاعر الشاب القادم من العراق”. في دمشق، تعرف(كريم) على كثير من الأدباء السوريين منهم: ” ممدوح عدوان، فائز خضور، علي الجندي، محمد الماغوط،على كنعان” ، وهؤلاء بالذات ربطته بهم علاقة وثيقة، فقد سكن والشاعر ممدوح عدوان، في بيت واحد لفترة طويلة. بعد تخرجه ،عمل في معهد المعلمين في البصرة مدرساً لعلم النفس التربوي، وارتبط بعلاقة حميمة مع الشاعر الراحل(محمود البريكان) الذي كان مدرساً للغة العربية في ذات المعهد. أوفد(كريم) للتدريس إلى الجزائر سنة 1969. في الجزائر انكب على تعلم اللغة الفرنسية، وكان يذهب في العطلة الدراسية إلى باريس والانتظام في معاهد تعليم اللغة الفرنسية حتى أجادها.عاد إلى العراق سنة 1972 وبدأ النشر في الصحف والمجلات العراقية والعربية، وشارك كثيراً في النشاط الثقافي في البصرة والعراق ، ونشر عدداً من التراجم الشعرية عن اللغة الفرنسية. صدر له عن دار العودة في بيروت مجموعته (الحقائب)عام 1975 ولم يتسلم منها غير نسخ قليلة جداً، بسبب بداية الحرب الأهلية اللبنانية. كما لم تكن طبعتها ملائمة، فطبعها ثانية، عام 1976 في مطبعة الأديب البغدادية ،وقد صمم غلافها الفنان”محمد سعيد الصكار” وكانت لوحاتها الداخلية للفنان “صلاح جياد” وخطوط غلافها للفنان “عزيز النائب”.عام 1977 بدأ بإعداد مجموعته الثانية (النقر على أبواب الطفولة) للنشر. كنا ، كريم ومهدي محمد علي وأنا، على موعد مسبق مع الفنان(فيصل لعيبي)، الذي قَدم إلى البصرة من فرنسا، و جلسنا في منزل كريم ، بمنطقة (نظران). بعد نهار قضيناه معاً، تخلله قراءات شعرية لكريم من مجموعته الشعرية الثانية (النقر…). أبدى فيصل رغبته في تصميم غلافها وأن يضع لصفحاتها الداخلية بعض التخطيطات، وفعل ذلك. تعرض كريم لمشاكل كثيرة من قبل هيئة رقابة المطبوعات لغرض إجازة ( النقر…). وصدرت ،بعد شكوك عدة معها ، عن مطبعة شفيق- بغداد- وفي وقت غير مناسب، وواجهت مصيراً محزناً إذ تركها كريم لدى باعة الكتب والمكتبات التي سريعاً ما حجبتها عن العرض.نهاية عام 1978 غادر(كريم) ، برفقة الشاعر الراحل (مهدي محمد علي) ،هرباً من تجبر النظام وفظاظته وبطشه ، عبر بادية (السماوة) في رحلة شاقة دامت ثمانية أيام نحو الكويت. ومنها إلى عدن، وعمل في مجلة (الثقافة الجديدة) اليمانية. و انتقل إلى لبنان وسوريا وأخيراً استقر في لندن وحصل على (البكالوريوس) في الأدب الانجليزي ثم (الماجستير) في الترجمة. بعد سقوط النظام ، سمي مهرجان المربد عام 2006 باسمه تكريماً لمنجزاته الشعرية والثقافية المتنوعة المتعددة، ومواقفه الحياتية الناصعة. يتنقل حالياً بين لندن والبصرة والقاهرة وعواصم عربية وأجنبية مَدعواً لإقامة جلسات شعرية خاصة به،أو المشاركة في جلسات ثقافية وشعرية.