لقد احدثت الحداثة نقلة انسانيّة و فكرية و تحوّلاً عميقا في الرؤية للحياة و القيم و طبيعة العطاء ، و أثّرت تأثيرا كبيرا على الأدب و الفنّ ، و من غير الصحيح اعتقاد انّ الحداثة امر اختص بالفنّ و الأدب ، بل هي نظرية كليّة للحياة و ما فيها .
لقد كرسّت الحداثة مفاهيم التغيير و الخروج على الموروث ، فكان اثر ذلك في الكتابة و الفن بتجاوز ما كان مرعيا في تلك الجوانب الحياتية ، و لأجل فهم الحداثة بشكل أكبر ، يكون من المهمّ النظر للرسم قبل الشعر و للحركة التعبيرية قبل قصيدة النثر ، انّ الامر لم يكن مجرّد خروج عن الانطباعية في الرسم و لا الخروج عن كلاسيكية الوزن في الشعر ، بل الامر يمتدّ الى ما هو أعمق من ذلك ،و لذلك يجد الباحثون صعوبة في تحديد بداية عصر الحداثة ، الا انّه يمكن تبيّن كون أنّ ثورة الحداثة رافقت التطوّر الهائل للعلم في منتصف القرن التاسع عشر و ما بعده .
لقد أحدثت فكرة قصيدة النثر ثورة عميقة في الرؤية للكتابة و اللغة عموما ، و رغم الاتجاه فيها الى اللانمطية الا انّها افرزت نمطيات واضحة أصبحت معايير قصيدة النثر الحداثية .
و مع انّ الاتّجاه في عصر ما بعد الحداثة يتّجه نحو اللغة القوية معتمدا الايحاء و العمق الواسع ، متخليّا بعض الشيء عن عروش فكرة التناغم التضادي و الرمزية المتعالية ، و الوحدة الكتليّة ، و مع انّ الاصوات المطالبة بتعاونية اكثر في النص صارت تأخذ مساحة أكبر، الا انّنا نجد انّ البوح الرمزي و الوحدة العميقة للقصيدة و التناغم التضادي لا زال يتربّع عرش قصيدة النثر العربية ، حتى انّنا يمكننا القول انه يأسر المكان و العقول .
انّ النظام الكلي لبناء قصيدة النثر من حيث الهيئة و العمق يمكن عدّه من أرقى ابداعات العقل البشري ، و من اكثر المظاهر الخارجية وضوحا في الدلالة على رقيّ عملية الفكر و الادراك . و من المؤكد انه لا يمكن ادعاء ان تلك التوظيفات و العناصر الاسلوبية هي من ابدعات قصيدة النثر بحيث انّها كانت معدومة قبلها ، اذ ان التنظيم العالي و الانضباط القاهر في زمن الكلاسيكية انّما كان لأجل ادراك الجانب الاخر في البناء ، فالذي حصل لم يكن بالضرورة ابداع جماليات جديدة بل تغير النظرة نحو الجميل .
من مميزات الفن الحداثي هو الاعتداء الكبير على مادة الفنّ ، و تمثل ذلك بالرمزية التي اشرنا اليها و التي تصل حد التجريد و السريالية ، و بالانزياحات العالية على مستوى المفردة و المعنى تصل حد التشظي ، و الايغال في التعبيرية و عكس صورة الكلي المنبث من داخل الذات يصل حد الرؤية الخاصة المغتربة ، و بوحدة كتلية لا يمكن تفكيكها ، و امّا التكثيف و التصوير العالي و المجانية و عمق المعنى ، و التناغم بالتضاد فانّها وان كانت من تقنيات الحداثة الا انّها استمرت الى زمن ما بعد الحداثة . ، بل انّ التكثيف و عمق المعنى صار شعار الشعر المعاصر وهو من ميزات اللغة القوية ، او لغة ما بعد الحداثة المشتملة على التوصيل والايحاء ، بلغة جمالية ذات ايحاءات عالية و توصيلية عرضية و عمق واسع .
هنا سنورد ثلاث نصوص تظهر فيها واضحة تلك الملامح الحداثية التي اشرنا اليها : ( (لم تك اضغاث ) لسعد غلام و ( شرخ في القلب …. على صهيل الأنوثة ) لكريم عبد الله ، و( رذاذُ الشّرفة الظّلماء ) لهاني السياب ) . و سنتلمّس تلك المظاهر كأحوال و ملامح لتجليات مفاهيم قصيدة النصر الحداثية :
(لم تك أضغاث ) لسعد مهدي غلام
امتثال لحلم يتيم
ليس تاويل
ليس تهويل
يتهمونك يا بلقع الموسم
بالباطل انك يباب
انت ازرق سماء وبحر
تتشمم خضرة العشب الرطب
من جعب الودق تعوي في الرباب
تحملها خلسة حقائب الخريف
مثابات مشتولة بالتيه
رسومات نابضة شوق
على مرايا
ﻻ ترى فيها غير وجوه يابسة
ظمأ وروع
جهينة يكتم المشهد اﻻخير
كان ضباب الصمت
لعصافير اخرجت بالفري
حناجرها
اقتلعت من حواصلها حبات حنطة صفراء
نتأ مشهد الصبار
ونحن نتغرب في باحات الاغتراب
ناح الفؤاد الصب على امتداد فراسخ سراب
توهج دمع وطل
فات ذات العيون الثاقبة
اشواك الكرى ازهرت ما يشرب الحلم ويكسر عكاز الحكاية
اقرأ المنفى وانا في مأتم الغيم
ديمة عابرة عذراء ايام المزن
ضاعت على جبل الحيرة
معلقة بحبال قلوب ضلت الدرب
فاتها قطار اوان البزوغ
ﻻتحزن ايها العصفور دمعاتك
ابقها غسول ليل الصيف
والصدى المفجوع من غبار العثار
سنطش على عشبة الظل بذار
تتفتق ارحام ﻻ تعرف العقم
حملناها كل العمر بجيوب الوجد
ايام مصحات الغياب
ان ذهب سدى حرفنا اﻻرجواني
غابات البوح خضراء
يتسراها اليباب الرمادي
عطش للدموع المزدرعة براعم ندم
الجوري والخزمى
ان توضأت الخدود بحباب الطل
في صباحات النداوه
سنكون باوان اﻻصيل
ننتظر وننظر من ثقوب الغيب
ﻻطﻻل مندرسة
ﻻفواه النرجس الرباني الوسن
وهي تصهل بالنور الشعشعاني
يمتريه ناعور الزمان
همس يسقي ترع الصبر
رحيق اياب من رحاب مراتع
الخوار والخواء
مترع باﻻمل
( شرخ في القلب …. على صهيل الأنوثة ) لكريم عبد الله
أحنتْ قلبها مثقلاً بالذكرياتِ راكنةً مواجعها المدببة …/ طمرتْ مكياجَ عمرها وراءَ جسرٍ آيلٍ للموتِ مبكراً ../ وشيّعتْ ما قصّفتهُ المنايا في جيوبِ النزواتِ تمضي ………………
في سمائها حلّقَتْ أوراق الخلاصِ مكتحلة بــ قيودِ الدموع …/ وبينَ أزهارها تختبىءُ ضحكةٌ مرتبكة يُدهشها زحامَ التجاعيد …./ تتفشّى في مفاصلِ عتباتها صُفرةً ضاجّةً تضيقُ بأنينها
مَنْ أوثقَ أجنحةَ فجرها المترامي تنفضُ ما تورّثتهُ مِنْ عزلةٍ …/ وهواء تختنقُ بهِ كلّما داعبّ شعرها حلماً هجرَ يقظةَ تسامرها …./ وتلكَ اللمسةُ الباردة تعجّلتْ خجلاً تتكررُ في دوائرها البعيدة … ؟ !
شرخٌ في القلبِ ينمو كجنينٍ بلا وجهٍ هشّمَ الباقي …………./ همسٌ دافيءٌ يلحُّ تحتَ ثيابها الغارقةَ بالأحلآمِ مرتعشاً بالحداد …/ تناثرتْ على سريرِ شتائها كراتَ الأنين ترسمُ حيرتها ……….
إنطوتْ تحتَ دثارِ أسمالِ زمنٍ يجرفُ زهورها الحانية ../ تمتمَتْ أوتارها بأطيافٍ طاعنة هربتْ مِنْ نافذتها …/ وعودٌ كثيرةٌ كــ السهامِ بأغصانِ الذاكرةِ تتخبّطُ مستحيلةً ……………….
بُحَّتْ أوتار النداءات وطيش التباعدِ يلتهمُ يومها المفجوع …/ تفكّهَ الحزنُ بشظايا مرآتها يحترفُ اللوعةَ …/ ويدفنُ أمسها الضحوكَ في قبوِ ثخينٍ يفسّخُ نهضةَ الآتي ………………
أودعتْ اسرارها النترفة بالخيبةِ وسائدَ الغياب ../ دونَ إذنٍ شذّبتْ مطرقةَ النزوحِ نواعيرها الناعسة ../ فمنْ شبابيكِ نهاراتها تهربُ سكينةُ ستائرها السجينة
مفاتنها علّبتها في قارورةِ إنتظارٍ يختنقُ بموانيءَ مجهولةٍ …/ في صوتها تُختصرُ المسافاتُ المنهكةِ على صهيلِ الأنوثةِ …/ بينما التضاريس تتداخلُ في مرآةٍ هرّبتْ إنهيارِ الأزهار …./ فيتسرّبُ خدرٌ يطفو يغطي بشرةَ الأمل …………
( رذاذُ الشّرفة الظّلماء ) لهاني السياب
لا اسمَ لي
تحتَ أقدامي
أزمنةٌ تمورُ
كشمسِ آذار
جزّتْ غفلةَ الصّفصافِ
في قصيِّ السّنابلِ..
ملفّعاً بحرائقي
كفجرِ السّديمِ
ووهوهة الشّحوبِ
لعثرةِ الشّاردِ
في لهاثِ الضّياءِ
وغبار أسئلةٍ
لمدىً لا يعود
نبْضاً من ضَوعِ
رذاذِ الشّرفةُ الظّلماء
وشمّة الليمونِ
من أكفّها الحنّاء
تنساحُ تياهةَ العطرِ
تشي بالترفِ النضّاحِ
رجرجَ ماءها
ما ترنّحَ من نائحاتِ الرّياحِ
شوقاً إلى النّغمِ
وخفقَ جناحٍ
لأرتجافِ السّتارةِ الحمراء
في انتهاءاتِ يدها النّحيلة
ألقتْ أصابعها
مسّتْ جنباتِ السّوسنِ
ومروجَ التينِ والعنبِ..
1- (لم تك اضغاث ) لسعد مهدي غلام
نص ( لم تكن اضغاث ) قصيدة نثر حداثية بامتياز ، مشتملة على جميع تقنيات قصيدة نثر الحداثة ، فالنص كتلة واحدة ، تتداخل فيها المعاني و مجالات البوح ، فبعد العنوان المعبّأ بالتداخلات و الضبابية ، اذ انها لم تكن اضغاثا ، يأتي النص و يختم بعبارة تختصر تلك التداخلات (الخوار والخواء \ مترع بالأمل ) ، فالتناقضية و التضادية من مظاهر قصيدة النثر الحداثية ، اذ توصف باللغة المهشمة و الفوضوية المنطوية على العطاء ذي التناغم العميق ، اذن الجو العام هو الرؤية و الموقف و الاستحضار و الحلم و و التطلّع ، و نجد قاموس مفردات النص يعجّ بذلك ، و يتمظهر ذلك بصور ثلاث : مفردات و تراكيب التوهّم و الضبابية ، و مفردات و تراكيب الأمل و الرؤية و الوضوح ، و مفردات و تراكيب تجمع بين المجالين ، و تلمّس ذلك ظاهر في مفردات النص و تراكيبه .
وبخلاف نصوص اخرى لسعد غلام يوظّف فيها الرمز الخارجي ، فانه هنا يعتمد الرمزية النصيّة و التاريخ النصيّ ، فهنا تبرز شخصيات تطوريّة تتنامى دلالتها مع تطوّر النص ، اهمّها المخاطب فانّه ظهر في مواطن مختلفة باحوال و ظروف تحقّق التاريخ النص (
يتهمونك يا بلقع الموسم \ بالباطل انك يباب \انت ازرق سماء وبحر \تتشمم خضرة العشب الرطب \ من جعب الودق تعوي في الرباب \تحملها خلسة حقائب الخريف \مثابات مشتولة بالتيه ، فات ذات العيون الثاقبة\ اقرأ المنفى وانا في مأتم الغيم\ ﻻتحزن ايها العصفور \ دمعاتك \ ابقها غسول ليل الصيف ) ثم ينتقل الضمير الى ضمير المتكلم و بصيغة المجموع وهو يعطي دلالة الانتماء و تطور في شخصية المخاطب فبعد الوجود الخراجي يحصل الانتماء و الذوبان في مصير واحد و حكاية واحدة ( سنطش على عشبة الظل بذار \ تتفتق ارحام ﻻ تعرف العقم \ حملناها كل العمر بجيوب الوجد ، ان ذهب سدى حرفنا اﻻرجواني \ غابات البوح خضراء ، سنكون باوان اﻻصيل\ ننتظر وننظر من ثقوب الغيب ) . و اضافة الى ما تقدّم فانّ لغة سعد غلام تشتمل على اشتغالات عالية المستوى تنطلق من عمق المعنى فكانّه يبني عبارتها في مجال المعنى قبل ان تتمظهر في المفردات و التراكيب وهذا من المجاز الرفيع عال المستوى و ما يمكن ان نسميه مجاز المعنى .
2- ( شرخ في القلب …. على صهيل الأنوثة ) لكريم عبد الله
عنوان النص ( شرخ في القلب …. على صهيل الأنوثة ) من خلال شكله بتخلل الفراغ يقول لك انّه نص مفتوح ، و ان هناك مواطن للدلالة و التأويل تحتاج الى القارئ لتكتمل ، و نعرف لغة كريم عبد الله في تبنيها النص المفتوح ، بل انّه احيانا يصرّح في تجنسيه لنصوصه الاخيرة بذلك ، اذن نحن امام شكل اخر من قصيدة نثر الحداثة ، و خلافا للمشهور و المعهود الذي يضع النص المفتوح في عصر ما بعد الحداثة ، فانّي ارى انّ قصيدة النثر و من ايامها الاولى اتجهت نحو النص المفتوح ، محاكية بذلك الفن التجريدي ، و يمكن فهم القضية انّ التعبيرية الحداثية منها ما يعتمد على الرمزية و منها ما يتجه نحو التجريد ، فبينما هناك لغة حداثية رمزية ، فهناك لغة حداثية تجريدية .
التوظيف واضح سواء من حيث البناء الشكلي او المفردات و التراكيب ، فالعنوان مفرداته مفردات الألم و الحزن و الفقدان ( شرخ القلب ، صهيل الانوثة ) ، وهو الطاغي على قاموس مفردات النص ( راكنةً مواجعها المدببة .، طمرتْ مكياجَ عمرها وراءَ جسرٍ آيلٍ للموتِ مبكراً ، وشيّعتْ ما قصّفتهُ المنايا ، صُفرةً ضاجّةً تضيقُ بأنينها، حلماً هجرَ يقظةَ تسامرها ، شرخٌ في ، كجنينٍ بلا وجهٍ ، هشّمَ الباقي ، الحداد ، طيش التباعدِ يلتهمُ يومها المفجوع ، سكينةُ ستائرها السجينة ) لقد توضّح الان الجو العام للنص و الفضاء البوحي ، انه نص عاج بالمواجع ، الآهات و الحسرات ، و الانين ، انها لوحة الحداد و الشباب المسروق ، و الرغبة الضائعة على جانبي الطريق ) و وسط هذا الفضاء الكئيب ، و السماء الباكية ، تتجلى الصور ،و البوح و الفكرة الاساس في الندب و النوح و البكاء على الخسارات و الانتظارات و اللوعات .
تتميز لغة كريم عبد بالتفجير المهول لطاقات اللغة ، و بتعبيرية عالية المستوى ، واحيانا تصل التراكيب في انزياحاتها حد التجريد و التشظي ، و بعناصر اسلوبية تعبيرية من حيث التقنية العالية في استخدام المفردات وهذا من عناصر الحداثوية في تجربته المتجاوزة لما هو موجود ، و يتميز كمدرسة واضحة المعالم و كلغة متفردة .
3- ( رذاذُ الشّرفة الظّلماء ) لهاني السيّاب
عنوان النص رذاذ الشرفة ، وهو مشتمل على مجازية ، و ايحاء ، وفي هذا تأجيل للبوح وهو من مميزات لغة الحداثة بل أحد اركانها على ما يبدو . و التوظيف ظاهر لمفردات الظلام و الخواء ( رذاذ و ظلام ) ، و هو الموافق للمزاج العام للنص ، و النص قصيدة نثر بامتياز ، حداثية بكل ما للكلمة من معنى ، فانّها كتلة واحدة متراصّة كانّها كوكب دريّ ، لذلك لا بد اولا من مسح كامل لعالم النص كله و فضاءه و سماءه و ارضه ، ثم بعدها نبحر و نحلّق نحو دلالات المقاطع و جماليات الصور ، اذ ما انّ قراءة قصيدة النثر ليس تلق سلبي ققط بل بناء و ابداع وهذا المفهوم تطور كثيرا في عصر ما بعد الحداثة .
القاموس اللفظي مليء بمفردات و تراكيب موغلة في البوح بالظلمة و الخواء و الحزن ( لا اسمَ لي ، تحتَ أقدامي ، أزمنةٌ تمورُ، غفلةَ الصّفصافِ ، ملفّعاً بحرائقي ، ووهوهة الشّحوبِ ، لعثرةِ الشّاردِ، وغبار أسئلةٍ ، لمدىً لا يعود ، الشّرفةُ الظّلماء
، تياهةَ العطرِ، نائحاتِ الرّياحِ ، يدها النّحيلة ) ، اذن تكوّنَ لنا مزاج عام و سماء و فضاء ، و انتقلت لغة النص الى مجالها البوحي المناسب ، و هنا نتجه نحو العناصر الاسلوبية التي تزيد من طاقة اللغة و تحقق تجل اكبر للبوح ، ان الموازنة بين بيان الفكرة و المعنى و بين نقل الاحساس و رسمه احد اهم انجاز قصيدة نثر الحداثة ومن هذه الفكرة أُبتُدِعَت التعبيرية . وهنا الشاعر بقاموسه و تراكيبه نقل لنا الاحساس و رسمه ، و جعلنا نعيش لحظة النص و عالمه .
في النص مجموعة من المعاني و التجارب في تجليات متباينة في الشدة و الضعف
فنجد مجموعة من الرسم البوحي لأحوال الذات متناثرة على طول النص ، محققة تاريخا نصيا للذت و رمزية داخلية في تطور شخصي متكئ على عناصر سردية ، وهذا ايضا من ميزات قصيدة نثر الحداثة ، حيث نجد (لا اسمَ لي\ تحتَ أقدامي \ أزمنةٌ تمورُ ، ملفّعاً بحرائقي \كفجرِ السّديمِ ) و هكذا حال بقية شخوص النص ، و موضوعات صوره ، فانّها كلها تدور في فلك هذا الأسى و الشجن تبوح به و توحي به و ترمز اليه .
لقد كنّا في ضيافة نماذج فذة و عالية المستوى من قصيدة النثر الحداثية و بعناصرها التعبيرية و التوظيفية و تقنياتها الاسلوبية ، مما يحقق وجودا تطبيقيا عمليا لمفاهيم عناصر قصيدة النثر و تقنياتها العامة .
—