جورج برنارد شو .. الأزياء الفاخرة دليل على اختلال العقول
2 نوفمبر 2025 ، هو اليوبيل الماسى ( 75 عاما ) ، لرحيل رجل أمتعتنى كتاباته ، أقدر شغفه بالكتابة ، حِسه الفكاهى ، وايمانه بالمسرح ، الايرلندى المسرحى المتفلسف ، جورج برنارد شو 26 يوليو 1856 – 2 نوفمبر 1950 .
طال اشتياق القلم والأوراق ، الى ملامسة أصابعه .
توقيعاته بخط اليد ، منحوتة على أشجار ” دبلن ” حيث كان ميلاده .
” هو ” ، و ” القهوة الايرلندى ” متشابهان ، فى المزيج العجيب بين ” القهوة ” التى تنبه العقل ، و ” الويسكى ” الذى يذهب بالعقل .
من مؤلفاته ” المسيح ليس مسيحيا ” ، ثم بيجماليون ، قيصر وكليوباترا ، بيت
الأرامل ، جان دارك ، الانسان والسوبرمان ، المتمردة ، الرائد باربرا ، وغيرها .
كتب ” شو ” ، ستين مسرحية ، دراما اجتماعية متمردة ، تعرى تناقض وهشاشة وفساد الأخلاق الطبقية. لم ينصرف الناس عنه ، رغم نقده اللاذع . والسبب أن تمرده مغلف بالكوميديا ، وحس الفكاهة ، والمواقف الضاحكة . وليس هذا غريبا عليه ، فهو القائل :
” اذا وجدت شيئا مثيرا للضحك ، انتظر قليلا حتى تجد الحقيقة “……
… ” نحن لا نتوقف عن اللعب لأننا كبرنا . لكننا كبرنا ، لأننا توقفنا عن اللعب ” …
… منْ يقتل الملك ، ومنْ يموت من أجله ، كلاهما يعبد الأصنام ” … لست أقوم أى اغراء ، لأن الأشياء السيئة لا تغرينى ” … قتل الانسان للنمر يسمونه رياضة ، وقتل النمر لانسان يسمونه وحشية ” … ” لا أعرف لماذا يرغب كل انسان فى التمثيل على خشبة المسرح ، وأمامه العالم بأسره ليمثل عليه ؟ “…. ” الحيوانات أصدقائى وأنا لا آكل أصدقائى “.
كان ونستون تشرشل 30 نوفمبر 1874- 24 يناير 1965 ، رجل السياسة البريطانى الشهير ، والعسكرى المخضرم والكاتب ، يتبادل مع ” شو ” النكات ، والدعابات . كلاهما يتمتع بقدرة فكاهية عالية ، ولهما فى الكتابة وضع مميز مرموق . كل منهما يعتبر الآخر ، صديقه اللدود . كان ” تشرشل ” رئيس وزراء المملكة المتحدة ، من 1940 – 1945 ،
وكان معروفا بحجمه الكبير ، وسمنته . بينما ” شو ” رفيع ، نحيل الجسم . فى احدى المناسبات ، وجه ” تشرشل ” الكلام الى ” شو ” ، للسخرية من عرقه الايرلندى : “
نحن الانجليز نحارب من أجل الشرف ، بينما أنتم الايرلنديون تحاربون من أجل المال “.
رد ” شو ” : ” كل قوم يحارب من أجل ما ينقصه “. فى مناسبة أخرى ، نظر الى جسمه النحيل قائلا : ” منْ يراك يعتقد أن هناك مجاعة فى ايرلندا “. رد ” شو ” : ” منْ يراك يعرف سبب حدوثها “.
نعيش فى عالم ، يدفعنا كل يوم ، للمساومة على انسانيتنا . نبيع كرامتنا بكام .. نبيع تعاطفنا وتسامحنا بكام … نقبض كام ونسيب على عتبة الباب أحلامنا ، وملابسنا ، ونصائح أمهاتنا ….. كام رزمة دولارات ، تعوض فص الكبد المنزوع ، والهوية المسروقة .. أى ثمن يرضى العيون حتى تحبس البكاء ، والذكريات لكى تتسابق الى مخازن الخُردة .
انه السوق الكبير ، الذى هاجمه ” شو ” فى كتاباته ، ومواقفه . سوق كبير ، لا نعرف أوله من آخره ، لا يغلق أبوابه ، 24 ساعة متواصلة . ولو كان معنا الآن ، لانتقد كيف تطورت آليات المساومة ، لتصبح ” اونلاين ” . هو دائم الانتقاد اللاذع ، لهذه السوق العالمية المهيمنة ، حيث الدافع هو ” الجشع ” ، والهدف هو تركيز ” الثروة ” فى أيدى
قلة مستغلة . كتب : ” الرأسمالية نظام سيئ ، لكنه أفضل النظم التى عرفها الانسان “.
اهتم بقضية ” الفقر ” ، الذى ينتج البؤس والتعاسة والجرائم ، وكل الأمراض الاجتماعية . كتب شو : ” لا يستطيع أثرى الأثرياء ، فى عالم يحفل بالقبح والتعاسة ، أن يشترى بثرائه ، الا القبح والتعاسة “.
حينما فاز بجائزة نوبل للأدب 1925 ، رفضها قائلا : ” هى مثل طوق نجاة ، يُعطى لمنْ وصل بأمان الى الشاطئ “. وهذا متسق مع مقولته : ” من الأفضل ألا تأتى ، عن أن تأتى
متأخرا .. ربما أغفر لألفرد نوبل ، اختراعه للديناميت ، لكننى لا أغفر له تأسيس
جائزة نوبل “. وكان غاضبا لأن اختيارات الجائزة بها خلل ، حيث تجاهلته كثيرا ، وأعطيت لكُتاب مغمورين ، ليس لديهم موهبته . لكن زوجته ” شارلوت باين تاونسند ” ، أقنعته بأن الجائزة شرف لايرلندا ، يُخلد فى التاريخ . وفعلا ، استلمها عام 1926 ، على أن تذهب قيمتها المالية ، لدعم مواهب حقيقية .
” جائزة الاستغناء عن الجوائز ” … هذا عنوان أحد مقالات أمى نوال السعداوى 22 أكتوبر 1930 – 21 مارس 2021 ، تتسائل عن دوافع الكتابة ، و أهمية الجوائز ، وهل تصلح معيارا لجودة وفنية الكتابة ، وهل الجوائز تنال من حرية واستقلال الكاتب ، هل تستطيع الكاتبة ، أو الكاتب ، أن يستمر مبدعا ، واثقا من موهبته ، وتأثير كتاباته ،
بدون الجوائز ، والشهرة ، وأضواء الاعلام ؟.
كتب ” شو ” : ” التقدم يصنعه غير العقلاء ، الذين رفضوا التكيف مع العالم “.