” حتميّة انتصار النّضال الفلسطينيّ على الأسوار والمؤامرات والقهر “
في العاصمة الأردنيّة عمان صدرت الطبعة الأولى من المجموعة القصصية الجديدة للأديبة الأردنية ذات الأصول الفلسطينيّة د.سناء الشعلان،وهي تحمل عنوان “حدث ذات جدار”،وهي صادرة عن دار أمواج الأردنيّة للنّشر والتّوزيع لتكون القصة الخامسة عشرة في سلسلة إصدارات الشّعلان في فنّ القصّة القصيرة،وهي تقع في128 صفحة من القطع الصّغير،وتتكوّن من ثلاث عشرة قصّة قصيرة،تحمل على التّوالي العناوين التّالية:” المقبرة،حالة أمومة،الصّديق السّريّ،شمس ومطر على جدار واحد،من أطفأ الشمعة الأخيرة،عندما لا يأتي العيد،وادي الصّراخ،الغروب لا يأتي سرّاً،سلالة النّور،ما قاله الجدار،البوصلة والأظافر وأفول المطر،خرّافيّة أبو عرب.
وهذه المجموعة القصصيّة الثانيّة التي ترصدها الشّعلان بشكل كامل للكتابة عن القضية الفلسطينيّة لاسيما في خضمّ التّصعيد الذي تشهده القضيّة في مواجهة الهجمات الصّهيونيّة الشّرسة ضد الهوية الفلسطينيّة وشعبها الصّامد،وهي تقوم على وحدة الموضوع إذ إنّها تدور حول ثيمتين اثنتين لا ثالث لهما،الثيّمة الأولى المعقودة تحت عنوان” قريباً من الجدار” تدور قصص المجموعة حول معاناة الإنسان الفلسطينيّ وصموده في مواجهة جدار العزل العنصريّ الذي بناه الكيان الصّهيونيّ في الضّفة الغربيّة من فلسطين المحتلّة قرب الخطّ الأخضر؛لمنع دخول الفلسطينيين سكّان الضّفة الغربيّة إلى الكيان الصّهيونيّ أو إلى المستدمرات الصّهيونيّة القريبة من الخط ّالأخضر.يتشكّل هذا الحاجز من سياجات وطرق دوريّات،أو من أسوار إسمنتيّة بدل السّياجات في المناطق المأهولة بكثافة مثل منطقة المثلّث أو منطقة القدس.
وقصص هذه المجموعة تكرّس وحشيّة هذا الجدار الذي تندّد الشّعلان به قائلة :” من واجب الجدار الفاصل أن يخجل من نفسه،وأن يبكي -ولو سرّاً- احتجاجاً على طغيانه واشمئزازاً من وجوده!”،أمّا الثيمة الثانية المسيطرة على هذه المجموعة القصصيّة،فهي معقودة تحت عنوان” بعيداً عن الجدار”،وهي تتحدّث عن معاناة الإنسان الفلسطينيّ المبعد عن وطنه بسبب الجدار العازل،وما يرافق هذا الإبعاد الجائر من ظلم وقهر وإجحاف.
وهذه المجموعة القصصية للشّعلان هي صرخة جديدة في وجه الطّغيان الصّهيونيّ الذي يجابهه الإنسان الفلسطيني الشّريف الحرّ دون توقّف لتحقيق حلمه الأوحد وهدفه المقدّس،وهو تحرير وطنه من براثن النّجس الصّهيونيّ.وهي في سبيل تصوير صمود هذا الشّعب،وتعريّة همجيّة العدوّ الصّهيونيّ،فهي تقدّم شكلاً قصصيّاً يقوم على الخلط بين الشكل القصصي التّقليديّ والأشكال الحداثيّة الجديدة لا سيما شكل القصّة الومضة والقصّة القصيرة جدّاً لأجل نقل المتلقّي إلى عوالم النّضال الفلسطينيّ بكلّ ما فيها من خصوصيّة وإصرار وعظمة.
وتؤّكد الشّعلان على اعتزازها بهذه المجموعة القصصيّة التي تعدّها طريقتها الخاصّة في النّضال لصالح قضيتها الفلسطينيّة في ظلّ هجمات إعلاميّة صهيونيّة شرسة لطمس ملامح هذه القضيّة وتشويه عدالتها.فهي ترى أنّ هذه المجموعة هي تجسّد في قصصها جميعها :””حتميّة انتصار النّضال الفلسطينيّ على الأسوار والمؤامرات والقهر “.
ويُذكر أن الأديبة الشّعلان ذات الأصول الفلسطينيّة هي ناشطة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة والطفولة والعدالة الاجتماعيّة،وحاصلة على درجة الدكتوراة في الأدب الحديث ونقده بدرجة امتياز،وعضو في كثير من المحافل الأدبيّة والثّقافيّة والفكريّة والإبداعيّة والتّربويّة،وحاصلة على نحو50 جائزة دولية وعربية ومحلية في حقول الرواية والقصة القصيرة والمسرح وأدب الأطفال والبحث العلمي،كما لها الكثير من المسرحيات المنشورة والممثّلة ،فضلاً عن الكثير من الأعمدة الثابتة في كثير من الصحف والدوريات المحلية والعربية،ولها مشاركات واسعة في مؤتمرات محلّية وعربيّة وعالميّة في قضايا الأدب والنقد والتراث وحقوق الإنسان والبيئة إلى جانب عضوية لجانها العلميّة والتحكيميّة والإعلاميّة،وتمثيلها لكثير من المؤسّسات والجهات الثقافيّة والحقوقيّة،وشريكة في كثير من المشاريع العربية الثقافية.وقد تُرجمت أعمالها إلى الكثير من اللّغات،ونالت الكثير من التكريمات والدّروع والألقاب الفخريّة والتمثيلات الثقافيّة والمجتمعيّة والحقوقيّة.وكان مشروعها الإبداعي حقلاً لكثير من الدّراسات النقدية ورسائل الدكتوراة والماجستير في الأردن والوطن العربي.
من أجواء هذه المجموعة القصصيّة :” قصّة “بوابة واحدة لا تكفي :” ليس لهذه البلدة منفذ على الدّنيا سوى هذه البوّابة اللّئيمة في الجدار العازل،إن أُغلقت،وكثيراً ما يحدث ذلك،فأهل البلدة يغدون مجرد سجناء في سجن كبير،جدرانه الجدار العازل،وسقفه السّماء البعيدة.
في كلّ صباح كان يقود شاحنته القديمة بحملها من العمّال الفلسطينيين نحو البوّابة ليواجهوا كبد ساعات من الانتظار والذّل على أمل أن يُسمح لهم بمغادرة البوّابة،لعلّهم يعودون إلى عائلاتهم بأقوات يومهم التّعس ،وهو يظلّ قعيد الأرض ينتظر أن يسمح له الجنود بمغادرة المكان،ليعود إليها من جديد في اليوم التّالي.
بوّابة واحدة لا تكفي لعبور أولئك العمّال الفلسطينيين كلّهم،حتى عندما قتل مستدمر لعين عشرين عاملاً منهم على البوّابة بسلاحه الرّشّاش،فقد ظلّت البوّابة الوحيدة لا تكفي،لذلك فقد ركب شاحنته،وأسرع بها،وهوى بها على البوّابة،فخلعها،وحطّم جزءاً من الجدار،وسحق بعض الجنود تحت عجلات شاحنته،فوجد الأرض أرحب دون بوّابة أو جدار أو جنود”.
—