إهداء: أهدي هذه الترجمة المتواضعة إلى الناقد المغربي و الباحث الأديب الأريب السيد بنعيسى بوحمالة.
هناك ضَرَبَاتٌ في الحياة، ضَرَباَتٌ قَوِيَّةٌ جِدًا… أَنَا لاَ أَدْرِي!
ضرباتٌ مثل كُرْهِ الإِلهِ، كَمَا لَوْ أنَّ اسْتِرْجَاعَ كُلِّ الآلآمِ أمَامَهَا
يترسَّبُ راكداً في أعماق الرُّوحِ… أَنَا لاَ أَدْرِي!
***
إنَّها ضَرباتٌ قليلةٌ ولَكِّنهَا… تفتحُ أَخادِيدَ قَاتِمةً
في أَكْثَرِ الوُجُوهِ شَراسَةً وأَشَدِّ الصَّهَوَاتِ قُوَّةً.
رُبَّمَا تكُونُ أَحْصِنَةَ البَرَابِرَةِ الأَتِيلِيِّينَ؛
أَوِ النُّذَرَاءَ السُّودَ الذِينَ يَبْعَثُهُمْ إِلَيْنَا الَمَوْتُ.
***
إِنَّها نَكَسَاتٌ عَمِيقَةٌ لِلْقِدِّيسِينَ فِي رُوحِ
شَخْصٍ ما مُتَعَبِّدٍ يَلْعَنُ القَدَرَ،
تِلكَ الضَّرَبَاتُ الدَّامِيَّةُ هِي فَرْقَعَاتٌ
لِخُبْزٍ مَا احْتَرَقَ لَناَ فِي بَابِ الفُرْنِ.
***
وَ الإِنْسَانُ … المِسْكِينُ .. المِسْكِينُ! يَلْتَفِتُ بِعَيْنَيْنِ
مِثْلَمَا نَفْعَلُ حِينَ تُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِنَا رَاحَةٌ مُنَادِيَّةً؛
يَلْتَفِتُ بِعَيْنَيْنِ مَجْنُونَتَيْنِ؛
يَجْتَمِعُ فِي نَظْرَتِهِ كُلُّ مَا عَاشَهُ،
مِثْلَ مُسْتَنْقَعِ خَطِيئَةً رَاكِدٍ.
***
هُنَاكَ ضَرَبَاتٌ فِي الحَيَاةِ، ضَرَبَاتٌ قَوِيَّةٌ جِدًّا… أَنَا لاَ أَدْرِي!
*القصيدة في الأصل الإسباني:
LOS HERALDOS NEGROS
Hay golpes en la vida, tan fuertes… ¡Yo no sé!
Golpes como del odio de Dios; como si ante ellos,
la resaca de todo lo sufrido
se empozara en el alma… ¡Yo no sé!
Son pocos; pero son… Abren zanjas oscuras
en el rostro más fiero y en el lomo más fuerte.
Serán tal vez los potros de bárbaros Atilas;
o los heraldos negros que nos manda la Muerte.
Son las caídas hondas de los Cristos del alma
de alguna fe adorable que el Destino blasfema.
Esos golpes sangrientos son las crepitaciones
de algún pan que en la puerta del horno se nos quema.
Y el hombre… Pobre… ¡pobre! Vuelve los ojos, como
cuando por sobre el hombro nos llama una palmada;
vuelve los ojos locos, y todo lo vivido
se empoza, como charco de culpa, en la mirada.
Hay golpes en la vida, tan fuertes… ¡Yo no sé!
* شاعر و كاتب و صحافي و مترجم بيروفي مشهور جدا. وُلد في بلدة دي تشوكو في جبال الأنديث (البيرو) عام 1892، ثم توفي في العاصمة الفرنسية باريس عام .1938 ويعتبر باييخو واحداً من أعظم شعراء اللغة الإسبانية في كل العصور، وأكثرهم صعوبة وتعقيداً على الإطلاق. ولكنه يبقى على الرغم من ذلك أحد أوسع الشعراء شعبية. في بداية عام 1918 سافر إلى العاصمة ليما، ونشر بعض قصائده في مجلاتها. وفي نهاية العام نفسه ظهر كتابه الشعري الأول “النذراء السود”. وبالرغم من أن الكتاب يحمل بصمات تيار الحداثة الأمريكي اللاتيني، إلا أن باييخو يظهر فيه كشاعر مختلف. وقد جلب له هذا الكتاب شهرة كبيرة وبدأت سمعته الأدبية بالتعاظم إثر ذلك. و هذه القصيدة التي أقدمنا على ترجمتها إلى اللغة العربية ها هنا هي نفسها التي أخذ منها الشاعر عنوان الديوان السابق الذكر. و هي قصيدة مليئة بالوجع و الإحباط و الألم و الشك و القلق الوجودي الذي تستشعره الذات الشاعرة و من خلالها الكائن الإنساني في دوامة الحياة التي يبدو على أنها ليست في عقيدة الشاعر خير العوالم الممكنة بل هي جهنم و خراب بحكم الظروف السياسية و الاقتصادية و التاريخية و الاجتماعية التي عاش فيها الشاعر و التي نظم فيها هذا الديوان ككل، و التي كانت تجتازها البشرية جمعاء غداة نهاية العقد الثاني من القرن العشرين. و تجدر الإشارة إلى أن هذه القصيدة صعبة و عصية على الترجمة إلى حدود كبيرة لكن حاولنا أن ننقلها إلى الثقافة العربية باذلين جهدا جهيدا مكافحين و منافحين و مداورين و مناورين نظرا لقيمتها في الأدب الإنساني بصفة عامة، لهذا نتمنى لها قبولا حسنا بين جمهور القراء العرب و الله المستعان.
**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء -المغرب.
—