ولازيت في مصابيحها
في بلاد يقضم أطفالها تفاحة طفولتهم بعمرٍ أدرد
في بلاد نذرت أصابعها للزناد لا للقلم
في كل هذا وذاك، أين يجلس المبدع أو المثقف
يذكر المبدع امين في ص10(ان ثقافتنا المحجوبة عن الرؤية والتي تعتمد التكرار بديلا عن المبادرة والانبثاق تفقد الكثير من قبيل هذه الفرص/فرص التأسيس التي تذهب ضحية لثقافة العادة أو النمط الشائع لدينا..) يريد الناقد أن يقول:نحن نطالب بثقافة مشروع وهذا المشروع التنويري ليس مغامرة فردية بل هو مكاشفة نقدية اجرائية منظومة بحبكة تتوالد فيها الاسئلة النقدية الباحثة عن وسائل وآليات الارتقاء والنهوض بالوطن برمته وتجاوز الثقافة التبريرية التي ترتكن للخداع البصري والتضليلي ولاتهدف الا لتلميع التشوهات في الحياة دون ايجاد الحلول الناجعة لتفاقم الازمة. وفي ظاهرة تخوين المثقف ص21 التي تتهم المثقف وتطارده وتروعه بالسجن او اسقاط الجنسية كما عمد الصنم المتهريء المتفسخ الى نهج هذا السلوك البربري حيال المثقفين العراقيين ،ويورد الناقد والشاعر جمال جاسم امين مقولة منسوبة الى وزير التربية(ابراهيم كنه)في اربعينات القرن الماضي(امي مخلص خير من مثقف هدّام) غير كافية في هذا السياق سواء صحت هذه العبارة او لم تصح ذلك لان لسان حال الواقع يقول ماهو ابلغ منها..
ان انماط من المثقفين يسميهم الناقد في كتابه ب(المثقف المتواطيء) ص24((ان شيوع مثل هذا النمط الثقافي الذي لايمارس سوى الدور الببغاوي المعتاد جعل القلة من المثقفين النقدين يصفقون بيد واحدة كما افرغ مفهوم الثقافة من وظائف النقد او الاحتجاج ،الامر الذي افقدها قدرتها على الاستبدال وهي لايمكن ان تمتلك مثل هذه القدرة الاستبدالية مالم تكن نقدية احتجاجية في جوهرها))
الدكتاتور
لايملك سوى كف واحدة
وعندما نتواطيء ضد بعضنا
يصفعنا جميعاً
دون ان يستخدم حتى هذه الكف الواحدة
وفي ص26 تناول بجرأة وعمق قضايا جوهرية في الواقع الاكاديمي والثقافي والنخبوي…
(أما المنحى الصدفوي في منطق (الصدفة) لعله لا يقدم المعايير العلمية الصحيحة في التقوييم في ظل فوضى المعايير وأزمة العقل الراجح ومن خلال هذا اللامنطق مرَ(الاكاديميون الجدد) ومارس الاعلاميون وظائفهم المضللة وطبع الكتّاب الفاشلون كتبّهم في المطبعة الحكومية(الوحيدة)! ولإيضاح هذه المسألة بصورة افضل نأخذ-مثلاً- تهافت الادباء والكتّاب العراقيين على الاشتراك في المسابقات الادبية(العربية تحديداً)والمسألة عموماً لاعيب فيها من حيث رغبة الكاتب في ايصال نتاجه لكنها تنطوي على اضطرار ما) بالطبع لاأتفق كليا بما طرحه الناقد امين في هذه الرؤية التي وجد لها مخرجاً في محاولة لطبع النتاج فيما لو فاز لان ذلك حق مشروع، ان المشروع التاسيسي المطروح الذي يتوخاه الناقد جمال جاسم امين في ثنايا صفحاته الاخرى يتسم بالدفاع والانحياز نحو ثقافة عراقيةبعيدة عن السطحية(الدرس) بل معمقة وجوهرية، ورفض ظاهرة تمدد الادب الشعبي التي باتت الفضائيات تروج لها، وتسلل هذا الخطاب الشعبي حتى الى جهاز الموبايل ومراسلات الانترنيت،وتكريس ظاهرة المديح،وعيوب ثقافة المركز وتهميش الاطراف،ونقد نرجسية المثقف التي تقتل الابداع، وازمة التسويق الثقافي التي يعاني منها المثقف العراقي،وتطرق في ص60 الى سلطة الخرافة(واذا اردنا ان نبحث في علاقة المثقف أو (الثقافي) بسلطة الخرافة فأننا نجدها تماما في خضوع هذا المثقف لمنظومته الاجتماعية التي لم يحاول تغييرها جاهدا بدعوى ان فعل التغيير لايمكن اتمامه فرديا…)ان امام الثقافة العراقية ابواب للنهوض الحضاري وذلك لديناميكيتها،وجهود العشرات من المبدعين في كافة حقول الثقافة لبذر الانبات الجديد في فضاء الحرية الذي يمنح فسحة التأمل والنقد واثارة الاسئلة الجوهرية….
ميسان الحضارة السومرية وجذورها التاريخية التي هي امتداد للريادة الحضارية في العراق القديم، لقد قدمت مدينة العمارة العشرات من الادباء المبدعين كالشاعرعيسى الياسري، و الناقدصادق الصكر،والادباء سلام نوري،خزعل طاهر المفرجي،محمد رشيد ,ومحمد السوداني وآخرين..،والعديد من الاعلاميين كصباح السيلاوي،وسعد حسن،وعدي المختار،وسامي الشواي،واحمد الحلفي وآخرين… وقدمت للثقافة العراقية مهرجانات مهمة كمهرجان الجنوب المسرحي،والهربان السينمائي، وحوارات مهمة في مركز الهدى للدراسات،وما انجزته رابطة على ورق من طبع كراسات متنوعة،فمجداً لهذه المدينة الجنوبية المبدعة…