أشارَ صديقي بيده ونحن نقترب من بحيرة تاريخية، كانت وجهتنا للترفيه وقضاء وقت للتأمل، فضاء واسع صحراء جرداء، نعلم أن مايميزها أنها لاتعيش فيها الكائنات الحية، المياه مالحة..
_ ماهذا؟! أين المياه لقد غارت هل ابتلعتها الأرض…؟
أتعلم إن هذه البحيرة منذ آلاف السنين وهي ترتفع وتنخفض مع المد وجزر البحر، المياه الموجودة ليس مصدرها نهر أو منحدر لمياه الأمطار إنما هي حالة تختلف تماما عن البحيرات… مصدرها قد يكون اتصالها مع البحر…
لنتخطى في أرضها.. لاحظ هنا، هناك ثقوب هي من تكون قد ابتلعت المياه! وبنفس الوقت هي من تعيد المياه إلى البحيرة…
في طريق العودة طلب صديقي الذهاب إلى نهر مدينتنا العريق، الذي يمتاز بعذوبة مياهه، ووفرة خيراته حتى سميت بلادنا بأرض السواد، افترشنا الارض وبساطها الطبيعي حشائشها، يظللنا النخيل الباسق الشاهق، والزرع الوفير.
_ نعم أراك تنظر إلى النهر
_ هذا النهر يوماً ما سيجف!
_ لا تقل هذا.
_ تحكمت بمياهه سياسات.. سيجعلون المياه بسعر النفط
_ اليوم يا صديقي حتى توقعاتك متشائمة.
_ بعدما أحكمت السدود يكون مصيرنا هكذا.
_ وهل هناك انفراج في قابل الأيام.
_ لا.. إلا إذا حدث أمر جلل.
_ ماذا تقصد؟
_ هزات أرضية تحطم السدود.
_ وماذا بعد؟
_ تحل الكارثة.
_ كيف تكون الكارثة؟ والمياه تصل الينا.
_ مخزون كبير للمياه ومن أرض مرتفعة جدا إلى أرض سهلية رسوبية تحدث كارثة.
_ أرهقتنا اليوم أنت متشائم، لنعد من سفرتنا.
في يوم ربيعي الأجواء متقلبة والغبار يغطي المنطقة وتكاد تنعدم الرؤيا، جاء صديقي يتعثر وكأن قامته قصرت ذاك هو صاحب الطول والجمال.
_ قل ماعندك؟
_ لقد سمعت بالأخبار أن هزة أرضية حدثت في السد المقصود؟
_ لنستعد إذن
_ لمن الاستعداد والمياه تأتينا طوعاً.
_ ستحل الكارثة.
_ كيف؟!
_ سيغرق كل شيء وتذهب الأرواح والأموال وتخرب البنايات وتذهب الممتلكات.
_ أحضر لنا سفينة تنجينا من هذا الفيضان الهادر، نكون أنا وأنت أحد ركابها وننظر ماذا يحدث!
…
لاحظ ذهب كل شيء ذهبت الأموال التي من اجلها زهقت الارواح ذهب كل شيء.
_ وهل هذا الوضع دائم؟
_ لا… سيغور الماء
وها هي سفينتنا رست والحمد لله.. المياه غسلت أدران الأرض فلنبدأ حياتنا من جديد.