
كان في احدى الحقول البعيدة، حيث الأزهار الجميلة والسهول الذهبية، وُلدت فراشة، فراشة منبوذة ، كانت الوحدة تتبعها كظل، والصمت رفيقها، كانت الفراشات الاخريات يتجنبنها وينظرن لها بنظرات لم تفهم سرها، كانت تتسائل هل العيب فيّ؟ هل خُلقت لأكون وحيدة؟! حتى جاء ذلك اليوم ، الذي غير نظرتها لنفسها، وجدت بركة ماء صافية، وقفت على حافتها، لتكتشف وجهًا لم تعرفه من قبل، كانت تنظر إلى نفسها للمرة الأولى، تأمّلت انعكاسها بدهشة، وشيء في داخلها اهتز كأنه استيقظ بعد سبات طويل،رأت أجنحتها… كانت لوحة من السحر والجمال، لم تشهد الطبيعة مثيلها، أدركت حينها لماذا كانت منبوذة لم يكن العيب فيها،كانت مختلفة ، جميلة ، مبهرة ، خاطفة للأنظار ، ثم لم تعد تحزن لأنها لم تجد رفيقًا، ولم تعد تبحث عن مكان تنتمي إليه، أدركت أنها هي المكان، وأن الاكتفاء بذاتها أجمل من أي رفقة زائفة، ومنذ ذلك اليوم، طارت بثقة، لا تنتظر أحدًا، لا تسعى لرضا أحد، اكتفت بنفسها، وعرفت أن الوحدة ليست قيدًا، بل جناح آخر يحلّق بها نحو حرية لم تتخيلها يومًا ، وانه لم يكن العيب فيها طوال الوقت ، بل كان العيب في الفراشات الاخريات ، بسبب غيرتهن من جمال اجنحتها ، لم تخبرها احداهن من قبل ، كم هي جميلة ونادرة ، وكم انها مختلفة العبرة.
تذكّر دائمًا أن الفراشات لا ترى جمال أجنحتها، وربما أنت أيضًا لا ترى ما يجعلك مميزًا، لكن ذلك لا يعني أنه غير موجود، استمر بالبحث عن ذاتك، ولا تكتفي بما يخبره الآخرين عنك ،الجمال الحقيقي يظهر لمن يؤمن بنفسه، فالاختلاف هو سر التفرّد، والاكتفاء بالنفس هو أسمى أشكال الحرية، فلا تظن دائمًا أن العيب فيك، ربما العيب فيهم!