
(مشهد 1: الغياب والحضور)
الابن: أبي، هل رأيت جنازة آلان كردي؟
الأب: لم أرها، لكنني رأيت وجع العالم في عينيه الصغيرة، وكأن البحر لم يغرق جسده، بل غرق فيه ضمير البشر.
***
(مشهد 2: عن الماهية والوجود)
الابن: أبي، الفلاسفة اختلفوا، من يسبق: الوجود أم الماهية؟
الأب: الوجود أولًا يا بني، لأنه لا ماهية لشيء لم يكن موجودًا أصلًا. نحن لا نتخيل المعنى قبل أن نلمس صورته.
***
(مشهد 3: التاريخ والسلطة)
الابن: هل يُمكننا أن نثق في كتب التاريخ؟
الأب: التاريخ ليس سجلًا بريئًا يا ولدي. إنه مرآة مشروخة تعكس وجه المنتصر أكثر مما تعكس الحقيقة. اقرأه بعين ناقدة لا بعين تلميذ.
***
(مشهد 4: الحقيقة)
الابن: وكيف أميّز الحقيقة؟
الأب: ابحث عنها في قلبٍ حرّ وعقلٍ متجرد من الهوى. الحقيقة لا تصرخ، لكنها حاضرة لمن يصمت ويصغي.
***
(مشهد 5: عن العدم والموت)
الابن: وما هو العدم؟
الأب: هو ليس شيئًا لنُدركه. إنه فقط غياب الوجود. لكن حتى هذا الغياب لا يخلو من أثر.
الابن: وهل الموت عدم؟
الأب: الموت انتقال، لا اختفاء. لا شيء يُفنى في هذا الكون، بل كل شيء يتحول.
***
(مشهد 6: السعادة)
الابن: أين أبحث عن السعادة؟
الأب: في الرضا، لا في الامتلاك. وفي التوازن بين العطاء والتجرّد. السعادة لا تُشترى، لكنها تُكتسب كلما ازددت بُعدًا عن الأنا.
***
(مشهد 7: الموهبة والعلم)
الابن: هل الموهبة فطرية؟
الأب: هي شرارة يولد بها الإنسان، لكن إن لم يُغذِّها بالعلم، خمدت. الموهبة بداية الطريق، والعلم رفيقه حتى النهاية.
***
(مشهد 8: الحرب والعدالة)
الابن: في الحروب، من يكون على حق؟
الأب: في الحرب، الكل خاسر يا بني. أحيانًا لا يكون الحق هدفًا، بل ذريعة، والقوة تكتب الرواية وتوزع الأدوار.
***
(مشهد 9: النية والخطأ)
الابن: هل يُمكن لإنسان أن يفعل الشر وهو يظن أنه يُحسن صنعًا؟
الأب: نعم، لأن الضلال يبدأ حين يتحدث القلب بصوتٍ خافت، ويعلو صوت الهوى والعناد.
***
(مشهد 10: الإيمان والرضا)
الابن: متى يبلغ الإنسان كمال الإيمان؟
الأب: حين يرضى بكل ما يجيء من الله، لا ساخطًا ولا متأففًا. فالإيمان الكامل ليس في كثرة العبادة، بل في عمق السكينة.
***
(مشهد 11: الإنسان والحقيقة)
الابن: ما الإنسان؟
الأب: روحٌ تبحث عن معنى، وقلبٌ يُضيء إذا صَدَق، ويظلم إذا جحد. هو مشروع نور، إن صدق نفسه بلغ.
***
(مشهد 12: عن النوم والموت)
الابن: وهل النوم صورة من الموت؟
الأب: صورة ناقصة. فالنائم يعود، أما من مضى، فلا عودة له. النوم استراحة للجسد، والموت استراحة للروح في انتظار النشور.
***
(مشهد 13: النهاية)
الابن: وما بعد كل هذا، ماذا يبقى يا أبي؟
الأب: يبقى الأثر، لا المال ولا الكلام. ما زرعته من خير، وما أنقذت من نفس، وما تركت من نورٍ في دروب الآخرين… هو ما يبقى.