دعت اللجنة الثقافية في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين – البصرة- الفنان التشكيلي” “هاشم تايه” لإقامة معرض شخصي له، في قاعة “جمعية الفنانين التشكيليين”. وكان بعنوان (رسوم على ورق).و معرض الفنان” تايه” هذا الثامن في سلسلة معارضه الشخصيّة التي أقامها في أعوام متفرقة خلال مسيرته الفنية. تعد أعمال (رسوم على ورق) عودة الفنان ” تايه” إلى الرسم بمواده المعروفة، بعد آخر معرضين شخصيين له، من خلال استخدامه مواد مهملة ممّا يشذ عن الاستهلاك اليومي ويكون مصيره النفايات. وقد أقام معرضاً ،في هذا الجانب، بعنوان (منفيات) عام 2007 في قاعة البيت الثقافي بالبصرة، وافتتحه القاص محمد خضير، في حين أقام الآخر وبعنوان (حياة هشّة) ، وافتتحته السيدة زوجته ( أم عليّ) تكريماً منه لها وللمرأة العراقية. كما أعيد عرضه، مع أعمال أخرى لـه في معرض مشترك مع الفنان( ياسين وامي) في بغداد، وتم اختيارهما مع(5) فنانين تشكلين عراقيين، للمشاركة في(ايطاليا)، بمبادرة من مؤسسة(رؤيا) للثقافة العراقية المعاصرة، واستمر عرضه في مدينة (البندقية) أكثر من(5 ) أشهر ضمن معروضات الجناح العراقي المشارك في ( بينالي) فينيسيا لعام 2003 ، وحظي باهتمام واسع، ايطالي وعالمي، وكتبت عنه الصحف الايطالية وبعض الصحف الدولية، ثم نقل بعد ذلك ليعرض في (كاليري) جنوب مدينة لندن. تنزع أعمال المعرض الجديد لـلفنان(هاشم تايه) والتي أنجزها بمادة الأكرليك على الورق إلى إنشاء تركيبة حسية من الأشكال والرموز والأقنعة للتعبير عن مشاعر
ومكبوتات كائن يعيش في تاريخ خاص وفي لحظة توتر مفارقة. وهذه التركيبة التمثيليّة خضعت لفعل الرسم الذي وجد فرصته مفتوحة لامتلاكها فأعاد تخليقها بأهواء لغته المرئية الخاصة في تمثيل فني يخاطب العين والروح الإنسانية ويستثير استجابتهما الجمالية، وتتكشف خلاله قوى الرسم وطاقاته. وبشكل ما يمكن عدّ بعض أعمال هذا المعرض سيرة بلغة صُوريّة لا تخلو من سرد مرئي. و هذه الأعمال تتميز بقوّة التعبير فيها ورصانته، كما إنها تتمتع بإنشاء جمالي محكم. وعالجت بعض الأعمال موضوعة العنف بطبيعته المطلقة في الحياة والوجود، وبوجوهه وأقنعته في الطبيعة البشرية. أعمال الفنان( هاشم تايه)، عموماً وفي كل معارضه السابقة، مستفزة، مشاكسة، وحتى ساخرة،وثمة تعاطف يدفعه إلى محاولة إعادة هذه الأشياء إلى الحياة، وتجديد لقائها بنا في كيان فني يمنحها جدارة بالبقاء، وثمة نزوع بإضفاء الحياة على كلّ شيء بما في ذلك الجمادات، يدفعه إلى استنطاق هذه الحياة في أعماله التشكيلية. و(هاشم تايه) فنان ، متعدد الاهتمامات الفنية- الثقافية، لكنه ،غير محترف اعتاد العمل بأهواء خاصّة في مكان عَزلتْهُ فظاظتُه عن العالم، وإذا حدث أن توافقت تجربته مع تيار فني ،محلي – عالمي، فقد وقع ذلك مصادفة، ليس إلا.ونلاحظ ان نزوع الفنان “هاشم تايه” إلى العمل بأية مواد رافقته منذ فترة مبكرة من عمر تجربته الحياتية- الفنية، و التي بوسعه الآن أن يراها كيف انطلقت بمجرّد قطعة فحم تحرّكت بأصابع طفل على جدار إسمنتي خشن في بيت بصري قديم ومتهالك. المفارقة في افتتاح هذا المعرض تجسدت بقيام عدد من أصدقاء الفنان بإطلاق رؤية نقدية مباشرة أمام جمهور من الحاضرين، مع انقطاع الكهرباء ، وفي شهر حزيران بالذات، بالترافق مع صغر صالة العرض. و بمبادرة من قبل: د. سلمان كاصد الذي دعا للحوار بين الجميع وقوفاً، مع حرارة الطقس، احتفاءً أولاً بـ” هاشم تايه” وقدراته المتميزة المتعددة وبمعرضه هذا. وقد تحدث د. سلمان أولاً، بتركيز، عن انطباعاته عن المعرض ، وأعقبه الشاعر علي الإمارة، والكاتب جاسم العايف ،والناقد خالد خضير، والشاعر حبيب السامر والشاعر محمد صالح عبد الرضا، مقدمين رؤى نقدية تناولت أكثر من جانب فني- جمالي وفكري لأعمال المعرض،وكذلك أعمال “تايه” السابقة. ثم عقب (هاشم تايه) على ما أبدوه من وجهات نظر، مؤكداً على : إن استخدام الخامات والمواد المرذولة في أعماله كان حصيلة بداهة الرؤية البَصَريّة التي توافقت مع حقيقة أن العالم معروض علينا للاستثمار في ضروب شتى ، بما فيها الاستثمار الجمالي، كذلك وعي بأهميّة صناعة أثر فني مفارق ببدائل عن المواد التقليدية مع مفهوم عن فن شامل ترسّخ لاحقاً، فن يعمل خارج منطقتي الرسم والنحت المعهودتيْن، وخارج الأعراف الفنيّة بمحظوراتها ،وإدخال مادة الحياة في العمل الفني ومنح هذه المادة فرصتها للمشاركة في إنتاج هذا العمل وتقويّة التأثير الجماليّ فيه. وذلك يعني تغيير آلية التصرّف بالفعل الذي ينتج عملاً فنيّاً اعتدنا على أن يتحكّم به الفنان.وأضاف” تايه”: إن الآلية التي أنتجت بها أعمالي بخامات تالفة تعيد الممارسةَ الفنيّة إلى بدائيّتها كفعل حرّ يُنجز أثره بتطويع أية مادة قريبة مهما تكن بساطتها، وهذه الآلية قد تفتح المجال أمام الممارسة الفنية غير المحترفة لتعمل بطاقة أكبر مدعومة بمبادرات متحررة من أية سلطة، ولا بأس أن تكون بعد ذلك إلى جوار الممارسة الفنية المحترفة، أو على هامشها.