الستائر بلونها المرير ، بقلبها المعجون بالعاج والزان ، تهدهد صوت بركة اللوتس البراق ، كنا حينها نعدّ أسنان المجرة ورموش عينيها الحالمتين ، نرسم حولية ذبول الكون الفسيح .
لقد أنهيتُ كلّ شئ ، خيمةَ ينبوع الخلود ، مزرعةَ الفراشات و رمادها الغامض ، حتى الصحون الفضية ، تركة اجدادي القدامى مع صندوقهم اللازوردي ، و نسماتهم المتخثرة في حدقات تحوم فوق غابات الأرز . كلّ ذلك بعثت به الى رجال الرمل وعسس السور البنّي كي يتدفؤوا به .
لقد أنهيت كل شيء فعلا ، فالحياة صبيّة لطيفة تستحمّ في بركة قزح القمر ، تحبّ أن تنام باكرا في معبد قديم .
عجبا ما كنت أتصور انّ الرغبة خيط من ريح ، و أنني سأحتفل يوما بكل هذا الضياع . لقد تقاعدت اﻻنسانية ، تتجوّل بدرّاجتها الهوائية و قبعتها السوداء ، كالتي يبيعها ذلك المتجوّل الباحث عن الظلّ ، لقد رأيتها و قد ماتت منذ زمن بعيد .
آه كم هي مسكينة المركبات التي تسحبها ثيران الحقول الباردة مثلنا ، لا أدري ربما شربت روح الصقيع ، و ربما ورثنا ذلك الشحوب من أشجار الصنوبر المجيدة ، كرعناها مع اليانسون والسوسن الجبلي ومسحوق البرق . ذلك ليس مهما بالمرة ، يكفي اننا تعاطيناه عبر السنين .
بلى ، لقد صدفت ، سأجمع حاجياتي ، الريح الشمالية ما عدنا بحاجة اليها، وخوابي اليقطين الممتلئة بعصير القصب ، حتى الديك الأحمر الحكيم الذي لطالما أهداني بوابات المصير ، وعالم مسحور تسكنه حشود الضباب وجنيّات أشجار الياقوت اليابسة ، وزهرة زرقاء ندية كأنها دمعة الفجر .
اجل البيت أجمل بالورد البري ، لكننا قبائل جوالة لدينا خيمة من جلود القنافذ ، ﻻ نجيد غير زراعة الخيزران واصطياد خيوط الهلل النائمة ، نستدل عليها من الشخير.
بيتنا أجمل بالزهور ، لكنّ حقول اللوتس بعيدة ؟ بيننا جدول الشيخوخة وذاكرة الثرى . أنا ﻻ أظنها ستأتي قريبا ، ربما علينا فتح حقيبة الأيام ، فقد سمعت جدي يقول أنّ في جيب الزمن الأيمن انهارا فضيّة من حليب وحكايات مؤجلة عن البجعة الاميرة التي لم يسعفها القدر.
إذن سينتهي فصل الرماد ، بعد حياة غارقة في نهر أصفر ، حينها سأرى في حديقتي أرنبا و سلحفاة وردية . حينها سيكون للصباح شكل أخر ، ليتها تأتي أرواحنا المهاجرة . لنلثم الصوت الأبيض لأرتال الثرى ، نلج أسوار الضوء ، ونركب أيائل الدخان في برك المساء اللازوردية ، هناك حيث قصور الشمس النائية .
2\4\2015
—