كثيرون هم العراقيون المبدعون وفي مختلف المجالات ، والذين قدموا اعمالا متميزة وفريدة ناتجة عن أفكار او ابتكارات او مخترعات .. فالطبيب الذي يجري عمليات خطرة ولأول مرة في العراق وينجح في ذلك انما هو طبيب مبدع ، والمهندس الذي يصمم المباني بشكل مختلف ومتميز مستوحيا التاريخ والحضارة العراقية انما هو مهندس مبدع ، وربما يصمم مبنى يبقى مئات السنين وقد يخلد لفرادته وتميزه ، ويصبح علامة بارزة ومعلما حداثويا يضيف الى المدينة ألقا وجمالا ، والطالب الذي يتفوق على زملائه ويحصل على نتائج متقدمة انما هو طالب مبدع ، وهكذا الموظف والعامل وصاحب المعمل والشركة..
اذن الابداع لايتوقف على قطاع واحد ، واختصاص معين ، بل يمتد الى كل شيء في الحياة ، بما في ذلك اولئك المقاتلون من القوات الأمنية وابطال الحشد الشعبي وأبناء العشائر الذين يقدمون الان أداء متميزا ، ويقتحمون تحصينات عصابات داعش ، ونتج عن ذلك تحرير محافظة ديالى ومعظم محافظة صلاح الدين .. ملخص القول ان الابداع لا يتوقف عند حد معين ، بل هو نوع من التفرد والتميز يبرز بشكل واضح على شكل مشاريع وأجهزة وممارسات واداء ، فهناك مجموعة من الطلبة المبدعين قدموا ابتكارات واختراعات عبارة عن أجهزة ، هي بحوث تخرجهم ، يمكن الإفادة منها اذا نظر اليها بشكل جدي ، خاصة ان بعض تلك المخترعات والمبتكرات ذات طابع أمني ، يمكن الإفادة منها في معركتنا ضد الإرهاب ، تتمثل في أجهزة كشف المتفجرات ، ومنظومات مراقبة ، وأدوات والات تسهم في كشف الألغام والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة ، اضافة الى تواجد عناصر العدو في الادغال والمناطق التي يصعب وصول القوات الامنية اليها بسبب التضاريس ووعورة الأرض ، مثل الافعى الالكترونية ، التي تستطيع ان تزحف وتتوغل في الأرض الحرام ، وتكشف أماكن تواجد العدو وعدد افراده ، ونوع الأسلحة التي يستخدمها ، وذلك من خلال كاميرات صغيرة مركبة كعينين على رأس الافعى ، ويتم استلام الصور والمعلومات على شاشة خاصة في غرفة العمليات .. هذا واحد من المكتشفات وهناك مكتشفات أخرى لا تقل أهمية عن “الافعى الالكترونية” .
حديثنا اليوم عن نوع مختلف من الابداع قام به عدد من المهندسين الزراعيين العاملين في حدائق مستشفى الحسين في محافظة المثنى ، حيث كشفت دائرة الصحة في المحافظة ان مجموعة من المهندسين الزراعيين قاموا بانشاء مشتل بتحويل قطعة ارض جرداء في المستشفى التعليمي الى مشتل ، اصبح هذا المركز مصدرا لتمويل الشتلات لبقية المستشفيات والمراكز الصحية في المحافظة ، بدل شرائها من السوق . الخطوة إضافة الى أهميتها الاقتصادية فانها أسهمت في تحسين البيئة بزيادة المساحات الخضر.. لقد وفرت مبادرة المهندسين الزراعيين مبلغ ( 40 ) مليون دينار لادارة المستشفى ، كانت تصرف سنويات لغرض شراء الشتلات ، الحقيقة ان ابداع هؤلاء المهندسون لم يكن شيئا صعبا ، ولا غير ممكن ، بل انه حالة غائبة عن الاخرين .. ومن الطبيعي ان تزرع حدائق المستشفيات ويتم العناية بها ، لكن من غير المعتاد ان تصبح حديقة المستشفى مشتلا لزراعة مختلف الشتلات وتمويل المرافق الصحية الأخرى .. دائرة صحة المحافظة استحسنت الفكرة وعممتها على المستشفيات والمراكز الصحية الاخرى في المثنى ، للعمل بموجبها .
ونحن بدورنا نهدي الى دائرة صحة المثنى مقترحا آخر ، مكملا لفكرتهم يتضمن المقترح بناء كشك لبيع الزهور ، يُمول من المشتل في المستشفى ، ويوفر باقات الزهور الطبيعية لزوار المرضى ، ويُتيح فرص عمل لمنسقة زهور ، واذا عممت التجربة على بقية المستشفيات في المحافظة تزداد فرص العمل ، واذا وصلت الفكرة الى السيدة وزيرة الصحة ، ربما توجه بتعميمها على مستشفيات العراق ، او لعلها تلتفت الى حدائق مدينة الطب التي أُهملت بشكل واضح ، حتى وكأن مدينة الطب لاحاجة لها ، او أنها غير ضرورية ، اذن نحتاج لعدد من المبدعين لتغيير الصورة التي عليها الان.. وليس ذلك على العراقيين ببعيد ..!!
—-