رجل ينقصه الطمع بقلم: سلوى ادريسي والي

كانت ليلة باردة جدا، دخان كثيف يملأ الشارع ، لا أحد يرى وجه الآخر ..معاطف طويلة وأحذية سوداء بعضها رجالية وأخرى نسائية .. يمرون على طول الشارع إلى أن يختفوا داخل كومة سوداء لا أدري إلى أين توصل ..
يقترب مني أحدهم يلقي داخل الصحن القصديري قطعة معدنية ، أراقبها وهي تتأرجح ،يتناغم صوتها مع صوت الأحذية التي تطرق الأرض كالأحصنة ، لا أرى وجه ذاك الرجل أيضا ،إنه لا ينحني ،يرمي النقود من علوه الشامخ ، ويمضي إلى الكومة السوداء، لقد جمعت ما يكفي لليوم، فأنا لست رجلا طماعا على أية حال .. دخلت داخل الكيس البلاستيكي ، لأحتمي من هطل مطر مفاجئ ، ووضعت رأسي فوق عتبة منزل لا يهدأ من الصخب ،تسليني قهقهاتهم ، شجاراتهم بعد منتصف الليل ، أصوات الصحون وهم يضعون طعام العشاء فوق الطاولة، أضع رأسي فوق حياتهم وأغمض عيني ، أدخل منزلهم في أحلامي ، أركل الباب بقدمي ، أبحث عن زوجة السيد أقبلها بعنف ، ألقيها على الأريكة التي لا أعلم مكانها بالضبط ، أدخل المطبخ ألتهم ما تبقى من طعام العشاء ، أطل على غرفة الصغار ، أضع الغطاء على الولد المشاغب ،أقبله كأني والده ، ثم أعود لزوجة السيد التي مازالت ملقاة فوق الأريكة ، أطلب منها أن تسمعني تلك التنهيدة ،ثم أغادر المنزل ،فأنا لست رجلا طماعا…
تبدأ دفقات المطر بالتراقص فوق الكيس البلاستيكي ، أشعر ببعض القشعريرة ،يطفئ السيد أضواء المنزل ويتركني أتحسس العتبة خوفا من فقدها في هذا الليل المتناثر في كل مكان ..يغرق الحي بالمياه ويبدأ حلم جديد أنا وزوجة السيد داخل قارب صغير وسط البحر ، تتلاطمنا الأمواج.. أحاول الإقتراب منها ،فيظهر زوجها فجأة يركلني في وسط بطني بحذائه الأسود اللامع ، وهو يقول “إنهض أيها الحقير من عتبة بابي ،سأبلغ عنك الشرطة”