لم أكن أعلم أن مصادفة غريبة من نوعها سوف تتسبب في هذا المنعطف الأكبر الذي زلزل لي أركان حياتي كلها ، حياة شارفت على الثلاثين، مضت وفق نمط معيّن … لم أكن فيها آبهة كثيراً بقضايا الدين، وأحياناً كنتُ أراني منفصمة عنه، خاصة في الفترة الأخيرة التي شاهدتُ فيها أناساً يرفعون راية الاسلام ويتسببون بإلحاق كل هذا الأذى بالناس، وهم الذين تسببوا في تركي لبيتي في الموصل واللجوء مع زوجي وأبنائي إلى الشتات، لقد أحدث ذلك شرخاً كبيراً في نفسي وفي نفوس الكثيرين ممن أعرفهم عن قرب .
هكذا إذن….. كما تعصف السماء فجأة وتنهمر منها الأمطار لتغسل كل شيء وتؤسس لربيع بهي يسحر الطبيعة وينعش الإنسان.
كان ذلك بمحض المصادفة يوم الخميس الحادي عشر من سبتمبر أيلول من عامنا الحالي 2014 وأنا أرى في إحدى مكتبات مدينة السليمانية كتاباً ملفتاً في عنوانه للأديب السوري عبد الباقي يوسف، الذي لي معرفة سابقة بقراءته حيث تحتفظ مكتبة بيتنا في الموصل ببعض كتبه القصصية والروائية.
تمعّنتُ في عنوان الكتاب ( الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن) مطبوعات مجلة الحوار في أربيل 2014 ،،،،،، أبهرني العنوان المثير الذي هيمن عليّ لهذا الكتاب الجديد ، فمن الذي يكون في منأى عن الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن خاصة في هذا الوقت الذي يحتاج فيه الإنسان ربما أكثر من أي وقت مضى إلى كتب وبحوث جديدة تقدّم القرآن للناس.
جلبتً الكتاب، وعلى عكس العادة، فبدل أن أغفو في قيلولة بعد الغداء، وكان عبارة عن بعض لفات الدجاج التي تناولناها في مطعم، أقبلتُ على قراءة الكتاب حتى استيقظ زوجي وأبنائي، وفي الليل، اقتنصتُ الفرصة لأكمل القراءة، مضى عليّ يومان وأنا في حمّى القراءة ،لاأقرأ فقط … بل أشعر أن كل صفحة من صفحات هذا الكتاب تفتح أمامي صفحة جديدة من صفحات الحياة، تؤدي إلى فتح باب جديد من أبواب الحياة.
كما لوكنتُ نائمة واستيقظتُ للتو،،،، هكذا رأيتني أتغيّر بكل ما تعني الكلمة من معنى، استغرب زوجي في البدء وأنا أنزع ثيابي وأستبدلها بثياب محتشمة أرتديها لأول مرة… وهنا لابد لي من أن أعترف بأنني كنتُ حتى قبل يومين أشفق بالمرأة التي تخفي جمالها ورشاقتها خلف هذه الثياب الفضفاضة ، وعندما رآني الأقرباء الذين نزحوا معنا من الموصل إلى إقليم كردستان … فاجأهم الأمر وأنا المرأة ومعلمة المدرسة ” المتحررة” التي أرتدي ثياباً عصرية وأخرج بها، فها أنا أتحاشى أن ألبس نفس الثياب داخل البيت لأنها باتت مقرفة ومهينة لإنسانيتي وقيمتي كامرأة معتبرة ، وقد تسرب إلي ذلك خاصة في الصفحات التي تحدثت عن المرأة وكذلك عن ” أم أنس الأنصارية” كم خجلتُ من نفسي وتمنيتُ فيما لو مكنني القدر من أن أطوي سنوات سابقة من عمري ولم أعشها … ولكنني بدأتُ أقول للكل: عليكم بقراءة هذا الكتاب، وسوف ترون مفعوله العميق في نفوسكم.
استطاع بعض المقرّبين لي الحصول على نسخ قليلة، لكن للأسف بقي الكثيرون يبحثون في المكتبات دون جدوى، لكنهم استعاروا نسختي وقاموا بتصويرها رغم حجم الصفحات الذي بلغ 300 صفحة.
بعد ثلاثة أيام من ذلك، اقتنيتُ لأول مرة في بيتي القرآن ، وبدأتُ أقرأه للمرة الأولى إذ لم يسبق لي أن أمسكتُ بالقرآن وقرأته،رغم أنني مسلمة ، ثم بدأتُ أتعلم الصلاة وأصلي، وهي المرة الأولى التي أصلي فيها .. وعلى رأي المثل فرب ضارة نافعة .. فقد هربنا من رعب المسلمين هناك لندخل باب الهداية إلى الإسلام هنا
لاأقول بأنني الآن أختار أجمل ما في هذا الكتاب .. ولو كان الأمر بيدي لكتبته كله حرفاً حرفاً ونشرته .. لكنني في الآن ذاته أقتبس بعض عباراته التي كان لها الأثر الشديد إلى هذا التحول المفصلي في حياتي ، وانا أرى بأن هذا الكتاب تحول بالنسبة لي إلى صيدلية روحية لايمكنني بأي حال من الأحوال الاستغناء عنها :
القرآن الكريم هو دعوة للإنسان، كي تستيقظ حواسه على مدركات الحياة، فيشعر بجدية وحميمية ومسؤولية العلاقة بينه وبين مقومات حياته، وبذات الوقت يحافظ على حياة الآخرين
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 7
إن القرآن الكريم يهب فرصاً ذهبية لقارئه المواظب المتدبر، كي يتلقاه على أوجه عديدة، حتى يمنحه كنوزه ولآلئه الثمينة، التي لا يمنحها إلاّ لأولئك الذين تعلقت أفئدتهم بأنوار القرآن الكريم، فيقرأوه قراءات استثنائية استنارية متقدمة ، يستخرجون من نفحاتها المباركة أنوار سموالمعاني الإلهية، التي تتجلى لهم بين ثنايا السطور، إنهم يتجاوزون القراءة الظاهرية اللفظية، يغورون، ويستجلون نفائس لألئ المعاني الثمينة، يستخرجون روح الحكمة من ثنايا السطور، فيكون ذلك مبعث سكينة لهم في الدنيا والآخرة.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 10
كلما يزداد الإنسان إيماناً بالله، فإنه يزداد توازناً في الحياة.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 13
يمتلك القرآن الكريم مقدرة هائلة على إمكانية التجدد، وهو لا يكتفي بذلك، بل يتجاوزه ليجدد قارئه كذلك، عندئذ لا يكتفي القارئ بأنه يقرأ كتاباً متجدداً فحسب، بل يشعر بأنه يتجدد مع كل قراءة جديدة لهذا الكتاب. ولذلك فإن القرآن يمتلك المقدرة على تغيير الناس بشكل نافذ، بحيث ينقل شخصاً ما من تاريخ عريق في الإلحاد، إلى تاريخ عريق من الإيمان، من إنسان سلبي يقف على تاريخ من الجور، إلى إنسان يشرق بنور إيجابيات الفطرة الإنسانية.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 16
إن كل قراءة للقرآن الكريم تقدّم للقارئ مالم تقدمه قراءة سابقة، وتبث إليه أنواراً لم تبثها قراءة سابقة، فيتعرف على الله بما لم يتعرف عليه من قبل، ويغدو مقرّباً إليه بما لم يكن مقرّباً من قبل، وهذا بذاته يفعّل في نفسه الطاقات الإنسانية.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 18
الرحمن، ذروة الرحمة الواسعة، التي من شأنها أن تسع كل شيء، تسع السموات والأرض، وما بينهما، تشمل ذنوب الإنسان، حتى لو كانت كزبد البحر، وهي رحمة تتسع لا لتغفر الذنب فقط، بل تتجاوز ذلك لتحيل الذنوب إلى حسنات، فبها يستبدل الله ذنوبك حسنات، فيتحول كل ذنب من ذنوبك برحمة الرحمن إلى حسنة، وكلما كانت ذنوبك كثيرة، غدت حسناتك أكثر.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 19، 20
ولذلك، فإن التائب عن ذنبه، إضافة أنه يكون كمن لا ذنب له، فإنه يظفر بحسنات لم يفعلها، ولم يبذل جهداً ولا طاعة بها، وما ذلك إلاّ لفرحة الله بأوبة هذا العبد إلى ربه تائباً خاشعاً يلتمس المغفرة عمّا قد سلف ذارفاً دموع الندم مدراراً، وهو يتوسل إلى ربه أن يصفح عنه، فمهما بلغت ذنوب العبد من عظمة، فإنها لاتفوق سعة رحمة الله، ولاتملك سوى أن
تخضع لرحمة الله، بل تتحوّل إلى حسنات كذلك يُجازى بها ذاك المذنب، لأنه توسل إلى الله نادماً دون أن يقنط من رحمة الرحمن الرحيم .
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 21
إن ما يميز قراءة القرآن، أن كل قراءة تقدّم للقارئ علماً جديداً لم يكن يعلمه، كل قراءة تقدم إليه شعوراً جديداً لم يكن يشعره، كل قراءة تقدم له متعة قراءة جديدة لم يكن يدركها، تضيف إلى نفسه لمسات جمالية جديدة، لم تكن لديه من قبل. إن كل قراءة تجعله يشعر باتزان، وهو يتأمل مجريات الحياة، ولذلك نرى المريض يلجا إلى قراءة القرآن، ويشعر بأنه يتداوى به، والذي تصيبه مصيبة كبرى يلجأ إلى قراءة القرآن، فيجد متنفساً عن نفسه، والذي يبتغي ذكر ربه في السراء والضراء، يلجأ إلى القرآن فيشعر قلبه بطمأنينة ذكر الله. هذه الأنوار، التي يكتسبها الإنسان من صلب قراءته القرآن، لا تنتهي عند فراغه من القراءة، بل ينتفع بها في وقائع حياته اليومية، سواء مع نفسه، أو مع الآخرين، أو مع مقومات حياته.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 80
عندما يترك القرآن أثراً على عينيك، وأنت تنظر بهما،فاعلم بأنك قرأت القرآن وتلقيته،عندما يترك القرآن أثراً على لسانك وأنت تتحدث به، فاعلم بأنك قرأت القرآن وتلقيته،عندما يترك القرآن أثراً على سمعكوأنت تسمع به،فاعلم بأنك قرأت القرآن وتلقيته،عندما يترك القرآن أثراً على مالك، وأنت تنفقه.. فاعلم بأنك قرأت القرآن وتلقيته .
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 156
يجد قارئ القرآن منهج حياة متكاملة في القرآن، الذي يتعرض لكل كبيرة وصغيرة، تمس مقومات الحياة البشرية. إنه كتاب تحليلي مفصل عن صلب علاقة الإنسان بالحياة، علاقته بنفسه، علاقته بالآخرين، علاقته بالله.يفضي التلقي القرآني بقارئه المتدبّر إلى منزلة أن يعيش حياة قرآنية مميزة، تتحوّل فيها مقومات الحياة إلى آيات قرآنية أمام ناظرَيه تزيده حكمة، ونضجاً، وتوازناً، وصبراً، وامتلاءً بالحياة .يغدو في مراتب متقدّمة من تذوّق المعنى القرآني، وبناء علاقة قويمة مع قرآنية الحياة.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 190
الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن الكريم، يحتاج إلى تهيئة بدنية وروحية، هذه التهيئة التي ترتقي بدرجاتها في منح القارئ المتلقي كنوز معاني القرآن. لذلك فإن قراءة القرآن تختلف من موضع إلى آخر، من مناسبة إلى أخرى، من وقت زمني إلى آخر، من حالة نفسية معينة، يكون فيها الإنسان، إلى أخرى. إن اكتمال عوامل التهيئة، هو اكتمال لعملية تلقي الدرس القرآني.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 292
إنه كتاب مبارك أنزله الله لك كي تكتشف مكنونات نفسك، تستطلع أسرار ما تخفيه النفس، يعلّمك بأن المعرفة الكبرى والمجدية الأولى تبدأ من معرفتك لنفسك، وكلما عرفت نفسك جيداً، عرفت ربك جيداً، وكلما عرفت ربك جيداً، عرفت الإنسان جيداً، وكلما عرفت الإنسان جيداً، عرفت الطبيعة جيداً، وكلما عرفت الطبيعة جيداً، استنارت نفسك بنور الإنسان، لتستمتع بممارسة مزايا إنسانيتك.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 293
يجعلك التلقي القرآني في مرتبة إنسانية، ترفض فيها أن تكذب، بقدر ما ترفض أن يُكذب عليك، ترفض أن تسرق، بقدر ما ترفض أن يُسرق منك، ترفض تزني، بقدر ما ترفض أن يُزنى بك، ترفض تظلم، بقدر ما ترفض أن تُظلم، ترفض أن تنِمّ، بقدر ما ترفض أن تُنًمّ، ترفض أن تشتم، بقدر ما ترفض أن تُشتم، ترفض أن تهين، بقدر ما ترفض أن تُهان، ترفض أن تغتاب، بقدر ما ترفض أن تُغتاب.
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن
عبد الباقي يوسف ص 294
كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن للكاتب عبد الباقي يوسف من الكتب المؤثرة التي تمتلك مقدرة على تغيير الانسان وتأتي أهمية هذا الكتاب برأيي المتواضع بسبب أن مؤلفها هو روائي ويستخدم لغته الروائية في التشويق وأيضاً في الإقناع
لقد قرأت الكتاب بعد أن قرأت هذه المقالة عنه وأشارك الأخت رأيها
خولة الزبيدي – كركوك
أوجه نداء عاجل إلى ناشر كتاب الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن كي يرسل الكتاب إلى مكتبات نينوى أو يتيحوا لنا فرصة كي نشتريه عن طريق تحويل قيمته ويرسلوه لنا راجية من الموقع إيصال هذا النداء إلى الذين في أيديهم هذا الشأن والمتابعة وجزاكم الله كل خير
من أختكم سوسن علاوي – نينوى
من الكتب الجيدة التي قرأتها صدفة وقد أحضره أبي إلى البيت وصدقت الأخت بأنه بالفعل يغير الانسان وقد قرأته مرتين مرة قبل قراءة هذا الموضوع ومرة ثانية لكنه غير متوفر حتى في دكاكين دهوك وأضم صوتي بأنه يجب توزيعه أكثر من ذلك حتى يكون متوفرا