سعد عباس :
(1)
تُهرِّبُنا “تقسيمُ” الى “كابتاش”
وتُدندِنُ في “المترو”
سيّدةٌ من اسطنبولْ
“أبحثُ عن طعمِكَ
كلَّ ثانيةٍ
في كلِّ أشيائي”
يُهرِّبُنا اللحنُ الحزينُ
على ظهرِ قاربٍ
يُطاردُنا صوتُها الى “جزرِ الأميراتِ”:
“إنني
أضعُ الآنَ نفسي
في أماكنِكَ
لكنّما،
بلا جدوى”
تُهرِّبُنا الجزرُ التي لم تكنْ وِجْهتَنا
الى “تقسيمَ” ثانيةً
فنسمعُها في “الباصِ” تنتظرُ
صوتَهُ
كلّما رنَّ هاتقُها النقّالُ
“أسرعُ
كلّما دقَّ على البابِ
أحدٌ ما”
بينما
نعرفُ مثلَها
إنّما
على نحوٍ مغايرٍ
بأنّهُ لن يعودَ
يُهرِّبُنا حزنُنا المكابرُ
الى ميناءِ “ياني كابيه”
وصوتُها يتبعُنا:
“كلماتٌ لم تُقَلْ”
كم حبسْنا بين الشفاهِ
من كلماتْ
نتأسفُ
أننا لم نقلْها
لمن نحبُّ
يُهرِّبُنا زمنٌ لن يعودَ الى الوراءِ
في موانيءِ إسطنبولْ
وليسَ نعرفُ أيَّها تُهرِّبُ أرواحَنا الحزينةَ
لكنّها “تقسيمُ” ثانيةَ، وثالثةَ،
رابعةً،
حتى كأنّ الموانيءَ تقذفُنا الى بعضِها
فنسقطُ
فوقَ بعضِنا
تُهرّبُنا “تقسيمُ” الى موانيءِ إسطنبولْ
وتحبِسُنا الموانيءُ
في صناديقِ الذهولْ.
(2)
كلّ دربٍ
من دروبِ الشتاتِ
سؤالْ،
كلّ وجهٍ
يصادِفُنا
في الهروبِ
سؤالْ،
وفي رحمِ البضائعِ
بينَ البراميلِ
سؤالْ
عن وطنٍ تسّربَ
كالماءِ
من أكفِّنا
فامتطينا خيولَ السؤالْ
تُهرِّبُنا
الى الوطنِ البديلِ
سؤالاً
سؤالْ.
(3)
تحبسُ الأنفاسَ فينا
أغانينا
بلا صوتٍ نُدَنْدِنُها
ولا نملكُ غيرَ التشهّدِ
والسؤالْ.
والبحرُ يبتلعُ المراكبَ
مركباً
مركباً
وسؤالاً
سؤالْ.
(4)
أيمكنُ لمثلِنا
أن يحتفلَ الآنَ، سيّدتي
بسلامةِ الوصولْ؟
سنكتفي بشمعةٍ يتيمةٍ
وباللحنِ الحزينْ
إنّ سرباً من الهالكينْ
يُحاصرُنا، سيّدتي
بألفِ سؤالْ.
أيلول 1997