بين مغربين- قصة قصيرة بقلم: حاميد اليوسفي/ المغرب

انسلّت الياقوت من الفراش قبل الفجر مثل اللص حتى لا توقظ زوجها.. غسلت وجهها، واتجهت إلى ساحة قريبة من باب البيت جعلت منها مطبخا. وضعت قطع خشب في الكانون. وأخفت وسطها قطعة ثوب صغيرة كانت قد غمستها في الزيت. اشعلت عود ثقاب، وانتظرت قليلا حتى تلتهم النار العيدان الرقيقة. لا بد أن تنفخ بفمها لكي تستعر النار. دمعت عيناها من شدة الدخان. مسحتهما بطرف كمها. قررت أن تهيء الشاي أولا، ثم تضع مقلاة كبيرة من الفخار فوق النار، وطبقا من الرغيف على اليسار، وبجانبه علبة صغيرة مليئة بالسمن وأخرى بالعسل. تخلط القليل من السمن والعسل وتذيبهما. بعد ذلك تسخّن الرغيف وتدهنه جيدا. الناس في القرية لا تحب الرغيف ناشفا في السحور.
مسحت مائدة من خشب زينتها بقطعة بلاستيك ملونة بأزهار بيضاء وزرقاء، وأفرشت قطعة مستديرة من الدوم، وضعت فوقها صحن الرغيف المدهون، وأفرغت كأسي شاي، وضعت أحدهما أمام زوجها.. تفعل كل ذلك وهي تبتسم، وتشكر الله الذي منّ عليها بهذا الخير العميم.. فالكثير من أسر القرية تتسحر برغيف ناشف.
الفلاح في القرية لا يقول لزوجته بأنه يحبها كما يحدث في المسلسلات التلفزيونية.. لا بد أن تلمس ذلك من خلال ردود أفعاله على ما تطبخه له من طعام، أو ما يلبيه من طلباتها.. عبد السلام عندما تحدثت معه الياقوت عمّا ينقص البيت من تموين خاص بشهر رمضان، باع خروفا، ولم يتأخر في الاستجابة لطلباتها.. وعندما تمّ الإعلان عن إلغاء شعيرة عيد الأضحى قبّل رأسها، واعتبر طلباتها فأل خير عليه، فقد كسب ضعف ما كان سيحصل عليه لو بقي الخروف، وعرضه اليوم للبيع.. وما زاد من فرحه هو المطر الذي هطل هذه الأيام، وتمنّى أن تنخفض معه الأسعار حتى تطول فرحتهما أكثر..

مراكش 21 مارس 2025

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *