
تستمد أيام الله قيمتها من خلال ما خصها من فضل فعظمها بأن ذكرها في قرآنه بل وأقسم بها ولا يقسم العظيم إلا بعظيم ، لذلك وجب لأهل الهمة في التعرف الى الله استعمال هذه الإشارات الربانية الواضحة في التقرب إليه زلفى .
تعرفنا الى الله ليس فضولا يتناول أغراض دنيوية أو غايات في نفس يعقوب بل هو تجاوز لكل أنانية بشرية لأنك تحاول التعرف إلى إله تدعي بانك تحبه أكثر من نفسك ..
هذا الإله الجدير بكل الحب ومطلق الحب عليك كمؤمن التقاط كل خيط من شأنه ان يعينك على الوصول لحضرته بكل ما أمكنك من حرص ووعي .
بما أن التعرف إلى الله تدرج في سلم الإحسان فإن سلكه يخص بالضرورة عقد النية و استكمال عناصر الإيمان الستة وأهمها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره . الإيمان كمرحلة هو استيفاء لأركان الإسلام تسليما وممارسه ثم انتقال من الإسلام بالجوارح الى تعزيز العقيدة تصديقا بالقلب لأبعاد روحية لا نراها لكننا نؤمن بوجودها وهو أولى درجات اليقين الذي تحققه قوة الإيمان .
الإيمان فيه ما فيه من حب للذات العلية انطلاقا من صفاته وأسمائه الحسنى اعترافا وإكبارا لقدرته المطلقة إلا أنه يبقى حبا لا يتجاوز نطاق القلب .
إذا تأملنا بأن القلب ضمن الجوارح وهو سيدها على الإطلاق لما فيه من أسرار وأنوار قال فيها الإمام الغزالي رحمه الله (الإيمان نور يقذف في القلب )
إذا تأملنا بأن الانسان مكون من مادة وروح نلاحظ بأن على رأس مكوناته الجسدية العقل والقلب لأنهما على اتصال مباشر بالروح وذلك بنعمه التفكر العقلي الذي يمد القلب بالايمان والتصديق فهي إذن تصب في خانه تعرف الإنسان إلى الذات العلية “الله” .
استثمار أيام الله في جني ثمرات القرب والخير هو من بديهيات العقل لكن إذا وجدت في نفسك تقاعسا رغم إيمانك فأنت تحتاج بشدة لملامسة جوهرك العميق المغطى بران الغفلة وأدران الذنوب وهذا ليس غريبا لأنك بشر ..
النفس وما أدراك ما النفس إنها الجزء القوي والغامض في الانسان وهي العنوان الأساسي لشخصية الفرد .. هذا الجزء الذي يجب أن يعمل عليه الانسان بتربيته وتهذيبه نظرا لسطوطها وسرعة تفلتها ولا يكون ذلك إلا إذا تعلقت الهمة بالروح .. عندها تستقيم النفس لتستقيم على إثرها مباشرة الجوارح وذلك رويدا مع التهد الدائم بذكر الله والإنابة إليه .
العشر الأواخر وخاصة ليلة القدر محطة نادرة وفرصة أولا قد لا تتكرر وثانيا من يضمن إذا كنا قد أحسننا استغلالها في السنوات الماضية؟
لذلك اغتنمها كأنها تأتيك لأول مرة .. تخيل مثلا أنك أمام كنز دنيوي لا حد له وأنه متاح لك الأخذ منه قدر ما تشاء لكن ضمن حيز زمني معين هل ستتقاعس ؟ هل ستأخذ حاجتك من النوم والملهيات ؟
هذا ولله المثل الأعلى الذي منحك كنوزا أخروية لا تقاس الحسنة منها بالدنيا وما فيها ..
اللهم نسالك غيثا نافعا تروي به الفؤاد وتطهر به الأجساد وتثبت به الأقدام وتسهل لنا به الفتح وتشفي لنا به الأسقام يا من يقول للشيء كن فيكون بلا تمهل ولا اهتمام واختم اللهم لنا بخاتمة الإسلام والإيمان والإحسان يا ذا الجلال والإكرام وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه العظام ما صلى عليه مصل أو غفل وكافة الأنبياء والرسل .