
العالم الدكتور أحمد زويل أضاف للعلم الفيمتو ثانية وعلى جانب أخر فإن الدكتور يوسف عز الدين سبق أن أضاف للأدب الفيمتو ثانية الأدبية ويتضح ذلك في مسرحيته ( في قطرة ماء ) وأيضا مسرحيته ( زوار ) حيث تمر الأحداث في ثانية أو في الفيمتو ثانية الأدبية ففي عام 1957 كتب مسرحية ( فى قطرة ماء ) وجعل البطل يقوم برحلة تخيلية داخل قطرة ماء فاقدًا فيها وزنه النسبى وأبعاده المكانية والزمانية ليجد نفسه ملكًا فى عالم صغير بقانون مختلف وفى مسرحية ( زوار ) الشخصية الرئيسية لا تترك غرفتها طوال الوقت وتنغمس فى حوار ذاتى طويل وكلما تطورت الشخصية وتطورت أحلامها وطموحاتها قتلت نسختها القديمة وتخلصت منها فالشاب يقتل الطفل والرجل يقتل الشاب والعجوز تقتله الأيام .
لمن لا يعلم أقول أن الدكتور يوسف عز الدين عيسى من مواليد 17 يوليو عام 1914 في قرية العصلوجي مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية ونذكر أيضا أن في ليلة القدر كانت أمه زينب هانم والي في الساعات الأخيرة من حملها وكانت خائفة على الجنين فقد فقدت ثلاث مواليد قبل ذلك بعد ولادتها مباشرة وخافت أن يكون حظ الوليد القادم بعد ساعات أن يلاقى نفس المصير ووسط مخاوفها غفت لعدة دقائق ورأت في منامها أنها ترى طاقة القدر فدعت دعوة لهذا المولود بطول العمر وبعد دقائق استيقظت وبدأت آلام الولادة وولد الطفل يوسف وعاش وأنجبت بعده خمسة أطفال أصحاء عاشوا جميعا وظلت تعتقد أن دعوتها في تلك الليلة هى التى رزقتها بهذا المولود الجميل يوسف عز الدين الذى كان بركة عليها وبعده عاش كل أطفالها .
ظهرت عند يوسف عز الدين الموهبة القصصية في سن السادسة عندما كان أطفال القرية يلتفون حوله بعيونٍ شاهرة ليستمعون إلى قصصه التي كان يؤلفها من وحي خياله ويحكيها في الحال ولم يكن يدرك في ذاك الوقت أنه كان موهوبا يصوغ عملا إبداعياً متميزاً وفي العاشرة من عمره كان يكتب الشعر وقد تميز في المدرسة بمواضيع الإنشاء التي أحبها وقدرها كل معلمينه وكان أيضاً قارئاً جيداً ولديه شغف شديد للمعرفة وفي عام 1934 التحق بكلية العلوم جامعة القاهرة وأثناء سنوات الدراسة في الجامعة كان يكتب الشعر والقصة القصيرة لمجلة الكلية وقد حازت كتاباته على إعجاب زملائه وأساتذته وتخرج من كلية العلوم بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وعين معيدا بها عام 1938 وحصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة شيفلد بلندن .
مارس الدكتور يوسف عز الدين عيسي كل أشكال الكتابة وبرع فيهم جميعا فقد كتب الشعر والقصة القصيرة والرواية والمسرحية والشعر والمقال والدراسات التحليلية وأسس مدرسة جديدة في الكتابة الأدبية تأثر بها الكثير من الأدباء وذات مرة قرأ الإذاعي محمد فتحي مسرحية كتبها الدكتور يوسف عز الدين عيسى بعنوان عجلة الأيام فأعجب بها وطلب منه كتابتها كتمثيلية إذاعية وكانت هذه أول تمثيلية يقدمها للإذاعة عام 1940 ومن هنا أصبح الدكتور يوسف عز الدين عيسي رائدا للدراما الإذاعية في مصر والشرق الأوسط وكان لانغماس الدكتور يوسف عز الدين عيسي في الكتابة للإذاعة المصرية لسنوات طويلة الأثر الأكبر فى كتاباته كما كتب بعض الأغنيات
الدكتور يوسف عز الدين عيسى بينما كان جالساً لمح قطرة من الماء على المنضدة التي بدورها ألهمته بمسرحيته في قطرة ماء عام 1947 وفيها يمتزج عالم من الخيال مع مشاعر شديدة الواقعة .
عام 1955 كتب الدكتور يوسف عز الدين عيسى أول مسلسل إذاعي في مصر والشرق الأوسط عندما طلب منه المخرج السيد بدير كتابة عمل يبدأ مع بداية الشهر وينتهي مع نهاية الشهر وعندما خرج الدكتور يوسف عز الدين عيسى من مبنى الإذاعة نظر إلى السماء ورأى هلالا وفي الحال تكونت فكرة الدراما الإذاعية الجديدة في ذهنه وكان المسلسل الشهير عدو البشر وهذا المسلسل حقق نجاحا كبيرا .
الدكتور يوسف عز الدين عيسى عندما كان عائداً في القطار بعد حضوره لجنازة أخته التى أحبها كثيرا ومضت في ذهنه مسرحيتة الفلسفية غرفة بلا نوافذ عام 1960 م وقد عاش الدكتور يوسف عز الدين عيسى في منزل بشارع جمال عبد الناصر بمنطقة رشدى بالإسكندرية وفاز الدكتور بجائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1988 وحصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى مرتين كما حصل على وسام الجمهورية ويوم 18 سبتمبر عام 1999 م توفى الدكتور يوسف عز الدين عيسى .
قالت الكاتبة الصحفية سناء فتح الله : تعد أعمال الدكتور يوسف عز الدين عيسى أعمالاً غير نمطية في الأدب .. كان الدكتور يوسف عز الدين عيسي كما عرفته إنسانا متفردا بأفكار تحمل من الأناقة والرقي ما يضفي على مفهوم الفكرة اتساعا وصفيا لا يمكن حصره في بنود موضعية .. وقالت الدكتورة سناء صليحة : إن يوسف عز الدين عيسي وإن رحل مازالت كلماته تبعث في النفس سر الفن الحقيقي عندما تحملنا ولو للحظات قصيرة بعيدا عن تفاهات وصغائر الحياة اليومية لنطرح على أنفسنا كل التساؤلات عن حقيقة الإنسان وسر الحياة .