اسلام عادل
اسلام عادل :
قهوتي تبرد.. اتركها على المكتب… الساعة الثامنة صباحا, و ككل صباح ما زال النعاس يرخي تفكيري. و احس ان اليوم ما زال طويلا ثقيلا.. يمر الوقت.. ساعة بعد ساعة..
الايام الثقيلة التي لا انتج بها, احسها تقربني من اللحد.. كلما انطوى يوما لا افعل به شيئا, ينغرس الضجر بي, يبتعد تفكيري عن الواقع.
و لا اتكلم.. لا انبس بحرف.. لا يسمع لي ضحكة. هكذا اضل اكره الايام التي لا احس بها.. الايام الثقيلة. في المساء ارجع الى ذات السرير الذي اغوص به, و لا اخرج جسدي من بين امواجه الى بزوغ الفجر.
لارجع اتفنن بالعناد و الثأر..
لا اعرف من يحبسني, من يضع بيدي الاصفاد.. من سجاني.. و أين ينتهي سجني. حدود العالم قريبة من بعضها. اتخيل اني استطيع ان اضع قدما على احدى حديها و انظر الى الحد الاخر امامي مباشرة. يزداد ضيقا..
رسالة الكترونية جديدة تقول لي ما عليه فعله برزم الاوراق المتكدسة على مكتبي. تقول انها ترجو ان اترجمها. و كأني لا اعرف لغة, لا ادري اين ابتدأت بترجمة اول جملة من اول ورقة و لا اخر جملة من اخر ورقة.
بينهما لا اعرف بما فكرت و لم فكرت؟ و احس بأنزعاج قليل من نفسي لا يفهمه احد حين اقول له اني انزعجت لاني انهيت العمل و لا اعرف كيف و متى انهيته.
و اكره وجه مديري الذي يقول لي:
– ترجمة بديعة..
و ر سالة اخرى في نهاية العمل في نهاية كل شهر تقول لي:
– الراتب.. يوم الراتب..
انزعج اكثر, لانهم سيكافؤني في نهاية الشهر على كثر سهواتي و تخبطي.. يبتسم ابتسامة جذلة, كم هو فخور لأني موضفة في مكتبه! و ازداد راتبي مئة دولار اخرى. ستفرح بها امي حتما.. ينظر الي و كأنه يقول:
– اتمنى ان لا تفكري يوما بترك العمل.
و اتي في اليوم التالي.. اترجم ايضا.. ترجمة قانونية.. لا اعرف لم يستخدمون كلمات جافة جدا, لم يصبوا الجمل بتراكيب خالية من المرونة. و بين القاموس و لوحة الحاسوب, لا تسمع سوى طرقات الازرار و تنهيدة بين الحين و الاخر و يمر المدير على مكتبي ليقول:
– احسنت.
لا شئ اطلاقا.. لا شئ.
يثقل اليوم اكثر فأكثر حين نقترب من منتصفه رغم ان الاقتراب من منتصفه يعني ان النعاس بدأ يحرر جسدي. واسكب خامس كوب قهوة.. و تبردالقهوة في كل كوب.. في كل مرة.. انجز العمل, لا اعرف كيف انجزته. و لكني اذكر اني اسلمه الاوراق و فيما بقي من الضهيرة.. ارتشف القهوة الباردة.. اسمع الموسيقى..
و اسمع كلمات المديح.. كلمات التهليل.. على ماذا يمدحوني هؤلاء.. انا لا اعرف.. و تتناثر الكلمات حولي.. ذكية.. مجتهدة.. زيادة في الراتب.. لا اعرف على ماذا.
على ماذا تكافئوني؟
انا لا اعرف شئ.. انا لا ادري ما الذي افعله.. انا اعيش في السهوات و ليس بالواقع الذي امدح عليه.
لا يفهمون.. لأنهم أغبياء.
—