أكرهت وأجبرت انتهاكات حقوق الإنسان في المأوى جراء الحرب والتي تسببت في تدمير منازل السكن وتفاوتت درجات تدميرها بين التدمير الكلي المؤذي الى فقدان كامل وتام لمنازل سكن الأسر، والتدمير الجزئي المهدد للسكن فيه تحت الخوف من انهياره فوق رؤوس ساكنيه، مما أدى الى تشرد عدد من الاسر.
هرب المواطن محمد عبد النبي وعائلته من مديرية المعلا بعد أن أجبرتهم الحرب على ترك بيوتهم الآمنة منتصف الليل فيما كانت واجهتهم بيت أحد أقربائه في مديرية المنصورة.
في منتصف الشهر الكريم رمضان تواصل معه أحد الجيران ليبلغه أن بيتك قد تدمر نتيجة ضربة صاروخ، ذهب محمد عبد النبي مسرعا إلى بيته خشية من أن يسرق كما وصف لنا، ليجد منزله عبارة عن حطام وركام. حكاية المواطن محمد عبد النبي تنطبق على الكثير من مساكن أهل عدن المدمرة، فقد تركت بعض العائلات منازلها هربا من الموت نحو الحد الأدنى من الحياة، لكن صدمته ببيته المدمر كانت أكبر.
يعيش المتضررون في عدن الذين دمرت “الحرب” منازلهم أثناء الحرب ظروفاً حياتية صعبة، منتظرين بفارغ الصبر تطبيق إجراءات إعادة بناء منازلهم .
هناك مجموعة من الاسر الذي تضررت منازلهم أصبحوا يعيشون لدى ذويهم ، فيما أضطر آخرون للعودة الى بيوتهم الذي أصابها بعض الدمار لتأويهم وتقييهم ويلات التشرد، وآخرون سوف نراهم يلتحفون السماء ويتوسدون الأرض، حيث مازال نحو 100 أسره بعيدين عن ديارهم و يعيشون في مدارس .
الأم “فريدة” –إحدى المواطنات التي تدمر بيتها بالكامل نتيجة الحرب و التي اضطرت بعد تهدم منزلها على ما فيه، الكائن في جبل حجيف ، أن تغادره إلى بيت ذويها ومنه إلى تحمل تكاليف استئجار بيت، وحينما عجزت عن سداد الإيجار ولمدة ثلاثة أشهر قرر المالك طردهم للشارع الأمر الذي أدخلها وذويها في دوامة عناء منقطعة النظير.
وقالت “فريدة” ، لجأنا لاستئجار منزل بعد تهدم منزلنا المكون من طابقين، غير أننا غير قادرين على الاستمرار وقد منحنا مالك البيت أربعه أيام خلال فترة العيد، مالم فإن مصيرنا بعد هذه الفترة هو السكن في الشارع”.
وأضافت وملامح الغضب تبدو ظاهرة في حديثها:” قرارات كثيرة تصدرها الحكومة ويدل على عدم اهتمام الجميع بمعاناة الأسر من دمرت منازلهم وخاصة المتضررين منهم، وقد يضطر عشرات منهم النزول في الشارع، بعد طردهم من المنازل التي يستأجرونها وذلك لعدم قدرتهم على الاستمرار في سداد الإيجارات”.
وقالت “فريدة “: تأملنا خلال الشهور الماضية بأن تقوم الحكومة بتعويضنا مالياً أو حتى بناء منزلنا الذي هدمته طائرات التحالف وعدوان المليشيات ، ونحن اليوم نكافأ على صمودنا بوقف التعويض وتركنا بالشارع وحدنا دون مأوى لنا سوا الله”.
وأضافت” فريدة “انه من غير الواضح لماذا لم تصل أموال الأعمار حتى الآن، موضحة أن المساعدات التي تعتبر عامل استقرار في المحافظة في هذا الوقت الحرج يستثنى منها ملف الأعمار محذرة من النتائج الخطيرة لهذا النقص الخطير في إهمال ملف الأعمار.
هذا وقد أولت الناشطة مها عوض –رئيسة مؤسسة وجود للأمن الإنساني- الملف المتعلق بالمتضررين منازلهم بشكل كلي وخاصة أولئك الذين ليس لديهم مصير إلا الشارع اهتماما بالغا قائلة : إن التهديد بالتشرد والضياع والتفكك الأسري واستنبات أبناء الشوارع وإلى مالا نهاية من المشاكل الأسرية بسبب عملية الإجراءات الطويلة التي يتم فيها التركيز على كيفية إعادة الأعمار ومعالجة قضايا المواطنين والمواطنات.
مضيفة إننا بشكل قريب جدا من وجود حالات لا حوله لها ولا قوة ووضعها ضعيف جدا لا تستطيع أن تقاوم أكثر في مسألة البقاء خارج منازلها وذلك للتدمير الكامل لمنازلها أو التدمير الجزئي الذي افقد فيه منظومة العيش الآمن والكريم.
فيما البعض عاد وعاش تحت الأنقاض والركام بدلا من المذلة والمهانة بسبب ما تعرضت له البيوت من تشققات رغم مخاوف وقع هذه البيوت ساكنيها وذلك نتيجة تضررها. ونحن نسعى بجانبهم حتى يصلوا إلى النتيجة التي تمكنهم من العيش بحياة آمنة وكريمة، وأضافت هذا ما يجب الالتزام فيه تجاه هؤلاء الضحايا في الحرب -هذه الحرب الذين لم يكونوا من صانعيها- وفي الجهة المقابلة يجب الاعتراف بهذا الالتزام وبموجب هذا الاعتراف يجب السرعة في تنفيذ هذا الالتزام .
وأضافت -مها عوض – إن هذا الملف يجب أن يحضى بأولوية بالغة ولا تقل أولويته عن أولوية المصابين والجرحى كونها في ذات القدر – و نحن لا نقلل من الإجراءات التي اتخذت في جانب الجرحى – لكن جريح المأوى أيضا مكلوم و يجب أن يؤخذ هذا الملف بشكل عاجل وخاصة أنه لا يقل أهمية وبالذات انه مرتبط بالحقوق الإنسانية ويجب أن يأخذ حقه في الضمير الإنساني، ويجب بالمقابل معالجة الأوضاع المرتبطة بالتشرد والمصير المجهول للاسر التي لا تمتلك بيوت تسكن فيها وتعاني من تعقيدات وظروف حياتية شديدة وصعبة، لا تمكنها من توفير إيجارات بطريقتهم، خاصة وهم لم يتعودوا على الإيجارات لأن بيوتهم ملك أصلا.
وفي استطلاع أجرته على بعض العينات قائله :اغلب من نفذنا لهم زيارات هي من ذات مستوى المعيشي صعب وبعضهم فقراء وأوضاعهم الصعبة حتمت عليا التفاعل نتيجة وضعهم الصعب، وهنا يجب أن لا نترك هؤلاء الأسر المتضررة حتى ولو كان وضعهم ميسورين وتمكنوا من تجاوزوا هذا الظرف لأنهم لم يكونوا يهمسون بصوت .
واشارات إلى أن ابرز المعالجات التي يجب الآن أن تتخذ سواء أنية أو مرحلية هي توفير سكن بديل لمن تهدمت منازلهم مشيرةً إلى أن كل المتواصلات معهن كمؤسسة هن من الفقراء والفقراء جدا كذلك .
هذا وقد سبق إجراء النزول للمتضررين بعد التنسيق مع مكتب الأشغال العامة والطرق بحكم انه المعني بهذا الملف و كان لنا لقاء مع مدير المكتب ومناقشة الاقتراحات لمعالجة أوضاع المتضررين، وكان أبرز هذه الإقتراحات هي : – تأجير مساكن خاصة للاسر المتضررة مرتبط بالفترة التي سوف يتم فيها تطبيق التزامات إعادة أعمار وبناء منازلهم وتكون مؤهلة للسكن مع مراعاة كل الظروف وارتباطاتهم التي اعتادوا عليها، وفي هذا الاجراء هو نوع من تخفيف من الألم ويعكس اهتماما في الالتزام تجاه هذه الأسر التي تهدمت منازلها وتلمس معاناتهم والوقوف إلى جانبهم.
وحملت- مها عوض – السلطة مسئولية هذه النتائج الخطيرة كونها أخرت هذا الملف والاهتمام فيه وتخلت عن مسئولياتها تجاه أبناء شعبها وخاصة في ملف الأعمار.
وحذرت “مها عوض ” ،من بطئ مسار إجراءات ملف الأعمار معتبرةً انه خطير جدا، ويفاقم الأوضاع المأساوية التي يعيشها السكان في عدن، وهو يعني توقفاً مؤجلاً لعملية الأعمار.
وأكدت “مها عوض ” أن أي تأخر في القرار يزيد من معاناة الآلاف الاسر ممن دمرت “الحرب” منازلهم وقد يؤدي إلى ترك النسبة الأكبر منهم في الشارع بعد عدم قدرتهم على دفع الإيجار وعدم وجود بدائل مناسبة بالنسبة لهم”.
وقالت: إن وضع كهذا غاية في الصعوبة والخطورة، خاصة مع طول الفترة والذي يمكن فيها تنفيذ التزامات الأعمار، وفي وقت يعاني منه المتضررين من عدم تلقي رواتب أو تقليصاً في رواتبه ،أو تأخرا في استلامها.
وكان الأهالي قد وجهوا مناشدات إنسانية – نشرت عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي – وصفوا ما تعانيه الأسر من الذين تهدمت منازلهم مأساة إنسانية كبيرة .
قصص إنسانية وتعبير بسيط عن واقع كارثي يحتاج حلول عاجلة، فالنازحون ممن تدمرت منازلهم يناشدون أصحاب الضمائر الحية والمسئولين السعي لإيجاد حلول فورية لتلك المأساة التي يعيشونها، ففي عدن لا فرق بين الحياة والموت وأهلها بانتظار أمل يتحدى الموت البطيء.
—