لنا ما يكفينا ، ما يزيد عن احتياجاتنا ، لو ساد العدل بيننا، واحترم كبراؤنا صغارنا، قياما بواجبهم كعمل يتوصلون عليه برواتب مهمة للغاية شهريا مستخلصة من عرقنا . مدفوعة بالكامل عن سخاء حاتمي يؤهلهم الاسترخاء في عواصم العالم المتقدم على حسابنا ، حتى في الألفية الثالثة سنظل توابع توابع التوابع نمتص رؤى أحلامنا، البعيدة عن ملامسة الواقع المصاحب قهرا لأحوالنا ، البالغة فيها الآم الذوبان مع خيبتنا، حد معانقة اليأس من مسائنا، لصباحنا، لظهيرتنا، لمكتل يومنا ،وما امتد من شهرنا، المتكرر مع ألفائتة واللآحقة من أعوامنا، بغير لحظات مراجعة تعود بنا للحوار المتمدن مع من انتخبناه ليدافع عن مصالحنا، فإذا به تحجرت داخل فيه كلمات التحية إن فكر في مبادلتها معنا ، ولو بالصدفة أما عن موعد فقد تبخر الفاعل منذ بروز نتائج آخر الانتخابات المُجَرَّبة لمرات ومرات الوعي فينا، كفئران لها في إبراز الديمقراطية من عدمها ميزان منصوب بكفة واحدة مملوءة بكل ما يشتهي المنساق خلف التيار المُخطط له ليداوم على الاستمرار، أما المعاكس (عن مبدأ أو موقف حق) لا ينتظر لشخصه فقط لقب الحمار ، وإنما أن يُواجَهَ بتنغيص حياته حتى يصبح حافي القدمين يمشي على الجمر، حيال تشفي من ينهب أرزاق هذه الأمة في أعز نهار، وحبذا لو سمعنا بحكمة ما غدا يُقال عنا ، (في الداخل والخارج لا فرق) رسوماً متحركةً مُسْتعانُ بنا ، لإدخال السرور على صغار حيواناتهم المدلَّلة المُستَهلكة اللحوم الخاصة المستوردة من أسواق باريس أو لندن أو روما والمصيبة أنها أيضا مبتاعة من أموالنا.
… مدينة / قرية “الدريوش” رغم المَمَرّ الذي تمثله لمن شيَّد عريناً للتهريب بقيت تعيش على الهامش ، نقطة استراتيجية (أو غير ذلك) مادامت عادة يضفيها مضخمي صفات المناطق انتفاعا من ورائها بما كسبوه وهم منزوون في مقاعد مكاتبهم المكيفة بالهواء المعطر، أكان الجو حارا في الخارج أو مغسولا بالمطر ، الذين لهم مع “الريف “عموما قصصا وحكايات ، تبتدئ فصولها من عهد المجاهد الكبير عبد الكريم الخطابي والجنرال فرانكو ، هذا الأخير، المنهارة (لولا الخيانة) الدولة الاسبانية بسببه ، فقد وجد الهزبر الليث الذي أذاق جند الزاحف الأوربي المر بلون أحمر ممزوج بنكهة البارود ولكمة المغربي الذي إذا ضرب لن تنفع المضروب إسعافات اسبانيا برمتها . تاريخ حافل بما يشرف المغرب ، محارب علانية ممن اختارهم حكام الوطن باستثناء امبارك البكاء على رأس الحكومات المتعاقبة من استرجاع المغرب ثلاثة أرباع من حريته إلى أن تقوت المطالبة بما تبقى عن طريق معارضة حقيقية نزيهة ، قادها مع ثلة من الرجال الأحرار والنساء الحرائر، المناضل المٌغتال المهدي بنبركة، في عاصمة النور الخافت البئيس باريس، الذي لا يُعرف قبره حتى الآن، مثله مثل الذين أحبوا هذا البلد فضحوا من أجله حتى بأرواحهم الطاهرة فكانوا نعم النموذج لمغرب المفاخر والعزة والسؤدد مهما كان المكان محكوما بأي زمان .
—