( برقوق ) وجده العالم ( ماركة صيني )
الجزء الأول
( حمايا بيه الكوبانية )
مسرحية عامية
ملهاة كوميدية
من أدب الخيال العلمي
شخصيات المسرحية
برقوق :
طالب جامعى يبلغ من العمر 25 عام ، طويل بدين الجسد ، شبه همجى وأحمق ، يدرس في جامعة خاصة بالقاهرة ، ويعمل رسام في جريدة صفراء مغمورة ، لا تصدر إلا نادرا ، وهو صورة هزلية فجة ، لعصر الإنفلات والفضائيات
والإنترنت ، سيخترق الزمان عودة 200 عام ، لعالم القرن 19 ، ويعيش فى القرن 21
حرنكش :
طالب جامعى يبلغ من العمر 22 عام ، قصير ونحيف ، جبان
ومهرج مهزار ، يودى بنفسه فى المآزق ، صديق البطل
( برقوق ) ، وزميله بنفس الجامعة والجريدة ، وهو صورة للحماقة والتبعية للآخرين ، وسيخترق الزمان ليلحق بصديقه برقوق ، فى القرن 19 ، ويعيش فى القرن 21
ماركة صيني :
رجل عجوز 70 عام ، طويل القامة ، شبه مجنون غريب الأطوار ، كوميدى الكلمات ، ومخيف نوعا ما ، إسمه ( قشتمر أفندى ) ، يسعد بخوف الناس منه ، عالم عبقرى فذ ، يسبق زمنه بقرون ، لا يقدره أحد ، سيرته العلمية مغمورة ومطموسة ، كأنه أحد المخابيل ، إن لم يكن ذلك بالفعل ، يلقب بـ ( ماركة صينى ) ، بسبب تخصصه الفريد ، فى معالجة المخترعات الصناعة الصينية ، ميسور الحال جدا ، ذو تصرفات عجيبة رمزية مضحكة ، مخترعاته تخترق الزمان و المكان ، وهو جد البطل ( برقوق ) ، الذى يحيا معه فى نفس المنزل ، سيخترق الزمان إلى القرن 19 ، لينقذ حفيده برقوق ، من بين يدى الموت ، وهو من أرسله خطئا ، إلى الزمن الماضى ، ويعيش فى القرن 21
عثمان :
يبلغ من العمر 16 عام ، خادم نوبي بسيط ، أمى لا يعرف ، لا القراءة ولا الكتابة ، مستكين وخاضع لظروفه ، يعمل في قصر ( علوبه بيك البختدار ) ، سيتسبب دون قصد ، بسبب بساطته وجهله بالأمور ، فى الاعتقاد ، بأن برقوق هو العريس ، وأنه أتى لخطبة سيدته ( نازك هانم ) ، ليس له دور يذكر ، ويعيش فى القرن 19
قرنبيطة :
تبلغ من العمر 14 عام ، قصيرة القامة ، خادمة فلاحة قروية ، صغيرة ولماحة وذكية ، جريئة ومحافظة ، مخطوبة لطباخ جبان ، هو ( بهاريز ) ، ليس له فى المسرحية دور يذكر ، تعمل في قصر ( علوبه بيك البختدار ) ، منذ طفولتها القريبة ، ومقربة من إبنته العروس ( نازك هانم ) ، لفطنتها وكتم أسرارها ، لها دور كبير فى المسرحية ، وتعيش في القرن 19
رفيعة هانم السنجقلي :
تبلغ من العمر 45 عام ، هى هانم بدينة بمقاييس عصرها ، من طراز النساء القديم ، أرستقراطية حسب أبجديات زمنها ، طيبة محافظة من أصول تركية ، وإن كانت مصرية المنشأ ، هى زوجة ( علوبه بيك البختدار ) ، ومسيطرة عليه بأسلوب صامت ، يخفى على الجميع ، ووالدة العروس ( نازك هانم ) دورها قصير ، لكنها شخصية شبه محورية ، وتعيش فى القرن 19
حمروش أغا :
يبلغ من العمر 40 عام ، عبد أسمر خصى ، طويل القامة للغاية ، موظف كبير فى عالمه ، الذى يبيح الرق ، نحيف ذليل ، طويل السان أحيانا ، ومتناقض فى تصرفاته ، تارة يبدو كالوحش ، وتارة يبدو كالفأر ، ذو أصول سودانية ، يعمل كبير للعبيد ورئيس الحرملك ، في قصور ( علوبه بيك
البختدار ) المتناثرة ، يرى دائما غضبان ومقطب الحواجب ، فى يده سوط بتار ( كرباج ) ، وفى اليد الأخرى بندقية
( بارودة ) ، وهو له دور ، شبه محورى فى المسرحية ، ويعيش فى القرن 19
نازل هانم البختدار :
تبلغ من العمر 19 عام ، آنسة مهذبة محافظة ، مثقفة ثقافة القصور ، لم تتلقى أى تعليم فى المدارس ، ذكية لماحة ، بكر عانس بمقاييس زمنها ، كبرياؤها كبير وشامخة الأنف ، لكن بها ضعف النساء ، هى شبه متسلطة كأمها ، وكسيدات زمنها الأرستقراط ، و إبنه لـ ( علوبه بيك البختدار ) ، وهى العروس التي يهرب العرسان منها ، بسبب بطش أبوها ومقالبه ، وسوء سيرته كرجل دولة مخيف ، وهى التى سيخطبها ( برقوق ) خطئا ، دون أن يراها ولا تراه ، ثم سيقع الإثنان فى غرام بعضهما ، عند الإلتقاء مصادفة ، لكن سيفرق بينهما الزمن ، وسوء تصرفات برقوق مع أبيها ، وعودته لعالمه مرغما ، وتعيش فى القرن 19
أبو طبق الفكهي :
يبلغ من العمر 35 عام ، متوسط القامة ، ضابط مدفعية سابق ، فى الجيش العثمانى ، شخصية هزلية ، نظره ضعيف جدا ، ذو نظارة سميكة ، لا يرى أمامه سوى سنتيمترات ، منافق كبير ومتسلق ووصولى ، ومدعى لصداقة ، والد العروس ( علوبه بيك البختدار ) ، حتى يزوجه من سيدة ثرية ، تدعى ( رجلة هانم أبو النوم ) ، وهى شخصية وهمية ، أوهمه بها ( علوبة بيك) ليتحاشى بطشه ، لأنه المقرب من والى البلاد ، ( محمد على الكبير ) ، ويعمل كبير مستوردى الفاكهة والخضروات ، فى بر مصر ، بأمر من الباب العالى فى ( الآسيتانه ) ، وكذلك فهو أيضا ، ينقل أخبار مصر ، للدولة العثمانية ، فهو ذو مكانة كبيرة ، ويهابه الكبار ، وكذلك فهو مهزار ، وماجن ورعديد ، يعبد المال والسلطة ، والتسلق على أكتاف النساء والجميع ، يثرثر كثيرا بلا سبب ، من شخصيات المسرحية الهامة ، ويعيش فى القرن 19
علوبه بيك البختدار :
يبلغ من العمر 60 عام ، ضخم الجثة ، طويل القامة ، رجل سياسى داهية ، نصف مصرى نصف تركى ، مخيف لكل من يقربه ، ذو شوارب كبيرة تتدلى ، ذكى وإنتهازى ، مبدأه الغاية تبرر الوسيلة ، يحارب الجميع ضد الجميع ، هو ميكيافيلى عصره ، يصعد فى السلم الوظيفى ، بسرعة البرق الخاطف ، لا يسلم أحد من أذاه ، يلعب على كل الحبال ، مسؤول كبير في حكومة ( محمد علي الكبير ) ، والحكومات التى قبله ، وهو أول رئيس لـ ( كوبانية النور ) الوليدة ، في عالم القرن 19 ، لايهتم إلا بجاهه وأمواله وجبروته ، وهو والد العروس ( نازك هانم البختدار ) ، غير محبوب سيرته سيئة ، هو رجل الوشايات والمكائد السياسية ، يضع نظار نظارات ( الوزارات ) ويبعدهم ، ويتلاعب بمديرى المدريات ( المحافظات ) ، مما يخيف ويبعد العرسان عن إبنته ، حتى صارت عانس بمقاييس زمنها ، وهو له دور محورى فى المسرحية ، ويعيش فى القرن 19
تامر شوكت السنجقلي :
يبلغ من العمر 22 عام ، ضابط بوليس مصرى ، برتبة ( ملازم ثان ) ، نابه وجرىء وطموح ، حديث التعيين فى عالم القرن 21 ، من أصول أرستقراطية ، قوى الشكيمة ، حاد السان وعقلانى ، وحفيد غير مباشر ، لأسرة ( علوبه بيك البختدار ) ، وسيتقابل معهم خلال 200 عام ، عودة وإرتحال ، بدون أن يدرى ، له دور قصير فى المسرحية ، ويعيش فى القرن 21
أمين الشرطة باتع :
يبلغ من العمر 30 عام ، دوره صغير جدا ، مرؤوس للضابط
( تامر شوكت السنجقلي ) ، وهو أمين شرطة مطيع صامت ، سيرتحل مع رئيسه للزمن الماضى ، فى القرن 19 ، وهو من عالم القرن 21
جنديان قرويان :
ليس لهما دور يذكر ، هما مرؤسى الضابط تامر ، وسيرتحلان مع رؤسائهما للزمن الماضى ، فى القرن 19 ، وهما من عالم القرن 21
خدم
أعوان
طباخين
سفرجية
جنود
عبيد
خادمات
هم مجاميع ، أناس بسطاء من العامة
( جميع من سبق ، من عالم القرن 19 ، أدوارهم صامتة ثانوية ، إلا ما ندر من الحديث )
يرفع الستار ….
( يرى مشهد لحجرة متسعة ، هي مرسم لأحد الرسامين ، الصحفيين المغمورين الشباب ، الرسام هو برقوق ، يرى جالسا ، في حى شعبى صغير ، بالقاهرة القديمة ، متفرع من حى القلعة داخل مصر ، فى النصف الأول ، من عام
( عام 2020 ) ، يرسم لوحات كاريكاتورية ، هزلية بلا جدوى ، وهو رسام و صحفي في جريدة مغمورة ، سيئة السمعة ، تسمى ( يومك زي وشك ) ، وهي إحدى الجرائد الموسمية الصفراء ، التى لا تصدر إلا قليلا
برقوق بدين جدا ، طويل القامة همجى نوعا ما ، ضخم الجثة عمره ( 25 عام ) ، طالب في كلية فنية ( جامعة خاصة ) ، موقعها على أطراف القاهرة ، وذات مصاريف باهظة ، يدرس الفنون الجميلة والفن التشكيلى ، ويتكفل بمصاريف جامعته ، جده الأعجوبة الميسور ماديا جدا ، الذى هو شهير جدا ، فى الأوساط الشعبية ، رجل شبه مختل مخيف مهزار ، و أحمق ثرى سفيه ، لذلك فهو نار على علم ، إنه مجنون حى القلعة الأول ، لا أحد من العامة لا يعرفه ، فهو الذى يكلم الهواء ويركبه ، ويتواصل مع كبار السياسيين القدامى ، فى التاريخ ، عبر الهاتف المحمول ، وهوائيات الراديو والتلفاز ، بل يحضرهم إلى حارته الشعبية ، ويزفهم العامة والسوقة ، والصبية السفهاء ، لذلك فهو ، مغنم لللصوص والدجالين ، ومحترفى النصب ، ويعيش مع برقوق جده هذا ، فى نفس المنزل ، فى الحارة البسيطة ، التى تسخر منه وتجعله أضحوكتها
فهو يلقب بالعالم المجنون ( ماركة صيني ) ، وهو إسم إشتهر به العجوز ، الذي يسمى ( قشتمر أفندى المصرى ) ، وقد إلتصق به الإسم ، بسبب أنه كعالم عبقرى ، يحول المنتجات الصناعية صينية ، إلى إختراعات حياتية عجيبة ، تستعمل في الحياة اليومية ، وهي بالطبع إختراعات مكتوب لها الفشل ، ويسخر منها السفهاء
و الجميع ، بسبب تقدمها العلمى وتفردها ، وعدم إستيعاب المجتمع البسيط لها ، فهو عبقرى يسبق زمنه بقرون ، ولا يشعر به أحد ، وهذا هو حال العظماء فى كل زمن
برقوق يقف بعد جلوس طويل ويتمطع ، يلقى بالفرشاة الكبيرة ، التى كانت في يده ، على الطاولة التي تجاورة متاففا ، الحجرة من حوله فسيحة ، من طراز المنازل المصرية القديمة ، تطل على حارة ضيقة ، هي ( حارة المزنوق ) ، الغرفة بها سلم يفضي للطابق الأعلى ، الذي يتخذه الجد المجنون ، مخزنا لمخترعاته المخيفة ، والطريفة في ذات الوقت
يوجد مصباح كبير فلورسنت ، معلق في السقف ، وإلى أقصى نهاية الغرفة ، توجه نافذة عملاقة ضخمة ، تطل على الحارة ، قد أغلقها برقوق من فرط الصخب ، محتويات الغرفة ، تتكون من لوحة الرسم ، التي يرسم عليها برقوق رسوماته ، وطاولة أمامها مقعد خشبى صغير ، عليها أنابيب الألوان ، وهي تقع في وسط الغرفة ، أسفل المصباح الشديد الإضاءة ، وعلى الجدار توجد أشياء عجيبة ، تخص الجد المجنون ، مثل هياكل لبنادق ومدافع قديمة ، وسيوف وحراب من أزمان غابرة ، وأشياء خردة لا نفع لها ، وإلى أقصى اليمين ، توجد أريكة من طراز بلدي ، لونها صارخ ، منجدة بالقطن ، يجاورها من الإتجاهين ، مقعدين وثيرين ، منجدين بنفس لون الأريكة الصارخ
باب الغرفة الوحيد ، يقع خلف برقوق ، وهو يرسم لوحاته ، وقد أعطى ظهره للباب ، حتى يتخلص من كثرة الزوار ، الذين يأتون لجده من الحارة الشعبية ، ليحول لهم الأشياء التافهة ، لمخترعات عجيبة بلا مقابل مادى ، في إستغلال لجنون الجد وسفهه ، برقوق لازال واقفا متلملا ، يأخذ فرشاة ويلقى بالأخرى )
برقوق ( في تأفف )
ــ إيه صعوبة الحياة إللى عايشنها دي ، مافيش حاجة بتيجي بالساهل ، الأكل الشرب اللبس حتى الرسم ، الإلهام مش راضي ينزل عليا ، بقى ياربي حد يقول ، في الجرنال التعبان ، إللى شغال فيه بالقطعة ، يخلوني أرسم بورتريهات ، لممثلات ورقاصات درجة تالتة ، زي ( سوسو لأ ما تقربش ) ، و ( لولو حزعلك ) ، و ( دلوعة الشخلوعة ) ، دي أسماء بشر يا ناس ، قرن إيه الوحش ده ، إللى إحنا عايشين فيه ده ، نفسي أرسم عظماء ، شخصيات تاريخية قديمة كده تشرح القلب ، زي ( محمد علي الكبير ) والا ( لاظوغلي باشا ) ، أو مثلا ( إبراهيم باشا أبو إصبع ) ، والا ( علوبه بيك البختدار ) ، رئيس كوبانية النور زمان ، إللى داوشنى بيه جدى ليل نهار ، قال إيه عاوز يعمل إختراع ، علشان يرجع لزمنه ، ويقابله مع ( محمد علي الكبير ) ، ويسلم عليهم ويحضنهم ، ويأخذ معاهم صورة سلفي بالمحمول ، ده كلام ناس عاقلين ، أعمل إيه فيك يا جدي ، جرئت علينا الخلايق ، والصيع والطماعين والهباشين ، الناس بتستنزف فلوسك ، عمال على بطال وإنت موافق
( يدخل عليه صديقه وزميله في الجريدة ، ( حرنكش ) الشهير بقزعة متسللا كالفأر ، وهو شاب في أوائل العشرينيات من عمره ، قصير القامة ( 22 عام ) ، وزميل دراسة له ، في نفس الكلية الفنية الخاصة ، وكذلك صحفي معه ، في نفس الجريدة الصفراء ، محرر فاشل مثل برقوق ، يعمل فى قسم الحوادث ، وهو شاب إنقيادى الشخصية ، مهزار رعديد ، يهوى الدخول على صديقه برقوق ، على غرة صارخا ، ليخيفه فى مزاح ، وهو مستغرق في الرسم )
حرنكش (على غرة)
ــ بخ .. أنا مين .. عااااااااااااااااو
( ينتفض برقوق مذعورا ، ويسقط على الأرض هلعا ، من المفاجأة )
شفت حرنكش الخطير خوفك إزاي ، ولا ( جنكيز خان ) ، ولا ( أحمد عدويه ) فى ( السح الدح إمبو )
( ينهض برقوق وهو يسب ويلعن )
برقوق ( في تعثر و يلملم نفسه )
ــ يا بهيم صفحة الحوادث ، يا بني بقر ، يا حمار وحشى ، قلتلك كذا مرة ، ما تدخلشي عليا ، وأنا برسم بالطريقة دي ، جدي ممكن يفتكرك من الأعداء ، وإنت حر
( يستطرد )
أصله الأيام دي ، عايش في زمن الحرب العالمية الثانية ، ياللي شبه الخيارة المخللة
حرنكش ( في دهشة وإستخفاف )
ــ بقر وحرب وخيار مخلل ، أنا بني بقر يا صحبي ، ده أنا صباع موز معسل
برقوق ( في تجاهل )
ــ أمال بني كلاب ، يا كيس طرشي ، يا موزة معوجة
حرنكش ( يدور حوله )
ــ سمعك بتكلم نفسك ياصحبي ، مين علوبه رئيس كوبانية النور قريبك ده ، بتقوله يا أونكل والا يا طنط
برقوق ( في غصب وتعالي ، دون أن ينظر اليه )
ــ لأ يا جاهل ، ده موظف كبير زمان ، في عصر
( محمد علي الكبير ) ، داوشني بيه جدي ليل نهار
حرنكش ( في جهل وإستخفاف )
ــ مين ( محمد علي الكبير ) ده ، بيتهيألي شفته في الحارة قبل كده
برقوق ( يلقي بالفرشاة محتدا على الأرض ، ويلتفت إليه )
ــ ده يا جاهل التاريخ ، ياحته بنجر قرعة مش حمرا ،
يا طرشجي ياخيبة شباب القلعة ، مؤسس مصر الحديثة ، مش عم محمد بتاع الفول ، إللى بتاكل منه الطرشي على راس حارتنا ، يظهر الطرشي أكل دماغك ، ( علوبه بيك البختدار ) ده يا معملجي ، هو إللى بيعمل عليه جدي ،
العالم ( ماركة صيني ) ، بحث كبير قوي بقاله فيه
( 45 سنه ) ، قال إيه بينهم إتصال روحي ، عن طريق لمبة النور اللد الشفافة
حرنكش ( يتسخف بالحديث )
ــ طب هوا يا صاحبي ، ياعدو الطرشي ، حد برضه إسمه ( ماركة صيني ) ، طب ليه مش ماليزي مثلا ، أو تايواني
برقوق ( في حدة )
ــ ده إسم شهرة يا غبي ، مش المعلومات الفالصو ، من الأطلس المدرسى ، إللى بتلف فيه ورقة سندوتشات ، الفول والطرشي ، يا معملجي فاشل ، الإسم ده يا ابنى ، إشتهر بيه جدي ( قشتمر أفندي المصرى ) ، أشهر واحد فى حى القلعة ، علشان بيحول الحاجات الصناعة صيني ، لإختراعات مفيدة في حياتنا ، إختراعات سوبر صواريخ
يابني ، بس تقولشي الحظ ، ده مثلا حول الموبايل القديم بتاعي ، لفرشة سنان كهربا ، والخلاط البايظ لسشوار شعر كانيش ، والتلفزيون الفلات ( 60 بوصة ) المكسور ، لغسالة فول أتوماتيك ، بالبطارية مش بالكهربا
( يصمت في مكر )
بس إسمع ، هو مابيحبش الأغراب ، وبالذات القصيرين أمثالك ، إللي ليل نهار بياكلوا طرشي ، قولي يا قرنبيط مخلل ، فيه حد يشتري طرشي ، من غير سندوتش الفول ولا الطعمية ، إنت مدمن طرشي يابني ، أغرب اتنين شفتهم في حياتي ، إنت يا مدمن الطرشي ، وجدي إللى مدمن إختراعات ، تودي في داهية
( ينظر له في مكر مرة ثانية )
زي ما قلتلك ، خليك مؤدب معايا ، علشان هوا جاي بعد شوية ، وشايل سيف عنترة إبن شداد ، وبيدور على إللى خطف منه عبله الهبله
( يصمت ثم يتكلم )
وكل حي مسئول عن نفسه ، أنا ما بأضمنش حد ، ولا بضمن تصرفات جدي ، علشان الفيوزات عنده ضاربه ، والموجه في الراديو بتاعه ، بتجيب الشمال الشرقى لشبرا ، عند الولية مونتكارلو أم سفروت
( يدخل الجد ( ماركة صيني ) على غرة ، من باب الغرفة ، وهو يرتدي بجامة كستور زرقاء مقملة ، وقد وضع على رأسه ، حلة صغيرة ( كسرولة ) ، المنظر يوحي بالضحك ، الجد حافي القدمين ، وقد حمل مروحة طائرة عملاقة ، هو في العقد السابع من العمر ، صحته جيدة جدا ، كأنه رجل فى الأربعين ، شعره أشهب أشعث منفوش ، يوحي المشهد لأي شخص ، بأن الرجل العجوز مجنون ، لكنه عالم فذ وذكي للغاية ، دائما يثرثر مع أي أحد ، حتى وإن كان سفيه ، حول نظريات الفيزياء والذرة ، وتلسكوبات الفضاء والثقوب السوداء ، والنظرية النسبية وإختراق الزمن ، وبالطبع يعيش في حارة شعبية ، لا تقدر حتى فني الكهرباء ، فما البال بعالم ، يصنع مركبات تعمل بالطاقة النووية ، وتخترق الزمن ، وهو يعتز بمخترعاته حتى النخاع ، ويرى وهذا صحيح ، أنه لا يقل عن العالمين ( أينشتين ) و ( نوبل ) في أي شيء ، لكنه الحظ السيء وبهرجة ملابسه ، وإضطراب سلوكه وعدوانيتة المضحكة ، التي تجعله مجذوبا مختلا ، فهو في كل مكان ، يعامل رسميا كالأطفال ، ولا يستطيع أحدا ما الإقتراب منه ، إلا بحذر وإلا ثارت ثائرته ، فيستمطر له اللعنات الصيني ، والتايواني والمالينري
ماركة صيني ( لبرقوق وقد فوجئ بحرنكش ، فيستريب فيه ، وقد بدا على وجهه ، الشك والإضطراب )
يا صغيري ….
( ينظر لحرنكش مستريبا )
جدك العالم المقوار ، المغوار الششوار ، وصل ومعه المروحة العظمى ، تصدق يا بني ….
( لازال يستريب في حرنكش )
أنا اشتريتها ….
( ينظر إلى حرنكش بغضب )
من معرض بقايا الحرب العالمية الثانية ، من الفوهرر
( هتلر ) نفسه
( يضحك حرنكش بصوت مسموع ، من فرط حديثه الأبله )
وكمان سلم عليا الفوهرر ، وإداني رقم تلفونه المحمول
الـ 19 نمرة
( يقهقه حرنكش ملء فمه ، ولا يدري أنه يثير حفيظه ، الجد الشبه مجنون )
وكمان الجنرال الكونوستابل ( روميل ) ، إبن خالة هتلر ، وصلني بنفسه ، بالعربية الجيب لحد هنا ، وكمان ركنها وإداني مفتاحها ، علشان المشاوير الصغيرة
( يشير الى النافذة )
أهي مركونة تحت فى الحارة ، ده جابنا من ( العلميين )
في ظرف ساعة أو ساعتين ، قول عشرين ثلاثين خمسين سنة ، كدة عقبال ما وصلنا ، أصل اللجان عـ الطريق كلهم صحابه ، العساكر والضباط ، المرور كله بتاعه
( يظل حرنكش يضحك بصوت مسموع ، بسبب تخاريف الجد ، الذي إستشاط غضبا ، فيلقى الأخير بالمروحة العملاقة على الأرض ، وقد أصابته إحدى حالات الجنون اللحظي ، ويهرول نحو الجدار ، ليمسك بسيف عنترة إبن شداد ، ويتهيأ لمبارزة حرنكش ، الذي يظنه من زمن آخر ، والأخير قد تحول ، من الضحك المكتوم ، إلى نوبة رعب شديدة )
ماركة صيني ( في صراخ ، وقد ضبط وضعية الكسرولة ، فوق رأسه كالمقاتل )
ــ هل أرسلك يا قصير ، ( المملوك قطز ) ، و ( الظاهر بيبرس ) لسرقة اختراعاتي
( ويرى برقوق شبه ضاحكا ، لا يهتم بما يحدث لصديقه ، مدمن حبات الطرشي ، ويواصل الرسم على اللوحة ، وكأن شيئا لم يكن ، وهو يعاقبه بسبب سخريته ، التي تبدر منه ، كلما شاهد شيئا مضحكا ، فهو أحمق رعديد تلقائى ، يظل الجد ماركة صيني ، يطارد حرنكش في الغرفة ، وهو صارخ يستنجد بأي أحد ، وبرقوق لا يغثيه )
ماركة صيني ( وقد انتوى الإجهاز على حرنكش )
ــ هل لازال ( أينشتين ) ذو النسبية ، و ( نوبل ) أبو الديناميت ، يغاران مني ، لأني اكتشفت النظرية الكبسية ، في حي السبتية ، الخاصة بجزئيات الذرة ، بإستخلاصها من طبق سد الحنك ، في أبراج الفلك أم أسانسير عطلان
( يبدأ الجد ماركة صيني ، في ضرب حرنكش بالسيف ، الذي خر على الأرض باكيا ، فيتدخل برقوق أخيرا ، ويأخذ
السيف من يد جده ، ويجعله يهدأ )
برقوق ( ضاحكا على موقف حرنكش )
ــ ده يا جدي صاحبى حرنكش ، أبو الطرشي المغشوش ، صحفي معايا في الجرنان السَكة ، إللى شغال فيه ، مش زي ما إنت فاهم ، الجاسوس ( لورانس العرب ) ، فى فيلم ( عمر الشريف ) الأجنبى ، إللى باعته ( بيبرس ) و ( قطز ) ، علشان يساوموك على المغرفة بتاعة الأكل ، إللى حولتها لقمر صناعي ، بينور لسكان المجرات التانية
( في حدة )
وبعدين يا جدي ، كل ما تتخانق مع حد ، تتخانق بالعربي الفصيح ، الناس كده مش حتفهمك ، شرشح لهم يا جدي بلدى بلدى ، ، وبالذات القصيرين مدمني الطرشي
( ينظر لحرنكش ، الذي بدأ يستعيد وعيه ، بعد أن خارت قواه )
ماركه صيني ( يضبط من وضعية الكسرولة فوق رأسه )
ــ حاضر يا بني ، معلهش حبدل الشريحة ( 8 جيجا ) ، في دماغي ، بتاعة القاموس الأبجدي
( لحرنكش )
سامحني يا بني ، ياسليل معمل الطرشي ، والبتنجان المخلل ، العتب على النظر ، وحملة ( لويس التاسع) ، و ( سجن الباستيل) في روض الفرج
بروق ( في حدة )
ــ وبعدين قولي ، إيه اللي إنت جايبه ده يا جدي ، مروحة طيارة كهنة ، من زمن الأربعينيات ، حنعمل بيها إيه ، حتودينا فـ داهية كده يا جدى ، أوعي تكون فعلا واخدها ، من معسكر جيش ، يخبر بيت إللي باعهالك ، وإيه العربية الكهنة الجيب ، إللي واقفة تحت البيت ، الحاجات دي مرخصة والا إيه ، حرام عليك حتودينا فـ طوكر ، المرة الجاية تخشلي بدبابة ، والحكومة تيجى تمسكنا كلنا ، وحننضرب للصبح
ماركة صيني ( في خجل الأطفال )
ــ أعمل إيه يا حفيدي ، الفوهرر ( هتلر ) أحرجني ، وصمم ما أخرجش من عنده ، بإيدي فاضية ، قام باعلي المروحة دي ، والعربية الجيب ، علشان أفك زنقته ، قدام الواد
( مونتجمرى ) إبن عم سريقوسى ، وكمان ( روميل ) إبن طنط فكيهة ، إتوسطلي في البيعة ، قدام الحج علمين ، ومراته الهوسبتالية ( أم قوانص الفراخ ) ، وشهدت على البيعة ، مرات ( لويس إللى ما بيحرمش ) ، الملقب ( بالديك الشركسى ) صاحب جارتنا رنده
برقوق ( يلقي بالفرشاة في وجه حرنكش ، ويحتد على جده صارخا )
ــ يا جدي قوانص ايه وديك ايه ، حرام عليك فلوسك دي ، إللى وراثها عن جدتي ( السلعوه هانم ) ، ده تلاقيه الواد
صبي بياع الروبابكيا ، ( ملقاط ) الزفر ، ضحك عليك ولبسك الكسرولة مرتين ، وأوهمك إنه هتلر ، هتلر ما بيجيش الحارة يا جدى ، بيروح حتت تانية في التاريخ ، مش ( حارة المزنوق ) ، المنيلة بنيلة دى ، فوق بقى من الأوهام دى
ماركة صيني ( في إحراج ، وهو ينظر لحرنكش ، المنهوك من المطاردة )
ــ يعني أروح أرجع المروحة ، والعربية الجيب الألماني ، وأجيب بدلهم مكوك الفضاء ( روحوا فـ داهية )
برقوق ( يمسك به متوسلا ، وحرنكش يخفي ضحكاته )
ــ لأ يا جدي أرجوك كده كفاية ، من عاوزين مشاكل ، لا مكوك ولا طبق طاير ، كفايا مصاريف زيادة ، وأنا حربى الواد صبي الروبابكيا ( ملقاط ) الكلب ده ، إبن رقاصة الموالد ، بياعة الجيلاتى المغشوش ، والله لأقطعله ديله زي الكلاب الضالة ، الأفاق إبن ستين في سبعين ، علشان يضحك عليك بالطريقة دي ، ده حيتجوز على قفانا ، عامل من وراك لحد دلوقت ، كذا ألف جنية ، فلوس العيلة يا جدي ، كفاية سفه بقى
( يصمت الجد خجلانا ، وينخرط برقوق في غصب ، يرسم فى لوحته ، وهو يسبب ويلعن في صمت ، ينظر الجد إلى حرنكش ، في إبتسام كالأطفال ، فيتجرأ الأخير ، ويقترب منه في ود وفضول )
حرنكش ( في شبه سخرية ، غير عابئ بالمخاطر)
ــ وإنت ياجدو مخترع شاطر ، تعرف تعملي فتاحة ، أفتح بيها ، علبة بلوبيف البقرة الحشاشة
( وفجأة تحمر عيون الجد ويصيح )
ماركة صيني ( راعدا )
ــ من أنتم بحق السماء ، أكهنة فرعون ، أم كهنة معبد
( أبو شيش طاوق ) ، الذين يعبدون البقرة الضاحكة ، التي تضع المونوكير سرا
( يمسك بحرنكش من تلابيبه فيرتعد ، فيتدخل برقوق ضاحكا ملء فمه ، ويبعده عن صديقه الأحمق )
برقوق ( وقد انفجر في الضحك )
ــ يا جدي كهنة إيه ومونوكير إيه ، ده صاحبي حرنكش ، إعمله حاجة يشربها ، بس ما تكونش ، لا مُسكرة ولا مُشعة
( يبتسم الجد ويتحول إلى النقيض )
ماركة صيني ( في وداعة )
ــ شاي والا قهوة ، والا حاجة ساقعة يا روحي
حرنكش ( في دهشة وخوف )
ــ مية طرشى ، آ .. آ .. أقصد حاجة ساقعة ياجدو
( يغادر الجد الحجرة ، ويصعد للطابق الأعلى مسرعا ، وكأنه صبى يلعب ، ويسمع صوته من أعلى ، وهو داخل معمله )
حرنكش ( يرفع صونه )
ــ وإيه آخر إختراعاتك يا جدو ، علشان أكتب عنها ، في الجرنال العظيم ، بتاعي إللي مابيصدرش
( يعود الجد هابطا ، من أعلى مسرعا كولد صغير ، وهو ممسك بماعون ( صينية ) ، عليها زجاجة منبعجة عجيبة ، لمياه غازية ، لونها أحمر قانى مجهولة المصدر ، فيندهش حرنكش ضاحكا )
إيه الشيء ده يا جدو ، إزازة دي والا زهرية ، والا زير والا إيه بالضبط
ماركة صيني ( مبتسما في وداعة )
ــ دي ( بمبه كولا 2020 ) ، المرعبة آخر اختراعاتي ، حولتها من ميه الطرشي ، إلى مشروب مياه غازية
( يتهلل حرنكش بالزجاجة ، ويشربها سعيدا مبتهجا )
حرنكش ( في سعادة )
ــ من ميه الطرشي .. يا حلاوة ، والله لآجي كل يوم عندكم
( يشرب منها )
هيا ميتها حلوة ، بس بتحرق في الزور
ماركة صيني ( في ابتسام )
ــ أخدتها بالعافية من الواد ( سلميان الحلبي ) إبن الجارية ( إيد أبوها الطرشا ) ، قبل ما يخزوقوة عـ الخازوق
( يذعر حرنكش ، وتقف المياه الغازية في حلقة )
حرنكش ( في إمتعاض )
ــ هوا سليمان الحلبي ده كان طرشجي
ماركة صيني ( في تذكر )
ــ أيوه يابني ، قبل ما يقتل ( الجنرال كليبر ) ، بتاع الحملة الفرنسية ، قدام ( أم عبده الدلالة )
حرنكش ( في ذعر وجهل بالتاريخ )
ــ وهوا قتل كلبور ده ليه
ماركة صيني ( يضرب كف بكف )
ــ يا حرام ، علشان كان بيبصبص لمراته ، القطة ( دلال اللئيمة ) ، و ( أم عبده الدلالة ) كشفت السر
حرنكش ( يخفي ضحكاته ، ويستمر فى السخرية )
ــ لازم بقى ( توم وجيري ) ، شافوا الحادثة وطنشوا
ماركة صيني ( يتأبط حرنكش )
ــ بالظبط يا روحى ، حتى توم طلع ندل ، وبدل شهادته في ( المحكمة المختلطة ) أيام أمجاد ( بمبه كشر )
( يكمل حرنكش في نهم ، شرب المياه الغازية ، بعد أن أفلت نفسه من الجد بصعوبة ، وهو خائف منه )
حرنكش ( يتلفت حول نفسه ، ناظرا إلى جدران الحجرة )
ــ برضه يا جدو ما قلتليش ، إيه أخر اختراعاتك
ماركة صيني ( يشرح بكلتا يديه ، وكأنه ممثل مسرحي )
ــ ياولدى لا تحزن ، ياولدي أنت موعود ، زى ما قال العندليب ، ياولدي أنا لم اضيع في الأوهام عمري ، زى ما قال عبد الوهاب ، أنا حولت الراديو الصيني ده
( يخرجه من ملابسه )
إلى آلة لإختراق الزمن
حرنكش ( يقترب ليشاهد الراديو الصغير ، في دهشة وشغف )
حرنكش ( في دهشة وجهل وفضول )
ــ إزاي يا جدو بقى بيخترق الزمن
ماركة صيني ( يشرح فى فخر )
ــ يعني أضبط الموجة ، مثلا على ( إذاعة البرنامج العام )
، أو ( صوت العرب ) ، ويكون بالصدفة بيذيع مسلسل تاريخي ، يروح المكان إللى إحنا فية ، رايح لزمن المسلسل ، سواء كان مملوكي أو قبطي ، أو حتى ملكي أو فرعوني ، أو معاصر .. فهمت يا قزعة حاجة
حرنكش ( في تفكير ، وقد ظهر عليه الغباء )
ــ برضه مش فاهم ، مين حيروح عند مين
ماركة صيني ( يقرب له الأمر )
ــ يعني يا أضبش الإتجاه ، مثلا نروح لزمن ( جمال عبد الناصر ) ، لو المسلسل عن قصة ( رد قلبي ) ، لـ ( يوسف السباعى ) عن ثورة يوليو ، و كمان مثلا لو الراديو ، بيذيع قصة ( المملوك الشارد ) لـ ( جرجى زيدان ) ، يقوم على طول المكان إحنا فيه ، يروح لزمن المماليك في عصر
( الوالى محمد علي ) ، ولو المسلسل مثلا
( العمر لحظة ) ، برضه لـ ( يوسف السباعى ) ، نروح لزمن ( حرب أكتوبر ) ، فهمت حاجة يا قزعه ، يظهر كل القصيرين أذكياء قوى
حنركش ( غاضبا )
ــ بس ما تقوليش قزعه ، ده أنا الذكاء كله ، يا جدو بلا فخر ، أنا صحفي محترم مشهور
( يستطرد )
بس مش بدل الإختراعات دي ، وتضيع الوقت والجهد ، تشوف عروسة لحفيدك برقوق
( ساخرا )
الواد خلل ، زي الطرشي إللى باكله ، من كتر البص ، على البنات في الجامعة ، وفـ الجرنال السَكة العظيم .. إللي إحنا فية
برقوق ( وقد إلتقط طرف الحديث )
ــ مالكمش دعوة بيا ، أنا مش عاوز أتجوز دلوقت حاليا ، أنا عاوز أتثبت ، في جمعية الكاريكاتير المصرية ، كعضو أساسى مش هاوي
حرنكش ( ساخرا )
ــ طب كلمت الرسام الكبير ( جمعة ) ، علشان يثبتك ، والا محدش معبرك كالعادة
برقوق ( في حزن وشبه كبرياء )
ــ لأ طبعا .. الراجل عبرنى و كل حاجة تمام ، بس لما كلمته راح قالي ، لما تبقى رسام في جرنان محترم ، أقوم مثبتك .. فيه جرنان اسمه ( يومك زي وشك ) ، يا راجل يا واقع ، يلي مش عايش في الواقع ، الحقيقة هوا بيحبنى وبيحترمنى قوى
حرنكش ( ضاحكا يسخر منه )
ــ مين واقع ده
( فى إستهزاء )
طب .. كنت كلم المرحوم ( مصطفى حسين ) ، الرسام الكبير ، قبل ما يموت كان يعينك ، أصله الله يرحمه ، كان راجل لطيف جدا
برقوق ( في إحراج و ألم )
ــ رحتله .. جرنان الأخبار زمان ، وكلمته والراجل اللطيف ، قالي نفس الكلام ، وكان الجرنال كله ، مستريب في تخني ، مش عارف ليه
حرنكش ( في أقصى درجات سخريته منه ، ومن جده )
ــ طب كنت خليه يكلمك ( كمبورة بيه بتاع الأورنس ) ، والا ( عبده مشتاق ) والا ( عريضة مجانص ) ، والا
( قاسم السماوي ) ما هو انت رسام كبير وتخين قوى ، ليك مقامك الكبير الإكس إكس لارج
( يظل يضحك حرنكش .. والجد منهمك في دوران ، مروحة طائرته العملاقة )
برقوق ( يحمر وجهه ، وينظر له نظرة ماكرة )
ــ بلاش سخافات وتريقه يا قزعة ، علشان جدي عنده
سلك ضارب ، تقعد تقول كمبورة كمبورة ، يفتكر إنك بتتريق عليه ، وبتقول إن إختراعاته ، اختراعات كنبوره مكنبره ، وينقلب السحر على الساحر
( فجأة ينتبه إليه الجد ، ويلقي بالمروحة على الأرض ، والشرر يخرج من عينيه )
ماركة صيني ( في صراخ وهو يتلفت حوله )
ــ مين إللي بيتريق عليا ، ( يوليوس قيصر ) أم ( مارك أنطونيو )
( يركض الجد نحو حربة عملاقة على الجدار ، ويخلعها وينظر لحفيده منتظرا الإجابة ، وحرنكش يقف مرعوبا متوسلا ، ينتظر الإجابة لصالحه من صديقه ، حتى لا يفتك به الجد المجنون )
برقوق ( ينظر لحرنكش ضاحكا )
ــ هه ، أقول يا حرنكش ، مش حينفع معايا التوسل ، أقول
( لجده )
ياجدي الواد ده بيقول اختراعاتك مكنبره ، وكمان مش صيني تايواني متقلدة ، متهربة من الجمارك ، على ضهر حمار اسمه ( زقلوله الأعرج )
( يهجم ماركة صيني على حرنكش ، في شبه صراخ ، ويظل يطارده هذه المرة ، بدون تدخل يذكر من برقوق ، وحرنكش يعوي كالكلب من الفزع )
ماركة صيني ( في جنون )
ــ أنا ، أنا ، يا ولد مكنبر ، والله يا قزعة ، لأخليك تطول شبرين من كتر الضرب ، والله لأحطك في كبسولة ، وأرميك في الفضاء الخارجي ، عند الأقزام الخضر أم تلات عيون ، والله لأبعتك لزمن المغول وجنكيز خان ، تشتغل عندهم رقاصه ، لأ فتاة جيشا ، علشان تبقى تقول كمبورة ، طب لو راجل يجيلي كمبوره ده هنا ، وأنا أوريه مقاماته العاليه مع إحترامى لـ ( مصطفى حسين )
( يختبئ حرنكش ، خلف إحدى لوحات الرسم ، وهو يهذي من الرعب )
حرنكش ( في هلع )
ــ ياجدي ، أنا ما اقصدش ، كمبورة ده حياخد اختراعاتك ، ويحولها إلى حقيقة عالمية إنترناشونال ، ده بيه كبير قوى ، والمرشح الأوحد ، في إنتخابات مجلس الشعب
( يتوقف الجد عن المطاردة ، ويتهلل وجهه ، ويلقي بالحربة على الأرض ، ثم يمسك بحرنكش ويتأبطه ثانيا ، ويسير به عدة دورات كوميدية ، حول برقوق الصامت ، فى رد فعل عكسى لرد فعله الأول ، وكأن شيئا لم يحدث )
ماركه صيني ( سعيدا )
ــ يا سلام يا حلاوة ، يعني حبقى مشهور ، واختراعاتي حتخلي البشرية ، تعيش في سلام ، وتغنى ( سلم علاي لما جبلني سلم علاي )
حرنكش ( مرعوب يحاول الانفلات منه بلطف )
ــ أيوه ، أيوه ، وهتخليك تاخذ جايزة نوبل ، في الإختراعات ، السوبر صواريخ صينى
ماركة صيني ( في شغف )
ــ طب قابلني بيه ، الليدي كمبورة ده المقطقط
حرنكش ( وقد أفلت منه بصعوبة ، ويتهيأ للهرب من الحجرة )
ــ لأ دي صعبة شوية ، أصله ، أصله ….
برقوق ( وقد التقط طرف الحديث )
ــ ده بيضحك عليك يا جدي ، كمبورة دي شخصية كاريكاتورية ، صنعها الراحل الرسام ( مصطفى حسين ) ، والراحل الكاتب ( أحمد رجب ) في ( جرنان الأخبار القاهري ) ، أيام السبعينيات والثمانينيات ، من القرن الـ 20 ، يعني الموضوع كله بمبه ، الواده ده القزعة بيهزقك ، ياجدي العظيم
( وهنا يستشيط غضبا الجد ماركة صيني ، ويسحب هيكل لمدفع رشاش ، من زمن عشرينيات القرن العشرين ، معلق على الجدار ، ويظل من ثقله يحاول حمله بصعوبة ، ليطلق النار على الحرنكش ، المدفع عبارة عن هيكل فقط ، خاوي من أي شيء حتى الطلقات ، فهو مدفع خردة ، فيذعر حرنكش وقد أدركه الموت ، ويصرخ هاربا من باب الحجرة ، وهو يهدد مرعوبا بإبلاغ الشرطة ، عن سلوك الجد العدوانى معه ، هو وبرقوق صديقه ، ويسمع بعد ذلك ، صوت تعثره ، على درجات سلم البيت ، وهو يفر إلى الشارع الشعبي ، وقد تبعه الجد مسرعا ، حتى ينال منه ، لكنه يعود بعد قليل ، وقد فر منه حرنكش ، وكأنه كان سيقتله بالفعل ، ويظل الجد يسب ويلعن باللغة العربية ، ،مستخدما مصطلحات مملوكية لا يفهمها أحد ، ممتزجة بالتاريخ القديم للعالم )
ماركة صيني (في حدة وغلظة)
ــ عدالة السماء ، لقد سقط ( بروتس ) من على درجات السلم ، أمام منزل ( زبيدة المصرية ) زوجة ( مينو ) ، في الحارة التي تمت بها ، خزوقة ( سليمان الحلبي ) على الخازوق ، في حرب الخليج التانية ، هذا الخائن العميل للمماليك البرجية ، أيام ( لويس التاسع ) ، لقد طعن
( يوليوس قيصر ) أمامي غدرا ، في يوم ( 33 مارس ) ، لا أتذكر قبل أو بعد الميلاد ، في يوم فضيحة المتطاهر ، لحظة تجريسه ، لما ظبطوه بياكل الكنافة الشعر ، فـ كابينة التلفون ، مش كدة يا حفيدي
برقوق ( شاردا في اللوحة يشخبط )
ــ كدة إيه يا جدي ، ده أنت لخبطت التاريخ الفرنسي
، عـ المملوكي عـ الروماني ، ده لو إنت إشتغلت مدرس تاريخ ، تروح الوزارة على طول ، تعدمك في ميدان عام ، في ساحة المدرسة
ماركة صيني ( في تذكر )
ــ طب ما أنا فـ شبابي ، إشتغلت مدرس تاريخ فعلا ، كنت بدرس للعيال الخرفان في الحارة
برقوق ( في غضب )
ــ خرفان والا جديان مارينو يا جدى ، شوف بقى ، سيبك من شغل الهوبا هوبا ده ، الناس حتصدق إنك مجنون ، لكن أنا مش حصدق ، أنا عارف إنك سابق الهبل عـ الشيطنة
ماركة صيني ( ينظر له نظرة ذات مغزى )
ــ وطب وده يعيب في إيه ، الناس خايفه منى فعلا ، وبتعملي ألف حساب
برقوق ( غاضبا )
ــ مش بالجنون يا جدي ، الناس مش حتقول ، خايفين من العالم الذكي ماركة صيني ، حتقول خايفين من الراجل إسمحلي .. المجنون ده ، إللي بتعمل ده هلوسه ، مش جنون ياجدي ، ذنبه إيه الواد حرنكش ، يترعب في بيتنا ، كل الرعب ده ، أهو ممكن يبلغ البوليس عنا ، حتودينا
فـ داهية
ماركة صيني ( في قهقهة )
ــ يستاهل علشان ظن ، إنه أذكى مني ، وبيحاول التريقة على واحد قد جده ، من تحت لتحت ، وبعدين حيروح للبوليس يقولهم إيه ، فيه راجل ماركه صيني متقلد ، رفع عليا مدفع رشاش يدوي ، من ( الحرب العالمية الأولى ) ، وجايب مروحة طيارة ، من زمن المحور في البيت ، باعهاله
( هتلر ) والشاهد هوا ( روميل ) ، شوف بقى الضابط النوبتشى ، حيعمل فيه إيه
( ينظر الإثنان ، إلى بعضهما نظرة صامته ، ثم ينفجر الجد وحفيده برقوق ، في ضحكات عالية )
برقوق ( مذهولا وقد ففر فاهه )
ــ ليك حق يا جدي ، دول حينفخوه ، حيعلقوه من رجله ، لحد ما يبطل الحشيش ، إللي فاكرينه واخده ، لكن قولي بقى .. لما الضابط يصدقه مثلا ، أو يتحرى عننا ، ويجي لحد هنا هوا والعساكر ، حتقوله إيه
ماركة صيني ( في نظرة تشي بالمكر والدهاء )
ــ حقوله يا أفندم .. أنا لسه جاي من صلاة المغرب ، والواد ده بيهلوس ، ( هتلر ) إيه ( ومونتجمري ) إيه ، فيه حد يصدق الكلام ده يا أفندم
برقوق ( في دهشة )
ــ طب لما يلاقي البلاوي .. إللى معلقها عـ الحيطة ، يقول إيه ، هياكل رشاشات وسيوف عنترة ، وحراب ( الظاهر بيبرس ) ، ومراوح طيارات ، ودانات قنابل وصواريخ ، هيفتكرونا حتفتح طريق ، ( رأس الرجاء الصالح بالقوة )
ماركة صيني ( في مكر شديد )
ــ حقوله يافندم ، إنت مش عارف ، إن فيه واحد صاحبي ، مشاركني في البيت ، إسمه ( الأرندلي أفندي ) ، وهو متعهد مستلزمات إكسسوارات ، الأفلام التاريخة القديمة في السينما
برقوق ( مندهشا )
ــ صحيح يا جدي ، إنت فعلا قلت للحارة كلها ، عـ الراجل ده ، وعمري ما شفته ، شخصية وهمية ده وإلا إيه ، طلعت روحي يا روحي
ماركة صيني ( يعود لحالة إدعاء الجنون )
ــ أصله مسافر يا مونشير ( حسب الله السادس عشر )
برقوق ( محتدا )
ــ تاني يا جدي ، وهوا مسافر فين
ماركة صيني ( ينظر للأفق البعيد )
ــ راح يشوف مع ( الشيخ الأباريقي ) ، الولى بتاع المنيل ، هلال رمضان ، في بلاد تركب الجواميس ، قام قعد يؤلف كتاب القواميس ، بقاله كده 1000 سنة ، على دا الحال
برقوق ( غاضبا )
ــ كده يا جدي ، ماشي ، أنا غلطان إللى بأنصحك وبتكلم معاك ، لما نتحبس إحنا الاتنين ، شوف بقى مين حيجبلنا عيش وحلاوة ، وإحنا نايمين عـ البرش في الزنزانة
ماركة صيني ( غاضبا )
ــ ما هو يا واد يا تخين إنت ، يا ملظلظ ، لو كنت سمعت كلامي وإتجوزت ، قامت البت ( شنابر ) الشحاتة ، هيا إللى تجري ورانا ، وتخرجنا مـ القسم ، لما الواد القزعة ، صاحبك ده يشتكينا
برقوق ( متأففا )
ــ مين شناجر ، والا شنابر ، ده إسم بشر يا جدي ، وكمان شحاتة ، قول أجوزك شوشو ، فوفي ، نونه ، توته ، مش تنقي قبل ما تتكلم
ماركة صيني ( يتابطه سعيدا )
ــ طب ما تزعلش ، أنا حجوزك بنت عيلة ، من زمن ( محمد علي ) ، البنت بنت ( علوبه بيك البختدار ) ، مدير كوبانية النور زمان ، أيام مصر المحروسة ، أبوها بقى صاحبي ، بأتواصل معاه عن طريق الاتصال الروحي ، وإحنا بناكل ترمس ، على كورنيش النيل فى الأزبكية ، قدام كارفور المعادي
برقوق ( في حدة ، ثم يتحول للتجاهل ، وينهمك فـ الرسم )
ــ تاني يا جدي ، موضوع ( علوبه بيك ) ده ، طب اطلع فوق ، علشان تشوف موضوع ، مروحة ( هتلر ) دي ، الراجل مع
( مونتجمري ) مستنيك فوق
ماركة صيني ( في غضب ، وهو يصعد للطابق الأعلى )
ــ حاضر يابني ، انا طالعلهم علشان أعزمهم على فرحك ، هما و ( فرسان المعبد ) ، بس ما تلعبش في الراديو ، الصغير الصيني بتاعي ، إللى عـ الكرسي هناك ، علشان ده إللي بنخترق الزمن ، خليك مكانك ، علشان ما تضيعش فـ الزمن ، لحد ما أخلي ( الفوهرر هتلر ) ، يكلم
( كيلوباترا ) فـ المحمول وأرجعلك ، باين عليه حيخبط فـ الحلفا ، هو و ( مارل أنطونيو ) و ( أحمد عدوية ) ،
و ( شرين عبد الوهاب) وحيقعدوا يغنوا ، ( ماشربتش من نيلها ) ، مرورا ( بلا تكذبى )
برقوق ( يسب ويلعن )
ــ أعمل إيه ف جدي ده ، هوا مجنون والا بيستهبل ، بس والله جنانه لذيذ ، وفيه بعد خيال علمي ، وتاريخي ما حصلش ، عاملي في الحارة رعب للسكان ، ومناطق نفوذ وبوابات ، فاكر نفسه ( نابليون بونابرت ) والا ( قنصوة الغوري ) ، يوه اديني بقيت أتكلم زيه ، أفضل شيء أكمل رسم
( يعود برقوق لإنهماكه ، في رسم اللوحة ، وبعد نصف دقيقة يصاب بالملل )
برقوق ( في سأم )
ــ زهقت من كتر الرسم ، والوقفة قدام اللوحة المنيلة دى ، فيه حد يرسم رقاصة ، وزنها طن ونص ، ولسانها مدلدل ، زى خرطوم الفيل
( يتلفت حوله يمينا ويسارا ، فيجد الراديو الصيني ، الذي يدعي جده الشبه مجنون ، أنه يخترق الزمن ، وقد حذره من العبث فيه )
حشغل الراديو الصفير ، ده شوية ، يمكن أخرج من حالة الملل دي
( يتجه إليه ويمسك به ، وهو راديو صيني رخيص ، في حجم أصابع اليد ، يلعب برقوق في زر الموجات ، فتأتي إذاعة ( البرنامج العام القاهرية ) ، ويذيع بالمصادفة وقتها مسلسل تاريخي ، عن زمن الوالي ( محمد علي الكبير ) ، ويسمع الجمهور صوت الممثل ، وهو يقوم بدور ( محمد علي ) ، مخاطبا مدير ديوانه الملكي ( لاظوغلي باشا ) ، ثم يدخل عليهم ( علوبه بيك ) ، رئيس كوبانية النور أيامهما ، وينخرطوا فى حديث مطول
يظل برقوق منصتا للراديو ، مندهشا ساخرا من الرجل ، الذي إكتشف أنه شخصية تاريخية بالفعل ، ( علوبه بيك البختدار ) ، والذي يزعجه جده ، طوال الليل والنهار ، بأنه يتواصل معه تلباثيا ، وسيجعله يتزوج ، من إبنته الحسناء البدينة جدا )
برقوق ( مندهشا )
ــ فينك يا جدي ، تسمع المسلسل ده ده ، ( علوبة بيك البختدار ) طلع حقيقي ، مش من نسج خيالك ، وكمان موظف كبير عند ( محمد علي ) ، ودمه يلطش ، يا ترى عنده بنت جميلة ، زي ما بيتخيل جدي وشكلها إيه ، لازم دبدوبة زي بنات العصر ده ، صاحبة الوزن الثقيل ، فوق 100 كيلو وأكتر
( يظل برقوق وحيدا منصتا للراديو ، الذي يذيع مسلسلا شيقا ، عن عصر محمد علي ، فـ أوائل القرن 19 ، ولا يلاحظ أن الراديو بالفعل ، يعود بالإنسان إلى العصر ، الذي به زمن المسلسل ، أو السهرة الإذاعية التي يبثها ، لأي مستمع ، ولاسيما برقوق بطل القصة ، وأن الجد ماركة صيني ، قد إخترع نظام توجيهي بالراديو ، يخترق الزمن ، لأي عصر به المادة الإذاعية
وبالفعل وبرقوق منهمك ، في الإنصات للمسلسل ، تبدأ الغرفة التي هو بها .. في التغير ، من غرفة الرسم فى القرن 21 ، إلى القرن 19 ، فى غرفة حجرة الضيوف ( الصالون ) ، داخل قصر ( علوبه بيك البختدار ) رئيس كوبانية النور الوليدة ، وقت زمن حكم ( محمد علي الكبير ) ، لأن اللحظة التي حدث بها ، إختراق للزمن ، كانت وعلوبه بيك يخاطب خدمه ، في حجرة صالون قصره الكبير ، لأنه كان في إنتظار عريس جديد ، أتى لخطبة إبنته العانس ، بمقاييس هذا العالم القديم
وبالطبع كان كل ذلك ، في المسلسل الشيق ، الذي ذهب برقوق لعالمه ، في القرن 19 ، ولازال الأخير منصتا للراديو ، الذي بالطبع بدأ الإرسال به يشوش ، لأنه ذهب لعالم بلا إرسال إذاعى ، حتى صمت الراديو تماما ، فعاد برقوق غاضبا للوحة رسمه ، يسب ويلعن الراديو ، والمسلسل الذي فقده ، ولا يدرى أنه ، قد حلق طائرا فى غياهب الزمن ، راحلا إلى الزمن الماضى ، 200 عام إرتحال
ومع انهماك الأخير في الرسم ، تدريجيا وببطء شديد ، تتحول غرفته إلى غرفة الصالون الكبير ، في قصر رئيس كوبانية النور ، أي أن برقوق اخترق الزمن لحظيا ، من أوائل القرن 21 إلى أوائل القرن 19 ، أي أن بعض من عالمه ، ذهب معه إلى الزمن الماضي ، نصف غرفته فقط ، هو ولوحة الرسم ، وقليل القليل من أثاث حجرته ، والباقي هو حجرة إستقبال الضيوف ، في منزل موظف محمد علي الكبير ، ( علوبه بيك البختدار ) ، وكل ذلك .. وبرقوق لا يشعر بأي تغير ، في الأحداث ، لازال يظن نفسه في مرسمه ، داخل حجرته الواقعة في حارة المزنوق ، فى حى القلعة الشعبى التاريخى ، فى قرنه الـ 21
يدخل الخادم ( عثمان ) وهو خادم أسمر بسيط ، حديث العمر ، في منزل علوبه بيك ، بعد أن شعر بإهتزاز خفيف في الجدران ، نتيجة إختراق الزمن ، والتداخل بين العالمين ، وكان الزمن ، قد إستقر عند هذه اللحظة ، نصف غرفة برقوق متداخلة ، مع نصف غرفة الصالون ، ذو الأثاث الفاخر ، ذو الطراز البرجوازي الأجنبي الثري ، السقف به عدة ثريات متلألئة ، والنوافذ ذهبية عملاقة ، ستائرها من القماش الحريري الفخيم
الخادم عثمان .. يتحسس الجدران بعد الإهتزاز ، ولا يدركه عقله بأي إجابة ، وبالطبع هو يؤمن ، بوجود الجن والعفاريت ، فيفاجأ ببرقوق .. يرسم على لوحة رسم خشبية ، بالفرش والألوان ، وملابسه شبه ملطخه ، ببقع الألوان الحارة ، فيستعيذ بالله من الجن والعفاريت ، يظل واقفا مذهولا ، من هيئته وملابسه ، يرتدى برقوق سويتر من الخيوط الصناعية ، وبنطال جينز كالح ، ممزق من الركبة ، وساقط من الخلف بأسلوب مخجل ، وساعة ذهبية في معصمه ، تعطي أزيزا ووميض ، وسلسلة في عنقه كبيرة كالهيبز ، يبدو شكله كمخلوق عجيب ، لسكان عالم القرن الـ 19
كان الخادم عثمان ، يقارب العشرين من عمره ، يرتدي رداء الخدم الأبيض في عصره ، أسمر نوبي مهذب ، مستكين وأمى ، لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، ظل يرمق برقوق بذهول ، وهو الآتي من القرن 21 ، قبل 200 عام من يومه هذا العجيب ، وكأنه وحش من عالم آخر ، إقترب منه في دهشة ، وخوف ورعدة وتفرس ، وهو يتمتم بآيات من القرآن ، لعل برقوق جني من العالم السفلي )
عثمان ( في خوف وذهول )
ــ سلاما قولا من رب رحيم ، إنت مين يا سيدي
( يسمعه برقوق فيرد عليه ، بدون الإلتفات له )
برقوق ( لا يلتفت له ، وهو يظنه من سكان الحارة ، وقد أتى لجده ليخترع له شيئا تافها )
ــ يا عم إنت ، مش عاوز خوته ودوشة دماغ ، جدي فوق لو كنت عاوز ( ماركة صيني ) ، يخترعلك قصافة ضوافر ، تعملك وشم على قفاك ، تلاقيه فوق ، هنا المرسم يابني آدم ، ناقص أنا مقاطيع الحارة
عثمان ( مأخوذا من كلماته الغريبة ، بمقاييس عالمة )
ــ كلام إيه ده إللي بتقوله يا سيدي ، أشتاتا أشتوت ، قصافة ووشم ومرسم ، إنت في حجرة الصالون الكبير
يا سيدي ، حجرة ضيوف قصر ( علوبه بيك البختدار ) ، رئيس كوبانية النور ، اللهم إحفظنا ، عاوز مين بالظبط ، ودخلت هنا إزاي يا سيدي البيه
( وهنا يذهل برقوق ، من حديث الخادم الأسمر ، يلتفت إليه .. وينظر إلى ملابسه تارة ، ثم إلى المكان حوله ، تارة أخرى ، فيجد نصف من غرفته ، متواجد مع نصف ، من غرفة إستقبال الضيوف ، في قصر طرازه ، من السنوات الأولى من القرن 19 ، وهنا تحدث الصدمة ، فيشهق وتسقط الفرشاة من يده ، وهو لا يصدق عيناه )
برقوق ( للخادم عثمان الذى كان مرتعبا منه )
ــ آ ، آ ، أنا ، أنا ، إيه إللى غير العفش ، أنا فين يا ربي ، مش ممكن ، وبعدين بقى ، مابحبش الهزار السخيف ، هوا أنا .. فى برنامج الكاميرا الخفية ، والا إيه
( هامسا لنفسه )
معقولة الراديو فعلا ، رجعني لزمن المسلسل ، وإلا أنا إتسطلت ، ما أنا مبطل شرب الحشيش من مدة ، يمكن حد ، من طرف جدي بيهزر معايا ، لأ مش معقول ، المكان قصر كبير قديم ، والولد ده شكله خدام ، من زمن تاني ، وبيقول بيت ( علوبه بيك البختدار ) ، الراجل البيك بتاع جدي
( مذهولا )
يخرب بيتك يا جدي ، ده إنت ولا علماء حرب النجوم ، ماكنتش أعرف إنه عبقري بالفعل ، وبيقولوا في الحارة ، إنه حمار صيني ، نص إستيراد ، دي الحارة كلها ، هيا إللي حمير مخططة ، جاية من مدغشقر ، وهوا إللي بيفهم عنهم كلهم ، والله ولا أينشتين زمانه
عثمان ( يتراجع مرتعبا في إسترابة )
ـ ياما ….
( هامسا لنفسه )
هوا بيهلفط بيقول ايه ، سيدنا العفريت ده
( يتجرا ويخاطبه ثانيا )
بتقول حاجة يا سيدي ، أشتاتا أتشوت ، هما حضروا والا إيه ، يظهر كهارب سيدي البيك جت ، وجابت معاها العفاريت
( يعلو صوته )
الحقينى ياما ….
برقوق ( يرتعد مذعورا )
ــ يا دي المصيبة ، الخدام الغبى النوبى ، فاكرني عفريت
( ينظر لسقف الغرفة )
إنت فين يا جدي ، علشان ترجعني لزمن القرن 21 ، ناقص أنا هلوسة ، وإختراق زمن ودوشة دماغ ، صحاب البيت ده حيقولوا عني إيه ، طبعا حرامي ، والا هجام والا قاطع طريق ، يادي المصيبة ، أنا خايف لأضيع فـ الزمن ، وبوليس درك ( محمد علي الكبير ) يمسكني ، علشان ماعيش بطاقة شخصية ، من زمن القرن 19
عثمان ( متفرسا في برقوق ، وقد رفع يديه الإثنتين فى الهواء ، لمدة ثواني مأخوذا ، حتى يصرخ ليستنجد بزملائه الخدم ، لكنه على فجأة ، يغير رأيه وتتهلل أساريره )
ــ لأ ، لأ مش عفريت والعياذ بالله ، لازم أنت يا سيدي البيه ، إللي جاي تخطب ستى ( نازل هانم ) ، بنت ( علوبه بيك ) ، صح كده .. أنا أفهمها وهيا طايره ، ماهو البهوات بعد السفر للندنه وباريز ، شكلهم بيبقى عجيب
برقوق ( يتلفت حوله ويتحسس أثاث المكان ، وهو في شدة هلعه )
ـ آ ، آ ، ايوه أنا العريس ، بتاع لندنه وباريز
( هامسا لنفسه )
يادي المصيبة .. أديني عكيت ف الكلام ، وهلبس جوازه بت تخينة ، من زمن غير زمني
( ينادي مخاطبا سقف الحجرة )
فينك ياجدي ، فينك يا ماركة صيني ، أبو العروسة حيكشفني ويقطع خبري ، ويعلقني من كعوبي
عثمان ( يهجم عليه ويقبل يده متهللا ، وقد أصابته سعادة غامرة )
ــ أهلا وسهلا يا سيدي نورتنا ، نورت مصر المحروسة كلها ، يا هلا يا هلا ، نورك غطى عـ الكهربا ، يا سيدى البيه الجديد
برقوق ( سعيدا بتقبيل الخادم يده ، ولا زال يتلفت حوله ، متفحص عالمة الجديد في غرابة )
ــ كهربا ، عجيبة هيا الكهربا ، لسه دخللكوا القاهرة الأيام دي
( يخاطب نفسه )
عالم متاخر ، الناس فيه طيبه قوى ، أول ما شافنى باس إيدى ، والله حاجة أغرب من العجب ، بس الموضوع عاجبنى ، ماحدش إحترمنى بالطريقة دى ، قبل كده ، بدل ما أنا رسام درجة تاسعة
عثمان ( في سعادة ودهشه )
ــ بتقول حاجه يا سيدى ، أيوه ايوه ، تقصد الكهربا ،
( علوبه بيك ) دخلها للقصر الأسبوع إللي فات ، أصله عقبال أمالتك ، هوا إللي حيدخل الكهربا للمحروسة كلها ،
فـ ظرف قول خمس أو عشر سنين ، زي ما الباشا الوالي ولى النعم ، أمره بعد ما عينه ، كومندان الكوبانية الجديدة
( يهلل سعيدا ولا زال مندهشا منه )
دقيقة ، دقيقة واحدة يا سيدي ، حقول للهانم الكبيرة ، زوجة علوبه بيك ، الست ( رفيعة هانم السنجقلي ) ، إن حضرتك وصلت بالسلامة ، أمال فين الشنط ، لازم سبتهم في قصر العيلة الكبير ، أصل البيك علوبه الكوماندا ، عند ولي النعم ( محمد علي الكبير ) ، في القصر إللي جنبينا ، قول كده ساعتين بالحصان ، وجاي على طول ، مسافة السكة ، أهلا وسهلا يا سيدي نورتنا ، نورتنا والله لأبل الشربات
( يغادر الحجرة ، ولازال متفرسا فيه مندهشا متعجبا ، رغم سعادته به )
لكن إنت لابس كده ليه يا سيدي ، لازم جاي من بلاد بعيدة قوى ، زى ما بيقولوا ، والا بلاد العجم والا السند والهند ، والا بلاد تركب الأفيال
( يغادر الخادم عثمان الحجرة متعجلا ، محدثا جلبة في المنزل ، ويسمع صوت تهليل الخدم ، فينتهز برقوق الفرصة
، ويظل يعبث في أزرار الراديو الصامت ، الذي إنتقل معه إلى الزمن الماضي ، وهو يهمس مناديا جده ، لعله يسمعه ويعيده لعالمه القرن 21 )
برقوق ( فى رعب وهلع )
ــ يا جدي ، يا جدي ، إنت فين يا جدي ، برقوق ينادي جده من القرن 19 ، يا عبقري زمانك ، الراديو رجعني لزمن
( محمد علي ) ، الحقني إعمل معروف ، أنا فـ بيت ( علوبه بيك البختدار ) حبيبك ، كوماندا الكوبانية أيام
( محمد علي ) ، بلاش هزار يا جدي رد عليا ، أنا وقعت في شر أعمالي ، دول فاهمين إني بيه وجبه ، عريس لبنتهم
الليدى ( نازك السلحدار ) ، دي والا إسهما إيه ، والكلام حيجيب بعضه ، وحيعرفوا إني مش العريس ، وإني جاي من زمن تاني ، أو حرامي هجم على القصر بتاعهم ، والراجل علوبه البيك الكبير ده ، حيقطع رقبتي ، ده الخدام مستريب فيا من أولها ، بسب لبسى ، ده كان فاكرني عفريت يا جدي ، وحياة إختراعاتك ، إختراع إختراع ترجعني ، دول عندهم خدم كتير جدا ، حيضربوني لحد مايبانلي صاحب ، أنا سامعهم هايصين قوي ، البهايم دول فاكرني بيك من زمنهم ، كنت بتعلم برا مصر ، فاكريني عريس لبنت صاحب البيت ، حتكشف يا جدي ، ومش حروح الجامعة تاني ولا الجرنان السَكة و ….
( تقطع عليه خلوته وتهامسه ، الخادمة ( قرنبيطة ) ، وهي خادمة صغيرة بيضاء ، في السادسة عشرة من عمرها ، أصولها ريفية لكن جريئة ، أمية لا تقرا ولا تكتب ، تربت غالبية عمرها القصير ، في قصر البيك علوبه ، ترتدي ملابس الخادمات ، الأفرنجيات في زمنها ، مثل كل خدم قصور عليه القوم ، تظل تراقبه للحظات ، حتى تكون صورة عنه ، كعريس لسيدتها ( نازل هانم ) ، العانس ذات التسعة عشرة ربيعا ، وتعود لها بالخبر اليقين ، وهي الخادمة المقربة منها ، ثم تصدر صوتا فيتنبه لها برقوق ، وقد بهره جمالها الفطرى )
قرنبيطة ( وقد وضعت رأسها في الأرض ، إجلال واحتراما ، لكنها تختلس النظرات ، بأسلوب غير مباشر )
ــ تشرب إيه يا سيدي البيه العريس
( يرمقها برقوق ، فتتدلى شفتيه ويسيل لعابه ، فيصمت لمدة لحظات ، لا يستطيع الكلام ، بسبب جمال الفتاة الفطري ، وقوامها المعتدل ، وينسى كل شيء ، جده وعالمه القرن الـ 21 ، وأمر فقدانه في الزمن ، ويلتفت لمغازلتها بكل عفوية ، وهمجية عالمه ، الذى تركه خلفه )
برقوق ( وقد سال لعابه )
ــ إنت مين يا حلوة
قرنبيطة ( في خجل وتفرس ، وتوجس من سؤاله )
ــ خدامتك قرنبيطة يا سيدي ، تشرب إيه
برقوق ( وقد ترك لنفسه العنان ، في التطلع لها )
ــ أشرب الشهد على إيدك
قرنبيطة ( تضحك في دهشة ، وخجل فطري وتوجس )
ــ دا إنت إللي شهد يا سيدي
برقوق ( وقد هام بجمالها متذكرا عالمه )
ــ عارفة يا قمورة ، إنت شبه صحفية ، زميلتي في الجرنان ، إسمها ( سالي حوادث ) لكن إيش جاب لجاب ، هيا ما حدش عارف يكلمها ، وشها يقطع الخميرة من البيت ، تخلي الموبايل يفصل شحن ، لكن إنت إللي يشوفك ، يفتكر أن القمر نزل على الأرض ، وواقف جنبه ، إيه ده يا خواتي ، موبايل نوكيا بالعسل
قرنبيطة ( في خجل وابتسام ، ودهشة من مصطلحات عصره )
ــ مع إني مش فاهمة أي حاجة ، من إللي قلتها ، لكن ما تكسفنيش بقى يا سيدي
( مندهشة )
مين موبالو ده .. إللي قلت عنه ، بيه صاحبك ، وسالي ده إسم واحدة ست ، لازم إنت جاي من بلاد الصين ، والا بلاد تركب الخراتيت
برقوق ( وهو يريد بثها غرامة )
ــ ما تيجي تقفي جنبي ، واقفة بعيد ليه
( قرنبيطة مأخوذة ، ضاحكة في إستنكار ، وتراجع للخلف )
ــ لأ يا سيدي ، إحنا فينا من الحركات دي
( تتلفت حولها )
دي الست رفيعة هانم تقطع عيشى
( تتفحصه مأخوذة في دهشة ، وخوف من نظراته الشهوانية )
قولي بقى يا سيدي تشرب إيه ، علشان حيطردونى كده ، وأرجع البلد مرفودة مكسورة الخاطر ، ويقولو ما فلحتش ، في خدمة قصور الأغنياء والكبرات
برقوق ( يتنهد ولازال يرمقها ، بنظرات اللوعة والهيام )
ــ أشرب حاجة ساقعة ، ببس .. كوكا كولا .. فانتا .. ميراندا
( يتحسس شعره المغطي بالجل )
ياسلام .. باين عليا حطول في القعدة هنا ، الحريم يطيروا العقل
قرنبيطة ( في استنكار )
ــ حريم ويطروا العقل
( هامسة )
العريس طلع بصباص وفلاتي ، مسكينة نازك هانم
( تتدارك همساتها )
لكن قلت إيه يا سيدي ، كولو كولو وأبصر إيه ، أوعى يكون كلام قبيح ، من إللى بيتقال للستات ، أنا ما أحبش كده ، إنت في بيت محترم يا سيدي
برقوق ( ضاحكا على جهلها )
ــ لأ .. إنت يا حلو فهمتني غلط ، كوكا كولا .. مش كولو كولو بامية القطة العميا ، آ ، آ ، دي أسماء مشروبات غازية
قرنبيطة ( تشهق وتنتفض من مكانها ، وهي تضرب صدرها بيدها )
ــ غازية بتقول غازية ، مش عيب يا سيدي ، جاي تتجوز ، من بيت بيك كبير محترم ، تقوم تجيب سيرة الغوازي والعوالم ، ماكنش العشم يا سيدى
برقوق ( يقهقه )
ــ يادي المصيبة ، حد جاب سيرة الكباريهات ، أقصد با مربة فراولة ، إسقيني أي حاجة مسكرة زيك ، يا عسل مستورد إنت ، ملكات النحل وارد الخارج
( يتخير برقوق أفضل مقعد ، مواجه للجمهور ، ويجلس .. وقد أعجبه عالم القرن التاسع عشر ، منذ أول خادمة قروية بسيطة يتلقاها ، ظانا بأنه عالم الجواري والعبيد ، عالم نسائه جاهلات ، يستسلمن للرجال ، كل شيء فيه سهل ، خداع الناس والسخرية من بدائيتهم ، وهو القادم ، من عالم ، القرن 21 المتقدم ، وقد تناسى أن عالمه هذا بتقدمه ، قد إستبعد البشر بالتقنيات الحديثة ، وألقاه في عصر ، يؤدب فيه الشخص المارق بالسوط ( الكرباج ) ، ويجرس في الأسواق ، على حمار مقلوب ، ويزفه العامة في خزي وعار ، وهو معيرة الرجال
تظل الخادمة قرنبيطة تتلكأ ، وهي تغادر المكان تتفحصه ، كأنه حيوان طليق في الحجرة ، قد أتى من عالم آخر ، شيء أشبه بالببغاء المبهرج الألوان ، يسير في خيلاء ، وقد إمتطاه الحمق والجهل )
برقوق ( يمد ساقيه على الأرض ، في همجية ، وكأن العالم عالمه )
ــ يظهر حطول في القعدة هنا ، الواحد يتجوز البت نازك دي ، برميل العسل ، وياخدها هيا .. وصف الخدمات بتوعها ، كل واحدة ليلة ، ولا شهريار عصري ، ولا هارون الرشيد فـ ألف ليلة وليلة
( يلتفت إلى قرنبيطة ، فيجدها تسجل كل تصرفاته في عقلها ، تتفحصه في عجب ، وهي تستمتع لهلوساته ونزواته الخرقاء )
برقوق ( فى جرأة عصره الهمجي )
ــ أنت لسه واقفة يا حلويات ، قوليلي كده على جنب ، إنتوا كام خدامة في البيت هنا
قرنبيطة ( مذهولة فى سخرية )
ــ ليه يا سيدي البيه ، حتجبلنا كسوة الشتا
( يظل برقوق يعد على أصابعه ، وقد إسترابت الخادمة الصغيرة ، وبدأت تشك في عقله )
برقوق ( متداركا الأمر ، وقد لاحظ إستهجانها لسؤاله )
ــ آ ، آ ، آه حكسيكم .. كل يوم واحدة ، أقصد حجيب لكل خدامة كسوة الشتا ، والصيف والربيع والخريف ، ومش حكيلكوا عايزين حاجة ، ما دام بقيتوا تبعي
( يلاحظ برقوق ، أن الخادمة تضرب كفا بكف ، وقد أدركت أن العريس مخبول ، فيتدارك حديثه )
ــ يلا يا بنت ، هاتي الحاجة الساقعة ، وقولي لأهل البيت ، العريس وصل من بلاد بره ، وهنهيص كلنا إن شاء الله
( تغادر الخادمة قرنبيطة الحجرة ، وهي تذيله بنظرات الدهشة والاستهجان ، مستريبة فيه ، وتشير بأصابعها على رأسها ، بعلامة الجنون ، دلالة على خلل برقوق العقلي )
قرنبيطة ( وهي تسير نحو خارج الحجرة )
ــ صحيح يا ولاد ، المجانين دول في نعيم ، مُلك لوحدة
برقوق ( يذيلها بكلماته ، ولا يدرك معنى كلماتها ، التي تستخر من عقله وتصرفاته )
ــ أيوه يا عسل قلبى ، قوليلهم يعشوني في نعيم ، يجهزوا الحمام ، والميه تكون سخنه ، وخمسه من الخدامين السمر يحموني ، بس بالراحة ، علشان جلدي حساس ، بافهمها وهيا طايرة ، آه والله ، أصل أنا من أصحاب الجلد الرقيق ، مش التخيين
( ومع خروج الخادمة مسرعة ، تدخل ( رفيعة هانم السنحقلي) زوجة ( علوبه بيك البختدار ) ، وأم العروس نازك هانم ، وهي ترتدي فستان ذو جيبونة ، فى أبهى ملابسها الزاهية يدل مظهرها ، على عالمها الأرستقراطي البرجوازي ، وكأنها ليست من عالم المصريين ، من عالم عصور النهضة ، والنساء المتفرنجات ، لكن في وقار شديد ملحوظ وحشمة ، تدل على تمسكها ، بكثير من التقاليد الشرقية الأصيلة ، وهي في منتصف ، العقد الرابع من العمر ، بدينة للغاية ، بمقاييس نساء عالمها ، ذات جمال فطري هادي ، شعرها مصفف بعناية ، كل ملابسها من رأسها ، لأخمص قدميها مرصعة بالجواهر ، برقوق لازال جالسا لا يلاحظها ، مشغول هو ، بعد النساء على أصابعه ، تتوقف أمامه .. لكنه لازال لا يلاحظها )
ــ أهلا وسهلا
( لازال برقوق لا يلاحظها )
أهلاً وسهلا يا بيه
( تنادى )
سامعني يا بيه
( ينتفض برقوق من مكانه ، وقد أدرك مدى المشكلة ، التي وضع نفسه فيها ، إنها سيدة مثل الملكات ، لابد أنها من سيدات المنزل المهيبات ، وسيكتشف أمره بسرعة )
برقوق ( في تعلثم )
ــ آ ، آ ، آهلا يا ، يا ……….
( تظل رفيعة هانم السنجقلي ، تتفحصه في دهشة ، وهي مأخوذة من هيئته ، التي أتى بها من القرن 21 ، كمتشرد كبير ، فهو بلا طربوش ذو زر ، ولا حلة رسمية ، ويرتدي حذاء أحمر صارخ ، رياضي كوتشى ، لم ترى مثله من قبل ، يفوح منه عطر صيني ، مستورد آخاذ ، ملفت كالنساء ، يستعمله الشباب في عصره ، لم تشمه من قبل ، يرتدي بنطال جينز كالح مهرول ، ممزق من الركبة ، وقميص أحمر قاني ، منقوش بالقلوب الزرقاء ، عليه سويتر جينز من الخيوط الصناعية ، أزرق له ضى ، كملابس السهرات المضيئة ، وقد ألجمتها المفاجأة ، ففغر فاهها ، لكنها بعد لحظات تستسلم للأمر )
رفيعة هانم ( في تعلثم هي الأخرى )
ـ آ ، آ ، أهلا بيك يا ابنى ، إتفضل يابيه إجلس
برقوق ( فى غباء معتاد ، بادى عليه قبل جلوسه )
ـ آ ، آ ، حضرتك العروسه يا حلوه ، أقصد يا ست
رفيعة هانم ( فى ذهول )
ــ حلوه وست ، لا يا بيه ، أنا ( رفيعة هانم السنجقلى ) زوجة ( علوبة بيك البختدار ) ، بنت ( أركان باشا يزجى ) حفيد عائلة السنجقلى ، إللى أصولها .. ترجع إلى الآسيتانة ، والباب العالى
( فى ذهول )
إنت فاكرنى العروسه ، لأ .. لأ ، أنا بنتى لسه شابه صغيرة ، صحيح فاتها سن الجواز ، لكن بقى البركة فيك يا بيه
برقوق ( فى حديث غير لائق )
ــ هيا حلوه زيك يا ست ، أقصد يا هانم
رفيعة هانم ( فى استنكار )
ــ إتحشم يا بيه …. دي تقول للقمر إنزل ، وأنا أقعد مكانك ، جالها 35 عريس لحد دلوقت ، لكن أحنا مش مستعجلين ، صحيح عندها 19 سنة لكن ….
برقوق ( مقاطعا )
ــ 19 سنة يادي الهنا ، والله يا حماتي ، حاخدها من غير ما أشوفها ، هيا والقمر في ليلة واحدة
رفيعة هانم ( تضحك مأخوذة من تعبيراته )
ــ هيا والقمر مش فاهمة ، آه .. آه دعابة .. ظريف جدا يا ، يا ….
( تجد برقوق بعد الليالي الملاح ، التي سيقضيها مع العروس الفاتنة ، على يديه ، وقد جلس مع عدم مراعاة قواعد الإيتيكيت ، مما يدهش رفيعة هانم ، ويظل يبتسم في بلاهة ، مفرجا عن ساقية ، وقد جلس في همجية عصره ، فتشير له رفيعة هانم ، محاولة جعله يضبط من جلسته ، في إستنكار )
رفيعة هانم ( في غضب )
ــ إحم إحم يا بيه ، إقعد عدل ، إنت ما قعدتش مع هوانم قبل كده
( مخاطبة نفسهما )
عريس إيه ده يا ربي ، جاي من عالم تاني ، بس ولد ظريف ، وشكله من عيلة ، وحقيبل كل شروطنا ، وكمان باين عليه ، الطيبة لحد الهبل ، يعنى البنت حتركب وتدلدل رجليها
( لبرقوق )
إسمع بيا بيه ، لازم تغير من نفسك ، كده ما ينفعش ، دي بنتي حتوضبك وتجهزك ، مش تقعد مع الوالي ( محمد علي ) أفندينا ولى النعم ، لا تقعدك مع ( السلطان العثماني ) بذاته ، هوا و ( الصدر الأعظم )
برقوق ( في حيوانية )
ــ لأ ، مش عاوز أقعد معاهم ، عاوز أقعد مع العروسة لوحدنا
رفيعة هانم ( مذهولة )
ــ قلت إيه يا بيه ، إحم إحم
برقوق ( في تدارك لكلماته )
ــ أقصد أشوفها علشان ، علشان قبل الجواز .. أشوفها
رفيعة هانم ( تستريب فيه )
ــ قلتلي اسمك إيه يا بيه
برقوق ( في تعلثم )
ــ آ ، آ برقوق يا حماتي هانم
رفيعة هانم ( لم تعي أنه يقول إسمه )
ــ حاضر يا بيه ، دلوقت حنشرب الشربات ، والفاكهة حتيجي ، برقوق والماسية ومانجو وتفاح ، حاضر .. مستعجل ليه على الأكل
برقوق ( في خجل )
ــ لأ .. أقصد أنا إسمي برقوق ، مش عاوز آكل برقوق ، حتى ده ناقص في السوق ، عندنا في زمني
رفيعة هانم ( مأخوذه )
ــ برقوق إسمك برقوق
( تفكر قليلا )
طيب يابني ، هو إسم غريب شوية ، مش أرستقراطي ، لكن وحياة بابا الباشا ، لتبقى في المستقبل بعد الجواز ، مش برقوق بيه ، بيك وباشا وتمسك الكوبانية ، بعد ما يترقى جوزى البيك ، ويبقى وزير .. ناظر .. ناظر الحقانية مثلا ، وإنت إللي بعده ، مش كده يا يا برقوق بيه
( تظل مستريبة في ملاسبه العجيبة ، وهو كالفتاة التي فعلت فعله ، يظل يخفي قميصه الأحمر ، خلف السويتر ، وقد لاحظ نظراتها المأخوذة )
رفيعة هانم ( في دهشة كاملة )
ــ أول مرة يا بيه ، لأ بقى حقولك يا إبني ، ده إنت بقيت من العلية
( تنظر مندهشة الى ملابسه )
أول مرة أشوف اللبس ، إللي إنت لابسه على حد
برقوق ( يظل يتقلب في مقعده ، منتشيا مغرورا بنفسه )
ــ الحقيقة يا طنط أنا ………..
رفيعة هانم ( تقاطعه مندهشة )
ــ طنط .. يعني إيه طنط ، إنت من أي بلد
( تفكر قليلا )
آه ( أنتى ) يعني طنطي ، إنت رحت بلاد الإنجليز قبل كده
برقوق ( في تلقائية )
ــ لأ شفتها في الدِش
رفيعة هانم ( مأخوذة )
ــ يعني إيه دِش ده ، تقصد فـ يالخيال يعني ، والا في بنورة سحرية عند واحد دجال ، أنا صحيح أرسطقراطية ، بس بأخاف من الناس دي ، البنت الخدامة قرنبيطة ، سمعتها بتقول حاجة زي إيه ، يا ربي إيه ، يا ربي ايه
برقوق ( وقد تبسط معها في الحديث )
ــ آه حدرجا بدرجا ، وأشتاتا أشتوت
رفيعة هانم ( ضاحكة )
ــ حاجة زي دي ، إنت بتؤمن بالخرافات يا ابني
برقوق ( يتنهد )
ــ لا باؤمن باليوتيوب والإنترنت ، ومواقع البورنو
رفيعة هانم ( مندهشة في جهل)
ــ وإيه دول يا ابني
برقوق ( في سخرية وجلد للذات ، ولعصره القرن 21 )
ــ دول الشياطين بتاع العالم بتاعي
رفيعة هانم ( في خوف )
ــ أعوذ بالله من غضب الله ، ربنا يبعده عنا ، شوف يا إبني أنا ارتحتلك من أول ما شفتك ، أنت تناديني بـ ( أنا ) يعني الست المعظمة بالعثمانلى ، أنا ما بخليش أي حد ، يقولي كده ، إلا الناس المقربين مني
برقوق ( وقد توهم أنه العريس ، وإسترخى في الجلسة )
ــ آ ، آ .. في الحقيقة يا أنا هانم ، بالعثمانلي زي ما قلتي ، أنا شخصية كبيرة وعظيمة ، بلبس من بيت أزياء كبير زي ما أنت شايفة ، دا أنا عريس لقطة ، وحتنبسطي مني قوي ، بيت الازياء ده في شارع الشواربي ، كل الممثلين الشباب المشاهير ، بيلبسوا منه
رفيعة هانم ( في إجترار لذاكرتها )
ــ انا سافرت باغي ولندنة كتير ، لكن مش فاكرة فين شارع شواربي باشا ده
برقوق ( ساخرا في بلاهة ، وإستخفاف بالأمر )
ــ ده جنب باريس ، وإنت داخله على الشمال
رفيعة هانم ( في سعادة ودهشة )
ــ إن شاء الله ، لما تتم الجوازة ، تبقى تخلينا نزوره ، شواربى باشا ده ، في سفرية شهر العسل ، في باغي ، لما نركب الغليون المشهور ( ولاد الأصول )
( ينكمش برقوق في مكانه ، بعد سماعة كلمة زواج ، وشهر عسل )
برقوق ( في همسات لنفسه )
ــ صحيح الموضوع عاجبني ، ويظهر البت حلوة ، لكن أكيد ، حيكتشفوا إني مش العريس
( يتذكر كلماتها مندهشا )
غليون يعني إيه غليون ، حنركب بايب لحد باريس
( يضحك فجأة )
آه تلاقيها تقصد الباخرة ، زمان كانوا بيسموها غليون
رفيعة هانم ( في دهشة ، وهو يتهامس مع نفسه )
ـ بتقول حاجة يا بيه
برقوق ( في خوف )
ــ لأ أصل يظهر الغليون ، واقف في البوغاز بيدخن
رفيعة هانم ( تستريب فيه من فرط كلماته )
ــ وإنت جاي من طرف مين ، (سلسال هانم الأرنئوطي) وجوزها الباشا ، وإلا ( باكينام هانم السيوفي ) مرات الياور التركى ، والا مين بالضبط ، أصلهم قالولي في الكلوب النسائي ، إن فيه عريس جاي لبنتي
برقوق ( في خوف وتوجس )
ــ آ ، آ ، في الحقيقة أنا سمعت عن بنتك ، في كتب التاريخ ، آ ، آ ، أقصد وأنا في باغيس ، قريت عنها ، آ ، آ ، أقصد قريت عن البيك والدها ، ( علوبه بيك البختدار ) ….
( هامسا)
يادي المصيبة ، إنت فين يا جدي .. حيكشفوني
رفيعة هانم ( سعيدة في غرور )
ــ آهاه ، هي أخبار البيك علوبه ، وصلت باغي ولندنة ، ودنمركة والبروسيا ، وبلاد الصين والهند
برقوق ( يحاول مجارتها ، وهو يسيل عرقه )
ــ أمال ….
( يتلفت حوله خائفا ، من سيرة علوبة بيك )
مش هوا إللي دخل النور ، لبر المحروسة
رفيعة هانم ( تنتفخ أوداجها )
ــ لأ .. لأ بالأمانة مش كلها ، ده مشروع جديد ، من ولي النعم ( محمد علي باشا الكبير ) ، عظم الله أجره ، وبيتطبق على القصور بس ، بعدين حيتعمم ، على كل بر المحروسة ، يعني كده مع السنين ، بس نقدم المشيئة
برقوق ( في هلع )
ــ المشروع حيتعمم وأنا حتعمم ، آه ياما ، حلبس الجوازة ، بعدها يلبسوني بدلة السجن ، لكن مش خسارة ، في البت المكلبظة دى ، نازك بنتها ، إيه يعني عشر سنين ، أكسر حجارة في أبو زعبل ، والا طره ، يظهر البيت حلوة زي أمها ، لهطة قشطة دي
رفيعة هانم ( ولا زال يخاطب نفسه )
ــ بتقول حاجة يا مونشير
برقوق ( في دهشة )
ــ لأ .. لأ ما بقولش حاجة
( مأخوذ )
بس أنا مش نجار ، منشار إيه ، يا أنا هانم حماتي
رفيعة هانم ( تضحك مذهولة )
ـ مونشير يعني .. يعني بأعظمك ، حاجة زي يا سيدى يا بيك يا باشا
( تتنهد مأخوذة )
لكن كل ده يا ابني ، ما عرفتنيش بالأسرة الكريمة ، الوالد أنهي باشا في بر مصر ، والوالدة من أي عيلة ، تركوة وإلا سلاجقة ، وألا أروام وألا شراكسة ، بابن عليك شركسى وشك أحمر
برقوق ( في تعلثم )
ــ وشى وشى أحمر …. آه لأزم من الخجل
( مرتعبا )
آ ، آ ، الحقيقة جدي هوا ( ماركة صيني ) ، أقصد الصيني باشا تاجر الـ .. الـ ، يعني بيستورد حاجات من بلاد الـ .. الـ الصين
( هامسا )
يادي المصيبة ، أديني عكيت في الكلام
رفيعة هانم ( في نفاق وتعمد الكذب )
ــ صحيح صحيح ، أنعم وأكرم يا بيه ، أنا التقيت بجدك مرة هو والهانم أمك ، فى الآسيتانة ، قلتلي إسمها إيه
برقوق ( ضاحكا ، وزال عنه الخوف قليلا ، فيقول أى إسم )
ــ آ ، آ ، اسمها ( غيارة هانم البطاحة )
رفيعة هانم ( مذهولة من غرابة الاسم )
ــ آ ، أيوه ، أيوه غيارة هانم دي حبيبتي ، مش برضة تقرب ، للباب العالي في إستنبول ، أنا قابلتها هناك
برقوق ( وقد زال عنه خوفه نهائيا ، ويستمر فى استخفافه بالبشر )
ــ أيوه بالضبط بالضبط ، دي بتقول للسلطان ( سلميان القانوني ) ومراته ( هويام ) يا أنكل ، زي ما شفنا في المسلسل التركي ، على الفضائيات ، قبل ما يموت
( إبراهيم باشا البرجي )
رفيعة هانم ( تصمت قليلا مندهشه من هلوساته ، ثم تضحك )
ــ ظريف .. ظريف يا عريس بنتي
( تصرخ غاضبة بصوت عالي ، من فوط هلوسته ، فيرتعب برقوق ، وينتفض من مكانه )
الشربات الشربات يا بنت يا قرنبيطة
( بعد قليل تدخل الخادمة قرنبيطة ، وهي تحمل ماعون ذهبي ( صينية ) ، فخم للغاية ، علية كوب من الماء كرستالي ، يجاوزره كوب عملاق أحمر من البلور ، به شربات محلي بالسكر ، وإلى جوارهما ، إناء صغير يشبه الطبق ، به برقوق أحمر اللون ، محلى بالسكر ، مقطع إلى قطع صغيرة ، فيظل برقوق يتنهد ، ويغازل الخادمة قرنبيطة ، بأسلوب مستتر )
برقوق ( وهو يخاطب قرنبيطة ، موجها حديثه لرفيعة هانم مستترا )
ــ شكرا على الشربات ، يا شربات إنتي
رفيعة هانم ( مأخذوة )
ــ مين يا بيه أنا
برقوق ( في تدارك للأمر )
ــ آ ، أقصد إنتى يا هانم أنا ….
( يتنهد )
ياما نفسي أخرج معاك ، يلي فـ بالي نتمشى أفرنجي
رفيعة هانم ( تتوجس منه )
ــ نعم يا بيه
برقوق ( يعتدل في جلسته )
ــ لأ .. لأ ما تخديش في بالك ، أصل ده مقطع من أغنية جديدة للمغنى …. آ …. آ
رفيعة هانم ( مندهشة )
ــ تقصد جاويد أفندي العثمانلي
برقوق ( يمسح بيده على راسه ، الذي يلمع بسبب الجل )
ــ أيوه يالي في بالي ، بكره على كورنيش النيل ، في المعادي قدام كارفور
( تضحك الخادمة قرنبيطة ، فتلاحظ رفيعة هانم ، الغمز واللمز ، فتصرفها بحدة وقد أدركت الأمر )
رفيعة هانم ( في حدة وينكمش برقوق )
ــ يلا يا بنت ، روحي شوفي شغلك ، مياعة خدامين ، فلاحيين أدبيس خرسيس
( يدخل الخادم عثمان ، ويتجه نحو رفيعة هانم )
عثمان ( في أدب وإنحناء )
ــ البيه الكبير ( علوبة بيك ) ، وصل من عند ولي النعم
( محمد علي باشا ) ، وهو جاي حالا ، بعد ما يخلع لبس التشريفة ، ويرتدي لبس إستقبال الضيوف
( تنهض رفيعة هانم ، مستاذنة فى مغادرة المكان ، وهي تخاطب برقوق )
رفيعة هانم ( في غضب بادي )
ــ طيب يا بيه أستأذنك أنا ، قلتلي إسمك إيه ، رمان الصيني باشا
برقوق ( في هلع ، خوفا من لقاء علوبة بيك)
ــ آ ، الوجيه برقوق ، أقصد برقوق .. آ ، آ .. بيه الصيني أبو المستورد
( تغادر رفيعة هانم المكان ، يتبعها الخادم منحنيا ، وهي تذيل برقوق ، بنظرات الريبة والتعجب ، الذي يبدو تارة كالأحمق ، وتارة كالعفريت ، الذي أتى من عالم آخر ، يظل المكان خاويا من سكان المنزل ، إلا برقوق ، الذي يظل كالاحمق جالسا ، مفرجا عن ساقيه ، في إنتظار العروس وخادماتها
يدخل بعد ذلك على غرة ، رجل عملاق زنجي ، أسمر شديد السواد ، هو ( الأغا حمروش ) ، وهو له هيئة غريبة ، يرتدي حلة داكنة حمراء ، وممسك بسوط ( كرباج ) أسود مخيف ، وبارودة ( بندقية ) صغيرة ، طربوشه قصير ذو زر طويل ، وله شوارب عملاقة ، وهيئته مثل الوحش ، الشرر يخرج من عينيه ، فيرتعد برقوق من هيئته ، ويظن أنه أتى لتأديبه ، وأخذه إلى السجن ، فيغطس في مقعده مرتعبا مأخوذا ملتاعا )
حمروش أغا ( يتجه إلى برقوق ، الذي ذعر وأصابه الهلع ، فينحني له في أدب وذل ، بصوت أجش)
ــ السلام على سيدي ، خطيب كريمة ( علوبه بيك البختدار ) ، سيدي وتاج راسي
برقوق ( ينهض ويتراجع للخلف مرتعبا ، كأنه سيقتله بالفعل ، وعلى وجهه الهلع )
ــ يما .. إنت إيه يا عم .. إنس ولا جن ، أنت جاي تموتني وإلا أيه ، أنا ، أنا ما عملتش حاجة ، ده جدي هوا السبب ، آ ، آ ، إلحقيني يما ……
حمروش أغا ( لازال منحنيا )
ــ إجلس إجلس يا سيدي ، أنا حمروش أغا ، خصي حريم قصور علوبه بيك ، جيت أسلم .. وأبوس الأرض بين إيديك
( بصوت ناعم منكسر )
أنا إللي ماسك الحرملك …. أى خدمة
( يندهش برقوق من وداعته ، وذلة تجاهه ، فيزفر ويعود للجلوس في دهشة ، وقد تهللت أساريره )
برقوق ( في سعادة ومكر )
ــ مش تقول كده يا راجل ، أقعد أقعد .. سيبت مفاصلي ، ده أنا قلت إني إنكشفت ، وجايبنلي عشماوي يخلص عليا
حمروش اغا ( فى خوف ويتلفت حوله )
ــ ما يصحش يا سيدى ، العبيد ما يقعدوش مع الأسياد ، إنت عاوز البيك الكبير ….
( هامسا يتلفت حوله )
عاوزه يقطع خبرى ويخزوقنى
( يشير اليه برقوق مصرا على جلوسه ، بأسلوب صامت وقد إستهان به ، يجلس بعيدا عنه حمروشي أغا ، وهو في قمة سعادته ، بأن قربه منه العريس الجديد ، المفترض برقوق )
برقوق ( يتفحصه في نظرات ، ملؤها السخرية )
ــ قولي بقى يا عم حمارويه
حمروش أغا ( في ذل وكبرياء ، مختلطين في ذات الوقت )
ــ إسمي حمروش يا بيك
برقوق ( يشير بيديه ، في إشارات بذيئة مذلة ، سخرية من العبد )
ــ يعني إنت بتاع إللي …. إللي ….
حمروش أغا ( يرفع رأسه عاليا ، بدون أن ينظر إليه )
ــ إللى إيه جنابك
برقوق ( مقهقها في همس )
ــ الحريم وإللي …. إنت فاهم ….
حمروش أغا ( يرفع يديه في الحجرة ، وكأنه فتح عكا )
ــ أيوه أنا المسؤول عن الحرملك ، في قصور علوبه بيك ، ورئيس الخصيان
برقوق ( يتلفت حوله ، مندهشا من رد فعله )
ــ بس واحدة واحدة ، يا رافع رايتنا ، إنت عارف كلمة خصى يعني إيه
حمروش أغا ( لازال في قمة إعجابه بنفسه ، يشمخ بأنفه عاليا )
ــ أيوه هااااااااه
برقوق ( لنفسه هامسا )
ــ يا حلاوة ، رجالة إيه دول ، ده فاكر إنه طلع الفضا
( لحمروش أغا )
ــ قولي بقى يا عم بردعة
حمروش أغا ( في عودة للكبرياء )
ــ حمروشي أغا يا أفندم ، مش بردعة
برقوق ( في ذهول من كبريائه )
ــ طب ما اختلفناش ، يا عم إسمه إيه …. القرني ، بتاخذ كام على الشغلانة دي ، وبلاش قلاطه معايا ، ما تخفش أنا مش ضرايب
حمروشي أغا ( يتنهد )
ــ عشر أكياس دهب في الموسم ، غير الأكل واللبس والنومة ، والحلاق إللي بيحلقلي قفايا ، مع إحترامي لك يا سيدي البيه
برقوق ( يضحك مندهشأ )
ــ حلوة حكاية الحلاق دي ، وده مش تمن رخيص ، علشان
يوقفول على الأبواب إللى ….
( ينهض حمروش أغا صائحا ، وقد أمسك بالبارودة ، ويرفعها عاليا ، فيجزع برقوق في مكانه )
حمروش أغا ( في صوت مرتفع ممتلئ بالقوة )
ــ لأ يا سيدي البيه العريس ، أنا ما بقفش عـ الباب ، لما يكون علوبه بيك مع الجواري ، أنا بوصلهم لغرفته ، وأروح أنام قرير العين ، مستريح النفس
برقوق ( ساخرا )
ــ أه قول كده ، كنت فاكرك بقرنين ، طلعت حاجة أسوأ ، مش فاهم حاجة ، في أي حاجة
حمروش أغا ( يتسأل في لهفة )
ــ يعني طلعت إيه يا سيدي البيه العريس
برقوق ( يضرب كفا بكف )
ــ طلعت بتاخذ عشر أكياس دهب ، في الموسم المسرحي ، يلا رزق الهبل عـ المجانين
( يصمت في غضب ، ثم يتحدث هامسا )
طب قولي يا عم الحمش ، ( علوبه بيك) ، بقي ايه أحواله ، يلا قولي على جنب
حمروش أغا ( في استنكار )
ــ لأ .. لأ يا بيك ، كده عيب قوي ، عاوزني أقولك على أسرار البيك ، ماكنش العشم ، أنا خصى محترم شريف
( بصوت أجش )
أنا مش كدة
برقوق ( في صوت به فتور ، وهو لا ينظر إليه )
ــ لأ أنت كده
حمروش أغا ( في غصب ، ولا زال متشبثا برأيه )
ــ لأ أنا مش كده
برقوق ( يلتفت إليه ويشير بيديه ، في إشارات مهينه )
ــ وأنا بقول انت كده ، علشان بتقفله على الأبواب إياها ، لا مؤاخذة يعني ، إنت بتشتغله كذا ، والبلد كلها حتعرف فضيحتك
حمروشي أغا ( في ذل وانكسار ، وقد انكمش في مقعده )
ــ خلاص أنا كده …. بس ماحدش يعرف يا سيدى
برقوق ( يسترخي على مقعده ، مفرجا عن يديه وساقية ، وقد ملك الموقف ، وزمام الحديث )
ــ إحكي لي بقى ، عن حمايا المتنظر ، من طقطق لسلامو عليكو
( ينهض حمروش أغا بأسلوب كوميدي ، ويجلس إلى جوار برقوق ، في نفس المقعد الكبير ، وسط ذهول وخوف الأخير ، غير مراعى للفروق الطبقية ، ثم يتأبطه على غرة وسط ذعره ، ويهمس في أذنه ، مع إندهاشه وخوفه البادي منه )
حمروشي أغا ( هامسا )
ــ البيك ( علوبه البختدار ) ، نسيب الباشا ( محمد علي الكبير ) من بعيد
( ينتفض برقوق ويتلفت حوله )
عنده يا سيدي ، كذا 1000 فدان طين في وجه بحري وقبلي ، كمان وحارب في حروب المورة ، مع القائد العسكري المعظم ( إبراهيم باشا ) ، إبن الوالي ( محمد علي الكبير ) ، وكمان قاوم الحملة الفرنسية ، وإشترك في حرب إمبابة ضد المماليك ، وكان مع الفرنسيس لحد ما إنتصروا و .. و ..
( يقاطعه برقوق ، وهو الدارس للتاريخ المصرى )
برقوق ( في دهشة واستنكار )
ــ ثانية واحدة ، يا عم ذو التلات قرون ، مش قرنين ، خروف أفندى ، إزاي حارب الفرنسيس ضدهم فى الحملة الفرنسية ، وإزاي حارب معاهم المماليك ، في معركة إمبابة ، إللي كان الفرنسيس ، طرف فيها ضد المماليك ، حكام بلده إللى هيا مصر ، فهمهالي دي
حمروش أغا ( يلمزه بإصبعه في جانبه مداعبا ، فينتفض برقوق تلميحا ، للتشكيك فى ولاء سيده ، علوبه بيك المذبذب )
ــ السياسة مواقف يا عزيزي ، صح يا سيدي البيه
برقوق ( مندهشا وهو يشهق )
ــ صح ، صح يا عم الأنثى ، مصلحة علوبه بيك مع الفرنسيس صح
حمروشي أغا ( ضاحكا )
ــ صح يا بيك القصر الجديد
برقوق ( يخاطب نفسه ، وحمروش أغا في ذات الوقت )
ــ يعني طز ، في مصلحة البلاد المصرية ، صح
حمروش أغا ( متبسطا في الحديث معه )
ــ صح ، يا سيدي باشا القصر الجديد ، والكوبانية كلها
( يتشبث به حمروشي أغا ، وكأنهما صديقين أو نديمين في حانة ، فينزعج برقوق وسط ذهوله )
برقوق ( يضرب كفا بكف )
ــ يخرب بيتك يا علوبه بيك ، ده إنت موالي للمحتل ، وجدي فاكرك بطل قومي
( لحمروش أغا )
عموما يا خنفسه أغا ، أنا مش مع الفرنسيس ، ولا المماليك ولا علوبه بيك ، عارف أنا مع مين
حمروش أغا ( في تساؤل وشغف)
ــ مع مين أفندم
برقوق ( يتنهد في ألم )
ــ معاك أنت يا مسكين
( يزفر )
ومع الغلابة إللي زيك
( يلفت حوله )
طيب يا مقطف أغا ، كمل بعبعة عن أسرار ، حمايا المنتظر
( علوية بيك ) ، علشان لو ليا نصيب أحكيها لجدي ، ده لو شفته تاني
حمروش أغا ( يسخر من كل شيء )
ــ جدل مين أفندم .. الوالي ( محمد علي )
( ينتفض برقوق ، ويضع يديه ، على فم حمروشي أغا )
برقوق ( في ذعر )
ــ يخرب بيتك حماوريه أغا ، وطي صوتك .. الحيطان ليها ودان ، وأنا ماعيش بطاقة شخصية ، لزمنكو العجيب ده
( هامسا )
في عالمنا ، بيقولوا الحيتان ليها ودان ، مش الحيطان ، يا بغل الدولة
حمروش أغا ( يهز رأسه ، مع أنه لم يفهم أي شيء )
ــ صحيح ، صحيح يا بيك المستقبل
( يهمس في أذن برقوق )
هوا متجوز من ( رفيقه هانم النسجقلي )
( يشير بيديه بأسلوب ساخر )
الهانم التخينة الكلبوظة ، إللي قعدت معاك قبل شوية
برقوق ( مستنكرا )
ــ بتاكل من وراها عيش ، وبقلاوة وجاتوه ، وبتقول تخينة ، آه يا زمن ، وآه يا خدم ، أقصد يا عبيد
حمروش أغا ( في هدوء )
ــ إنت إللي طلبت الصراحة ، يا سيدي البيه المنتظر
برقوق ( في استنكار )
ــ طب كمل يا عم صريح أغا
حمروش أغا ( يكتم ضحكاته )
ــ ودي يا سيدي ، هيا إللي ممشياه ، على العجين مايلخبطوش ، لكن بأسلوب هادي ، من غير ما حد يحس
برقوق ( ساخرا )
ــ أه .. يعني راكبه الحمار ومدلدلة رجليها
حمروش أغا ( في تهكم )
ــ بالظبط يا سيدي ، حمار في ساقية
( يلمزه في جانبه ، فى نظرة ذات مغزة )
زي ما حتعمل فيك ، الست الصغيرة ( نازك هانم ) ، بس هيا حتركبك من غير بردعة
( يدفعه برقوق بعيدا عنه ، في غضب عارم ، بعد أن ظل متأبطا إياه لمدة دقائق ، فيلزم حمروش أغا حدوده ، ثم يصمت برقوق ، لمدة ثواني غاضبا ، ويعود ليتفرس فيه في دهشة ، ثم يصمت لمدة ثواني ، وقد كظم غيظه ، لكنه يعاود الانصات إليه مرغما ، ويشير له بمعاودة الحديث ، فيهجم عليه كبير الخصيان ، ويعاود تأبطه ، رغم تأفف برقوق منه ، وهو العبد الذليل ، الذي يذبح بالكلمات ، بدون مراعاه للأدب أو تعمد )
برقوق ( هامسا )
ــ باين عليك مسحوب من لسانك ، يا ضفدعة أغا
حمروش أغا ( وقد وضع مبرراته )
ــ إنت اللي طلبت الصراحة يا سيدي ، والصراحة راحة
( يتنهد )
وبعدين يا سيدي البيه الجديد ، المهر هما إللي حيدفعوه ، والقصر بيت الزوجية ، بعفشه خمسة وأربعين أوده عثمانلي ، إللي حتسكنوا فيه ، هما إللي حيجيبوه ، وكمان الفرح أبو كلوبات النور ، إللي ما حصلش في بر المحروسة ، هما اللي حيصرفوا عليه ، من جنيه أحمر دهب ، لألف جنية دهب عثمانلي
برقوق ( مذهولا )
ــ ليه هيا نازل دي بايره للدرجة دي ، وإلا بقى …. فيها إنه
( في همس )
معيوبه يعنى
( يهمس حمروشي أغا ، في أذنه بعدة كلمات )
حمروش أغا ( متمتما )
ــ هيا مش معيوبة .. بنت بنوت لكن
( هامسا )
بايرة بسبب .. جبروت أبوها المرعب
برقوق ( يشهق مرتعبا )
ـ ياه عندها كام سنة ، أربعين ولا خمسين سنة ، أوعى تكون تسعين سنة ، يخرب بيوتكم لكن ، لكن أزاي دي أمها صغيرة ، بتاعة خمسة وأربعين خمسين سنة ، أيه الحكاية يا بلدج أغا فهمني ، دي قالتلي عندها 19 سنة
حمروش أغا ( يحكى )
ــ لأن يا سيدي البيه ، ما فيش بنت في بر المحروسة ، وصلت لخمستاشر سنة وما إتجوزتش ، سن العنوسة من خمستاشر وإنت طالع ، وسيرة أبوها مع البكوات ، والبشوات ما تطمنش ، علشان كده عنست
برقوق ( وقد إرتعب أكثر وأكثر)
ـ هيا نازك هانم ، دي عندها كام دهر ، يا بني غباء أغا ، وأبوها ده مرعب للدرجة دى ، أوعى تكون حاربت الهكسوس ، مع أبوها الموالي للمحتل
( يتذكر وتملئه الظنون )
ــ علشان كده فرشولى الأرض ورد ، ومستحملين سخافتى ، ولخبطتى فى الكلام
حمورش أغا ( شبه باكيا )
ــ عندها 19 يا سيدي البيه ، زى ما قالولك يا بيه ، وجالها ييجى 35 عريس ، كلهم خافوا وطفشوا ، من زنب ومهاميز أبوها ، إللى بيعملهم عند الوالى ، يعني فاتها قطر الجواز ، قول من تلات أربع سنين ، قول خمسة ستة ، حاجة زي كدة ، دول ولاد عمها البنات الهوانم ، إتجوزوا وعدهم عيال ، عمرهم تمن وعشر سنين
( يصيح وقد لمزه فى جانبه ، فينتفض برقوق )
مش كده يا عزيزي
برقوق ( منزعجا ، ثم يضحك مأخوذا )
ــ وليه كده ، مافيش عرسان رجالة ، يقفوا قدام أبوها ، في زمنكوا ولا إيه ، مع انهم بيقولوا حلوة قوى
حمروش أغا ( في رعب وهمس ، وهو يتلفت حوله)
ــ العرسان بيروحوا مابيرجعوش ، بسبب سيدي البيك علوبه ، أصله ما بيتعاملش ، غير بالكرباج والبارودة وهوا …
( يتلفت حوله )
هوا أحسن واحد ، يعمل وشايات تودي أراميدان وطوكر
( يعود للحديث الهامس )
يعني يخبطك مهموز ، يروح الوالي ( محمد علي الكبير ) ، يعلقك فسيخة على باب زويله
( يعود ثانيا للتلفت حوله )
فيه نظار ومدرين مدريات ، في الوجه البحري والقبلي ، قعدوا على الخازوق بسبب وشاياته ، لو زعل منك يا سيدي ، تروح في طوكر وما ترجعش ، إنت وجدل الصيني باشا ده
برقوق ( في خوف )
ــ إنت وصلك حكاية جدي كمان ، ده القصر كله عرف
( يخاطب نفسه )
الله يطمنك .. حمايا العزيز موالي للمحتل ، وكمان زمبجى ، يودي اللومان في كلمة ، أمال لو زعلت بنته بعد الجواز ، حيعمل فيه ايه
حمروش أغا ( هامسا )
ــ يوديك في داهية ، أسود من وشى يا سيدي البيه
( يرتعب برقوق ويتلون وجهه ، ثم يغير مجري الحديث )
برقوق ( في تصنع للقوة ، وعدم الخوف )
ــ حرام حرام عليكو ، تقولوا كده على حمايا العزيز ، ده لطيف قوي ، وزي الحمل الوديع ، وكمان وقفتوا حال البنت دي ( نازك هانم السلحدار ) ، بتاعة المسلسل ، أقصد بنت البيك علوبه إللي .. إللي مش مخيف ده ….
( ينظر إلى حمروش أغا ، ويبتسم إبتسامة مريرة ، ويتذكر عالمة )
دي يا عم هوزق أغا ، البنات في القرن 21 ، بتوصل تلاتين وأربعين وخمسين سنة ، ولسه مادخلوش دنيا
( ساخرا )
زي أمك كدة
( فى تطاول )
هيا اسمها أيه
حمروش أغا ( وقد اغمض عينيه ، متذكرا متألما )
ــ إسمها يا سيدي سُقاطة ، ( الجارية سُقاطة ) رحمها الله برقوق ( في دهشة )
ــ إسمها سُقاطة ، برضه الاسم ليه صلة بالأبواب ، والوقوف عليها ، وماتت إزاي ، رحمها الله زي ما بتقول ، إوعى تكون كانت بتحارب في القورة ، والا المورة دي ، مش عارف أنطقها
حمروش أغا ( باكيا في نواح )
ــ لأ مش فى حروب المورة ، دى أعدمها سيدي البيك علوبه ، على باب القصر
( ينتفض برقوق من مكانة ، ويتلون وجهه )
برقوق ( يبتلع لعابه ، الذي تحجر في فمه )
ــ بتقول ايه ، يعني إيه أعدمها ، تقصد ضربها بالكرباج ، وداها في طوكر ، والا الصعيد الجواني ، والا حتى ركبها الطيارة ، وراحت في داهية ، إنما أعدمها ، هيا الناس رخيصة فـ عالمكم كده
حمروش أغا ( يتذكر ما حدث ويتنهد )
ــ كانت يا حرام ، فى يوم مالوش قمر ، والدنيا سوده سوده ، والهوا بيصفر بيصفر ، والديابة بتعوى بتعوى ، وافقة في مكانك ده ، لا حول لها ولا قوة
( ينتفض برقوق )
وبعدين قام سيدي البيك ، عينيه إحمرت ، وقالها يا جارية إجري ، فإتهز القصر كله ، كأنه حيتهد فوق دماغنا ، قوم هيا إيه ما رضيتش تجري ، كبرت فى دماغها ، إللى زى البرطوشه الصغيرة ، قام أعدمها سيدى ، إللى دماغه زى البرطوشة الكبيرة ، بتهمة موالاة المحتل ، آه كله من الأمخاخ البراطيش
برقوق ( يتنفض مندهشا )
ــ يا لهوي ، موالاه المحتل ، دي باعتبار أنها هيا ، إللي حاربت الجميع ضد الجميع لمصلحتها
حمروش أغا ( يتذكر في الم )
ــ وكمان يا سيدي ، خلاني أشهد عليها في المحكمة المخصوصة ، إللي حكمت عليها بالإعدام
( نائحا )
آه وآه .. من الأمخاخ البراطيش
برقوق (في ذهول)
ــ وليه تشهد على أمك ، يا بهيم أغا زور وبهتان
( يعود حمروشي أغا لمرحه ، ويتأبطه سعيدا ، وكان شيئا لم يكن )
حمروش اغا ( يقول كلمته المشهورة )
ــ السياسة مواقف يا عزيزي ، إحفظها كويس ، أمال عاوزني أروح أنا فيها ، لازم حد ما يروح ، أمال يروح فيها البيه علوبة ، الداهية متفصلة على ناس معينة
( يظل يرمقه في غضب ، في تلميح قد وعاه برقوق )
برقوق ( في خوف )
ــ لأ .. لأ ، أنا مش حروح فى حتت ، أنا حمشى ، قبل ما يجهزوا ليا الداهية
( يتلفت حوله ، وقد وضع يده على بطنه مرتعبا )
إلحقيني يامه ، فينك يا جدي ، أنا عاوز أروح القرن 21 ، شكلهم بيودوا الناس طوكر ، علشان بيكتروا في الكلام ، أمال المزورين ، إللي زيى حيعملوا فيهم أيه
( يصمت برقوق لمدة ثوان ، ثم يستعيد مرحه ، خلالها يخاف منه حموش أغا ، بعد سماعه لهلوسته ، فيظن به الجنون كالجميع ويبتعد عنه )
برقوق ( تخاطبه نفسه ، بأن يقلد جده ، ويدعي الجنون ، علهم يتركوه يمضى )
ــ أحسن حاجة أعمل فيها مجنون ، أسوق الهبل على الشيطنة ، يقموا بودوني المورستان ، مش يعدموني
( لحمروش أغا ، الذى بدأ يستريب فيه )
دي البت ( سالي مقالات ) إللي مجنناني في الجرنال ، عدت تلاتين سنة أم بلوزة حرير ، ومن حلاوتها عملالي تعب في عقلي ، فاهمني تعب ، هوبا لا لا ، فى البتنجان ، أصلها حاجة كده زي الممثلة ( يسرا ) ، طويلة وحلوة زي القشطة ، البودرة المستوردة من ماليزيا
حمورش أغا ( يعود للفضول فيتأبطه ثانيا )
ــ مين ( يسرا ) ده يا سيدي البيه ، واحد راجل صاحبك
برقوق ( في غضب )
ــ ده يا بني جبس ، مش ده ، إفهم إسمها دي ، دي يا صرصار أغا ، ممثلة مشهورة ، إنت فاكرها راجل ، أنا مش كده يا قفة أغا ، بودن واحدة ، أنا بحب الستات بس
حمروش أغا ( وقد وصل له المعنى )
ــ أرتيست زي العالمة بيه ، وراغب أفندي المغنواتي ، في جوقة الشيخ المربوط
برقوق ( وقد غضب من التلميح )
ــ المربوط يادي الفال ، جواز ومربوط. ، أيوه يا بني زلط مظبوط ، أرتيست .. لكن في التلفزيون والسينما ، طبعا ما أنت مش حتفهم ، يا منهق اغا ، يعني إيه فن التمثيل
حمروش أغا ( في تجاهل لكلماته المهينة )
ــ والست نازل بقى طيبة قوي
برقوق ( متهللا )
ــ أيوه نرجع للست نازك ، صحيح هيا حلوة قوى
حمروش أغا ( يعود ليتأبطة ثانيا ، وقد هجم عليه )
ــ ووزنها مية وخمسين كيلو ، آه يا بيه ، فاتنة قصور المحروسة ، وإسكندرية وراس التين ، والصعيد الجوانى والسودان وإنت طالع بلاد جوه ، ولو وصل الأمر الآستانة وإسطنبول كلها ، دى قمر أربعتاشر
برقوق ( شاهقا )
ــ بتقول كام ربع طن ، آه صحيح ماهو مقياس الجمال ، زي ما قريت في كتب التاريخ ، كان زمان لصاحبات الزون التقيل ( يصمت قليلا )
طب قولي يا مضروب أغا ، في لسانه ، هيا حلوة مانيكان ، يعنى زى بنات القرن 21 ، طبعا مش هتفهم كلامى ، ايه هوا حتى القرن 19
حمروش أغا ( يصفر بصوت عالي )
ــ أحلى بنت في بر مصر يا سيدي البيه ، جسم وكسم و …. دي أحلى من يسرا ، بتاعك ده يا عزيزي ، فى المكان إللى انت جاى منه
( يدفعه برقوق بعنف زاجرا إياه ، فينكمش حمروشي أغا ، ويعود للوقار في خوف ثانيا )
برقوق ( في غضب عارم )
ــ جسم وكسم ، و ( يسرا ) ده تاني يا أهطل أغا ، عيب عيب ، قلتلك يا بهيم دي واحدة ست ، مش راجل يا جعر أغا ، غور من وشي ، وأنت عامل زي بلاص العسل الأسود الفاير ، المغشوش ميه حمضانه ، تلاقى الجوارى والخصيان والعبيد ، بياخدوك على قفاك فى الحرملك ، وإنت بتلعب صلح ، يا عبد يا بو قفا متصلطح
( يفاجأ الإثنان برجل عبد خصي ، لكن أقل من حمروش أغا ، في المكانة ، يدخل مهرولا ، وقد تمزقت ملابسه ، ويسيل الدم من وجهه ، وكأن الحرب حدثت ، فيرتعب برقوق وينكمش في مكانه ، ويعود لحالة الخوف الشديد ، الرجل العبد يتجه ، لحمروش أغا منحنيا ، وهو يولول مذعورا )
الخصى ( في هلع ، وصوت مشروخ يخنقه البكاء )
ــ إلحق يا سيدي حمروش أغا ، إلحق يا سيدي الكبير ، فيه خناقة ، بين الحريم بالقباقيب في الحرملك ، ومبهدلين العبيد إللي دخلوا بينهم ، يا داخل بين البصلة وقشرتها ،
يا سيدي الكبير ، الرجالة العبيد قاعدة تصرخ من الضرب ، القباقيب إشتغلت يا سيدي الكبير ، ولو ما لحقتش الموقف ، حتقوم ثورة يا سيدي في الحرملك ، ثورة النسوان الأولى ، وسيدي البيك علوبه ، يخزوقنا بعدها على الخازوق ، إتصرف يا سيدي الأغا ، يستر عرضك ، الجواري فَجرت وطلعلها صوت ، حيطلعوا على جتتنا القديم والجديد
( ينهض حمروش أغا ، ويزمجر عدة زمجرات عاليه ، فيرتعد برقوق ، ويتحول من الوداعة إلى الصرامة ، والخشونة والرجولة المتشددة ، ويشهر بارودته في الهواء ، هى فى يد ، والكرباج فى يده الأخرى ، ويصبح بصوت أجش راعدا كالأسد ، مما يخيف برقوق أكثر وأكثر ، ويحيط رأسه بكلتا يديه مرعوبا ، وكأن الحرب ستقوم )
حمروش أغا ( في صوت جهوري كالزئير )
ــ الويل لكن أيتها النسوة ، مالكمش راجل يحكمكم ، والله إني أرى رؤسا أينعت ، وقد حان قطافها ، من زمان كنت مستني اليوم ده ، إن شله ألبي فيه الشهادة ، ما يهمنيش ، والله يا نسوة الكلب يا متبجحين ، لأبيعكم في اسواق النخاسة ، فرادي فراري ، الواحدة بتلاته خردة ، وبعد الإنتصار ، أخزوق إللى يتخزوق ، وأعلق إللى يتعلق ، وأخلي العيال في حواري القلعة ، يقولوا بكره منده بقرشين
( يهرول حمروشي أغا ، إلى خارج حجرة الصالون ، وقد أطلق طلقتين من البارودة ، ضعيفتى الصوت والتأثير ، بسبب بدائية سلاحه النارى ، بمقاييس ذلك العصر ، الصوت أخاف برقوق فارتعب قليلا ، وقد أحدثت البارودة البدائية دخانا كثيفا ، وبعد ثواني قليلة ، يعود حمروش أغا ، ليحيي سيده الجديد ، وصديقه في الثرثرة برقوق ، والدخان لازال كثيفا ، وقد مال العبد برأسه ، من خلال باب الحجرة )
حمروشي أغا ( في تودد وسخرية فجة وتطاول )
ــ سلام يا سيدي البيه ، يا أنشتا القصر .. يا مجنني
( ينهض برقوق وهو يتحسس المكان ، وسط الدخان وهو يسب ويلعن ، ذلك العبد المهرج ، الذي لا يفهم ، هل هو يتعمد الحديث الجريء ، المتطاول معه ، أم أن هذه هي عادته )
برقوق ( وهو يتحسس المكان ، وسط دخان البارودة الكثيف )
ــ بيقول إيه خنزير إغا ده ، أنشتا القصر ، يعني جوز أخته ، أخت مين مش فاهم ، أخت العبد ، والا اخت القصر ، والا إيه
( يظل يسب ويلعن ، وهو لا يرى أمامه ، يخاطبه مناديا عليه عله يسمعه )
أنشتا يا إبن الهبلة .. سُقاطة الباب ، يا دودة القطن أغا ، أنا غلطان إللي بقعد مع عبيد ، وبخليهم يخدوا عليا ، يا بتاع الأبواب إياها المغلقة ، يارب الجوارى تخلص عليك وأرتاح ، آخرتك قبقابين على دماغك ، من واحده جارية ، تعرفك ازاى .. تهبل فى الكلام مع البهوات ، يا عرة العبيد يا سقط الرجالة
( لا يلاحظ برقوق ، وهو يتحسس المكان وسط الدخان ، دخول الفتاة الأرستقراطية ، إبنه ( علوبه بيك ) رئيس كبوبانية النور ، ( نازك هانم البختدار ) العروس المتنظرة ، العانس ذات التسعة عشر ربيعا ، وهي كالبدر في تمامه ، بدينة للغاية ، هادئة في ملامحها ، التي تفنن أي رجل ، ليدي من عصر ( محمد علي الكبير ) ، حمراء الشعر والوجنات ، ردائها فستان ذو جيبونة ، من عصر يشبه عصور النهضة الأوروبي ، تتحلى بالجواهر التي تصدر بريقا
تنظر إليه ، فتندهش ماخوذه ثم تتحرج ، لقد دخلت الغرفة على غره ، وهى لا تدرى أن بها ضيوف ، تجده قد أمسك ، راديو جده ( ماركة صيني) ، يخاطبه مذعورا ، حتى يعيده إلى عالمة القرن 21 ، تظل تنظر اليه مشدوهه ، بسبب غرابة ملبسه وسلوكه ، والراديو قطعة الحديد ، التى .. يخاطب فيها شخصا ما ، وهو جده ، وبعد ثواني ، تخفت كثافة الدخان ، ليلتفت خلفه فيجدها أمامه ، وهى كفتاة من فتيات الحور ، لكن كبنت ارسطقراطية ، كانت ذات فراسة شديدة ، بالطبع لم تذهب إلى أى مدارس ، لكنها تلقت تعليما أوليا ، فاخرا في قصر أبوها ، يضاهي ما تعلمه هو ، طوال حياته ، تعزف الموسيقى ، وتقول الشعر ، وتتحدث عدة لغات ، أشهرها الانجليزية والفرنسية ، والألمانية والتركية ، تحدثا وكتابة ، لازالت تنظر إليه باندهاش ، وهو كالابكم ، قد عقد حسنها وجمالها لسانه )
نازك هانم ( في نظرات مندهشة ، بصوت هادئ )
ــ أنت مين يا بيه ، بردون .. أنا دخلت على غفلة
برقوق ( لا يزال مذهولا من جمالها ، الذي أربكه ، وقد سال لعابه ، فيتحدث فى عفوية وبلاهه )
ــ أنا ، أنا العريس .. برقوق الصيني باشا ، إللي جاي أتجوز المدام ، أقصد بنت السلطان ( سليمان القانوني ) ، ومراته ( هويام )
نازك هانم ( تضحك من فرط لعثمته وهلوسته )
ــ بنت السلطان مين يا بيه
برقوق ( متداركا حديثه الأبله ، وهو يمسح عرقه ، وقد ملك نفسه ، بعدما انقشع الدخان نهائيا )
ــ آ ، آ ، أقصد بنت ( علوبه بيك ) ، رئيس كوبانية النور ، إنت قريبتها يا حلوة
نازك هانم ( في مكر وإدعاء )
ــ لأ .. لأ ، أنا .. أنا ، وصيفتهما ، الوصيفة بتاعتها ، قولي يا
جومانة هانم ، إذا سمحت يا بيه
برقوق ( وقد عاد للمغازلة والتحرش ، بأي فتاة يقابلها ، كما هو شائع في عالمه السىء ، القرن 21 )
ــ يا جومانة قلبي
نازك هانم ( في إستنكار ودهشة )
ــ نعم يا بيه
برقوق ( في تدارك لحديثه ، بعد ما لاحظ استنكارها )
ــ أقصد هيا فين نازك دي ، علشان أفصحها
نازك هانم ( تضحك مستنكرة )
ــ هيا عربية بستة خيل يا بيه ، علشان نفحصها ، قول كلام غير ده ، دي بني آدم روح ودم
( تجلس على مقعد بعيدا عنه ، وتشير له بالجلوس بعيدا عنها ، فى تحفظ وأدب ، فيجلس وهو مأخوذا ، وقد حملق في جمالها ، كالأحمق الذى لم يرى النساء فى حياته )
برقوق ( في تخريف ، وعدم لضبط لسانه )
ــ يعني حتكون تفرق إيه ، عن عربية بستة خيل ، حتة بنت ، تلاقيها ساقطة ثانوية عامة ، نظام قديم ، شبه برميل الطرشي ، عاوزين يلزقوها لأي حد مغفل
( تشهق نازك هانم ، وهي مأخوذة من تعبيراته ، وقد وضعت يدها على فمها ، وهي لم تفهم أي شيء ، إلا أنه يسخر منها )
نازك هانم ( فى خجل ودهشة )
ــ ياه .. هوا ده رأيك فيها يا بيه
برقوق ( وقد عاد أدراجه ، في الحديث خجلانا )
ــ لأ مش بالظبط ، بيني وبينك ، بيقولوا دي قمر 14 ، كوز عسل مصفي ، لولا المشاغل إللي ورايا ، في القرن 21 ، كنت لبدتلها زي التعلب وإتجوزتها ، وأكلت كوز العسل ده ، سايل على فمي ، زي ما قال ( محمد منير ) في الأغنية
( يحمر وجه نازك هانم من كلماته ، وقد تملكمها الإعجاب به ، من أول وهلة ، ومن فرط همجيته ، ومصطلحاته الشبه جسدية ، والتي لن ولم تسمع بها ، طوال حياتها القصيرة ، فهى ربيبة القصور والمجتمعات المتحضرة ، ورجالها المنمقين الغير همجيين )
نازك هانم ( في خجل ، ومحاوله لاستدراجه في الحديث)
ــ ومين ( محمد منير ) ده يا بيه ، صاحب جوقه
( تجد برقوق فى حذر ، لم يخفى عنها ، يعبث في الراديو ، محاولا مخاطبة جده ، للعودة الى زمنه )
برقوق ( يعود للنظر في عينيها ، بعد حالة الفشل ، مع أزرار الراديو ، فتختلج أهدابها ، فيسقط الراديو من يديه ، ويشهق من فرط جمال وسحر عيونها )
برقوق ( وهو قد تطلع في عيونها ، مسترسلا في العزل )
ــ إيه ده ياخواتي ، رموش دي ، والا مكاحل سودا ، يالهوي .. سحر بنات الشرق كله ، إتجمع في عيونك
( تندهش من شروده في عيونها ، وهو فاغر الفم ، فتضحك خجلانه ، وفي ذات الوقت تتحفظ معه ، وهي بنت العائلات ، الأرستقراطية المحترمة المحافظة ، حتى لا يفلت زمامه ، وهو كله فجاجة وهمجية ، ينهض برقوق كالمسحور ، محاولا الاقتراب من مقعدها )
نازك هانم ( وهي شبه خائفة من غزله ، وإقترابه منها )
ــ عيب كده يا بيه ، جاي تخطب ستى الهانم ، تقوم تغازلني ، خليك قاعد بعيد لو سمحت ، إضبط نفسك ، البيك علوبه جاي بعد شويه ، يقول علينا ايه ، ده ما بيتكلمش بإيده ، بيتكلم بالكرباج ، وإنت حر في نفسك بقى
( ينكمش برقوق ، ويعود للجلوس بعيدا ، وقد مسه الخجل والخوف ، من سيرة كرباج علوبة بيك ، وقد أدرك أنه ترك لنفسه العنان ، وتعدي حدود اللياقة ، وبدأ في التحرش اللاأخلاقي )
برقوق ( في خجل وتنهد ، وقد إختلج صدره)
ــ أسف يا جومانة هانم ، ما قصدتش التحرش
نازك هانم ( في ذهول ، وقد ظنت الكلمة ( تهرش ) ، وليس تحرش بالنساء )
ــ تهرش ، بتتهرش من إيه يا بيه ، ماعندناش ناموس ولا حشرات ، لا سمح الله ، إحنا بيت أصول وزوات ، ماعندناش الحاجات دى
برقوق ( يضحك عليا )
ــ لأ لأ ، إنت سمعتيها غلط ، أقصد تحرش ، يعني يعني ، مش عارف أقولهالك أزاي ، يعني لما الراجل ، يشوف واحدة حلوه ، يقوم مثلا يمد إيده ، أو يقف قريب من الست ، أو …. أو ….
نازك هانم ( فى ذهول وغضب )
ــ خلاص ، خلاص يا بيه فهمت ، إذا سمحتلي .. منين إتعلمت الحاجات دي ، دي أخلاق سوفاش خالص ، يوك يوك بالتركي ، خرسيس أدبسيس ، يا بيه يا محترم ، دي حاجات ما يعملهاش ، إلا السكارى ورواد المواخير
( تساله سؤال خاص بها ، وهو زوج المستقبل )
أوعى ، أوعى يا بيه ، تكون بتروح الأماكن دي ، ده أبويا
( علوبه بيك) يأمر بإغلاقها على طول ، ده راجل واصل ، في طول وعرض بر مصر ، بيحط نظار ، وبيشيل مدريين مدريات
برقوق ( في خوف من سيرة أبوها ، ويتجمل ليحسن صورته امامها )
ــ لأ لأ ، والله ما بروح الأماكن دي ، ده أنا مشربتش البيرة في حياتي ، ولا الحشيش ، ولا حتى سيجارة مبطرخة ، إلا ، إلا مرة والا مرتين ، والله ومش حتتكرر ، مش حروح
( السيبر ) تانى أبدا
نازك هانم ( في دهشة )
ــ البيرة والسيبر .. دي منكر وإلا إيه
برقوق ( في خجل )
ــ إيه ….
نازك هانم ( في إعجاب )
ــ كويس كويس ، إنك تعترف بأخطائك وما تكررهاش ، لازم تعرف يا بيه ، إننا في بيت محترم ، عيلة فوق فوق قوى ، واصلين لحد الاسرة ، إللى بتحكم بر مصر ، والمحروسة كلها ، عيلة نازك هانم العروسة ، ماتحبش الراجل المبصبصاتي الفلاتي ، فاهم يا بيه
( بحدة )
الموضوع ده يروح فيه رقاب ، والبيت كله خدامات وجوارى ، طبعا سمعت عن الملكة شجر الدر ، عرفت الجوارى عملوا فيها ايه
برقوق ( وقد وقفت الكلمة فى حلقه )
ــ آه بالقباقيب
نازك هانم ( ضاحكة فى حدة )
ــ لعبة الحرملك والجوارى ، دى لعبة خطيرة ، ليها ناسها وقواعدها وأصولها
( تضحك وقد تفصد برقوق عرقا ، من تهديداتها )
نازك هانم ( محاوله تهديده بحنو ، بعدما وجدت حاله من الهلع ، على وجهه )
ــ مش بالظبط بالقباقيب ، لكن نازك هانم ليها أسلوب خاص ، يوجع لكن ما تحسش بيه
( لا يفهم برقوق ، تلميحات إستبداد الفتاة به بعد الزواج ، وإستثارها بالرأي ، وبالقرارات فى شئون حياتهما )
برقوق ( وقد زاد الطين بله فى الحديث )
ــ مبصبصاتي إيه يا ولداه ، دي القاهرة في زمنكم ، كلها ملايات لف سوده ، غفرا ماشيين في الشوارع ، مش حريم حلوه ، عاملين والله زي الرجالة ، مش ستات ستات يعني ، ده إحنا لو مشينا دلوقت ، في ميدان التحرير ، مش حنلاقي إلا المجمع ، وبراقع سوده ماشيه بتتمخطر ، أمال بقى لما تشوفي البنات في زمنا .. دول ….
( تنهره نازك هانم ، وتشير بيدها آمره بالصمت ، في إستنكار ، فيدرك أنه قد أساء الحديث ، فيصمت في خجل ويبتسم كالأطفال )
نازك هانم ( في غصب وقد أحمر وجهها )
ــ أسكت يا بيه الله يكسفك ، هو أنت عاوز الستات ، يتمشوا في الشارع ، إللي إسمه التحرير ده ، في إسمه إيه المتجمع ده ، إللى مش فاهمة مكانه فين ، فى المحروسة ، من غير براقع ، هيا القيامة قامت ، دول العساكر الأرنئوط ، والمماليك وبوليس الدرك ، يدورا فيهم الضرب ، بالعصي والكرابيج ، أخزاك الله ، هوا أنت متعود تقول الكلام ده ، قدام أي واحدة ست ، بلاد ايه دى ، إللى إنت جاى منها ، لازم لندره وباريز ، يا فضيحتك يا بيه ، أمال لو قعد مع نازك هانم ، الليدي بجمالها الساحر ، حتعمل إيه
برقوق ( في خزي وخجل ، محدثا نفسه )
ــ إنت فين يا جدي ، باين عليا عكيت ، وريلت قدام الحريم ، إنت فين يا ماركة صيني ، تاخدني من هنا
( لنازك هانم متداركا )
معلهش يا جومانة ، حتة من قلبي ، يعني عاوزاني أقعد مع القمر ، وما أبصبصش
نازك هانم ( تنهره وهي تضحك ، من إصراره على جرئته )
ــ يا قليل الحيا ، أول وصيفه ، تشوفها في القصر تغازلها ، دي نازك هانم عندها تلاتين وصيفه ، من كل الألوان ، تركمتنات على حبشيات ، على أروام على هنديات ، حتغازلهم كلهم وتفضحنا ، ده ( علوبة بيك) يعلقك قدام القصر ويجرسك ، فلاتي بيه ده ، والعيال العوام زى ما بسمع ، تقول من ده بكره بقرشين ، لو وصل الخبر للباشا ولي النعم ، تقوم الدنيا ومتقعدش ، إسمع بقى أنا ….
( تضحك من نظراته ، الهائمة بها وبالنساء ، وتدلي شفتيه ، ولعابه الذي يسيل )
إسمع وما تبصليش كده ، إنت ظريف وكويس ، بس بقى ، يا مبصبصاتي بيه مش أفندي ، نازك هانم حتمشيك
عـ العجين ما تلخبطوش ، وغالبا إنت عجبتها ، لكن حتربيك على كبر ، يا بتاع التحرير ، والمجمع إسمه إيه ده ، إللي الستات ، بتمشي فيه من غير براقع
برقوق ( ضاحكا )
ــ كل ده ماشي ، يا حتة من قلبي ، لكن عجبتها إزاي ، وهيا ما شافتنيش ، كيس البطاطس المحمرة سبايسى دي ، مع كتشب حار
( تضحك مذهولة ، في شبه غضب ودهشة ، من مصطلحاته ، التي لم تفهم منها ، إلا الغزل الجريء ، وتنادي بغضب على الخادم ، فينكمش برقوق ، ليدخل عليهم بعد قليل ، عبد أسود خصى ، ومعه كرباج سوداني ، على طبق ذهبي ، ويتجه ناحية برقوق الخائف ، ويقدمه له منحنيا )
برقوق ( في إنكماش ، ودهشه للعبد الخصي )
ــ إيه ده عود قصب ، لأ .. لأ دي حاجة سودا ، ليها شراشيب ، الله ده كرباج آه .. آه
( يضحك .. وقد فهم الأمر خطأ ، من فرط غبائه )
لأ لأ ، إنت فاهماني غلط ، يا جومانة قبلي ، أنا ما بضربش ستات بالكرباج ، بقى ده يصح ، عاوزاني أضرب نازك ، حبيبتي بعد الجواز ، لأ لأ مايصحش
( يلاحظ برقوق ، أن العبد الخصي شهق ، عنما سمع كلمات جونامة وحبيبتي ، التي يطلقها على نازك هانم ، التي تشير للعبد بالإنصراف والمغادرة ، فيسير وهو يرمق برقوق ، بنظرات الاستنكار ، وهو خلسه ، يشير بعلامة الجنون على رأسه ، في خوف ووجل
ويترك الطبق وعليه الكرباج ، ولا زال برقوق في دهشته وتعجبه ، تضحك نازك هانم من بساطة برقوق ، وعدم إدراكه للمعنى ، الذي تود قوله من خلال الكرباج ، وهي أنها ستضربه به بعد الزواج ، إن تعدي أى حدود له معها )
نازك هانم ( تضحك محاوله توصيل المعنى له )
ــ لأ طبعا يا بيه ، مين قال أنك حتضرب ، نازك هانم بالكرباج ، لما تزعلك ، ده بس علشان الناس العصاه بس ، وإللي ما بيسمعوش الكلام ، وبيتخطوا حدود الأدب
برقوق ( يضحك في غباء ، ولا زال لا يصل له ، معنى أن السوط من أجل تأديبه هو )
ــ يا روح قلبى ، جومانة كنتلوب العسل من جوا ، أنا لما الست تعصاني ، وماتسمعش الكلام ، أبصلها البصة تقوم تتعدل ، مش تقوليلي كرباج وضرب ، حرام دي نازك برضه ، بتاعتنا وتخصنا ، حرام عليكي ، دي زي البونبوناية في البونبونيرة ، ندلعها ونهشكها ونطبطب عليها ، مش تقوليلي كرباج ، إنتي عاوزه أبوها الكوبانية باشا ده ، والا بيك افندى المخيف ده ، يعلقني في القلعة ، قدام ( محمد على باشا ) من غير هدوم
( يحمر وجه نازك هانم ، من جرئة مصطلحاته ، مع سعادتها من إطرائه عليها ، دون أن يشعر ، فتنهض وتمسك بالكرباج ، ثم تجلس بجواره ، وقد أخذت تحدق فيه ضاحكة بحدة ، في تنمر ، وهو فى هذه اللحظة ، قد فلت زمامه بالفعل ، وترك لنفسه العنان ، ليتخيل أنه يعانقها ويقبلها
وهي تضرب بالكرباج ، ضربات خفيفة على يدها ، وهنا بعد عناء طويل ، أدرك برقوق المعنى ، بعد غباء شديد ، فينكمش في مقعده خائفا متوترا ، وقد تعلم الأدب مع النساء ، في القرن 19 ، وليس الهمجية ولا الفجاجة ، كما يفعل بعض الرجال والشباب ، في القرن 21 )
( تحاول نازك هانم ، في حدة ، أن تطرق الحديد وهو ساخن ، فى إختبار لشجاعته ، ولترى كيف سيدافع ، عن كرامته ورجولته )
نازك هانم ( فى غضب ممتزج بالضحك )
ــ الكرباج ده يا بيه ، علشان الراجل ، إللي ما بيراعيش ، الأدب مع الحريم ، نازك هانم حتقطعه على جسمك ، لو عاكست واحدة ، من الوصيفات تاني ، حتربيك على كبر من جديد ، إنت جرىء وظريف وشجاع ، لكن الله يخزيك ، تفضح أى واحده ست ، تقعد معاها ، إنت حزت القبول و ….
( يقاطعها برقوق مأخوذا ، وقد شك في الأمر ، وهو لازال يتطلع لجمالها ، وقد لعب الشيطان برأسه )
برقوق ( في تساؤل )
ــ هو مين سيادتك بالضبط ، أخت العروسة ولا إيه ، شكلك مش شكل وصيفات ، وكمان كلامك وجرئتك
( يرمقها مشدوها في ريبة ، وقد سال عرقه ، من لعب الشيطان براسه )
نازك هانم ( في مفاجأة له كالقنبلة )
ــ أنا نازك العروسة ، يا بيه يا مؤدب ، يلي بتعاكس الوصيفات
( بصوت حاد عالى )
يلا اختار الأدب ولا الكرباج
برقوق يشهق ، مأخوذا من الصدمة ، ومن فرط جمالها ، الذى أوصله لحالة اللاعودة ، فيبدا فى الإقتراب منها ، غير مراعى للأدب )
برقوق ( وقد فقد صوابه )
ــ يا لهوي مش معقول ، إنت نازك هانم يادي الخجل ، لكن بصراحة ظلموكى
نازك هانم ( مندهشة وهى تتراجع بعيدا عنه ، ملوحة بالكرباج )
ــ إزاي يا بيه عاوز تقول إيه
برقوق ( وقد فلت زمامه ، ولا يستطيع التحكم في هدوئه ، وقد ملكته شهوته وهواه بالنساء )
ــ قالولي إنك ليدي حلوة ، لكن في الحقيقة ، إنت أجمل بنت ، شفتها في حياتي ، عارفة ملكات الجمال ، يشتغلوا عندك خدامين ، تضربيهم بالجزمة أم كعب عالى ، عود ملفوف مكتنز ، زي حبة الألماظ إللي بتضوي ، قوام ولا بمبه كشر في زمانها ، ده إنت غيط منجة ، على عنب أحمر
( يهمس وهو يتلفت حوله ، خوفا من الخدم )
ما .. ماتيجي تقربى منى ، عاوز أقول لك كلمة سر .. لوحدينا ، قربي قربي ماحدش شايفنا
( تذهل نازك هانم ، من هوسة بالنساء وجرئته ، وتنهض ضاحكة خجلانة ، من تطلعاته الجسدية المخجلة ، فينهض هو الآخر متجه نحوها ، مطاردا إياها ، فى جموح عاطفي وجسدى ، فتشير إليه محذرة ، ثم تلوح بالسوط ، عله يتادب ، لكنه لا يأبه
ويحاول الإمساك بها محتضنا إياها ، فتحاول ضربه بالسوط على وجهه ، إختبارا منها لرجولته ، حتى تري ، هل سيتقبل الإهانة أم لا ، وهذه اللحظة عندها ، هي مربط الفرس
فلا وجد امرأة في الكون ، تتمنى من رجلها في لحظة كهذه ، إلا وأن ينهرها ويثور لكرامته
حتى تشعر برجولته وكبرياءه ، والأمان معه طوال حياتها ، لكن برقوق يفعل الأغرب والأعجب ، حيث يمسك بيدها ، قبل أن يهوى الكرباج على وجهه ، في هيام بها ، ويقبلها في همجية ، وقد فلت زمامه كليا
وهى تحاول أن تفلت منه ، فتذهل من حيوانيته ، وتسعد في ذات اللحظة ، حيث أنه لا يقبل الإهانة ، وفي نفس الوقت قد أسره جمالها ، وقد جن جنون الرجل بداخله ، ويعرض نفسه لقطع رقبته ، إن علم ابوها بفعلته
فتتراجع شاهقة وقد ففر فمها ، من محاولته الطائشة ، والتي قد تؤدي بحياته ، في ذلك العصر ، فمن يفعل ذلك مع بنات الأكابر ، تضرب عنقه ، وتعلق على باب قصرها ، كعبرة لمن لا يعتبر
لكنه يتمادى ويخطف الكرباج من يدها ، ويلقيه على الأرض ، ويحاصرها في مكانها ، وهي تضحك متمنعة ، ومرتعبة في ذات الوقت ، من دخول أي شخص عليهما ، فيجدها في ذلك الوضع ، وهى من بنات الأصول ، تذهب نحو اليمين فيحاصرها ، ثم نحو اليسار ، فيمنعها من مغادرة الغرفة ، في أسلوب هجمي
يدل على جنونه ، من خلال شاب طائش أحمق ، مثل برقوق ، لا يابه بالعواقب ، قد تربى فى كنف ، الجد المجنون العالم ( ماركة صينى ) ، فهو قد ورث عنه ، بعض من جنونه وتصرفاته الخرقاء )
نازك هانم ( تتراجع في رعب وهلع ، وشبه سعادة )
ــ إعقل يا بيه ، إنت ما شفتش ستات قبل كده ، حد يدخل علينا يقول إيه ، بنجري ورا بعض في الصالون ، كده عيب قوى ، ثم إزاي يا قليل الأدب والحيا ، تتجرأ ، و … و … وتبوسني ، وتمسك إيدي وتاخذ منها الكرباج ، ده أبويا البيك يقطع رقبتك
( يدور حولها برقوق فى حصار فتتراجع )
ياحيوان أفندي عيب ، بلاش الحركات دي ، إعقل .. أنت سوفاش وهجمي وبربري ، أنا كده حخاف منك بعد الجواز ، والله وحياة رأس بابا البيك الكبير ، حفضي البيت من الستات ، علشان ما تفضحناش بعد الجواز ، مش كده عيب ، إصبر لبعد الجواز
( لا زال برقوق لا يأبه بتهديداتها ، يطاردها في الغرفة ، وهي تحاول تهدئته ، وضبط ثورته الجسدية ، شبه مستائه من همجيته )
برقوق ( في هياج ، وقد تملكته الرغبة المجنونة )
ــ ما تيجي أقولك كلمة سر ، وراء الفازة الكبيرة دي هناك ، إللي عاملة زي الزير ، هناك ماحدش حيشوفنا
نازك هانم ( في ضحك واستنكار )
ــ يا حيوان أفندي .. أقصد بيه ، إعقل هوا أنا بتاعة الكلام ده ، إهدأ حتبوظ الجوازة ، وكل شىء أنا مرتباه ، إعقل وإلا والله أنادي العبيد ، يعلقوك ويجرسوك في شوارع المحروسة ، وأرجع في قبول الجواز منك
( تدخل على غرة الخادمة قرنبيطة ، وتفاجأ بالمشهد المخزى ، العريس برقوق يطارد ، العروس في الحجرة ، وقد تملكه الشيطان ، وفك ازرار قميصه وبنطاله ، فتشهق وتضرب صدرها بيدها )
قرنبيطة ( في ذهول )
ــ إيه ده يا سيدي العريس ، إيه إللي بتعمله ده ، بتجري ورا الهانم الصغيرة كده ليه ، وفاكك زراير هدومك ، عيب
يا سيدي ، ولاد الذوات ما يعملوش كده ، مش تبطل الخصلة الوحشة ، دي إللي فيك ، حد من الخدم يدخل ، يلاقي المنظر كده يقول إيه ، عاوز تفضح الهانم الصغيرة ، ده لو حد عرف ، البيك أبوها يتشال من الكوبانية ، ومتنورش المحروسة ، أبدا بعد كده ، ويخزوقوك على الخازرق ، لا سمح الله
برقوق ( لقرنبيطة ، وهو لازال يحاصر نازك هانم )
ــ أنا إللى الفولت على عندى ، لحد ما الفيوزات حتضرب ، قولي لطنط أم ( نازك هانم السلحدار ) ، تجيب المأذون دلوقت حالا ، النهاردة دخلتي على العروسة ، أم جسم ملبن دي ، في ( ليالي الحلمية ) ، يانا يا انتوا النهارده ، إن شله أموت فيها
قرنبيطة ( تلتقط الكرباج من على الارض ، وتحاول تهديده به ، وكأنه حيوان هائج ، تروضه في حلبة السيرك )
ــ يلا يا ستي أنا حشغله ، دبدوب أفندى ده ، وأنتي إهربي لبره الأودة ، وأبعتي حد ، من العبيد الخصيان يضربوه ، لحد مايقول حقي برقبتي
نازك هانم ( في أسى وخوف على برقوق ، الذي لا لازال يحاصرها )
ــ لأ لأ يا قرنبيطة ، إبعديه بس عني ، لحد ما يهدي ، مش عاوزه حد يمسه ، الناس تقول إيه ، ضربت العريس بالكرباج ليلة الدخلة
قرنبيطة ( في ذهول استنكار )
ــ دخلة إيه يا ستي ، إنت حتعومي على عوم ، الراجل التخين الهايج ده ، ديتها قلمين على وشه ، من سيدي
( علوبه بيك ) ، يقوم يعقل مع الستات ، تلاقيه شاربله قرعتين بوظه ، التخين أفندى ده ، كلبوظه إنت يابيه
( لا زال برقوق ، يطارد نازك هانم في الغرفة ، والخادمة قرنبيطة ، تضرب الأرض بالسوط حتى يهدأ )
نازك هانم ( في خوف عليه )
ــ لأ لأ يا قرنبيطة ، والنبي حرام ، البيه الظريف ده ، حد يلطشله ، أنتي عاوزاه يتخض ليلة الجواز ، يقوم قاطع الخلف
قرنبيطة ( في غضب من أسلوبه الحيواني )
ــ سيبوهولي يا ستي ، أنا أعرف أروضه
( لبرقوق )
يلا ألي هب ، يا دبدوبة إنتى ، يا فيلة إنتى
( تضرب بالكرباج على الأرض ، ثم تمسك بالطبق الذهبي كأنه درع ، محاولة ترويضه كحيوان في السيرك )
برقوق ( لقرنبيطة )
ــ يلا يا قرنبيطة ، جهزي لينا أودة نوم فوق ، طالعين دلوقت ، يلا إستعجلوا المأذون ، علشان أنا مش ضامن نفسي ، ممكن أعمل إيه ، خلاص إتجننت ، وكمان بعد لحظات ، ممكن أرجع لزمني في القرن 21 ، وتبوظ الليلة الكبيرة
( لنازك هانم ، وهو لا زال يطاردها )
بقولك أيه يا حياتي ، ما تيجي معايا القرن 21 ، البايظ ده نتمم الدخلة هناك ، الناس في زمنا ، كل واحد في حاله ، محدش حيقول بنعمل إيه ، وأبوكى البيك مش حيعرف يوصلنا
قرنبيطة ( تلهث وقد أعياها الدفاع ، عن ستها نازك هانم )
ــ باين عليه مجنون يا ستي ، مورتسان أصلي ، ده مش كلبوظة قرع ، ده شارب منقوع البراطيش كله ، فى الخمارة ، يعني أخبطه بالصينية على رأسه ، أموته وأخلص منه ، مبصبصاتي أفنده ده ، وأخلص منه القطر المصرى
نازك هانم ( وهي تجاهد الإفلات منه )
ــ لأ لأ حرام ، هيهدي بعد الدخلة ، وحيبقى كويس قوى
قرنبيطة ( في ذعر ، من تحول نازك هانم الواضح ، لفكرة الدخلة )
ــ يادي المصيبة ، نازك هانم حتستسلمله ، باين الواد الجدع الفِشل ده ، دخل دماغها ، أنا حصرخ ، قبل ما يعملوا مصيبة قدامي ، يادي الفضيحة ، ده أنا لست بنت بنود ، فاكريني داية بلدى والا إيه ، رجالة إيه دول ، دول الرجالة في زمنا مؤدبين ، لازم أبو قرن 21 ، إللى جاء منه سيدي الحيوان ده ، قليل الأدب قوي ، لازم ده من قرون الشيطان ، والعياذ بالله ، هوا العريس مخاوى والا ايه
( تنصت قرنبيطة لجلبة في الخارج )
يا حظى الكويس ، أنا سامعه الوجية ، المتطفل على القصر ، ( أبو طبق الفكهي ) ، أبو نظاره كعب كباية ، واقف بره الصالون ، لما أصرخ عليه ، يمكن الحيوان ده يتعدل ، مع إن أبو طبق ده ، لا بيهش ولا بينش ، ما أنا عارفه ، نوع برقوق بيه ده ، ما يخافش الا من الضرب والفضايح ، بستفرد بالستات بس ، لكن قدام الرجالة ، فار بديل مقطوع ، عجبى علي الدنيا
( تنادي بحدة )
يا فكهي بيه .. يا فكهي بيه ، تعال بسرعة ، فيه مصيبة حتحصل هنا ، هات معاك البارودة وعمرها ، إنت مش كنت ظابط ، فى الجيش العثمنلى
( يدخل على الفور ، من باب الحجرة متخبطا ، الوجيه ( أبو طبق بيه الفكهي ) ، ذو الشوارب العثمانى الطويلة الغليظة المبرومة ، ممسكا بعصا أنيقة ، كعادة كبار وعلية القوم فى عصره ، وهو يبحث عن نظارته الكعب كباية ، والتي لا يرى إلا بدونها ، فيصير كالأعمى ، وهى معلقة فى جيب سترته ، وهو لا يدرى وجودها
وهو رجل تركى ، قضى معظم أيام خدمته العسكرية السابقة ، فى مصر ، لذا فهو يتقن اللغة المصرية ، الدارجة والفصحى بطلاقة ، وهنا يعود برقوق لوقاره نسبيا ، خوفا من أن يضربه الرجل ، أو عبيد الهانم العروس بالكرابيج ، فيتقهقر للخلف بعد فشل محاولاته ، ويجففف عرقه
ثم يضبط من نفسه وهندامه ، ويزرر أزرار قميصه وبنطاله ، ويعود للجلوس على مقعده ثانيا ، وكانه لم يفعل شىء ، فالحجرة بها رجل من الجيش العثمانى ، أتي ليردعه ، وهو الوجيه الفكهي
الذي هو الآن ، متقاعد فى الجيش ، ويعمل مستورد عموم فاكهة مصر ، من أقطار العالم المختلفة ، بأمر من ( محمد علي الكبير ) ، التابع الشبه المتمرد ، على السلطنة العثمانية ، أي أنه يتعامل مع والي البلاد ، وجها لوجه ، وله شبه دلال وسلطة ، على حكومة مصر ، والتى ينقل بالطبع ، أخبارها للسلطنة العثمانية ، كلما إقتضت الحاجة
لذلك يسمح له جوخ ، بمصطلحات ذلك العصر القديم
( البيك علوبه ) ، ويستضيفه كمتطفل عليه في منزله ، بلا سبب مقنع ، متجنبا شر مكانته ، موهما إياه ، بأنه سيزوجه من صديقه زوجته ، الأرملة الثرية اللعوب
( رجله هانم ابو النوم ) ، والتي هي شخصية وهمية ، لا أساس لها من الحياة ، ويصدقه الوجيه الأحمق المهزار ، الذى يطمع ، فى مال النساء الثريات ، فهو جشع كبير )
قرنبيطة ( في غضب وشبه سباب )
ــ خلاص هديت يا بيه ، لازم راجل في القعدة ، علشان تهدي ، انت ماتنضمنش أبدا قدام الحريم
( لنازك هانم )
يلا يا ستي إطعلي أودتك ، الحيوان البيه ده ، قطع نفسك من الجري
( تغادر المكان راكضة نازك هانم ، وهي تلوح لبرقوق بيدها )
نازك هانم ( في هيام لبرقوق )
ــ باي باي يا بيه قلبى
( وكأن برقوق لم يسئ الأدب معها ، وحاول الإختلاء بها ، دونما زواج شرعي ، فينخلع قلبه وهي تلوح له ، ويكاد يقفز خلفها وهي تغادر ، فتلوح له قرنبيطة بالكرباج ، فيعود للجلوس ، خوفا من الضرب والعقاب )
قرنبيطة ( لأبو طبق الفكهي )
ــ خد يا فكهي بيه الكرباج ده ، علشان يعلم برقوق بيه ، إللي قاعد قدامك ، إزاي بيأدب الرجالة إللي بتهجم
عـ الستات
( فى تلميح )
تصدق يا فكهي بيه ، عندنا في القصر راجل ، بيهجم على الستات المحصنات ، والله احنا فـ آخر الزمان
( يأخذ منها فكهي بيه الكرباج بصعوبة ، ويضعه على أحد المقاعد ، وهو لا يكاد يرى أماه ، ممسكا بعصاه ، وهى الشىء الوحيد ، الذى يدل على وقاره ، لا يزال يبحث عن نظارته ، في كل مكان ، وهى معلقة فى جيب سترته ، ولا يدرى )
فكهي بيه ( يتحسس المكان أمامه كالأعمى ، ثم يجلس مجاورا لبرقوق ، دونما تعمد )
ــ مش عارف النظارة ، راحت فين يا بيه
برقوق ( في شىء من الخوف ، بسبب الكرباج الذي كان في يده ، ووضعه إلى جواره )
ــ نظاره .. نظاره إيه يا فكهي بيه ، طب ده أنا جدي يعملك نظاره ، تشوف فيها الزمن ، الماضي والمستقبل ، وتروح بيها السيما ، وتسلم على الممثلين ، وبالذات الستات .. وآه من الستات
قرنبيطة ( لفكهي بيه ، مستنكرة كلمات برقوق له )
ــ تشرب إيه يا فكهي بيه
( موجهه تلميحاتها لبرقوق )
ده إنت حتشرب المر من كيعانك
( ينكمش برقوق في مكانه ، ثم يلوح لقرنبيطة بيديه ، في حذر )
برقوق ( في تلميح )
ــ حيشرب العسل ، يا قرنبيطة قلبي ، بس قولي للست الصغيرة العسل
( يرفع صوته )
أنا مستني العسل ، إشارة الإذن بالعسل
قرنبيطة ( بصوت عالي وهي تغادر ، وقد فاض الكيل بها )
ــ راجل بهيم حلوف ، وشه مكشوف ، لو لبقى قطه لوحدها يفضحها ، أمال لو لقى واحدة ست ، يعمل فيها إيه ، يظهر لازم أكلم السلاحليك ، يصرفولي بارودة ، علشان أنا حعاشر البيه ده ، بعد ما يتجوز ستي ، مسكينة ستي ، حتتجوز راجل ماشي على أربعة ، بيعد النسوان على صوابعه
( ينكمش برقوق في مكانه ، بعد سماعه كلمات بارودة وسلاحليك )
برقوق ( في دهشة )
ــ بارودة .. الخدامة حتشيلي بارودة علشاني ، هما حيعلنوا الحرب عليا ، يظهر تبعات الحرب عـ الإرهاب ، وصلت لهنا والا إيه مش فاهم
( يتلفت حوله فكهي بيه ، بعد سماعه كلمة حرب ، على الإرهاب ، حتى ينقل المعلومة ، للباب العالى فى الآسيتانة ، بسرعة البرق كعادته )
فكهي بيه ( متسائلا )
ــ حرب مين بيقول حرب ، علشان أنقل المعلومة ، أقصد أورد الفاكهة للباب العالى
برقوق ( ضاحكا )
ــ أنا يا فكهي بيه ، إللي بقول حرب
فكهي بيه ( يتحسس أمامه بيديه ، باحثا عن نظارته )
ــ هوا الباشا محمد علي ، أعلن الحرب على الوهابيين تاني
برقوق ( ساخرا من عفلته )
ــ أيوه .. أيوه حرب الخليج التالتة ، لأ لأ الرابعة ، يمكن الخامسة مش متاكد ، ماهى بتتكرر كل شوية
فكهي بيه ( مندهشا )
ــ هيا السفن حتحارب في خليج بولاق ، راحت ولا لسه ، محدش قالي ، علشان أورد لهم فاكهة وخضار ، وهما بيحاربوا
برقوق ( منتبها مندهشا في سخرية )
ــ بولاق .. هو الخليج العربي نقلوه لبولاق ، أول مرة أعرف
فكهي بيه ( مبتسما لا يرى أي شيء أمامه )
ــ أنا ما اتعرفتش بيك يا بيه
برقوق ( في غرور وخيلاء )
ــ أيوه أيوه ، أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا ، برقوق بيه الصيني ، خطيب الأمورة حبيبة قلبى ، بنت علوبه بيك ، إللي إسمه مش عارف إيه ، بختدار وإلا راكب الدار ، والا واقف ورا الدار ، بيبص على إيه مش عارف ، زيك كده
( ينهض فكهي بيه ، ليصافح برقوق ، لكنه يمد يده ، ويتجه لمكان آخر في الحجرة ، وسط دهشة برقوق )
فكهي بيه (يمد يده في اللاشىء ، وهو مندهش يتلفت حوله )
ــ أهلا أهلا يا برقوق بيه ، الله لكن أنت فين ، عموما معلش تشرفنا ، سامحني العتب عـ النظر
( برقوق يتجه إليه ، ويمسك بيده بصعوبة ويصافحه )
برقوق ( بإستهزاء )
ــ لأ نظر إيه يا سيد ، ده أنت شيش بيش خالص
فكهي بيه ( يتحسس المكان ويعود للجلوس )
ــ أصل النظارة إللي عملهالي الحكيم
( مغمض بيه العيني ) ، الطبيب الخاص ، بتاع والينا المعظم ( محمد علي باشا ) ، ضاعت مني مش عارف فين ، يظهر سبتها ، عند السلطان العثمانى فى الآسيتانة
برقوق ( مذهولا )
ــ قلت إسمه إيه ( مغمض بيه العيني ) ، إزاي مغمض وإزاي عيني ، آه لازم الوظيفة ، إللي بيشغلها عند الوالي ، شروطها إنه يكون مغمض ، مش مفتح يا فتاحة بيه
( ينفجر برقوق في الضحك ، ثم يجاريه فكهي بيه ، من فرط تلميحاته السياسية ، على الأشياء ، ثم يتنهد برقوق ويعود للجدية )
برقوق ( في حزم )
ــ قلتلي يا بيه إنت بتشتغل إيه
فكهي بيه ( في غرور )
ــ أنا المستورد الرسمي للفاكهة ، في كل بر مصر المحروسة ، من أول سينا عند العربان ، لحد الصعيد الجواني ، والسودان المصرى وبلاد الاحباش
بروق ( هامسا ساخرا منه يحدث نفسه )
ــ آه مستورد فاكهة ، يعني بتاع عنب أحمر وأصفر ، وتين برشومي وشمام ، وبطيخ نمس ، لما أتريق عليه شويه ، دا إحنا حنضحك ضحك
( لفكهي بيه )
وطبعا سمعت عن ، اليوستفندي باشا ، إللي لسه مادخلش بر مصر
( ولم يكن اليوسفى بالفعل ، يعرفه أيا من عامة المصريين ، فهو سيتم إستيراده ، وزراعته بعد ذلك بسنوات )
فكهي بيه ( مندهشا )
ــ لأ يا بيه ، مين ده ، باشا كبير تركي من الأناضول
( ينفجر برقوق في الضحك )
ــ بيبقي حلو في الشتا ، بس مقشر
فكهي بيه ( مأخوذا لم يسمع ، عن اليوسفي في حياته )
ــ هوا ده باشا ولا فاكهه يا بيه ، هو فيه فاكهه بتدخل البلد ، من ورايا ، يادي العيبة ، هوا انا هُزق ، والا هُزق يعنى ، دى الهمسة بأنقلها للسلطان العثمانى
برقوق ( يفرط من الإستهزاء به )
ــ طب سمعت عن عنبه باشا المدورة
فكهي بيه ( مبتسما )
ــ طبعا طبعا ، دي حرم ( جبار حوش حوش ) ، ده ضابط كبير أرنائودي ، في حاشية الوالي ( محمد علي باشا )
ده حتى شواريه كبيرة ، ومرفوعة زي السيف ، يقف عليها جوزين صقور ، ده أصله عثمنلى زيى كده
( ينكمش برقوق في مكانه )
برقوق ( في خوف )
ــ باين عليا عكيت ، سلامو قولا من رب رحيم
فكهي بيه ( متسائلا )
ــ وإنت من أي البلاد بقى ، يا برقوق باشا أحمر صيني
برقوق ( مندهشا )
ــ برقوق أحمر ، آه ما أنا نسيت ، إنه بتاع فاكهة ، وتلميع أكر الأبواب
( لفكهي بيه )
وإن كان التشبيه غريب ، لكن أنا من القرن 21
فهكي بيه ( مندهشًا متساءلا )
ــ وإيه القرن 21 ده ، بلد جديد في أوربا ، جنب لندره وباريز ، والنروج والبروسيا ، أصل شكلك مش من هنا
برقوق ( في سخرية ومجون )
ــ حاجة زي كدة ، بس إيه ، بلد بايظة آلافرنكا ، خالص خالص ، من غير خجل ولا حياء ، إنترنت وفضائيات وبورنو ، وحروب الجيل الرابع والخامس
فكهي بيه ( يفكر )
ــ وبتستوردوا فيها فاكهة
برقوق ( يتنهد )
ــ فاكهة آه وآه من الفاكهة ، بس إيه ، فاكهة أشكال وأنواع ، فاكهة لابسة جينز ضيق ، وتانية لابسة تيشرت وردي ، وفيه نوع مستورد مجنني ، بيلبس ميني جيب ، قصير قوى ، فى المصايف
فكهي بيه ( ضاحكا )
ــ فاكهة إيه يا بيه ، إنت بتتكلم عن الفاكهة ، والا عن الستات
( ملمحا هامسا ، فى جراة ووقاحة )
الحريمات إللي مش محصنات ، بحبوحات يعني ، سايبين قوى ولامواخذة يعنى
برقوق ( ضاحكا بصوت عالي )
ــ طب ما أنت يا عكروت ، معايا عـ الخط أهو ، يا كنتالوب بيه
فكهي بيه ( هامسا ضاحكا يتلفت حوله )
ــ باين عليك خلبوص كبير ، يابرقوق أحمر بيه صيني ، بس خلي الحاجات دي بيني وبينك ، لحد يخش علينا ويسمعنا ، يقوم يتقل من إحترامنا
برقوق ( يحاول كتم ضحكاته ، وهو لا يعى بسكان القصر )
ــ وإنت باين عليك خنزئور كبير ، يالارنج بيه ، زي ما بيقولوا ، في الأفلام العربي القديمة
( ينفجر الاثنان في الضحكات العالية ، غير مراعيين لصوتهم المرتفع ، الذي ملىء القصر والحجرة )
فكهي بيه ( يتساءل وهو لازال يضحك )
ــ مين أفلام ده ، أغا ولا طواشي ، بيت الحريم عندكم ، فى المقرن ده 21 ، زى ما بتقول
برقوق ( يتنهد )
ــ حاجة زي قلة أدب ، يا هلاس بيه .. يافاهمني
فكهي بيه ( يتلفت حوله منزعجا ، من جرئة برقوق ، وهو لازال يبحث عن النظارة )
ــ طب بيني وبينك حاسب يا بيه ، علشان علوبه البيك الكبير ، حماك المنتظر ، مابيحبش يدخل عيلته ، راجل مبصبصاتي ، عاوز تبقى فلاتي ، جوا الحرملك بتاعك ، فى قصرك سكيتى ، لكن بره الحرملك تعمل شيخ ، البيك ما بيسمحش بكده ، أصل عنده أخلاقيات
برقوق (ساخرا في دهشة )
ــ حرملك وأخلاقيات ، يعني الواحد يهلس فـ الضلمة ، لكن قدام الناس يعمل محترم ، آه .. آه نسيت إن البيك حمايا المعلب ده ، مزدوج المفاهيم والولاء ، مره للفرنسيس ومره للمماليك ، ومره لمحمد علي ، وبالليل في الحرملك
فكهي بيه ( يضحك في تلميح )
ــ المصالح تتصالح يا عزيزي
( ينتبه برقوق ثم يضحك في دهشة )
برقوق ( في تساؤل )
ــ إنت كمان إتعلمت كلمة يا عزيزي ، بيت ايه إللي كله ، منتفعين من السلطة أيا كانت ، وعندهم ذبذبة في الأخلاقيات ، وأنا بقول إن القرن 21 سيء ، يظهر الشر والغلط في كل زمن ، العيب في الناس مش ، في العصر
( يخرج فكهى بيه مشط ، مختلسا الوقت ، ويمشط شعره اللامع متعجلا ، وهو لا يكاد يرى أمامه ، فى تصرف لا يقوم به وجيه ، يحترم نفسه ، فى هذا الزمن )
فكهي بيه ( فى فلسفة )
ــ ياحكيم القصر الجديد ، يا برقوق بيه حقولك حاجة
فـ ودنك
( يتلفت حوله ، ثم يهمس لبرقوق ، بعد أن وضع المشط فى ملابسه )
أمال علوية حماك المنتظر ، بقى من بيه لبيك إزاي ، وحيبقى باشا وناظر نظارة إزاي ، إفهمها بقى يا راجل المستقبل
برقوق ( ينزعج من تلميحات فكهي بيه ، ثم يزفر في الم )
ــ صحيح يبقى باشا إزاي ، لازم يلعب على كل الحبال
( مأخوذا )
إنت بتقولى راجل المستقبل ، لكن أنا مش زيه ، بتلمح على ايه
فكهي بيه ( مستنكرا )
ــ غلط يا بيه ، إنت كمان لازم تعمل زيه ، ما هو كل الهالمة دى ، للست الصغيرة نازك وليك كمان ، بعد عمر طويل ، إنت دلوقت بيه ، علشان توصل ، لازم تسمح جوخ للسلطة .. أيا كانت .. عثمانيين .. فرنسيس .. مماليك .. إنجليز .. الوالي ( محمد علي ) ، يقوم الزمن ينعم عليك ، بلقب .. رتبة .. وظيفة كبيرة .. إقطاعية ، بعدها يا مبخت يا محظوظ ، تبقى برقوق باشا ، برنس أو إقطاعي ، إعمل زي الكل وزيي
برقوق ( متألما في عودة للسخرية )
ــ زيك يعني ايه ، كنت بتبعت الفاكهة إياها ، عـ الحرملك بتاع الكبار وإلا إيه
فكهي بيه ( ضاحكا وهو يتحسس مقعده ، باحثا عن نظارته )
ــ لأ لأ ، مش للدرجة دي ، لكن أنا كنت ضابط مدفعية ، في جيش السلطان العثمانى ، خليفة المسلمين المعظم ، وبعدين قابلت الوالي ( محمد علي ) في مناسبة مش فاكرها ، وهوا قائد عسكرى صغير ، وأنا بخدم هنا فى مصر ، وكان عليه العين ، والكل بيدعمه من أول الشيوخ ، لحد الكبرات ، قمت مسحت له جوخ ، فخدنى معاه ، بعد ما إستعفيت من الجيش العثمنلى ، وعينى فى حاشيته ، وأنا دلوقت .. مابين حكومة مصر وحكومة الدولة العثمنلية ، و …. و ….
برقوق ( مقاطعا كلماته في دهشة )
ــ واحدة واحدة ، يا بتاع كلمة عزيزي ، قلت إيه .. كنت ظابط مدفعية ، هوا انت بتشوف قدامك ، لما تعمر مدفع ، هنهجص من أولها ، يا مهياص بيه
( تستفز كلمات برقوق فكهي بيه ، فينهض على عزة ، ويرفع يده في الهواء صائحا ، بالعصا التركية ، مما يخيف برقوق ، فيرتعد في مكانه )
فكهي بيه ( صائحا بصوت أجش )
ــ لأ لأ ، يا بيه القصر الجديد ، طب أنا كنت بعمر المدفع
( هارون إيش الكبير ) ، فوق الطابية الكبيرة ، مش فاكر فى إسكندرية ، والا الاناضول ، وأنا مغمض عيني ، أمال
( إبراهيم باشا ) المعظم ، ابن ( محمد علي ) ، إنتصر إزاي ، في حرب المورة والوهابين
برقوق ( ساخر من غرورة ، وتزيفه للتاريخ ، وكلماته التي تشي بالكذب )
ــ آه حروب عبد الوهابيين ، بتاع ( بلاش تبوسني في عنيه ) ، يا كذاب بيه ، إللى انتصر فى المورة ، وعلى الوهابيين ، ، الجيش المصرى مش العثمانى
فكهي بيه ( يجلس متجاهلا كلماته ، وهو يمسح على شواربه )
- لاحظ إن الجيش المصرى ، تابع للجيش العثمنلى ، جزء من كل ، وكمان يا عزيزى ، أنا مناسب زيك البيك علوبه ، وده طبعا عمل وطني ، كبير كبير قوي ، في خدمة المحروسة والباب العالى
برقوق ( مندهشا من كلماته ، في صورة هزلية )
ــ حتناسبه .. وده يبقى عمل وطني ، آه لازم حتتجوز قرنبيطة هانم ، الخدامة القمر إللي شفتها ، قوم تنتصر في الحرب ، إللى خلصت ومالحقتهاش ، كان الجيش روح ونام وشخر ، وإنت لسة بتدور عليه
( ينفجر برقوق في الضحك ، حتى تدمع عيناه )
فكهي بيه ( في غضب )
ــ لأ لأ يا بيه ، بلاش تريقه وإستهزاء ، ده أنا ظابط عثمنلى ليا مقامى ، أنا العصفورة .. إللى بتحط على كل غصن
( هامسا )
أنا إللى بنقل الأخبار
( يعود ليستطرد )
مش حتجوز ، قرنبيطة الخدامة الحلوة الصغيرة ، لأ .. دي الأرملة المصون الخاتون ، ( رجله هانم أبو النوم ) ، صاحبة الهانم الكبيرة ، مرات ( علوبه بيك ) ، حماك يا يا عزيزي
برقوق ( يلتفت إليه ضاحكا ، وقد إستعد السخرية منه ، ومن كل شيء )
ــ لازم دراع هانم دي غنيه ، يا مكار بيه ، يا منتفع كبير ، قوي قوي
فكهي بيه ( ينفجر في القهقهة ، وقد فلت زمامه ، فيظل بعد سماع كلمة غنية ، يتشقلب في المقعد ، وقد سال لعابه )
ــ فلوس .. أموت فيك وأنت فاهمني ، يا بيه يا مهياص أحمر ومدور
( يتجاوب معه برقوق في الخلاعة ، ويظل الاثنان يضحكان ، وكأنهم في حانة ، مسترسلان في الضحك والشقلبة ، والمجون والخلاعة ، فلا يلاحظان دخول رجل مخيف ، من باب الغرفة ، في ملابس رسمية لامعة ، إنه ( علوبة بيك البختدار ) ، والد العروس نازك ، وحماه المستقبلي ، الذي إستاء لمجونهما ، الذي فوجئ به ، وإن لم يندهش لرؤيتهما ، يتراقصان كالسكارى في مقاعدهما ، فيبدو أنه معتاد ، على تلك المشاهد ، من كبار الرجال أصدقائه )
علوبه بيك ( يتوقف في حدة أمامها )
ــ إحم إحم يا بهوات
( ينهض فكهي بيه مأخوذا ، ويظل يضبط من سلوكه وهندامه ، ويشير لبرقوق بالنهوض ، وهو حتى لا يرى أمامه ، متحسسا المكان من جديد ، في خلسة باحثا عن نظارته ، التى فى جيب سترته ، ولا يراها )
فكهي بيه ( لبرقوق في تنحنح ، ووقار وتصنع للأدب )
ــ اضبط نفسك يا برقوق بيه ، إحم إحم ، أقدملك ( علوبه بيك البختدار ) ، رئيس كوبانية النور ، ووالد العروس المصون الخاتون ، وناظر النظارة القادم ، إن شاء الله
( ينهض برقوق متعثرا في خوفه ، وقد هاله مشهد البيك ، حماه المزعوم ، فهو رجل ضخم عملاق ، ذو شوارب كثة ، شهباء سوداء مختلطة بالبياض ، ممسك بعصى تركية تشبه المقرعة ، تخيف الكبير والصغير
ويسير خلفه عبد خصي ، فى ملابس رسمية ، أشد رعبا منه ، حارس تابع له ، كدليل على عظيم مكانته ، هذا العبد ممسك ببارودة ( بندقية ) ، من ذلك العصر القديم ، وكأنه مستعد لقتل ، من يشير عليه علوبه بيك ، الذي يرتدي حلة ، من ذلك الزمن الغابر ، جاكيت أسود ، لامع طويل مثل البالطو ، أسفله قميص عجيب الشكل ، أبيض اللون ، وقد ربط على عنقه ، شيء مثل الببيون أو الكرافات
لم يتبينه برقوق ، كل هذا فوق بنطال داكن ، من القماش الفاخر ، يدل على ثراء الرجل ، وسمو شأنه ، صوته أجش ، يظن المرء عندما يراه للوهلة الأولى ، أنه صاحب سجن كبير ، أو من السجانين ، القساة الغلاظ القلوب ، في العصور الوسطى القديمة ، فى سجن ما تحت الأرض )
علوبه بيك ( لازال يتفحصهما في حدة )
ــ إضبطوا نفسكم يا بهوات ، إيه الهزل ده ، البيت فيه حريم إنتوا في أردغانة
( هامسا )
مش كدة ، في الحرملك .. أبقوا اعملوا إللي انتوا عايزينه
( لفكهي بيه ، بصوت به شيء من اللين ، والنفاق والكره والبغض )
( رجله هانم ابو النوم ) ، الأرملة المصون ما بتحبش كده
( يحدث نفسه هامسا في غضب )
ــ ملعون أبوها هيا وإنت ، أنا عارف أيه إللي خلاني ، أوهم الحمار الجاسوس ده ، مستورد البرتقال والليمون ، إن فيه واحدة ، بالاسم ده من الأساس ، لكن أعمل إيه ، الخنزير ده واصل ، للوالي محمد على ، وعين للآستانة والباب العالى ، علينا فى مصر المحروسة ، لازم ألجمه زي تور الساقية ، علشان المصالح بتتصالح
( يضحك برقوق في صمت ، وقد سمع كلمات البيك علوبه ، فيلاحظ الأخير ضحكاته المكتومة ، فيشير له بيديه ، فى أسلوب هجومى ، بعد إكتشافه .. أنه سمع كلماته الهامسة النابية )
علوبه بيك ( لبرقوق مستنكرا )
ــ والكلام ده ليك يا بيه ، ( نازك هانم ) المصون الخاتون بنتنا ، ما بتحبش الراجل المهزار ، عمال على بطال ، فيه أوقات لكل حاجة ، السياسة ليها وقت ، والأبعديات ليها وقت ، والعيلة و الانجال .. والحريم ليهم وقت
( بصوت مرتفع ، يخيف ويرعب برقوق ، حتى أنه تراجع إلى الخلف )
مافيش راجل مهزار ، دخل بيتي لحد دلوقت ، من أيام ما كنت موظف صغير ، في ديوان الباشا التركى .. التركي القديم ، مرورا بأيام الجهاد ، ضد الحملة الفرنسية ، خيبهم الله ، ثم الحروب مع المماليك ، لعنهم الله ، لحد ما إستقريت ، رئيس لكوبانية النور ، وناظر نظارة قادم ، إن شاء الله ، في عهد الوالي المعظم ، ( محمد علي الكبير ) ، عظم الله أجره
( يلتقط انفاسه ثم يعاود الحديث )
أنا .. أنا ……
( ينظر مستريبا في برقوق ، وقد إنزعج لملابسه ، وهيئته الغريبة )
أنا .. أنا ما إتخلقش الراجل المهزار ، إللي يقف قدامي ، مش أجرسه ، والا أخزوقه على الخازوق
( لازال يتفحص برقوق بريبة ، والأخير يرتعد في مكانه )
لأ .. هوه .. هاهاه ، أمسحه من على وش الدنيا
( يحاول برقوق التواري من أمامه ، وفكهي بيه يهز رأسه كالأبله ، منافقا لعلوبه بيك ، فيشير لهم بالجلوس ، بعد أن فرغ من خطبته
ولازال يستريب في برقوق ، الذي بدا له ، مخلوق من عام آخر ، وهو الرجل ذو الستين عاما ونيف ، الذي عرك الدنيا ، ومسحها من أعلاها لأسفلها ، لكنه لم يرى شابا ، ولا رجلا بهيئة برقوق ، الذي شعر بنظرات البيك حماه ، فأدرك أنه وصل لنهايته
فالرجل مستريب فيه ، وقد كشف أمره تقريبا ، ويتمنى لو تنشق الأرض لتبتلعه ، يجلس علوبة بيك أولا ، ثم يجلس الإثنان بعده ، وبرقوق لا يدري ماذا يفعل ، يتمتم بآيات من القرآن ، ويستعذ بالله من الشياطين ، وغضب البيك ، الذي يرمقه بنيران الشرر ، من عينيه ، فيشير لفكهي بيه ، وقد تحول إلى الابتسام المصطنع )
علوبة بيك ( فى نفاق )
ــ الوالي يا فكهي بيه ، أفندينا المعظم ، مبسوط جدا ، من صفقة القرع والشمام والبطيخ ، إللي وردتها للجنود ، الأرنئوط والمصريين ، خواص الوالي ، عظم الله شأنه ، إيه ده يا عزيزي
( منافقا في تأفف خفي ، يظهر على قسمات وجهه )
ده أنت .. أول راجل في بر المحروسة ، يدخل أنواع جديدة من الفاكهة للبلاد
( لازال يتحدث ، وهو يرمق برقوق بدهشة وغضب ، فى تلميح ، على برقوق وبهرجة هندامه )
بس يا ترى ، يا هل ترى ، كل الفاكهة الجديدة ، إللي وردت علينا ، ماأعرفش منين ، على .. على المستوى المطلوب أخلاقيا وعائليا
( يدرك برقوق تلميحاته المخيفة ، فيظل ينادي هامسا ، على جده ماركة صيني )
فكهي بيه ( ساخرا بنوع من الأدب )
ــ إذا كانت الفاكهة عجبت سعادتكم ، وسمو الوالي المعظم ، بعد كده ، حفرق بر مصر كله ، بطيخ وشمام وقرع
( يقهقه )
حيبقى الموضوع كله قرع في قرع
( يلاحظ علوبه بيك ، ضحكات برقوق المكتومة ، فيشير لفكهي بيك بالتحفظ ، وهو يسبه بصوت هامس )
علوبه بيك ( في تأفف ، وصوت هامس يحدث نفسه )
ــ قرع في قرع .. يا فكهي يا خيبة الآسيتانة ، يا جاسوس علينا ، الغلطة غلطتي ، إني بدخل أمثالك في بيتي ، والله لألبسك واحدة من الحرملك ، تكون جارية يوك يوك ، مرت على عشرين راجل قبليك ، بايظة بايظة ، وكمان تكون رفهت عن الجنود المماليك ، علشان تبقى تتجرأ ، وتقول في حضرة علوبه بيك المرعب ، قرع في قرع ، ملعون أبو القرع .. على إللي بيستورده ، على إللي بياكله ،
يا مدفعجي سابق أعمى ، ما بتشوفش زمايلك ، من العدو وقت المعركة
( يضحك برقوق ، قد سمع بعضا ، من كلمات البيك علوبه ، فيتجرأ ويتنحنح ، حتى يدرك البيك أنه سمعه ، فتحمر عيون الأخير ، ويبادره بالحديث والسؤال )
ــ بتقول حاجة يا بيه ، عاوز تقول حاجة
برقوق ( في شبه تجرأ ، وهو نصف خائف )
ــ هوا يا سعادة البيك ، في زمنكم ده ، فيه برضه طبخ وقرع ، وإسمه إيه ده
( يلاحظ علوبه بيك ، عدم ظبط برقوق لهندامه ، فأزرار قميصه مفتوحة ، وقد أفرج عن ساقيه ، وبنطاله الجينز ، ممزق من ناحية الركبة ، فيصيح في غضب ، ناهرا إياه )
علوبه بيك ( في حدة )
ــ إيه ده يا ولد ، مش تضبط هندامك شوية ، إضبط من نفسك ، لما تقعد فى وجود الحريم ، يقولوا عليك إيه ، إضبط هندامك
برقوق ( في تعجب ودهشة )
ــ لأ بقى .. ده أنا ضابط وضابط قوي ، يا علوبه بيك
( ويعني أنه قد ضبط هندامه )
علوبه بيك ( وقد التقط طرف الحديث ، ليدخل في أمور الزواج الهامة )
ــ آه .. قولي بقى يا ولد ، ضابط في أي فرقة ، في جيش الوالي ( محمد على ) ، إنكشارية والا أرنئوط ، والا الجيش المصرى الوليد ، ولا في جيش إبراهيم باشا المعظم ، شكل ملابسك عجيبة ، إنت في أي فرقة ، جوا مصر المحروسة ، ولا إيه بالضبط ، أنا مش فاهم
برقوق ( مرتعشا .. وقد أدرك أنه أساء التعبير ، فى الحديث ، ووقع في شر أعماله )
ــ لأ .. لأ .. أنا .. أنا في جيش جدي ، جدي الصيني باشا
( يتدخل فكهي بيه في الحديث ، ويهمس لبرقوق )
فكهي بيه ( في مقايضة وهمس وحماقه )
ــ أنا هسندك فى الكلام ، بس تفتكرني ، عند جدل الباشا الصيني ده ، أنا ممكن أورد لكم ، عنب بناتي أصفر ، من الكبير
( لعلوبه بيك )
ده جنابك يا علوبة بيك ، حفيد الصيني باشا ، خاقان ..
الـ .. الـ بحر الكبير ، ده ورا .. ورا بحر إسكندرية ، جوا .. جوا بعيد ، عند الجزر الـ .. الجزر المخفية
علوبه بيك ( وقد أصابته الحيرة ، لكنه ينافق برقوق ، في جهل وخوف ، من حديث فكهي بيه وتبعاته )
ــ الصيني باشا .. وخاقان .. وبحر كبير .. وجزر مخفية
( في شبه سعادة )
آه .. آه .. مش ده إللي اتحدى ، ( السلطان العثماني ) ، من شهور في بوغاز الدردنيل
برقوق ( وقد عاد وتجرأ في الحديث ، وأراد كعادته ، أن يسخر من محدثه ، غير عابئ بالمخاطر )
ــ أيوه .. أيوه عند المقياس في المماليك ، جنب متحف
( أم كلثوم ) ، في قصر ( المانسترلي باشا ) ، جنب المنيل
( يسترسل في الهلوسة و الحديث الساخر )
طب ده جدي رعاه الله ، كان هيخلع السلطان العثماني
( سلميان القانوني ) ، لولا مراته ( السلطانة هويام ) ، عظم الله أجرها ، إتدخلت عند جدتي ( ضريبة هانم الوحشة ) أم الفوارس ، ومشى جدي بأسطوله ، من غير حرب ، لكن لو كان نشف دماغه ، كانت إنهارت الدولة العثمانية ، وأقاموا بدالها دولة المهلبية
علوبة بيك ( مأخوذا ، قد أدرك أن برقوق يسخر منه )
ــ مهلبية .. بتقول يا ولد يا خرسيس .. مهلبية
( ينهض علوبة بيك مستاءا ، وقد أحمرت عينيه ، ويشير لعبده الخصي ، فيرفع البارودة ويعمرها ، فينكمش برقوق في مكانه ، وقد وصل لنهايته )
ــ يا كلب الخاقان والبحر الكبير ، جاي في بيتي أنا .. أنا ، وتسخر مني .. أنا ، بيك الكوبانية ، المقرب من ( محمد علي باشا ) ، طب المهلبية دي ياكلها ، جدك الصيني باشا ده ، وتندلق على جيشه ، وتغرق كل بوغازاته ، وسهوله ووديانه ، وتوسخ هدومه وسمعته ، يا ولد يا تخين ، يا غريب الهيئة
( للعبد الخصي )
يا ولد ياخصي ، عمر وإضرب في المليان ، أنا غضبت خلاص .. خلاص خلاص ….
( ينهض فكي بيه ، ويتدخل لفض الأمر ، قبل أن يُقتل برقوق ، وهو لا يزال لا يرى أمامه )
فكهي بيه ( يحاول تدارك الأمر ، وهلوسات برقوق )
ــ فيه حد يقول كده ، يا برقوق بيه ، للبيك حماك ، مش توضح كلامك
( لعلوبه بيك )
لأ .. جنابك يا بيك ، الراجل مش بيهزر ، ولا بيسخر منك ، لا سمح الله ، هوا يقصد إلغاء السلطنة العثمانية ، بعد ضعفها الشديد ، وإقامة بعدها دولة ، دولة .. أقول إيه ، دولة بني المهلب ، المهلبية دي .. نظام سياسي جديد ، لكن .. بعد البحر الكبير ، من خلف الجزر المخفية المتدارية
( هامسا )
يا رب استر ، الأمور كده ما تطمنش ، الولد أهبل ، والبيك شكله حيموته
( يفكر قليلا علوبة بيك ، ويبتلع الإهانة ، ثم يشير لعبده الخصي ، بأن يخفض البارودة ، ويجلس وهو يحاول الاقتناع ، بحديث برقوق ، وشرح وتبريرات فكهي بيه ، لهلوسات خطيب إبنته المهرج )
علوبه بيك ( متنهدا وهو يفكر )
ــ آه .. آه المهلبية ، وإن كان المعنى عجيب ، لكن أنا حمشى الموضوع مهلبية .. مهليبة
( لبرقوق وهو لازال يتخيل )
وانت يا ولد ، يا بيه يا عريس بنتي ، دورك إيه في الموضوع ده ، موضوع النظام العالمى ، المهلبي الجديد ده ، حتبقى صدر أعظم مثلا ، أو .. أو قنصل عام ، معتمد فى الدول الأخرى ، أو حامل الرايات ، أو صاحب المراسم
برقوق ( ساخرا يهلوس ، وقد قاده لسانه للهاوية ، مرة أخرى )
ــ لأ يا عمي ، في نظام المهلبية ، أنا إللي بحط الزبيب ، على وش الطبق ، لما يبرد في الصنية
علوية بيك ( وقد عاد للغضب )
ــ زبيب .. زبيب يا ولد إنت
( لفكهي بيه فى حذر )
يقصد إيه ، يا فكهي بيه بالكلام ده ، بيتريق عليا ولا إيه
فكهي بيه ( خائفا متداركا الأمر مرة أخرى )
ــ لأ .. لأ يا علوبة بيك ، الراجل نيته سليمة ، بيقصد بيساعد ، في رسم الهيكل السياسي ، للدولة الوليدة ، بس هيه مصطلحاته كده
( هامسا )
يادي المصيبة ، كان مالي أنا ، ومال مواضيع الجواز دى ، الإتنين أجن من بعض
علوبه بيك ( مندهشا وهو لا زال يفكر )
ــ آه .. آه ، ولو إن مصطلحاته غريبة شوية ، هيكل سياسي .. أيوه أيوه
برقوق ( يمعن في سخريته )
ــ وعلى الأخص .. هياكل الفراخ البدارا ، لما نعملها بانيه بالبقسماط
( ينهض علوبه بيك راعدا ، ويشير للعبد برفع بارودته ، صائحا في برقوق ، الذي لاحت إليه نهايته ، وعلوبه بيك تقطر عينيه شررا )
علوبه بيك ( وقد مسه الغضب ، وثار ثورة عارمة )
ــ فراخ بدارا ، فراخ بدارا يا ولد ، أنت جاي تستخر مني ، في بيتي ، فى قصرى المخيف ، إللى جنب قصور امراء الأسرة العلوية ، طب الفراخ البدارا دول ، هما حريمك وحريم عيلتك ، وبيتباعوا في سوق العبيد ، الواحدة ببلاش ، يا عرة العرسان ، يا آخر الرجالة ، ياللى معندكش حرملك ، ولا عبيد
( يصرخ باعلى صوته )
أنا .. أنا علوبه بيك البختدار المخيف ، ناظر في النظارة العلية ، تحت إيد ولى النعم ، ( محمد علي باشا ) ونسيبه
، ونسيب الباب العالي في إستنبول ، بيجي ولد بهلول مجذوب ، ما أعرفش من أي داهية ، ويبعبع في وشي ، بالكلام ده ، والله لأقطع رقبتك ، إنت وعليلتك كلها ، وأعلقوا كلكم على باب قصرى ، علشان تكونوا عبرة ، للقاصي والداني ، خلاص .. خلاص أنا غضبت خلاص .. خلاص خلاص
( يقترب العبد الخصي من برقوق ، وقد وضع ماسورة البارودة في رأسه ، فيتدخل فكهي بيه ، وهو يتحسس المكان مأخوذا ، ويهدأ من ثورة علوبه بيك ، الذي يكاد يشتبك مع برقوق ، شبه الباكي ، المرتعد من الخوف )
فكهي بيه ( وقد أمسك برفق ، بعلوبه بيك ، ويبعده عن مقعد برقوق )
ــ وبعدين يا برقوق بيه .. بلاش مصطلحاتك الغريبة دي
( لعلوبه بيك )
ده يقصد .. بـ .. بـ .. بكلمة الفراخ البدارا ، مجلس الأعيان ، عند جده الباشا الصيني
( هامسا )
أنا عاوز أروح بلدنا إستنبول ، البيك علوبة حيضرب ، على العريس النار ، وأنا نسيت العسكرية من زمان
( يهدأ قليلا علوبه بيك ، ويضبط من هندامه ، ثم يجلس وقد إستراب ، أكثر وأكثر في برقوق ، ويشير للعبد الخصى ، صاحب البارودة ، بالوقوف بجوار مقعد برقوق ، الذي ارتعد أكثر وأكثر ، من نظرات ذلك العبد ، وكذلك نظرات سيده علوبه بيك ( لبرقوق محتدا )
ــ ودلوقت يا ولد ، علشان القعدة طولت ، والليل دخل علينا ، قولي يا بيه ، والا مش عارف ايه القابك ، مقوماتك ايه ، علشان تتجوز بنتي ، أقصد عندك أطيان ، معاك شهادات عليا
برقوق ( في خوف وتلعثم وهلوسة ، من مشهد العبد الواقف إلى جواره )
ــ أنا .. أنا يا جدي ، آ .. آ .. أقصد يا بيك ، عندي .. عندي طين في البلد ، تلاته متر أرض ، بأزرعها حرنكش وفول حراتي
( يصرخ علوبه بيك ، وقد وصل إلى حافة الإنفجار ، وينهض راعدا ، ليهد الحجرة على رأس برقوق ، فيتدخل ببلاهة فكهي بيه ، وهو الاخر يرتعش )
( يتدخل فكهي بيه ، في محاولة يائسة ، لإنقاذ برقوق من الموت قتلا ، على يد علوبه بيك ، الذي إستعد عبده الخصي ، لإطلاق النار ، على الضيف الذى يهلوس )
فكهي بيه ( وهو يحاول تعظيم شان برقوق ) - يا بيك .. يا بيك ، إهدأ شويه ، ده يقصد بالمترين ، زمامين في مديرية ، جده الصيني باشا ، ورا برزخ بحر الصين الكبير ، يعني قول كده .. قول كده ، عشرة .. عشرين ألف فدان طين زراعة ، إيه ده يا برقوق بيه ، مش توضح للباشا أمورك ، حيفتكرك مدعي للوجوهيه ، والطبقة الراقية ، إنت عاوز تموتنا والا إيه .. إحم إحم
برقوق ( شبه مرعوبا ، يعبث في راديو جده ، غير عابئ بنظرات علوبه بيك ، الذي ثارت ثائرته ، وإحمرت عيونه )
ــ يا جدي .. ألو ألو ، إنت فين ، البيك علوبة صاحبك حيموتني ، ده فهم خلاص ، إني مش عريس ولا يحزنون
( يذهل علوبه بيك من هلوسات برقوق ، فيخرج عن طوره ، ويخطف البارودة من عبده الخصي ، ويشير له بحراسة باب الغرفة ، حتى لا يفر برقوق ، ثم يجلس بجواره ، والشرر ينطلق من عينيه )
علوبه بيك ( في ذهول وترقب ، لايصدق عينيه )
ــ إنت بتكلم الحديدة ، إنت بتهلوس يا ولد ، مجنون جاى يتجوز بنتى أنا
فكهي بيه ( لبرقوق وهو يشجعه ، وقد إرتعب هو الآخر )
ــ قو .. قول .. قوله يا برقوق بيه على ، على مقوماتك وشهاداتك ، وإلا حيموتنا إحنا الإتنين
( لنفسه )
انا كان مالي ، ومال مواضيع الجواز دي ، ده الخيار والفقوس ، أرحم من قطع الرقاب ، كان لازم أخليني ، في الخضار والكوسة ، أحسن من البيه البرقوق المجذوب ده ، وأنا يا غفلتى ، قاعد أقول .. قرع قرع ، يا يومي الإسود
برقوق ( متحشرجا صوته لعلوبة بيك )
ــ أنا .. أنا إسمي برقوق حموي الصيني ، طا .. طالب إيد .. أقصد طالب في جامعة خاصة ، فـ .. فـ السنة الثانية ، وجدي العالم الصيني باشا ، أقصد الشهير
بـ ( ماركة صيني )
علوبه بيك ( في رعب ، وقد ظنه من بني الجن ، بعدما أحدث الراديو ، الذي في يده ، صوت تشويش وازيز )
ــ قلت إيه يا ولد ، برقوق وحموي ، إسم عفريت ده والا إيه ، وإيه الشيء الحديد ، إللي في أيدك ، ده .. ده بيطلع أصوات ، ده اللهم احفظنا ، وقلت جامعة وبتدرس إيه ، وفي أي بلد تقصد ، الجامعة دي إيه بالضبط ، يعني مدرسة عليا ، زي إللي أفتتحهم الوالي ، (محمد علي الكبير) ، المهندس خانة .. دار العلوم .. مدرسة الترجمة ، ولا إيه إنطق خوفتنى ، إنت مش من بني البشر ، اللهم احفظنا ، والا حكايتك إيه ، هيا عفاريت الكهارب ، إشتغلت والا ايه
برقوق ( متعلثما ، بعدما عاد الراديو ، لإحداث صوت تشويش عالي من جديد )
ــ بـ .. بـ .. بأدرس الأدب والرسم خانة ، أقصد فنون جميلة في جامعة خاصة ، على أطراف القاهرة ، أقصد مصر المحروسة بلغتكم
( يذهل علوبه بيك ، من كلمة أدب خانة ، وقد فهمها خطئا بيت الأدب ، أو حمام مملوكى عام ، فيستشيط غضبا ، ويهجم على برقوق ، ويمسكه من ملابسه ، وقد فاض به الكيل ، مستعد للفتك به وقتله )
علوبه بيك ( بصوت جهوري ، سمعه كل من في قصره ، والقصور المجاورة )
ــ أدب خانة يا حيوان ، بتدرس الأدب والرسم ، في أبصر إيه ، الجامعة دي ، إللى عمرى ما سمعت عليها ، قلنا ماشي نفوتها ، لكن تقولي بتتعلم الأدب خانه ، في مدرسة عليا ، يعني بنتي حتتجوز واحد .. واحد .. ياللهول ، واخد شهادة عليا ، في بيت الأدب ، خريج حمامات ، إنت يا بهيم أفندي ، بيعلموكوا إيه هناك ، نفسى اعرف ، يا مصر يا محروسة ، إزاي تحزق يا سفيه ، وإلا إزاي بتمسح الحمامات يا رذيل ، والله لأقطع رقبتك ، يلي واخد شهادات في الحمامات البلدي
( ينادي بصوت عالي )
يا خدم يا حشم .. يا عبيد يا خصيان .. الكل يحضر عندي هنا بالسلاح
( لبرقوق )
والله لأخلص عليك بإيديا دول ، يا قليل الرباية ، حتى ولو كنت من جني ، النبي ( سليمان عليه السلام ) ، كله من الكهربا والكلوبات ، لمت علينا شياطين الإنسان والجن
( يهجم علوبه بيك على برقوق ، محاولا خنقه ، ويصاب عبده الخصي بالهلع ، فيمسك بالبارودة ، ويطلق عدة طلقات ، مكتومة الصوت وهو مرتعبا ، يسمعها كل سكان القصر ، ومن خارج القصر أيضا ، من الجيران والمارة ، علوبه بيك يحاول خنق برقوق ، حتى الموت
والأخير قد تحشرج صوته ، وأبو طبق الفكهي ، بعد إطلاق النار يرتعد ، يحاول الفرار خارج الحجرة ، وهو لا يرى أمامه ، وفجأة يعود الراديو للعمل في يد برقوق ، الذي إستلقى فوقه علوبه بيك ، للإجهاز عليه ، وهو يسب ويلعن باللغة التركية ، يحدث الراديو أصواتا عالية ، وكلمات عربية وإنجليزية ، وأصوات غناء وموسيقى ، وصوت شيفرة مورس ، وذبذبات مخيفة كأصوات القنابل
فيرتعب علوبه بيك ، ويترك برقوق ، الذي هو شبه مخنوق ، نصف مغشى عليه ، ويتراجع للوراء مذهولا ، وخلفه عبده الخصي ، الذي سقطت البارودة ، هلعا من يده ، وهو يتعوذ بالله من الشياطين ، لازال الراديو يحدث ضجيجا ، فيلتقط علوبه بيك البارودة ، من على الأرض ، وفي نفس اللحظة ، يدخل الحجرة هرعين ، عشرات من الخدم والحشم والعبيد ، وكل منهم ممسك إما بعصا ، أو بسلاح ناري ، علوبه بيك يتأهب مذهولا ، لإطلاق النار على برقوق ، الذي استعاد وعيه
فيفاجأ بأن الحجرة كلها ، تتهيأ للإنقضاض عليه ، وأبو طبق الفكهي يتخبط ، في هلع ، لازال يبحث عن نظارته وسطهم ، مرتعدا يتفوه بكلمات تركية ، ينهض برقوق مرعوبا ، وصوت الراديو ، يعلو قليلا قليلا ، والخدم تلتف حوله متوجسين ، ظانين بأنه من عالم آخر ، وأنه من بني الجن ، فيبادر برقوق بقليل من الذكاء ، بأن يشهر الراديو ، في وجه البيك حماه ، الذي يتزعم الخدم والعبيد ، وكأنهم يصطادون ثعلبا أو ذئبا ، في جبال الصعيد ، او النوبة والسودان المصرى ، في رحلات الصيد الخاصة ، بالوجهاء والباشاوات
فيصير الموقف على أن الإثنين ، شاهري السلاح ، في وجوه البعض ، علوبه بيك يتراجع وخلفه الخدم والعبيد ، ممسكا بالبارودة مهددا ، وبرقوق يتقدم نحوه بالراديو ، الذي يصدر موسيقى وصخب ، وكأنه يمسك سلاحا من القرن 21 ، يهدد به علوبه رجل القرن 19 )
علوبه بيك ( وهو يتقهقر مرتعدا )
ــ إيه .. إيه الشيء ده الحديد ، إللي بيطلع أصوات ، ساحر إنت ، ساحر ولا عفريت ، من الجن والعياذ بالله ، يا خدم يا حراس ، يا عبيد يا خصيان ، إلحقوني الولد المخاوي ده ، حيسلط عليا الجن والأسياد ، يسخطوني كلوب من كلوبات النور ، آه يا حظى النحس ، كله من الكهربا ، إللي دخلتها المحروسة ، جت .. وجابت معاها .. عفاريت ( سيدنا سليمان ) ، والعالم السفلي .. الجن والمردة والشياطين
( يصدر الراديو صوت مخيف ، وصفير وطقطقة وأزيز أجش ، فيرفع برقوق من مستوى الصوت ، للحد الاقصى ليخيفهم ، فيقفز أبو طبق الفكهي ، نائما على الأرض مرتعشا ، ويفر بعض من العبيد والخدم
ويتراجع مع علوبه بيك ، البعض الآخر شبه متماسكين ، أبو طبق الفكهي نائم على بطنه ، يرتعد باكيا ، وبرقوق يهدد الجميع بالراديو ، وهو ينادي شبه باكي ، هو الآخر على جده ، الذي بدأ يرد عليه في أصوات عالية ، متقطعة متشابكة مع صوت موسيقى ، صاخب راعد
يدخل الغرفة وسط الصراخ والهمهمات ، بعض من الطباخين والسفرجية ، يحملون عصي ومقشات ، وتدخل معهم قرنبيطة الخادمة الصغيرة ، وهي تحمل بارودة كبيرة ، أكبر منها
بعدها تدخل على حذر ، ( رفيعة هانم السنجقلي ) ، هي ( ونازك هانم ) إبنتها العروس ، ليفاجئوا بالمشهد الهزلى المخيف ، فتشهق ( نازك هانم ) هي وأمها ، ويقفن بعيدات حذرات ، يتابعن الموقف فى دهشة وإستنكار )
نازك هانم ( في هلع لبرقوق )
ــ إيه ده يا بيه ، برقوق أحمر باشا ، مش قلتلك حنعمل إللي إنت عاوزه ، ليه بقى لزوم السلاح ، عيب كده ، سوفاش خالص ، يوك يوك ، ده البيك برضه والدي ، إزاي تعمل معاه كده ، غلط خالص خالص ، كده الموضع حيكبر
، و الباشا ( محمد علي الكبير ) ، حيزعل يوك يوك ، ومش حيحضر فرحنا ، أبو أربعين ليلة ، ده طبعا بعد أذن ، والدي علوبه بيك
( تضع نازك هانم وجهها في الأرض ، وقد إحمرت وجنتاها ، بعد أن حسمت الأمر ، بأن الزواج واقع لامحالة ، فيصاب بالدهشة والجنون ، علوبه بيك والدها )
علوبه بيك ( في شبه صراخ )
ــ فرح ايه يا بنت يا خرفانه إنت ، خرسيس أدبسيس ، على جثتي ، تتجوزي الشيء المخيف ده ، ده .. ده مخاوي الجن وجده إللي بيقول عليه ، بيعلمه الأدب الشرقي فـ .. فـ .. أدب خانه أبصر إيه ، وبيقول فـ حمامات مدرسة عليا ، وكلامه يخوف ، دول من بتوع السحر الأسود ، والأعمال والعكوسات السفلية ، وقعد يقولى ( السلطان سليمان ) ومراته ( هيمانه ) ، ويعزم عليا بكلام عجيب ، يظهر يقصد سيدنا ( سليمان عليه السلام ) ، وهيماته دي جنيه مسلمة ، والا مجوسية ، والا أبصر إيه وثنيه ، والعياذ بالله
( لازال برقوق يتقدم ، ويدور هو وعلوبة بيك ، والخدم والعبيد في الغرفة ، في وضع لإطلاق النار تصاعدي ، وبرقوق يخاطب جده ، الذي بدأ في صوت متقطع ، في الرد عليه ، تتدخل قرنبيطه الخادمة ، وقد رفعت البارودة في الهواء ، ثم تطلق طلقة ، مكتومة الصوت في الحجرة ، فيرتعب برقوق ويخاف الجميع )
قرنبيطة ( للبيك علوبة وللجميع )
ــ هيييه .. هيييه .. الكل يسكت ، يالا سمع هس ، أنا هقلكم كولكوا ، على سر الموضوع والفوله
( لعلوبه بيك )
لأ يا بيك ، الراجل ده مش ساحر ، ولا مخاوي الجن ، ده سايق الهبل على الشيطنة
( يحمر ومجهها )
مش قادرة أقولك يا بيك ، ده هجم عـ الست الصغيرة إزاي ، وكان عاوز ينفرد بيها و …. و …. ، ويجيب منها عيال ، في أودة الصالون دي ، وكمان قاعد يعد فى الخدامات ، الحريم زمايلى ، فاكهرم بتوعه يا بيك ، ده مش ساحر ، ده يظهر جاسوس ، من بلاد الواق الواق ، أو من بلاد تركب الأفيال وتقطع قرن الخرتيت ، وتنتف ريش النعامة وهيا نايمة ، وتأكل العنكبوت أبو بيض ، وتشرب نار ، وتسيح دهن الحوت ، وكمان لاحظ ، إنه صاحب ( أبو طبق الفكهى بيه ) ، الجاسوس البصاص ، يعنى موالسين مع بعض
علوبة بيك ( ينظر لبرقوق ، وقد إحمرت عيونه تارة ، ثم إلى إبنته ، التي إستقر وجهها في الأرض ، خجلا تارة أخرى )
ــ يا كلب يا خنزئور ، تهجم على بنتي المصون ، المحصنة الخاتون ، وعاوز وراء الكراسي والكنبة العثمنلى ، تجيب منها عيال ، من ورا ضهرى ، أفنديات وبكوات وبشوات كمان ، أتارى الكلب ( أبو طبق الفكهى ) ، الزفت على قطران ، قاعد يمدح فيه ، موالسين مع بعض ، العصافير إللى بينقلوا الأخبار ، شمتان فيا فكهى الكلب ده ، عاوز يفضحنى ، كمنى ما إشتركتش معاه ، فى بيع القرع للوالى ، طب حسابك معايا بعدين ، والله يا برقوق حموى العفريت إنت ، لأطخك عيارين ميرى مخرطشين ، وأروح فيك اللومان الأفرنجي ، بتاع البهوات والأجانب
( يرفع كل من في الحجرة السلاح ، في وجه برقوق ، الذي يكاد يبكي من الخوف ، ونازك هانم وأمها شبه لاطمتين ، ولازال برقوق يهدد بالمذياع ، الذي تتقطع أصواته ، من حين لآخر
فتتدخل قرنبيطة ، لكي تنقذ برقوق من بطش علوبة بيك ، والخدم والطباخين والعبيد ، وفي نفس الوقت ، حتى لا يطلق عليهم العفاريت ، من خلال الراديو
مجاملة منها لسيدتها نازك ، التي بدأت في العويل ، خوفا على خطيبها ، الذي سيقتله الخدم والعبيد وأبوها ، أو سيقتل هو أبيها ، على أفضل الأحوال )
قرنبيطة ( فى حسم للموقف )
ــ يا عااالم .. يا هوووه ، سيبوهولي أنا الراجل التخين ده ، يا علوبه بيك ، ياكبير كوبانية النور ، أنا بلا فخر ، البت القروية الصغيرة ، كنت في البلد في الصعيد ، بروض تعالب وديابة ، ووحوش والخط ومطاريد الجبل ، وأنا قادرة على إني أروضه ، البيه التخين ده ، دي خبرة سنين ، مش أي حاجة
( يتراجع الجميع زافرين ، وقد تركوا شبه مستسلمين ، في سعادة ، زمام الموقف للخادمة الصغيرة ، ونازك شبه سعيدة ولازالت مولولة ، بسبب الخوف على خطيبها برقوق ، من بطش أبيها والخدم
تتقدم قرنبيطة من برقوق بحذر ، وهو يتراجع للخلف ، وهي تهوشه بالبارودة ، التي هي أكبر منها ، ويظل الإثنان يدوران في الحجرة ، يمينا ويسارا ، والخدم والعبيد وعلوبه بيك دائرة حولهما ، يشجعون قرنبيطة ، على قهره وترويضة ، ويصفقون في رتم متباعد ، ثم متلاحق )
علوبه بيك ( لقرنبيطة )
ــ ححليلك بقك يا بنت ، كيس دهب بندقى أحمر ، لو مسكتيه متكتف ، علشان أوديه للوالي المعظم ، متخزوق على الخازوق ، يشوف نتيجة الكهارب السودا ، عملت إيه فيا وفي بيتي ، لا مش كيس دهب يا بنت ، لأ كيسين كبار ، وحزود أجرتك فى الموسم ، بس اتشطري وخنشريله وجحشيله ، وإعتبريه دبه هربانه ، من غابات السودان المصري
قرنبيطة ( لازالت تدور حول برقوق ، الذي يتوسل لها ، مهددا إياها بالراديو ، الذي يتقطع صوته )
ــ وصيتك الحلل والكسرولات ، والشفاشق والكوبايات ، والمعالق والسكاكين يا بيك ، عاوزه جنازة رسمية ، لو موتني أبو الشخاليل ، البيه ده ، قولوا للواد بهاريز خطيبي ، الجبان إللى هرب ، عند أمه نصيبة فـ الصعيد ، وقت الضرب ، مايتجوزشي عليا ، بعد ما أموت ، قولوا للوالي ( محمد علي ) ، يسمى الزقاق إللي اتولدت فيه ، على إسمي ، تحيا مصر المحروسة ، ويسقط الأعداء المخاويين للجن
( تقفز قرنبيطة فجأة ، تجاه برقوق ، فيرتعد وينتفض ، فيهلل الجميع ، وكانها قد كسبت جولة )
يلا يا سيدنا الشيخ ، ألي هوب .. ألي هوب .. يلي يا شمهورش إعقل ، وارمي الأعمال والعكوسات ، في بطن البحر الهايج ، ويلا يا نملة يا أم عنين ، ماتدلدليش رجليكي ، في الهوا الساقع بالليل ، علشان البومة بارومة طايرة ، راجعة لولادها في الخرابة المواربة ، حدرجا بدرجا ، أشتاتا أشتتوت ، الوحا الوحا ، العجل العجل ، دستور يا سيادي ، أنا جيت في معادي ، يلا .. يلا .. يا هيمانة ، يلي أبصر إيه إسمك ، سواء كنتي من الجن المسلم ، والا كافره معفرته ، سيبي ( السلطان سليمان ) في حالة ، وفارقيه وفارقينا ، إنت والواد البيه التخين ، إللي بيعد الحريمات ، نازك وكريمات وسعادات ، يلا يلا .. هات هات
( وفجأة .. قبل أن تنقض على برقوق ، الشبه باكي مرتعب ، الغارق فى عرقه ، والذي أنهكه الموقف ، فكاد يستسلم للخادمة قرنبيطة ، التي لا تستطيع ، حتى مطاردة فأر صغير ، يصدر الراديو صوتا مزعجا كالقنابل ، حيث يتنقل بين المحطات ، في أعلى صوت ، فيرتعد الجميع ويصابوا بالخوف ويصرخون ، مما يجعل الآية تنقلب عليهم ، من حلقه حول برقوق المسكين ، إلى فرع ورعب ، وخوف وهلع شديدين ، تشهق قرنبيطة وتتراجع ، ولا تجد احد ما حولها ، بينما يتقدم برقوق تجاها ، شبه متماسك ، سعيدا بصوت الراديو ، الذى اتاه كالنجدة )
قرنبيطة ( تتلفت حولها ، فلا تجد مناصرا لها ، كلهم ابتعدوا عنها )
ــ بيه .. يا بيه .. يا مخاوى ياتخين ، كده عيب ، إوعي تهجم عليا ، ده أنا لسه بنت بنود
( تتلفت حولها ، فلا تجد رجلا من الخدم يناصرها )
آه يا بلد ، إنتوا رجالة إنتوا ، الكل خلع مني ، والراجل التخين ده ، إما حيفترسني ، أو حيعملني محشي ورق عنب ، والا كرنب محشي رز ، صوابع .. صوابع ، وياكلنى للعفاريت بتوعه
( لازال يتقدم منها برقوق ، وهو يتلفت حوله مرعوبا ، والراديو يصدر صوت ضجيج ، كضجيج هبوط الطائرات )
إيه .. إيه يا سيدي البيه ، ياخطيب ستى نازك هانم ، هو مافيش إلا أنا في الأودة ، يادي المصيبة ده بيقرب مني ، لأ .. لأ ده أنا أهلي صعايدة ، يقطعوك حتت ، إنت وجدك الباشا العفريت ، الحقيني يا اما ، والحقني يابا ، الحقنى يا عمدة بلدنا ، جهز الغفر ياشيخ البلد
( فجأة .. يحدث الراديو صوت صفير حاد وأزيز ، وتتوقف الموجة الاذاعية ، التى كان يتلاعب بها الزمن ، عند إذاعة ( البرنامج العام ) في القاهرة ، وقت زمن القرن 21 ، الذى أتى منه برقوق خطئا
يوم أول ( رمضان عام 2020 ) ميلادية ، فيرتعب كل من في الحجرة ، وتتعالى صيحاتهم وصراخ النساء ، إذ أن أصوات بشرية ، تتحدث من الراديو ، ويأخذ بعض الخدم والعبيد ، المقاعد ساترا ، كأنه يوم الحرب ، وعلوبه بيك يعود إلى ربه ، ويقرأ القرآن في سره
وفكهي بيه ينوح على الارض ، يرفس بقدميه ، ونازك هانم وأمها ، تلطمان باللغة التركية ، أما قرنبيطة .. فتصاب بذهول ما بعده ذهول ، حيث يعلو صوت المذيع ، في الراديو ، فى زمن ، لايعرف حتى الفونوغراف )
المذيع ( في صوت هادئ ، مرتفع وقور ، من القرن 21 )
ــ أعزائى المستمعين ، ننتقل الآن إلى إذاعة خارجية ، لننقل لكم إطلاق مدفع رمضان ، كل عام وأنتم بخير
( يسمع صوت حاد ، لعسكري المدفع في القلعة ، وسط وجوم الجميع ، أما برقوق فلقد بدت عليه السعادة ، لإقتراب موعد عودته لعالمه )
عسكرى المدفع ( بصوت قوى )
ــ مدفع الافطااااار إضرب
( يسمع صوت انفجار مدوي ، لقذيفة المدفع ، من خلال الراديو ، عالى الصوت ، فيصرخ كل من فى الحجرة ، ويأخذ العبيد والخدم سواتر ، ويغشى على البعض الآخر ، وكأن الطلقات المنهمرة ، تنهمر عليهم من كل جانب )
مذيع البرنامج العام ( بصوت به سعادة ، وتهليل وقور )
ــ بعد سماعكم لمدفع الإفطار ، حان الآن موعد صلاة المغرب ، حسب التوقيت المحلي لمدينة القاهرة ، في اليوم الأول من ( رمضان من عام 1441 ) هجرية ، الموافق ( 24 من إبريل عام 2020 ) ميلادية ، تتمنى لكم وحدات الإذاعة الخارجية ، والسيد رئيس الجمهورية ، ومجلس الوزراء ، والمحافظين ، وأعضاء مجلس الشعب ، صوما مقبولا وإفطارا شهيا ، هنا القاهرة ، إذاعة البرنامج العام
( بعدها يسمع صوت الأذان ، بصوت الشيخ ( محمد رفعت ) ، وسط ذهول ما بعده ذهول ، ورعب ووجوم مرتسم على وجوه الجميع ، ماعدا برقوق ، الذي أدرك أن جده ( ماركة صينى ) آت لا محالة ، لإنقاذه من هذا العالم ، الذي لفظه من أول لحظة ، والذى أحب وهام فيه عشقا ، بالفتاة ( نازك هانم )
بعد ذلك تشهق قرنبيطة ، كأنها تموت ، وتسقط البارودة فعليا من يدها ، وتخر على الأرض ، بجوار فكهي بيه ، مغشى عليها مرتعبة ، بعد سماعها للراديو وحديثه العجيب ، الذي هو من زمن مستقبلي ، وهم جميعا ، يظنوه ضربا من عالم الشعوذة والسحر ، وأعمال الجن السفلية )
قرنبيطة ( وهي ممدده على الارض ، تهلوس وقد فقدت الوعى )
ــ الحقني .. الحقنى يا سيدي البيك ، الحقيني يا نازك هانم ، الحقوني يا طباخين ، ويا سفرجية ويا خدم ، الراجل التخين المخاوى ده ، ضربني بقنبل مدفع رمضان ، في قلبي ، لما رفعت عليه البارودة ، وصيتى ليكوا ، عاملوا الواد بهاريز كويس ، من بعدي ، إوعى يتجوز من بعدي واحدة تانية ، يعيش راهب للمطبخ وليا ، ولذكراي التعيسة ، كان حيكتب عليا ، الخميس إللي جاي ، لكن قضاء الله نفذ ، والقنبل صابنى ، ياويل إللي يقف قدام الكهارب ، وأسيادها العفاريت ، يروح بلاش فى طوكر ، وأبعد من طوكر ، والنبي يا علوبه بيك ، فلوس الموسم ده ، مرتبي للخدمة عندكوا ، توصلوه لأمي وأبويا في البلد ، مش تاكلوهم عليا ، وتقولوا لكل سكان النجع ، إن قرنبيطة راحت في الحرب ، في الجهاد ضد الأسياد والعفاريت ، إللى جابتهم الكهارب والكلوبات ، وإنها ماتت مخلصة لمصر المحروسة ، وللوالي وجيشه ، ولعموم الشعب فلاحينه وصناعه ، من إسكندرية لحد السودان المصري
( تشهق كل من نازك هانم وأمها ، والخادمات والعبيد ، ويسمع صوت الصراخ والعويل ، على مشهد قرنبيطة ، وهي تتوهم أنها ماتت
وأن برقوق قد أطلق عليها مدفع رمضان ، من جيش جده العفريت ، الصيني باشا ملك الجن ، ولازالت حالة الفزع والهمهمات ، الغير مصدقة لما سمعوه
من خلال الراديو ، الذي يذيع أحداث ، بعد 200 عام ونيف ، وبعد أن أنهى ( الشيخ رفعت ) ، آذان المغرب بصوته العذب ، الذى لم يسمعوا عنه من قبل
يعود صوت الراديو للصفير ، والتقاطع والطقطقة ، خلال هذه اللحظات ، يظل علوبه بيك يتلفت حوله ، وقد تحول قصره ومنزله ، للخوف الشديد ، وصار نهبا لعفاريت العريس ، الذي حوله إلى أضحوكة ، يشمت فيه أعداء التقدم العلمي ، بتوهم أن الكهرباء والكلوبات البدائية ، ضربا من الشيطان ، ولا يوجد نور إلا نور الله ، وأنها أتت وأتي معها عفاريت ، وجني الملك سليمان ، غضبا من الله
يقترب علوبه بيك من برقوق ، وقد استل البارودة ، من على الأرض ، وإنتوى الاجهاز على برقوق ، الشيطان وعفاريته ، بطلقة واحدة فى راسه ، فتصرخ نازك من المشهد ، وفكهي بيه وقرنبيطة ، ممددان على الأرض ، يرتعشان من الخوف )
علوبه بيك ( ينظر للراديو ، الذى في يد برقوق مذهولا )
ــ العلبه الحديد .. قالت .. قالت ، مدفع رمضان ، وإفطار وقلعة ، إزاي ده ، بيضربوا دلوقتى ، مدافع في القلعة ، بدون إذن من الوالي ، المعظم ( محمد علي ) ، إللي راكب القلعة ، من كذا سنة ، يادي المصيبة ، هوا فيه حد ، ركب غيره والا إيه
( يتلفت حوله )
هما خلعوا الوالي من ورانا ، وإحنا غفلانين
( ينظر لبرقوق ، الذي يتراجع للخلف ، بعد صمت الراديو ثانيا )
وبعدين العلبة ، إللي فيها شيطان بتتكلم ، قالت سنة ( 2020 ميلادية ) ، طب إزاي ده ، واحنا فى أوائل القرن 19 ، يعني بعد أزيد من ( 200 سنة ) ، من دلوقت ، طب تيجي أزاي ، يا إما أنا مجنون ، والواد التخين ده ده عاقل ، يا إما العكس
( يظل علوبة بيك ، يتلفت حوله كالمخبول ، والخدم والحشم والعبيد ، لازالوا خلف المقاعد والأرائك ، التى إتخذوها سواتر ، يضربون كفا بكف ، والبيك قد تحول تدريجيا للجنون )
عبد خصي ( يهمس لاخر فى الم )
ــ يادي المصيبة ، البيك بتاعنا إتجنن ، بقى مورستان خالص ، كل ده من الكهارب ، دي جت وجابت الشيطان معاها ، يارب سامحنا ، كفرنا بسبب الكهارب
خادم ( بضرب كفا بكف هامسا لآخر )
ــ مسكينة ستى رفيعة هانم ، البيك جوزها خدته الشوطة ، يظهر فيه حد من أعداء البلاد ، عاوز يجنن سيدي البيك ، علشان قريب من الوالى ، أصل بلاوية كتيرة ، من أول الخوازيق لحد الزنب ، مرورا بالمهاميز ، إللي بيطير بيها المسؤليين الكبار ، إللي ضده فى النظارة ، لحد بنته المسكينة ( نازك هانم ) ، إللي محدش بيقرب منها ، من العرسان ، أصلهم خايفين من سيرة أبوها ، ماشي ومعاه ، حارس عبد بالبارودة ، الناس كلها خايفه منه ، والبنت بنته يا عيني بارت ، وهيا من جميلات المحروسة
خادمة ( تهمس لخادمة أخرى )
ــ يا عيني عليكي يا قرنبيطة ، ماتت وهيا لسه بنت بنود ، قال إيه المغفلة ، بتدافع عن سيدها علوبه بيك ، وهوا زي اللطخ ما عملش حاجة ، لا هو والا عبيده ، وشاطر بس بالليل ، يتسلل للحرملك دكاكينى ، ويقضيها عربدة مع الحبشيات ، والبنات الشراكسة ، وإلا تكتر في الكلام معاه ، زي ( الجارية سُقاطة ) زمان ، الله يرحمها يقوم يعدمها ، قال إيه وهو نشوان ، يا جارية أجري ، قوم ما جريتش ، قام أعدمها قدام إبنها ، العبد الخنزير ( حمروش أغا ) ، علشان يخوفه ، ومن ساعتها وهو تيس القصر ، أبو قرنين في الحريم ، ناس كبرات ظلمه ، الوليه والبنت ، عندهم شيء رخيص ، يأكلوه زي حته اللحمة الحمرا ، ولم الطبق يخلص ، يحلوا بالباقي سكيتى سكيتى ، وبعدين في النهار ، يبقى سبع البرمبة ، يبرم شنباته ويقول
(تقلده بصوت أجش)
إحم إحم ، ما عنديش راجل مهزاز مهياص ، يدخل بيتي ، وهو في الحرملك ، بيرقص بلدي بالشمعدان ، زى العوالم والغوازى ، والجواري حواليه ، بتصفق على هبله وهوسه ، ناس عايشه بوشين ، والغلابة إللي زي قرنبيطة ، بيدفعوا التمن ، الله يرحمها ستنا المبروكة قرنبيطة ، ماتت وهيا ، بتواجه عفاريت الجن الكافر ، المفروض يعملولها مقام ، ويسموه ( مقام ستنا قرنبيطة بنت البنود )
وصيفة ( تهمس في أذن جارية اخرى )
ــ دلوقت البنت المسكينة قرنبيطة ، حيكون مصيرها إيه ، أنا شايفة بطنها كبرت ، يظهر الراجل التخين المخاوي ، عمل عملته فيها ، بالسحر والأعمال والشبشبة ، وهيا بتحارب الأعداء ، ساعة ما ضرب القنبل ، بتاع رمضان ، ماهي قالت عفريت نسوانجي ، تخين بكبوظة بايظ ، داخل يعد الحريم ، فى القصر والبلد ، لازم ستي نازك بعد الجواز تحاسب منه ، ومن عفاريته ، طب والعيل إللى حيتولد ، بعد ما ندفن قرنبيطة ، فى المقام ، حينكتب باسم مين ، برقوق بيه أبو العفاريت ده ، والا بإسم جده السلطان الصيني ، والا بإسم علوبه بيك ، تخليدا لذكراها ، آه .. آه .. حيكتبوه بإسم الواد بهاريز المغفل ، إللى جرى ساعة الضرب وإستخبى ، عند امه الصعيدية ( نصيبة ) ، ماهم الكبرات ما بيجوش ، إلا على الغلابة ، والواد عامل زى دكر الخنزير ، بحبوح قوى ، وحيرقوه لطباخ خصوصى ، درجة عاشرة ، وبعدين ملك الجن ، كل ما يجيله مزاج ، يبقى يزور قرنبيطة في البيت ، وبهاريز ينزل ، يتمشى في الغيطان أفرنجي ، ويبقى بقرنين زى ( حمروش أغا ) ، عارفه كل ده حاصل ليه ، علشان ربنا غضبان علينا ، مش بسبب الوالي ولا حاشيته ، ولا الحرملك ولا تجارة العبيد ، لأ كل ده يهون ، لكن بسبب الكهارب الملعونة ، قال إيه نور بالليل ، مش بالنهار ، يا ناس يا ضالين ، هوا فيه نور غير نور ربنا ، أهو سلط عليهم العفريت برقوق ، إللي طلع من الكلوب ، وعاوز يجيب من ستى ( نازك هانم ) ، عيال فى الصالون ، ورا الكنبة العثمنلى ، الكهارب المعفرتة بتنتقم منهم ، عن طريق سلطانية الصيني جده ده ، النهاردة ينوروا المحروسة بالليل ، بكره تقوم القيامة ، والعلبة الحديد المعفرتة دى ، إللي بيطلع منها صوت الرجاله ، تبقى موجودة في كل بيت ، تدخل المحروسة ، وتدمر العائلات ، آه .. آه .. ويبقى غضب شديد من ربنا ، الستات تبقى قاعدة لوحدها ، فى الحرملك والخلوة ، يقوم الراجل قليل الحيا ، وهوا مش ، لابس الطربوش أبو قاووق ، يطلع من العلبة ، ويقول هنا المحروسة القاهرة ، يا مسا التماسى ، على الحريمات الموجودين ، طب الحريم ، تعيش إزاي يعني يا عالم ، أتنحنح يعنى ، قبل ما أدخل على خلوتي ، واستأذن الراجل إللي جوا العلبة ، وأقول دستور يا دلعادى الراجل ، خلي الأبصر إيه ، المذيع يدور وشه ، يادي المصيبة والفضايح ، يا عيني على زمن الرجالة ، إللي ولي ، الراجل سيد الرجالة ، يروح الصبح عـ الديوان في النظارة ، ويسيب حريمه مع العلبة ، إللي فيها رجاله لوحدهم ، والمصيبة لو بدعوا ، والا إخترعوا علبه ، ملعونة مشيطنة ، مش صوت بس ، لأ صوت وصورة ، يعني الحريم تقف ، تشوف الرجالة التصاوير ، وهيا بتتحرك ، وكمان تسلم على الرجالة ، جوا العلبة ، وطبعا حيكونوا رجالة حلوين ، فيهم ملاحة ، أفنديات وبهوات ، وبكوات يخطفوا القلب ، صحيح يا نسوان ، الشيطان دخل كل بيت
( يلاحظ علوبه بيك ، همسات الخدم والعبيد حوله ، فيصرخ راعدا فيهم بكل حده ، بعد أن فلت زمامهم ، وتركوا العنان لخيالاتهم المضحكة )
علوبه بيك ( في صراخ جهورى ، وهو يلوح بالبارودة )
ــ بتقولوا ايه ، ورا الكنب والكراسى ، بتتهامسوا على ايه ، يا خدم يا لمامة الأسواق ، فاكريني إتجنتت ، إنتوا مش شفتم كل شىء ، على أصله ، أيوه أنا بأعترف ، الكهارب جت ، وجابت معاها العفاريت ، والولد التخين ده ، خرج من الكلوب ، علشان يصغرنى ويهزقني ، ويضحك الناس عليا ، ويقولوا علوبة بيك ، ناظر الكوباينة بتاعة النور .. إتجنن
( يعود للتساؤل ، ويدور حول نفسه )
طب إزاي يا عالم ، حد يفهمني ، العلبة الحديد قالت ، تهنئة من الرئيس ، والوزراء ومجلس شعب أبصر إيه ، وما قالتش الوالي ولا النظار ، ولا الأعيان وأصحاب الأبعديات ، والبشوات والبكوات ، وأصحاب السعادة والوجهاء
( يظل يدور كأن مجنون ، حول الخدم والعبيد ، ونازك هانم وأمها تبكيان )
حد يقولي إزاي ، هوا فيه رئيس .. بعد أسرة ( محمد علي ) ، دول أمراء وخديويات ، وملوك وسلاطين ، ياعالم يا هوه ، ياعبيد ياخصيان ، قولوا للوالي المعظم ، إبعتوله وعرفوه ، إن الأسرة ستسقط ، على إيد أبصر إيه علبة حديد بتتكلم ، جاية من .. قال إيه ( القرن 21 ) ، ده قرن إبن ستين في سبعين ، ما يتسماش بأى إسم ، قرن قليل الأدب ، فاضح غير أخلاقي ، خلي الولد التخين ده ، يسخر من شيبتي ، وعاوز يفضحنى فى بنتى ، ويحاول يجيب عيال في الحرام ، من مين .. من المصون الخانون ، إللى ماطالهاش وجهاء ولا أمراء ، وكل ده .. في أودة الصالون بتاعة قصرى ، وكمان ضرب بالقنبل ، البنت الخدامة قرنبيطة ، طيب الله ثراها ، بمدفع رمضان ، فى وقت مش رمضان ، وإحنا مش صايمين ، موتها قدامى .. وانا عاجز زى الكلب الذليل ، وأنا .. وأنا كنت الراجل المخيف المرعب ، إللى بيشيل مدرين مدريات ويخزوقهم ، مش قادر أعمل حاجة ، عاجز قدام علبة حديد بتتكلم ، مش عارف إزاي ، طب هوا الحديد بيتكلم ، إزاى إزاى إزاى
( يظل يصرخ ، وهو يدور حول نفسه ، وقد بح صوته من الصراخ )
قولوا لإبراهيم باشا ، يجهز الأسطول والعمارة الحربية ، وكام ألف جندي ، علشان يأدبوا العفريت برقوق وجده ، وجوقته من الجنيات والشيطاين ، وعفاريت المهلبية والزبيب ، وهياكل الفراخ البدارا ، إللى مش عارف ، طلعوا إزاى من الكولبات ، آه .. آه .. كان لازم نقفل على الكهارب ، وماننورش المحروسة
( يخر علوبه بيك على الأرض ، وهو يهلوس ، ونازك هانم تبكي ، وأمها تلطم بالتركى ، على إنهيار زوجها ، والخدم يضربون كفا بكف ، خلف السواتر الأثاث ، وبرقوق يخاطب الراديو ، أملا في الإتصال بجده ، الذى غاب صوته ، وفجأة ينتبه الجميع على صوت حاد عالي ، يصدر من الراديو ، إنها إشارة من الجد ( ماركة صيني ) لحفيدة برقوق )
ماركة صيني ( بصوت عالي كوميدي )
ــ ألو ألو .. حول ، العالم ( ماركة صيني ) ، ينادي حفيده برقوق ، في ( القرن 19 ) ، أنا جدك يا روح قلبي ، ( القرن 21 ) ، جاي كله برابطة المعلم ، علشان ينجدك الكنبات ، وينفش لك الريش ، والقطن جيزة أبو تيلة طويلة ، ألو ألو ، حول حول ، هل تسمعني بقوة 6 على 5 ، وإلا كام على 5 ، لازم تقولي بسرعة ، علشان أحسن الإرسال والنسل ، ونبطل بقى كسل ، ألو ألو ، حول حول ، يا حفيدي برقوق أحمر مدور حموي ، سامعني .. ما تقومشي بأي تصرف خاطئ ، علشان ما يحصلش تغيير في الزمن ، ما تتمشاش في ميدان العتبة ، قوم ( إبراهيم باشا ) أبو إصبع ، يغير من وضعية وقوفه ، ماتقربش من ( قصر الأمير محمد علي توفيق ) في المنيل ، علشان ده ( ولي عهد فاروق ) ، مش عاوزين لخبطه في الزمن ، لما ( محمد علي ) يعمل
( مذبحة القلعة ) ، إعمل نفسك مش شايف حاجة ، وماتتمشاش فى الدرب الاحمر ، علشان الانكشارية حينزلوا ، يهاجموا القاهرة بعد المدبحة ، وإنت شكلك شبهة حتتمسك ، ويعلقوق على العروسة ، من غير هدوم ، بعدين تبرد ، ليه بقى ، علشان الوالي زعله صعب ، مش تعملي أبو أحمدات ، وتهرب المملوك ( أمين بيك ) من فوق القلعة وينط نطة المملوك ، لا يا روحى ، كده يعملنا مشاكل ، وما نروحش القرن بتاعنا ، سيبه هوا لمصيرة ، حيشوف الويل ، تلاتين سنة في الصحراء هربان ، وعيلته حتتشرد ، وتتباع أغراضهم ، فى وكالة البلح ، بعدها حيرجع صاغر ، وهوا عجوز ، يبوس الأيادي ، لحد ما ( محمد علي) ، يعفي عنه ، زي ما شفنا فى المسلسل الاذاعى ، ( عماد حمدي) و ( أمينة رزق ) ، حصل ليهم إيه ، أما في فيلم ( حياة أو موت ) ، فاللى مايتسماش .. إسمه إيه ده ، مش عاوز يشرب الدوا .. ليه بقى .. و …. و ….
( يقاطعة برقوق محتدا ، وقد ضج من هلوسته )
برقوق ( في حدة وسط ذهول الجميع )
ــ إيه ده يا جدي ، بلاش هلوسه وإستظراف ، هيا ناقصة هبل ، حتحكيلى تاريخ الإذاعة ، والسيمنا المصرية ، وأنا شبه ، بيجربوا فيا حكم الإعدام ، حتحكيلي تاريخ الممثلين ، هو أنا ناقص خوتة ، مش كفاية إللى عمله ، فيا إختراعك ، الحقني بسرعة بسرعة ، علشان حيعدموني ، يالحقتنى يا مالحقتنيش ، حيخزوقوني عـ الخازوق ، على باب زويلة ، كله من إختراعاتك المجانينى دى
ماركة صيني ( في تعمد للسخرية )
ــ خلاص خلاص يا حبيبي ، حلحقك .. قبل ما يخزوقوك مع ( سليمان الحلبي ) ، أروح أجيب ( عماد حمدي ) من بيته ، ونكمل السهرة عندكم في ( القرن 19 ) ، سلملي على أنشته ( علوبه بيك ) صديقي ، وقوله بكرة تندم يا جميل ، ألو ألو ، علم وانتهى
( يستشيط علوبه بيك غضبا ، من سماعة لكلمة نجدة ، ويعود لقوقته وجبروته ، وينهض ثانيا ، وقد تذكر مجده العسكري ، ويظل يرعد ويهدد ويتوعد )
علوبه بيك ( وهو يثير العبيد والخدم ، ضد برقوق وجده )
ــ نجده ايه يا كلاب القرن ، أبصر إيه ده 21 ، أنتوا فاكرينا السلطنة العثمنلى ، ( سليمان القانوني ) ، وجاريته ( هيمانة ) دي ، وإلا اسمها إيه ، لأ إصح معايا ، يا برقوق حموي عفريت ، إنت وجدك شمهورش الصيني ، المكهرب ده ، وإلينا ( محمد علي المعظم ) ، إللى حيوقفكم عند حدكم ، إيه يعني كهارب وكلوبات ، مش عاوزينها ، إيه يعني عفاريت وجنيات وشبشبة ، وأعمال سفلية وعكوسات ، إحنا حنحلها بقدرة الله العظيم ، ده إحنا إللي هزمنا الوهابين ، المتمردين على الباب العالي في الحجاز ، ودخلنا المورة وبلاد اليونان غازيين ، وفتحنا السودان وأنشأنا ( مدينة الخرطوم ) ، ومش بس أنشأناها ، ده كمان هزمنا ( الملك النمر ) ، ورحنا لحد طوكر وأبعد منها ، روضنا السباع وركبنا الفيل أبو زلومة ، وقطعنا قرن الخرتيت
( للخدم الذين لازالوا خائفين ، هم والعبيد خلف الأثاث كسواتر ، يتهامسون على البيك علوبه ، الذي أصبح كالمجنون )
يا ولد انت وهوا ، يا خدم يا عبيد ، إبعتوا بالحمام الزاجل نجدة للبيت ، قوة من الأرنئوط والإنكشارية ، والجيش المصرى ، والمماليك البحرية والبرجية ، علشان يكلبشوا بالأصفاد والحديد ، الولد الساحر ده المشعوذ ، قبل ما ييجي جده المعرفت الصينية ، ومعاه أسطول حدرجا بدرجا ، والعمارة إللى لابسة طاقية الإخفا ، أشتاتا أشتوت ، ده إحنا برضه رجاله ، شواربنا مخروطية ، يقف عليها الصقر
( يضبط علوبه بيك البارودة ، على وضع الإستعداد ، ليطلق النار على رأس برقوق ، الذي يتراجع للخلف متوسلا ، ولم يعد الراديو يخيفه )
علوبه بيك ( لنازك هانم إبنته )
ــ سامحيني يا بنتي ، حخلص القصر والمحروسة ، من شرور الدجال ، برقوق المدور الحموي ده ، وأعلق راسه على باب القلعة ، علشان الوالي ، يعلق لي نيشان الشجاعة ، على صدريتي التشريفة
( يصبح علوبة بيك بصوت جهوري )
ــ بسم الله .. وبقوة لا إله إلا الله ، أقضي على الكهارب وعفاريتها ، وأكسر قلب بنتي ، العذراء المصون ( نازك هانم ) ، فدائا لمصر المحروسة
( تشهق نازك ، وتخفى وجهها بيديها ، وتصرخ أمها بالتركى ، ويستسلم برقوق ويقرأ الشهادتين ، لكن فجأة .. وقبل أن يطلق علوبة بيك الرصاص ، على رأس برقوق ، يحدث خلل في بؤرة الزمن ، فيرى كل من في الحجرة ، من خدم وعبيد وخصيان ، وعلوبه بيك ونازك وأمها ، أضواء كرستالية ممزوجة بألوان الطيف
فيشهق الخدم والخادمات ، والوصيفات والجواري والعبيد ، لقد تجمعت كل الأضواء ، حول مكان برقوق ، الذي تنفس الصعداء ، ومسح عرقه زافرا ، إذ أن النجدة أتت ، من
( القرن 21 ) ، لتوضح للجميع كل شيء
فيخفض ( علوبه بيك ) بارودته ، وقد قفز فاهه ، ويظن الحاضرون ، أن أحد جني النبي سلميان ، أتى لإنقاذ برقوق المشعوذ الساحر ، وهنا تصبح في سعادة نازك ، لأن أبوها لم يقتل برقوق ، وتزداد حدة الأضواء ، فيخر كل من في الحجرة ، جزعا على الأرض ، ماعدا علوبه بيك ، الذي تراجع مستعدا لإطلاق النار ، وكذلك نازك وأمها تتراجعن ، وهن في أشد حالات ذهولهن
ليتجلى لهم جميعا ، بعد نصف دقيقة ، مشهد للجد ( ماركة صيني ) ، على سيارة جيب قديمة ، من زمن الحرب العالمية الثانية ، وقد إرتدي كسرولة المطبخ ، فوق رأسه ، للحماية من الصدمات ، وقد ركب مروحة الطائرة الألمانية العتيقة ، لمقدمة السيارة ، وهي تدور ببطء شديد ، بعد رحلة الزمن ، التي قطع فيها ( 200 عام ) ، في جزء من الدقيقة ، راكبا آلة الزمن ، التي داخل السيارة الجيب القديمة ، وذات المروحة العملاقة ، التي كانت مع دوران لها ، تعود في كل لفة ، عام ميلادي وهجرى
ومع خفوت الأضواء الكرستالية ، وانقشاع الضباب الكثيف ، يشهق الجميع مرتعبين ، فيفر بعض من الخدم والعبيد ، إلى خارج الحجرة صارخين ، والبعض الآخر يغشي عليه ، ويسمع في خارج القصر ، صوت إطلاق الأعيرة النارية البدائية ، وأصوات همهمات وصياح
بأن جيش مغازي من الجن ، والحيات والعقارب والعفاريت ، قد غزا منزل علوبة بيك ناظر الكوبانية ، إنتقاما من السماء ، لإدخاله الكهارب لبر مصر ، ولموالاته لأي فصيل ، يتسلم السلطة في بر المحروسة
بعدها يهبط الجد ( ماركة صيني ) من السيارة ، التي تشبه وحشا من عالم آخر ، وهو ممسك بمقدمة مكنسة كهربائية ، مستوردة من الصين ، تحدث صوتا مخيفا ، وتشفط الهواء من أمامها ، فيتراجع علوبة بيك للخلف مذعورا ، ويتقدم منه الجد في رداء فسفوري ، وقد إرتدي بجامة كستور ، أسفل الرداء ، مخططة باللون الأزرق ، تصدر وميض وضى ، وعلى رأسه الكسرولة كالخوذة ، ثم يمسك بيد ( علوبه بيك ) مصافحا ، الذي دخل في حالة من الذهول ، وهو يرى الجد
( ماركة صيني ) يصافحه مرغما ، والذي يظنه ، ملك ملوك الجن الغير مؤمن
لكن فجأة وفى ذات اللحظة ، يدخل من باب الغرفة
( حمروش أغا ) ، وهو يرفع بارودة عملاقة ، تقطر عيونه شرار ، وهو يرعد ويصرخ ، وقد إستيقظ بعد نوم طويل ، على أصوات إطلاق النار ، وصراخ وعويل الخدم فى القصر ، الذى صار فوضى عارمة )
حمروشي أغا ( وقد صاح في حدة ، يتلفت حوله )
ــ إنت فين يا سيدي علوبه بيك ، أنا سمعت ضرب البارودات رحت قمت من النوم ، بعد ما كنت بشخر بشخر ، وجيت على طول يا سيدي البيك ، هوا الوالي ( محمد علي ) ، أعلن الحرب على المماليك والا إيه
( يجرى نحوه ، فيمسك علوبه بيك بتلابيبه ، وقد إحمرت عيونه في ألم )
علوبه بيك ( في صراخ وسباب وتوسلات هامسة )
ــ يا بهيم الحرملك ، يا تيس الحريمات ، يا خنزئور القصر ، نايم كل ده ، ماسمعتش كل إللى حصل ، كنت مستنيك من الصبح ، الواد التخين ده خطيب ، أقصد كان خطيب بنتي بهدلني ، هوا .. هوا وجده إللي عامل زي العفريت ، ده جاي من المورستان ، وحيات أبوك المجهول ، وحياة أمك المرحومة الطاهرة
( يحاول حمروش أغا التحدث ، فينهره علوبه بيك )
ما تتكلمش ، أنا حرجع لأمك حقها ، ( سُقاطة هانم ) الجارية إللى ما بتجريش ، بس عاوزك تأدب الكلاب دول ، شخاليل ( القرن 21 ) دول ، والا من بني جن سيدنا سليمان ، والا إيه مش عارف ، المهم عاوزك تشخلعهملي ، زى ما علمتك تعمل فى الجوارى ، تلعبهم على الشناكل ، علشان أنا فشلت فشلت ، في كل محاولاتي معاهم ، دول عاوزين واحد مخنشر زيك ، طوله قد صارى السفينة
حمروشي أغا ( يتلفت حوله ، باحثا عن برقوق وجده ، والإثنان أمامه مدعيا الغباء )
ــ طبعا طبعا يا سيدي البيك ، دول عشر أكياس دهب في الموسم ، وحياة ابويا المجهول ، وأمي سُقاطة إللى أعدمتها ظلم ، روحي يا جارية ، قام ما راحتش ، إجري يا جارية ، قام ماجريتش ، قمت أعدمتها ، وأنا شهدت عليها زور ، عادي عادي ، برضه إنت الكبير
( يتلفت حوله )
هما فين ، كلاب القرن 21 إياه دول ، علشان أفرغ فيهم البارودة ، حطخطخهم طخطيخ
( لازال يتلفت حوله ، مدعيا عدم رؤيتهم )
بس هما فين مش شايفهم
( يشير له علوبه بيك ، على برقوق شامتا ، الذي جزع من مشهد ( حمروش أغا ) ، ثم يشير له على جده ، الغير مبالى ، والذي أخذ يدندن ويصفر ، وكأن العبد الخصى ، لم يأتي لقتله هو وحفيده ، ينظر العبد حارس بيت الحريم ، إلى برقوق ، ثم يرفع البارودة نحوه ، وقد إحمرت عيونه ، ثم يتقدم منه ببطء مخيف ، وكانه يصطاد ثعلبا ، مما يرعب برقوق )
حمروشي أغا ( فجأة تتهلل أساريره ، ويهجم على برقوق ويقبل يده ، وسط صراخ ، وتوعد علوبه بيك له )
ــ مين سيدي البيك الجديد ، برقوق الحموي المدور ، خطيب ستي الصغيرة ( نازك هانم ) ، إزيك يا سيدي ، الله هو إيه إللي حصل ، إنتوا كنتوا بتضربوا نار ليه ، بره القصر ، هيا نازك هانم دخلت ، والا إيه
( يهجم عليه علوبه بيك ، ويمسك بتلابيبه ، والجد ماركة صيني لازال يصفر ، معطيهم ظهره ، وبرقوق يكتم ضحكاته ، وكذلك نازك ، وأمها لازالت ترتجف ، والخدم يهمهمون مندهشين )
علوبه بيك ( يصرخ في ثورة كالمجنون )
ــ يا بهيم أغا .. إضربهم بالنار ، ده أمر مني مباشر ، مافيش دخلة ولا يحزنون
حمروشي أغا ( مندهشا متصنعا الغباء )
ــ ليه يا سيدي البيك ، ده خطيب ستي الصغيرة ، مش جنابك وصتنى ، أبوس الأرض بين رجليه ، وأمسح له جوخ ، ده أنا كمان ليلة الدخلة ، حرقص لهم عشرة بلدى ، وأقفلهم عـ الباب ، وأصفر ولا كأنى سامع حاجة
( يعاود علوبه بيك الهجوم ، على حارس بيت الحريم ، العبد الخصي ويكاد يخنقه ، والأخير مصر على إدعاء الغباء )
علوبه بيك ( وقد كظم غيظه هامسا في حدة ، وشبه تذلل ولين )
ــ مش وقت الضرب فى الضهر ، يا كبير الخصيان ، أنا حرد لك كل حقوقك ، وأعرفك مين أبوك ، وحرد حقوق أمك
( سقاطة هانم ) رحمها الله ، بس أدبلي كل الكلاب دول ، قبل ما أتجن بجد وأموتك ، وأموتكم كلكم في القصر ،
يا عييد السوء ، يلى بتخذلونى وقت المعركة ، مع العفاريت
( يلتفت حمروشي أغا ، إلى الجد (ماركة صيني ) فيقترب منه ، ويصافحه ويقبله بحرارة ، ثم يحتضنه في ود ، وكأنهما أصدقاء ، لم يلتقوا من زمن بعيد ، ثم يوجه حديثه لعلوبة بيك )
ــ إحنا يا سيدي برضه ، عبيد السوء ، مش دول إللي حاربوا معاك ، ضد الحملة الفرنسية ، وضد المماليك ، وضد كل الأعداء ، مع كل الأعداء
( يتابط ماركة صيني حمروش أغا ، وسط ذهول ولطم علوبه بيك ، ويسير معه في الحجرة ، ويدوران عدة دورات ، وسط همسات العبيد والخدم )
ماركة صيني ( للعبد الخصى )
ــ إيه يا حبيبي ، بقالي زمن ما شفتكش
حمروش أغا ( في خجل )
ــ مشاغل .. مشاغل والله يا سيدي ، أصل حكم الحريم ، محتاج إيد ناشفة ، وطهارة ذمة ، وعنين مفتحة ، وتوب ديله مش نجس ، وإنت زي ما عارف ، أنا مخلص لسيدي برقوق بيه ، زى ما وصانى البيك الكبير علوبة ، ده بقى لقبه الشهير أنشتا القصر
( يصرخ علوب بيك ، من سماعه كلمة أنشتا ، ويلطم على وجهه )
علوبه بيك ( في ذهول )
ــ أنشتا .. أنشتا يا عبد السوء ، هو البيه التخين ده المشعوذ ، جوز أختك نازك هانم ، يا ولاد الـ ….
( يقترب ماركة صيني من علوبه بيك ، وقد أخرج علبه سجائر محلية ، وأعطى منها سيجارة كبيرة ، غريبة الشكل ، للعبد كبير الخصيان ، أمام علوبة بيك ، فيشعلها له الجد في ود ، وعلوبه بيك يحدق في جنون ، وهو مذهول )
ماركة صينى ( فى استنكار )
ــ ليه .. ليه كده يا مونشير ، ليه تشتم حبايبك ، وأهلك والمجتمع والناس ، أقدملك نفسى ، أنا جدو ( ماركة صيني ) ، معلش .. أنا شقلبتلك حال القصر بتاعك ، ما هو هوا ده التطور ، إللي بيصاحب عمليات إختراق الزمن
علوبه بيك ( مذهولا )
ــ زمن .. زمن .. و إختراق .. زمن إيه ، يا راجل أنت ،
يامخلول ياعفريت
( يتأبطه ماركة صيني ، وهو يقاومه مأخوذا ، ويسير به في الغرفة يشرح له )
ماركة صيني ( في سفسطة )
ــ حسب أينشتين ، والعالم عبده نسبية ، وأخوه فرنكشتين عجمية ، بيحصل تطور في حال البشر ، لما الزمن الزمن ، هوبا هوبا ، من الماضي للمستقبل ، ومن المستقبل للماضي ، زي دلوقت ….
علوبه بيك ( لا يفهم ، ولا يعى أي كلمة ، ويتملص منه فى خوف )
ــ يعني إيه يا راجل إنت ، مين حيتشقلب على مين ، إنت بتحاول تخوفنى ، أنا .. أنا ماباخافش من حد
( يشير الجد ( ماركة صيني ) ، نحو حمروش أغا ، الذي شرب واستنشق من السيجارة ، غريبة الشكل ، التي أعطاها له ، ويرى العبد كبير الخصيان ، يترنح ويترنح ، ويبدو أنها كانت ملفوفة ، بأوراق مخدر الحشيش ، وبرقوق يلطم ، خوفا من رد فعل علوبة بيك
ويرى العبد حمروش ، قد بدأ في التأرجح والهذيان ، وأخذ يعد ويرسم ، أشخاصا في الهواء ، والجميع في الغرفة ، يضربون كفا بكف ، ويظنون أن برقوق وجده ، قد سحرا العبد )
ماركة صيني ( يشير لعلوبة بيك هامسا ، نحو حمروش أغا )
ــ يعني حمروش .. بعد سيجارة الحشيش ، مش حيبقى كبير الخصيان ، عبد نطع مطيع ، لأن نسبة البتنجان في عقله ، حيزيد لحد ما ….
علوبه بيك ( يصرخ مقاطعا)
ــ لحد ما إيه ، يا راجل يا مورستان إنت ، العبد إتجنن والا إيه ، إنت طفحته إيه
ماركة صيني ( في عودة للسفسطة )
ــ يعني البتنجان الرومي ، في نفسه المقهورة ، حيعمل في وشك بعجورة ، شبه الست الوحشة القمورة
( وفجأة يدفع علوبة بيك ، من أمامه بعنف ، الجد ( ماركة صيني ) ، ويتجه في عيون ، تبرق من الشرر ، إلى عبده الخصى ( حمروشي أغا ) ، الذي بدأ في الهلوسة ، ويخاطب اللاشىء )
علوبه بيك ( وقد وضع إصبعه بحدة ، في وجه العبد كبير الخصيان )
ــ إنت يا ولد يا حمروش ، رد عليا ، أنا سيدك البيك ، وإلا حيكون مصيرك إسود ، زي أمك الجارية سُقاطة ، الغير ماسوف عليها
( وفجأة يصيح ( حمروش أغا ) ، وقد دخل ، في حالة تخدير وهلوسة ، بسبب سيجارة الحشيش ، التي شرب منها ، وهو ينادي على أمه باكيا ، بعد أن ذكره بها ، بكل غباء علوبة بيك )
حمروش أغا (في ألم ، وقد عاد لعالم الطفولة ، ينظر فى وجه علوبة بيك ، وكانه يرى عالمه ، عالم العبودية الماضى كله )
ــ أَما .. أَما .. إنت رحت فين ، يا أما الجارية
( يصيح الجميع في الغرفة ، من فرط مشهد جنون العبد ، ويشير الجد ماركة صيني ، لعلوبة بيك .. الذى يرمقه بغضب تأكيدا لحديثه ، والأخير قد جن جنونه ، من مشهد تجرأ كبير الخصيان عليه ، بأسلوب هزلي كوميدي
وبرقوق لازال يشد شعره ، من الخوف وتبعات الموقف ، علوبه بيك يعود لمسك بتلابيب العبد ، الذي قد راح في عالم آخر ، وهو يحدق فيه ، وقد دخل فى عالم طفولته البائسة )
علوبه بيك ( يصرخ وقد أمسك به )
ــ يا عبد السوء ، إعقل لأعقلك بطريقتي
( مذهولا من هذيان العبد )
إنت يا بهيم شربت إيه ، منقوع البراطيش
( ينظر إليه مذهولا ، وهو يترنح )
بتتمايل كده ليه
حمروش أغا ( يتشبث بعلوبة بيك فجاة ، فيصرخ الخدم والعبيد )
ــ أنا يا بويا .. يا زول .. شربت المر من كيعاني ، في بيت علوبة بيك ، الزومبجي الرقاص ، أبو 300 وش
علوبه بيك ( في صراخ وذهول ) - بتقول ايه ياشر الوجوه ، يا ولد يا مجنون إنت
حمروش أغا ( يبدأ في الدوران حول نفسه ، فيتراجع علوبه بيك مأخوذا )
ــ أنا تور في ساقية ، بلف بلف زي الأرض ، رايح جاي ، جاي رايح
( يتسائل )
طب ياولاد ، الطور بيلف ليه ، علشان الساقية تدور ، طب يابنات ، الساقية تدور ليه ، علشان البيه علوبه ، يبقى سيدي وتاج راسي ، طب البيه ليه ، يبقى سيدي وتاج راسي ، علشان يا جماعة ، الدنيا تفضل تلف تلف ، طب ليه بنت الهرما تلف ، علشان يبقى فيه عبد وسيد
( يشهق جميع من في الغرفة ، من عبيد وخدم ، بسبب سماعهم لحديث العبد ، الذي كان مثالا للطاعة العمياء ، لسيدة علوبه بيك ، والآن يتجرأ عليه ، وعلى نظام السيادة ، في عالمه القرن 19 )
( يشهق علوبه بيك ، وهو ينظر لبرقوق وجده محتدا ، والأخير من الخوف شبه باكي )
ــ مبسوطين يا عفاريت الكهارب ، العبد إللي حيلتي ، إللى بربى فيه سنين ، زى كلاب الصيد ، بدأ يتجرأ عليا ، طب أسيطر على بقية العبيد إزاي ، إنتوا عاوزين الاكابر والوالى يخزوقونى
( يشير الجد ماركة صيني لعلوبة بيك ، بالإنصات لبقية حديث العبد ، الذي بدأ يقول أقاويل الحكمة ، وهو مخدر ومغيب ، يتوقف فجأة عن الدوران ، ويرفع البارودة في الهواء ، وكانه يخاطب علوبة بيك ، فيصرخ الخدم والعبيد فى الغرفة ، وبرقوق يتلو الشهادتين ، وجده يصفر ، ناظرا إلى السقف ، وكأن الأمر لا يعنيه )
حمروش أغا ( وهو ينظر إلى طفولته )
ــ أيوه يا سيدي البيه ، أدخل الحريم الحرملك ، حاضر بس قولي يا سيدي ، أبيت الفراخ مع الديوك ، والا البيضة قبل الفرخه ، والا الفرخه قبل البيضة ، وهنوزن قبل ما ندبح ، والا أسمي الأول ، نقفل العشة بالسقاطه ، والا نسيب الباب موارب ، علشان التعالب التعالب ، تتمشى أفرنجي عليها بالليل
( يصمت فجأة ، وكانه تذكر أمه الجاريه )
سقاطة .. أه .. أه ، ياما سقاطة ، دبحوكي غدر ، فى معركة أبو قرنين
( يعود للصمت برهه ، وهو يبدا فى عد العبيد ، فى الغرفة بعدها يتحدث )
لكن مين أبو قرنين ، ( القرن 19 ) المضلم ، والا ( الـ 20 ) المنور ، والا ( الـ 21 ) إللى بيضوى
( يصرخ بصوت عالي فيرتعد الجميع ، وتصرخ معه الجوارى والعبيد ، وترى نازك وأمها جزعتين ، أما علوبة بيك ، فلازال يسمع مذهولا ، يعود بعدها العبد للحديث )
لأ .. لأ .. مش هما ، ده أنا .. أنا أبو قرنين ، بقف على باب الحرملك ، علشان سيدي البيك ، ياخد راحته بالليل
( يضحك ثم يقهقه ، شاردا فى اللاشىء ، وهو يدور نصف دائرة ، حول علوبة بيك ، الذي خر على الأرض مذهولا ، من جنون عبده المخلص ، ويعود للحديث والهلوسة ، فيكلم نفسه )
يا ولد يا خصي
( يرد على نفسه ، بصوت به ذل )
أيوه يا سيدي البيك
( يقلد علوبه بيك ، وهو يبرم شواربه ، ويقول بصوت أجش )
إحم إحم يا ولد
( يعود للرد على نفسه ، بصوت به خنث ، كأنه من الرجال المثليين )
فهمت يا سيدي البيك ، ماهو انا ، ما أفرقش عن الحرمة حاجة ، لمواخذة خصى ، مش راجل يعنى ، يعنى يعنى
( يشير في الهواء بصوت مخيف ، وكانه فى أتون الحرب )
يا حرمه إستعدي ، يا حرمه ما فيش حرام ، كله حلال للبيك وأنا العبد زى أختك ، والا الكرباج هيتكلم
( ينظر لأعلى ويزئر ، وهو يقلد صوت علوبة بيك )
إسمك إيه يا حرمة ، أنا سيدك البيك ، الحرمجى الزومبجى
( يقلد صوت الجارية ، فى تذلل وخوف )
هئ هئ ، يا نهارى الأبيض ، يا ليلة سودا ، ، هىء هىء ، حبقى من حريم البيك ، هىء هىء ، حيمر عليا زى القضا المستعجل ، هىء هىء ، يلا أهى ليلة .. زى كل الليالى ، هىء هىء ، زى إللى قبله .. وإللى قبل قبله .. وإللى قبل قبل قبله ، هىء هىء ، هيا الجارية تملك شرفها ، هىء هىء
(يقلد صوت علوبة بيك ، وهو يتجشأ )
وهق هق دي ، بتضحكي والا بتعيطي ، والا إيه ، مش فاهم
( يعود لتقليد الجارية ، وهى متاففة )
إحسبها زي ما تحسبها ، يا سيدي البيك ، كل إللى إشترونى ، سألونى نفس السؤال
( يتنحنح بصوت عالى ، وهو يقلد علوبة بيك )
طب خديني فـ ريحك شوية ، بس إوعى تموتينى بالقبقاب .. يا مقبقبة
( يقلد صوت الجارية ، وهى مستسلمة )
طب هوا إنت ، زى شجرة الدر ، يا بيك يا در إنت ، وبعدين ماهو عبدك الأغا ، الأسود الوجه والنفس ، شال كل القباقيب ، قبل ماتشرفنى بالزيارة أفندم ، حموتك بإيه ، بطبق الحلو ( أم على ) ، إللى اتعمل ، على روح شجرة الدر
( يقلد علوبة بيك ، وهو يهمهم خجلا )
طب .. إرخى الستارة فى رحنا ، علشان جيرانا ما تجرحنا
( يعود ليقلد الجارية ، وهى تتغنج )
طب واللطخ .. إللي واقف على الباب ، يسمعنا .. والا يطلع سرنا برا
( يقلد علوبة بيك ، وهو يزوم في إستنكار )
يا بت يا سوده ، ده مننا وعلينا ، والا اخزوقة على الخازوق .. يا جارية إجري
( يقلد صوت الجارية وهى تبكى )
لأ مش جارية ، إجرى انت ورايا
( يقلد اصوات الغضب والزمجرة )
يوم أبوكو كلكو إسود
( يقلد صوت جرو صغير ينبح )
يا سيدي البيك ، الجارية إسمها مش عارف ايه ، بتقول إنها .. بتقول إنها ، بطنها بطنها
( يقلد صوت وحش يزمجر ، وهو يهمهم )
إيه يا عبد السوء ، ما تقول على طول .. قالت ايه
( يعود ليقلد صوت مواء قطة )
العفو والسماح يا سيدي البيك ، أصل الحرملك ، شايل عيل في بطنه
( يقلد صوت خفيض جدا )
أنا طرشان ، أنا طرشان ، مش سامع حاجة ، عموما لما الحرملك يولد ، وقفوه على الأبواب ، بعد ما .. ما .. يبقى خصى .. مطيع يعنى ، ما فيش منه خطر ، خطر بس على نفسه ، كل باب عليه أغا ، وعندنا ألفين باب ، يبقوا ألفين أغا
( يقلد صوت قزم أخنف )
مين يا سيدي ، إللي يقف على مين
( يقلد صوت تثاؤب )
الحرملك يقف على باب ( القرن 19 ) ، يعني حريمات .. تقف على باب السياسات ، علشان النخل يطرح ، بلح أمهات وأبهات
( فجأة يعود العبد كبير الخصيان ، للصراخ والعويل ، مما يرعب الجميع ، وعلوبه بيك في حال سيء )
بلح أمهات والا رملي ، والا سباطة …. والا سُقاطة ….
( يصمت العبد ، ويعود للبكاء ثانيا )
سُقاطة .. آه ياما سُقاطة .. والله لأعملك تمثال ، من البلح العجوة الأمهات ، ويأكله سيدي إللي شبه البؤجه ، إللي مفتاحها .. مع الوالي على التوالي
( يثور علوبه بيك وينهض ، من على الأرض ، ويمسك بتلابيب العبد الذي يهلوس ، وبدا فى التلميح ، على والى البلاد ، وماركة صيني يشير لحفيده برقوق ، الذي يضحك في خوف )
علوبه بيك ( في حدة وصراخ )
ــ كده حتعدمنا كلنا ، ياعبد الشر ، حتعقل يا حمروش الكلب ، وإلا أعلقك عـ الخازوق ، أنا مش ناوى أروح فى داهية ، بسبب واحد زيك ، يا إبن السوده
( يدخل حمروش ، في نوبة من البكاء )
حمروشي أغا ( باكيا كالأطفال أبناء الذوات )
ــ آه .. آه يا بابي الباشا ، مش عاوز أركب الحصان الأبيض ، عاوز أركب الحمار الإسود
علوبه بيك ( يخرج عن شعوره ، فيلطمه على وجهه بقسوة ، عدة لطمات ، حتى يعود إلى رشده ، فيرتعب الخدم والجوارى والعبيد )
ــ يا ابن المجانين ، حصان إيه وحمار إيه ، فوق بقى جننتنى معاك ، حتعقل والا أعلقك على العروسة
( فجأة بعد اللطمات الشديدة ، يعود حمروشي أغا ، لشبه وعيه ، ويظل بربت على ملابس سيده ، فيسعد علوبه بيك ، وتتهلل أساريره ، ويرمق برقوق وجده الضاحك ، بكل فخر وغرور )
حمروشي أغا ( يرفع البارودة في الهواء ثانيا ، فيتراجع علوبة بيك جزعا )
ــ أنا من دلوقت ، مش حمروشي أغا ، أنا حمار أغا مأصل ، ومش حمسك الحرملك ، أنا حسيب الحرملك من الفجر للضهر ، الحريمات يدخلوا ويخرجوا مع العبيد ، ومن العصر للمغرب ، يأكلوا بلح أمهات وأبهات ، ومن المغرب لحد المشرق ، نقعد لحد ما نشرق كلنا ، من الضحك والفرفشة ، يعنى نقلبها محششة ، وسلمولي على الكهارب ، بتاعة علوبة بيك ، إللي بيجري أسرع من الحمار ، إللي هوا أنا ، ليه يا ولاد ليه ، علشان هوا عنده عقل بيستعمله ، أما أنا .. عندي ضهر محنى ، بيركبو عليه بردعة ، وليليتنا حتكون ملعلعة
( يتراجع علوبة بيك مذهولا ، وهو يضرب كفا بكف ، والعبد كبير الخصيان ، قد بدأ في خلع ملابسه الرسمية ، قطعة قطعة ، وجميع الخدم والطباخين ، والجوارى والعبيد يشهقون ، ونازك هانم وأمها ، تغطيان وجوههما خجلا ، وبرقوق يلطم ، وجده يشير لعلوبة بيك ، بأن العرض لم ينتهى )
حمروشي أغا ( يشير في الهواء ، نحو أشخاص غير متواجدين ، وهو بالملابس الداخلية فقط ، شبه عارى )
ــ دلوقت يا عبيد ، ويا خدم ويا حريمات ، يلا معايا معايا ، لحد القلعة أم باب ، نروح للوالي ( محمد علي) عالي المقام ، نشتكي له من البيك علوبه الأروبة ، إللى عنده ألفين جارية وجارية ، فى الحرملك بتاعه ، وعامل راسه ، برأس السلطانية العثمانية ، إللى خلاص ، خلصت منها المهلبية ، وقال ايه يا ولاد ، عاوز يزود عدد العبيد ، في الحرملك ، عبد واحد جديد ، وهو أنا مع انى قديم ، قدم الجزمة فى القدم
( ينادي فى اللاشىء )
يلا يا جماعه ، إلي الأمام سر ، وحافظوا كلكوا على السر ( يغادر الحجرة حمروشي أغا ، وهو يتمخطر ، ويقلد صوت نهيق الحمار ، وعلوبه بيك يلطم من فرط الذهول ، والخدم والعبيد يتهامسون ، ونازك وأمها تشدان شعورهما ، من فرط الكارثة
لقد جن العبد كبير الخصيان نهائيا ، وهو ذاهب لوالى البلاد ، فى القلعة بالملابس الداخلية ، وبالطبع سيعدم ، ويتسبب وفى إعدام ، سيده علوبة بيك ، بعد طرده من كل مناصبه ، يلتفت البيك إلى الجد ماركة صيني
الذي أخذ يتواصل ، مع حفيده المرتعب ، عن طريق إشارات الصم والبكم ، بطريقة كوميدية ، ويتقرب منه وهو لا يلاحظه ، وقد إحمرت عيونه ، ووصل إلى حافة الانفجار ، وعندما يتلفت على غرة ، الجد ماركة صيني نحوه ، يضحك ويضحك ، ويشير نحو العبد ، كبير الحصيان الذي غادره )
ماركة صيني ( في إشارة لعلوبة بيك ، نحو العبد كبير الخصيان )
ــ هوا ده …. التطور الطبيعي للحاجة الساقعة
علوبه بيك ( مأخوذا ولم يفهم الكلمة )
ــ يعني إيه حاجة ساقعة ، ياراجل أنت ، رجعلى العبد بتاعى ، قبل ما يروح للوالى
ماركة صيني ( يتأبطه ثانيا وهو يقاوم ، ويسير به نحو حفيده ، الذي لازال مرتعدا )
ــ لما يخترعوا الكوكاكولا والبيبس حتعرف
( يشرح له مواصفات السيارة الجيب ، التي أتت به ، من عالم القرن 21 ، وعلوبة بيك مذهول ، فى عالم آخر )
ودي بقى يا روح قلبي ، إختراع صغير من إختراعاتي الرهيبة ، والمروحة دي إللى بتلف ، بتودي في داهية ، أقصد بتعبر الزمن من ( القرن 21 ) ، إلى ( القرن 19 ) ، وممكن آخذك وأوديك مثلا للقرن 17 ، أو 15 ، أو لعالم الإنسان الأول أبو شنب ، وأقعدك مع أبو شبت ، لو عندك وقت ، إذا لزم الأمر
علوبه بيك ( لإبنته نازك ، التي تحاول إخفاء ضحكاتها ، وذهولها في نفس الوقت )
ــ هوا ده حماكي ، يا بنت يا مجنونة ، ده عفريت كافر ، من عفاريت سيدنا سليمان عليه السلام ، ده جنن العبد الوحيد ، المخلص ليا عميانى ، فى كل العبيد ، حمروش أغا ، إللي بقى مجنون أغا ، هو ده إللى عاوزه تتجوزي حفيده ، إللي مش عارفله ، أول من آخر ، عاوزاه يجننك إنت وأمك ، وتنقلبوا عليا زى العبد
( يخر ساقطا على الأرض )
آه .. آه ياني .. أنا شفت إللي عمري ما شفته ، ولا حشوفه في حياتي ، أنا .. أنا خلاص حتوب عن السياسة ، وكوبانية الكهارب ، ده لو الوالى ما أعدمنيش ، وحقعد في القصر مع الحريم ، أعد فى الرياح والجاي ، زي عواجيز الفرح
ماركة صيني ( يشير للجميع فى الحجرة ، نحو برقوق المرتعب ، وكانه لم يدمر حياة علوبة بيك )
ــ وده بقى يا جماعة ، يلي بتبحلقوا فيا ، زي ما أكون حمار مخطط ، هربان من جنينة حيوانات الجيزة ، ده حفيدي ووريث مخترعاتي
( يشير لنازك هانم الجزعة ، وأمها التى تبكى ، من أجل زوجها )
ركزوا يا سيداتي عليه ، الولد التخين ده ، علشان الجوازة تتم ، إن شاء الله ، ده لو خرجنا من هنا مش مشنوقين ، ده بقى برقوق الحموي ، التخين قوي قوى ، طالب فاشل في جامعة خاصة ، بيدرس فنون جميلة ، وصحفي ورسام كاريكاتير تعبان ، في جرنان مش عارف له إسم
( يشير على السيارة الجيب ، ذات المورحة العملاقة )
ودي بقى .. بقى ، عربية زي ما قلت ، من زمن هتلر والمحور ، بعدين أبقى في الزيارة الجاية ، أجيبه معايا هوا ورومل ، يتعرف على الفاميليا ، ودي برضه ياخدم وياعبيد ، زي ما شرحت ، وواضح انكوا مش حتفهموا حاجة ، مروحة الطيارة الألماني ، إللي أغارت على جزر الحمير الكاروهات ، في المحيط إللي مش هادي ، وقعد يزعق .. و .. و ….
( يصيح برقوق فيه بحده ، وهو يستغل فرصه ، خوف الخدم والعبيد منهما ، وسقوط علوبه بيك ، على الأرض مذهولا )
برقوق ( مستغلا الموقف)
ــ يا جدي .. أسالك الرحيلا ، إرحمنا من استظرافك على الخلق ، في كل زمن ، مش حيفهموك فاكرينا عفاريت ، يلا بسرعة ، رجعنا للقرن 21 ، قبل ما يتطور الأمر ، والخدم والعبيد يضربوا علينا نار ، زمان البلد كلها والوالى ، عرفوا إننا هنا ، حنتخزوق إحنا الإتنين ، كفاية إللي عملته ، في حمروش اغا ، يا راجل يا ظالم ، بدل ما تهدي الأمور ، تشرب العبد بتاع الحرملك ، حشيش ماركة فقدت عقلى ، فاكرنا فى فيلم الباطنية ، زمانه دلوقت قدام القلعة ، وهوا قالع ، بعد شويه ، حيجى زجالة الوالى ، ويقلعولنا عنينا ، عاوز علوبه بيك ، يتعلق على باب زويله ، أمال إزاى صاحبك ، وعمال قاعد تقولى ، بينك وبينه إتصال روحى
( لنازك هانم على عجل )
معلش يا حبيبتي ، مش حنكمل الجوازة ، أصل القرن 21 بينقح عليا ، أنا ماشي بقى ، سلام يا وظوظة قلبي ، يلا يا جدي ، قبل ما الأمور تسوء
( تشير له نازك هانم خجلانة ، وتسيل دموعها ، وأمها تربت عليها ، وتهدىء من ألمها )
نازك هانم ( تخاطب الجميع ، وهى تحاول تسهيل ، هروب برقوق وجده ، لكنها بدون أن تدرى ، تزيد الأمر سوءا )
ــ يا والدي ، يا خدم يا حشم يا عبيد ، إسمعوا كلكوا ، إوعي حد يضرب عليهم نار ، خلاص هما ماشيين فى سلام ، لا تاذوهم ولا ياذوكوا
( لأبوها شبه المجنون ، الذي لا زال على الأرض ، فاغر الفم ، يضرب كفا بكف ، وقد تدمرت حياته كلها )
يا أبويا البيك ، إفهمني أرجوك ، يظهر الناس دول ، زي ما كان بيقول برقوق بيه ، من زمن غير زمنا ، واحنا إللى ما صدقناهوش ، وافتكرناه مجنون
( تمسح دموعها )
ويظهر البيه جدو ده ، ماركة مش عارفة إيه ، لما ظهر دلوقت ، معناه إنه جه ميعاد مغادرة برقوق بيه ، عن عالمنا ، دول مش عفاريت يا والدي ، مش شايف لبسهم ، وطريقة كلامهم ، دول من سكان مصر ، من زمن بعدينا ، بحوالي 150 ، أو 200 سنة على الأقل ، والبيه الظريف ده ، زي ما قال مش عريس ، وكمان مش نصاب ، ده دخل غلط ، علينا في الزمن ، من العالم بتاعه ، والموضوع ركب على بعضه ، فاتصورنا إن البيه برقوق ، هوا العريس
( يرمق علوبه بيك ، الجد ماركة صيني ، الذي لازال يدور حوله ، مستعرضا ملابسه وإمكانياته العلمية ، بغرور وخيلاء ، كأنه من عارضات الأزياء ، في احد برامج الفضائيات ، بعالم القرن 21 )
علوبه بيك ( وقد عاد له وعيه ووقاره ، وإحمرت عيونه فى تحفز ، والجد يثيره بحركاته الخرقاء )
ــ يعني دول ، مش من بني الجن يا بنتي
برقوق ( في حديث متلاحق )
ــ أيوه يا علوبه بيك ، معلش سامحني ، أنا كنت بأرسم في مرسمي ، فى ( القرن 21 ) ، لقيت نفسي في بيت حضرتك ، قوم الخدام الحمار ( عثمان ) والا اسمه إيه ، إفتكر أني العريس
( لجده ماركة صنيي )
ودلوقت يا جدي يلا بسرعة ، علشان البيك ده علوبه ، الشركسي والا التركي ده ، بدأ يسخن علينا ، بعد ما عصيت عليه ، عبده حمروش أغا ، وطيرت البرجين الحمام الهزاز ، إللي في راسه ، بطل تتخايل حواليه ، علشان بدأ يبصلك بصات مخيفة ، ده فهم الفولة ، إننا مش عفاريت ، ولا يحزنون ، يلا يا جدي ، ده مسك البارودة ، والبت نيلة قرنبيطة قلبي ، مفهماه هوا والخدم ، إني هجمت على بنته العروسة ، وكنت هـ …. هـ …. يادي الفضايح
( لنازك هانم )
أه يا كنتلوب قلبي
( لجده الذي لازال يدور ، حول علوبه بيك الذي نهض ، وهو ممسك بالبارودة )
يلا يا جدي ، علشان البيك علوبه ، باين حيكهربنا لحد ما ننور ، زي اللومض النيون البيضا ، دول الخدم فاكرين ، إني ضربت الخدامة قرنبيطة ، بمدفع رمضان ، وقطعت عليها جوازتها ، من الواد بهاريز ، وإلا اسمه شوربة فراخ الذ الذ ، وبعدين بعد ضرب النار ، إللي حصل حوليين القصر ، حيجي رجالة الوالي ( محمد علي ) ، بعد ما العبيد وصلوا له ، إن القصر هاجمته عمارة حرببية ، تقولش أنا وجدي اسطول حربي ، ده جدي مسطول مش أسطول ، أصلي أنا فهمتهم يا جدي ، يلي مش واخد بالك مني ، إني حاربت ( السلطان سليمان ) ، ومراته ( هويام ) إتدخلت ، علشان ما نخلعوش من الفضائيات ، هو أو أبطال مسلسل ( ليالي الحلمية ) ، ( والشهد والدموع ) ، وخلي بالك يا جدي ، الدموع حتسيل من عنينا ، لأن علوبه بيك ناوي يضربنا بالرصاص
( لنازك هانم )
سامحيني يا عسل ، شهد مصفي ، قلبي من جوا
( تضحك نازك هانم ، التي دمعت عيناها ، من ألم الفراق ، أما أمها رفيعة هانم ، فلقد أيقنت أن الفتى وجده ، إما مجاذيب ، أو من جني الملك سليمان ، ولازال الجد ماركة صيني ، يدور حول علوبة بيك ، يتفحص ملابسه وطربوشه وقاووقه الطويل
يتراجع علوبه بيك إلى الخلف ، وهو ممسك بالبارودة ، وقد إستجمع قواه ، ثم يتجه نحو الجد الذي ، كان ينظر إلى سقف الغرفة ، يتفحصها ويعد الثريات المعلقة ، دون أن يشعر ، أن علوبه بيك قد إنتصب خلفه ، وهو يرفع البارودة ، في إستعداد لإطلاق النار ، على الجد الدخيل ، الذي كان قد أهانه ، في منزله وقصره ، أمام الخدم والحريم ، والذي جعل عبده المخلص ، حمروش أغا يصاب بالجنون ، ويفر من القصر بدون ملابس ، متجها للقلعة ، ليشكو له من ظلم علوبة بيك
أخذ برقوق مرتعدا ، يحاول تحذبر الجد بأن البيك ، يتهيأ للفتك به ، بعد أن علم أنه ليس ، من بنى الجن ، وأنه اقتحم منزله المحصن ، وهو المقرب من ( محمد علي الكبير ) ، وتعدى حفيده على حريمه ، وجرح أحاسيس إبنته ، التي أحبته بالفعل ، وهو الصعلوك ، من زمن آخر عجيب ، لا يحترم أحد ، لا كبير ولا صغير )
برقوق ( في ذعر )
ــ يا جدي يا ماركة صيني ، فيه حد واقف وراك ، ماسك البارودة ، حاسب من إللي فى بالي ، أبو شوارب مخروطية ( لازال الجد ، يتفحص اللوحات الزيتية على الجدران )
ياجدي .. ياعم .. ياسيدنا ، فيه بارودة متعمره ، وراك في قفاك ، مرفوعة متعمرة وبعدين دقايق ، ويكونوا رجالة الوالي فوق دماغنا ، حيجرسونا على بوابة المتولي ، وكمان بوابة الحلواني ، بتاعة ( محفوظ عبد الرحمن ) ، حيعلقونا بلابيص ويخزوقونا
( تضحك نانزك هانم وأمها خجلانين ، والخدم لازالوا يهمهمون ، يلتفت الجد ليعلق على كلمات حفيده ، ليجد علوبه بيك ، قد وضع ماسورة البارودة ، في أنفه الكبير ، ويشهق كل من في الحجرة ، فيتوقف الجد عن الحديث ، وقد تداخل نظره ، من وضع الماسورة فى أنفه ، فصار كالأحول ، فيعود برقوق للحديث )
ــ يادي المصيبة ، الإتنين وقعوا مع بعض ، جدي المجنون ، والبيك إللى أجن ، من الجنون نفسه ، جدي لو حد داسله على الزرار ، يحرك قوات هتلر والمحور والحلفاء ، وكمان محور 26 يوليو والخليفة المأمون ، وشارع عباس العقاد ، وكمان توم وجيري وميكي وبطوط ، وعائلة البط وعم دهب ، في مجلات الأطفال ، وحيبقى يومنا أسود ، ومش حنرجع زمننا ، ونروح بالسلامة
( لنازك هانم )
قولي لأبوكي يلايمها ، جدي ده عنده سلك ضارب ، وفيوزات بايظة ، حينيم أبوكي على الأرض ، وينزل ضرب فيه ، ده حافظ 17 كاتا كاراتيه ، وشيبسي وفلامكنو ، وكمان بسكوت الشمعدان ، وطبعا أنت مش فاهمة ، أنا قلت إيه
ماركة صيني ( لعلوبه بيك في هدوء ، وهو لازال يضع البارودة في أنفه )
ــ يا أبو صديري .. علوبه المغشوش ، إبعد شمان العربية دي ، عن مناخيري المقدسة ، علشان الجنونة ما تطلعش ، والكسرولة إللي على دماغي ، ما تطرحش بطاطس ومخلل ، وبيتزا وشاورما وعيش سن
( تشهق نازك هانم ، وقد تعلقت عيونها ببرقوق ، الذي يحاول مختلسا ، إعطائها رقم هاتفه الخلوي ، وهي حتى لا تدري ، معنى هاتف أرضي ، بعدها يسحب علوبه بيك ، زناد البندقية ويعمرها ، إستعدادا للفتك بالجد الغازي وحفيده ، فيعود ماركة صيني للتهديد ، بصوت هادئ محذرا )
ــ إنت يا مُعلب بيك ، يا أفندي الدرك ، ما تعرفش الولد ده حفيدي ، ممكن يعمل فيك إيه ، لو ضربتني بالرصاص ، حيروح جايب جيش شجرة الدر ، مع قطز وبيبرس ، والتتار على المغول ، والكل كليلة ويضرب بيتك ، بالقنبل البنفسجى المقلم ، لحد ما تقول حقي برقبتي ، وكمان حيخلي الحستابو ، يعملك ملف في أمن الدولة ، ويلففك الـ 14 مدرية ، على كعوبك ، لحد ما تقول أريد حلا ، حلة محشي كرنب وورق العنب ، يا بلوبيف مش مستورد ، من المغشوش
( يذهل علوبه بيك ، من كلمات التحدي ، التي لم يفهم شيء منها ، ثم يبادر بإطلاق طلقة ، على فوانيس السيارة الجيب ، التي أتى منها الجد ، من القرن 21 ، والتي تخترق الزمن ، فيحدث ضوء باهر شديد ، فيرتعب كل من في الحجرة ، ويصرخ الخدم والعبيد ونازك وأمها
وقد أحدثت الطلقة البدائية ، ثغرة في جدار الزمن ، فيصرخ الجد ماركة صيني ، ويمسك بتلابيب علوبه بيك ، الذي وقف يتلفت حوله مبتسما ، لقد أرعب الغزاة ، برقوق وجده المبهرج الملابس )
ماركة صيني ( في ذعر ، وهو يتلفت حوله )
ــ يا بيك .. يا غبي يا بهيم ، يا بني حمير وحشى ، إنت عملت ثغرة في بؤرة الزمن ، حيبجى ناس من الماضي ، ويروح ناس إلى المستقبل ، حتبوظ التاريخ والزمن
( يهرول الجد ناحية السيارة ، التي عطبت بالفعل ، وأخذت تصدر أصواتا وأضواء ملونة ، وأصوات أزيز تتقاطع مع وميض ، لشيء مثلا الفلاشات المتكررة ، والجد يدور حول سيارته ، وآلته الزمنية ، وبرقوق بداخلها يصرخ ، وعلوبه بيك سعيدا منتشيا ، يشير للخدم بأنه الأقوى ، وهم يصفقون له خلسة ، في حذر وخوف ، وهو يبرم شواربه في غرور )
برقوق ( في ذعر )
ــ يلا يا جدي .. رجعنا لزمنا ، الراجل علوبه حيقتلنا
ماركة صيني ( في هلع )
ــ أصل يابني ، ماعييش بطاريات كفاية ، لرحلة العودة برقوق صارخا ( في لطم )
ــ بطاريات إيه يا جدي ، هو إحنا حنربى أرانب ، إتحبسنا في ( القرن 19 ) ، والا إيه ، حرام عليك حنبقى زي القرود ، في الزمن الماضي ده ، وحيفرجوا علينا الناس في الأسواق
( وعلى فجأة ، تسود حالة من الضباب ، الغير كثيف فى الغرفة ، ليظهر بعدها ، من أمام السيارة التي تعبر الزمن ، زميل برقوق ( حرنكش ) ، ومعه ضابط بوليس شاب ، وأمين شرطة متوسط العمر ، وإثنين من العساكر ، وكلهم من زمن ( القرن 21 ) ، وقد إخترقوا الزمن خطئا ، عودة للقرن الـ ( 19 )
وبعد انقشاع الضباب ، تسود بعدها حالة من الذهول ، على وجوه كل الحاضرين ، لمدة ثواني ، في غرفة الصالون الكبير ، حرنكش يشير للضابط ، نحو الجد ماركة صيني ، وحفيده برقوق ، وهو لا زال ، يظن أنه في مرسم برقوق ، في ( القرن 21 ) ، ويبدو أنه أتى بالضابط ، من قسم الشرطة ، ليقتص ويشكو الجد ، الذى طارده على السلم ، بالمدفع الخردة ، حتى الموت سابقا )
حرنكش ( للضابط )
ــ هو ده يا حضرة الظابط ، الراجل المجنون ، إللي فتح عليا السيف والمدفع ، وبيعمل مخترعات مجانينى بتنجانى ، حتودي البلد في داهية ، وعاوز كمان يغير في الزمن ، يجيب بشجرة الدر يعملها لبلاب ، ويجيب عنترة أبو الفوارس لزمنا ، ويجوزه للبطلة في فيلم ( الفيل الأزرق )
( يلفت حرنكش حوله ، ليرى المشهد العجيب ، نازك هانم وأمها قد إقتربن ، ووقفتا خلف علوبه بيك مذهولتين ، وفكهي بيك وقرنبيطة على الأرض ، ممددان بلا حراك يرتعشان ، وبرقوق فوق السيارة الجيب يتوعده ، بإشارات غاضبة ، والحجرة مليئة بالخدم والعبيد ، الذين اتخذوا المقاعد والأرائك كسواتر
أما علوبه بيك فكان مذعورا ، يعمر بندقيته ، ويستعد لقتال الغازيين ، وهنا يدرك حرنكش ، أنه عاد لزمن ماضي قديم ، فيشهق ويتشبث بالضابط ، الذي لا يدرك حتى الآن ، أنه عاد لزمن ( القرن 19 ) ، هو وأمين الشرطة ، والعسكريان صغيرا السن ، البسيطان القرويين الصامتين )
حرنكش ( للضابط الشاب ، الذي يدعي الملازم أول ( تامر شوكت السنجقلي) ، وهو فى رعب شديد )
ــ يظهر يا حضرة الضابط ، الراجل المجنون ده ، رجعنا فعلا ، لزمن الوالي محمد علي ، مش قلتلكم وإنتوا بتلطشولي ، حيودي البلد في داهية ، ده بيلعب في الزمن
الضابط تامر ( في حدة غير مصدق )
ــ إخرس إنت يا قعر الحلة
( لجميع من في الحجرة )
أكلم مين هنا ، يا مجاذيب في قسم الدرب الأحمر ، أول يوم شغل ليا بعد التخرج ، في قسم الدرب الأحمر ، يقوم المأمور باعتني ، عند مجاذيب القلعة ، يا ولاد المهبوشة ، هو أنا ناقص مجانين ، هاربنين من الخانكة ، وأنت يا عم الصيني والا الياباني ، جايبلي عربية جيب قديمة ، ومركب عليها مروحة ، عاوز تطلع القمر ، يا روح أمك أنت وهوا ، زى ( فايزة أحمد ) ، وتقول ( يما القمر عـ الباب ) ، طب ما تشغل الراديو أسهل ليكوا ، وحياة أمي ( شهرت ) ، وحياة جدتي ( نازك ) ، وأمها ( رفيعة هانم السنجقلي ) ، أنا إبن البهوات وحفيد البشوات ، لأرجعكوا كلكم الخانكة ، ماشيين عريانيين
( لعلوية بيك)
وأنت يا عم يابو طربوش ، وقاووق تركي ، فاكر نفسك مين ، جدي الكبير ( علوبه بيك البختدار ) ، بتاع محمد علي أبو كلوب
برقوق ( يضحك ويخاطب لحرنكش)
ــ إيه ده يا قزعة ، جايبلنا ضابط من المدبح ، وكمان اسمه تامر ده فافي ، شعره أصفر زى الأجانب ، لكن شرشوح ماصل ، شبه الممثل ( تامر هجرس ) ، في مسلسل عايزه أتجوز بتاع ( هند صبري )
الضابط تامر ( يسب ويلعن )
ــ إخرس يا تخين ، يا بن الهبلة ، والله لأخلي قفاك ، مهبط طيارات هليكوبتر ، لما آخذك عـ القسم ، بتتريق عليا .. على الحكومة ، يومك زى وشك
( تقترب رفيعة هانم منه ، وهي ترمقه بذهول ، فينظر لها مأخوذا الضابط الشاب ، ويتلجم لسانه )
رفيعة هانم ( في ذهول )
ــ إنت يابني ، قلت أنك من عيلة السنجقلي
( تحدق فيه شاهقة )
إنت .. إنت ، أيوه أيوه ، إنت .. إنت هوه حفيدي ، إللي حيتولد في المستقبل
الضابط تامر ( في دهشة وقد الجمه الموقف نهائيا )
ــ آ .. آ .. ايوه أنا .. أنا من عيلة السنجتلي ، أمي ( شهرت هانم ) حفيدة ( نازك هانم ) ، وجدي الكبير ( علوبه بيك ) بتاع الكوبانية ، وجدتي ( رفيعة هانم السنجقلى ) ، عاوزة مني إيه ، بتبصيلي كده ليه ، إنتو كلكوا شكلكم غريب قوى
( يتلفت حوله فى ذهول )
إنتوا .. إنتو فعلا ناس أغراب ، شكلكوا لبسكوا ، وايه المكان إللى إحنا فيه ده
رفيعة هانم ( في تمعن لوجهه )
ــ أنا واحدة من أجدادك ، وكمان أن لسه حلمانه ، بيك إمبارح
الضابط تامر ( في ذهول وقد تلعثم ) - أيوه .. أيوه ، أنا كمان حلمت نفس الحلم ، لكن مش معقول ، كنت .. كنت بتلبسيني الدبورتين الدهب ، إللى ورثتها عن أجدادي ، نازك وبرقوق
( وكان معنى حديثه ، أن نازك هانم ستتزوج من برقوق ، فى المستقبل ، رغم أنف علوبة بيك )
رفيعة هانم ( تدمع عيناها ، وهى تضع يداها على كتفيه )
ــ أيوه أيوه ، إنت حفيدي ( تامر شوكت ) ، إللى حيتولد بعد ( 200 سنة ) ، العرافة الأوربية العميا ، حتقولي عليك ، بعد عشر سنين من دلوقت ، وحتبقى لواء بوليس ، لما يبقى عندك 40 سنة ، علشان إنت مجتهد فى شغلك ، لكني وقت ما ظهرت حالا ، بقيت باشوف حاجات مستقبلية ، لسة ما حصلتش
( تنظر لماركة صيني وتخاطبه )
بركاتك يا صينى باشا يا شمهوش
برقوق ( ساخرا )
ــ آه عارفها ، العرافة بتاعة ( عمر خورشد ) ، و ( مديحة كامل ) في فيلم العرافة
الضابط تامر ( يضرب كفا بكف )
ــ إخرس يا ابن المدهولة
( للجد ماركة صيني ، يتلفت حوله فى ذهول )
مش ممكن ، إحنا فعلا من زمن غير زمننا ، وبيقولوا عليك ، فى الدرب الاحمر مجنون ، ده إنت ولا أنيشتين ، ولا أديسون ، ده أنت تضربهم بالجزمة ، العلماء الكبار دول
ماركة صيني ( متفاخرا )
ــ أمال إيه يا باشا ، طب بس عرفني عـ المأمور ، بتاع فيلم البؤساء ، إللي طلع فيه ( فريد شوقي ) ، وأنا أعملك إختراع ، يخلي الحرامية حملان وديعة ، يسلموا نفسهم للقسم ، من غير مقاومة ، وكمان يعترفوا بكل الجرايم ، إللي عملوها ، وإللي ما عملوهاش
برقوق ( مأخوذا )
ــ ايه يا جدي ، احم احم ، ايه هوا إللي عملوها ومعملوهاش ، حتودينا في داهية كده ، البيه الضابط الكبير ، حيفتكرنا بنلخبط في الكلام
الضابط تامر (في استنكار)
ــ إخرس يارسام الكاريكاتير ، ياتخين يابتاع الجرايد الصفراء
( ينتبه ثم يحدث الجد )
صحيح إيه يا راجل يا بهيم ، إيه إللى عملوها ، وإللي ما عملوهاش ، بتتريق على الحكومة ، يا قعر العلماء
( لمرؤوسه أمين الشرطة ، وهو ينظر إلى السقف ، ويتلفت حوله مذهولا )
يا ( أمين باتع ) ، الكلام اللي حصل دلوقت ، ماحدش يعرف بيه أي خبر ، فى المديرية
( للجنود الذين معه )
سامعين يا عساكر ، حيتقولوا علينا مجانين ، إختراق زمن وعالم ( محمد علي ) ، وناس غير الناس ، و ( 200 سنة ) رجوع لورا ، حيقولوا الظابط والأمين ، والعساكر إتجننوا ، وهنخرج بره الخدمة ، في نفس اليوم ، إللي دخلنا فيه ، ذهابا بلا عودة ، لمستشفى المجانين ، إحنا لا شفنا ولا سمعنا
( لحرنكش ، الذي إبتئس من حديث الظابط )
سامع يا قزعة ، يلي قفاك محيرني
( للجد ماركة صيني )
وإنت يا عم الصيني ، يا داهية العلماء ، يلا رجعنا لزمنا ، الله لا يسيئك ، عاوزين ناكل عيش ، بدل ما الداخلية ، تدخلنا عنبر العقلاء ، في مستشفى العباسية ، وهناك فيه ( الأخ بلحة ) كبير المجانين ، ما بيعرفش أبوه ، هو والمساعد بتاعه ( سيد كفته ) ، إلى بيحط البشر على السيخ ، ويدخلهم الفرن ، حنعقل لحد الصبح ، مش كده يا جدو ، ودول من نفس فصيلتك البتنجانى
ماركة صيني (يهز رأسه)
ــ وإن كنت ما اتقابلتش معاهم ، لكن الفرضية العلمية صحيحة و .. و….
برقوق ( مذعورا )
ــ يا جدي إرحمنا ، بيقولك بلحة وكفته ، ومستشفى المجانين ، حتعمل فينا إيه أكتر من كده ، يلا أعمل زي ما بيقولك حضرة الضابط ، ورجعنا زمنا ، حنرجع متكلبشين حرام عليك
الضابط تامر ( لازال يشرح ، لأمين الشرطة والعساكر)
ــ ويا أمين باتع فين وفين ، لما نثبت إننا رحنا زمن تاني ، نكون عقلنا في المورستان ، وبقينا من أتباع بلحة وكفته ، وسيخ وشاورما و .. و….
( يظل الضابط منخرطا في حديثه ، مع زملائه ولا يلاحظ علوبه بيك الذي ينظر له ، وللجد ماركة صيني وبرقوق ، نظرات من لهيب ، يظل ينفث الدخان من أنفه ، كالقطار البخاري ، وقد أمسك بالبارودة ، وهو يدق بمؤخرتها ، على الأرض
فيصيح الخدم في تهليل ، فيلاحظه الضابط تامر شوكت ، فيتراجع للخلف ، ومعه أمين الشرطة والعساكر ، وكذلك حرنكش ، والجد ماركة صيني ، وقد إستعد علوبه بيك ، لإطلاق النار عليهم )
علوبه بيك ( في شبه صراخ )
ــ يعني إنتوا مش عفاريت ، طب ياعريس بنتي الشوم ، يا مخاوى للجن ، حد ياعالم يقولي ، قبل ما أطلق النار ، مين دول ، وازاى ظابط الدرك ، أبو زى عجيب ده .. حفيد ليا ، إزاى علشان أنا اتجننت خلاص
برقوق ( وقد راح صوته وبح فزعا )
ــ لأ يا علوبه بيك اعقل ، أنا حقول لك ، ده ضابط من القسم ، من زمن ( القرن 21 ) ، وأظن زي ما سمعنا ، إنه حفيد لك ، حيتولد بعد ( 200 سنة ) ، ويظهر عرق العصبية ، ناقح فيكم كلكوا ، فبلاش تستفزه ، علشان هوا حكومة .. يعني ميرى ، ما تخبطش في الحلل وإحترمه ، بدل ما ينتقم مننا ، فى زمنا ( القرن 21 ) ، لما نرجع ده لو رجعنا
علوبه بيك ( في شبه جنون )
ــ دي بقت مهزلة ، بيتي بقى جوقة الآتية ، زى ولاد رابية ، مستباح للغزاة ، عفاريت أبصر إيه ( القرن 21 ) ، وده إللي أنا ، مش مصدق أي شيء منه
( يصرخ )
يا عبيد يا حراس ، إطبلوا شرطة الدرك ، عاوز مقدم الدرك ، يفهمني إيه إللي بيحصل ، هاتوا المماليك والأرنئوط ، والجيش المصرى الوليد ، محدش إتجرأ عليا ، طوال خدمتي في المحروسة ، قبل كده ، زي ما حصل دلوقت ، ينعل أبو الكهارب عـ الكلوبات ، إللي تخلي الناس تكرهني كده ، ويسخر مني الزمن بالطريقة دي ، أنا مش عارف .. أنا صاحي ، والا نايم .. والا إيه ، والله تاالله بالتركي ، حضرب نار على الكل واستريح
ماركة صيني ( باسلوب هزلى ، وكان الأمر لا يعنيه ، يحتد على حرنكش فجاة )
ــ كده يا حرنكش الكلب ، تجيبلي البوليس ، وتيجي ورايا ( 200 سنة ) ، هيا دي الرجولة يا إيد الهون ، وتقول للضابط إني عالم مجنون ، وتقومه من على مكتبه ، أول يوم تعيين ، قبل ما يشرب الشاى أبو فتله ، طب والله ، لأوريك الجنون على أصله
( يهجم ماركة صيني ، على أحد العبيد ، الذى ذعر منه ، ليخطف سيفا كان يمسك به ، والذى إستسلم له هلعا ، وسط ذهول الجميع ، ويرى الضابط تامر ، إنتحى جانبا ، وقد ظهر عليه الخوف ، هو وأمين الشرطة والعسكريان ، يحاول طلب نجدة من اللاسلكي ، الذى بالطبع لا يعمل ، فى ذلك العالم
بعد أن يسود في المكان ، الهرج والمرج الشديدين ، يظل الجد ماركة صنيي ، يطارد حرنكش المذعور ، صارخا في الحجرة ، ويدوران حول المقاعد والأرائك ، التى خلفها الخدم والعبيد ، وحول علوبه بيك المذهول ، الذى فقد صوابه فسال لعابه ، وتدلى لسانه
وبرقوق يحاول تهدئة جده ، مع تشبثه بمكانه فوق السبيارة ، ليعود لزمنه ، ونازك وأمها والعبيد والخدم ، ، جميعهم مذهولين شبه ضاحكين ، من هزلية الموقف ، وفجأة يصرخ علوبه بيك ، بصوت جهور يزلزل الحجرة ، فيتوقف الجميع ، الكل في مكانه )
علوبه بيك ( في صوت يرعد )
ــ يارب .. يا رب ، وحياة الكهارب والكلوبات ، إصرفهم من هنا ، وريحني .. ورجعلى هيبتى ومكانتى ، بتوع حلق حوش ، الملاعين دول ربولي الخفيف ، وحيودوني المورستان ، آخر مرة ، اخر مرة يا رب ، أنور فيها المحروسة بالكهارب ، حسيب الناس عايشة في الضلمة ، توبة من دي النوبة ، حبطل أعمل مقالب ، وزنب في حد ، والله تالله بالتركي ، حعتزل العمل ، وأروح أقعد فـ طوكر ، مع المغضوب عليهم ، في السودان المصري ، منفى زي المجرمين ، عند الملك المهزوم النمر ، أرحم من المورستان إللي هنا ، يارب يارب ، يارب وحياة مصر المحروسة ، تاخدهم .. وترجعلى كرامتى وهيبتى
( فجأة تستجيب السماء ، لدعاء علوبه بيك المكروب ، فيصدر راديو الجد ماركة صيني ، صوت أزيز حاد ثم صغير ، فيمسك به الأخير من يد برقوق ، ويضغط على بعض أزراره ، فيحدث شيء عظيم ، مثل الفلاش الكبير في الغرفة ، فيصرخ الخدم والعبيد ، وينتبه الجميع مأخوذين ، فيصيح الجد ماركة صيني .. بصوت جهوري ، وقد عاد اليه وقاره )
ماركة صيني ( في صوت عميق جاد )
ــ خلاص يا جماعه ، دلوقت الراديو رجع يشتغل ، كأداة للترحال عبر الزمن ، كل حي ، حيرجع للعالم بتاعه
برقوق ( حزينا فوق السيارة الجيب ، يتلفت حوله )
ــ صحيح صحيح ، فعلا يا جدي ، أنا تدريجيا .. مش شايف نازك ، كنتلوب قلبي ، ولا أمها ولا أبوها علوبه بيك ، حماقى ده ، إللي كان عاوز يموتنا ، ولا أبو طبق الفكهي ، ولا قرنبيطة قلبى الخدامة ، لكني شايف حرنكش ، والظابط تامر أهوه مذهول ، وأمين الشرطة والعساكر ، بيتلفتوا حوالين نفسهم مندهشين ، يظهر كلنا ، بنرجع لزمن القرن 21 ، زمن أحمد عدويه ، ومغنيين المدفعجية ، وحروب الجيل الرابع والخامس ، وشبكة النت المستقوية ، العريانة .. لاموآخذة ، إللى مش متدارية
( يتلفت حوله )
لكن .. لكن ، الله .. إحنا لسه فى بيت علوبه بيك
( يشرح ماركة صينى الوضع لبرقوق ، وقد إنتصب بجانبه ، وتظهر حول رواد القرن 21 ، أضواء كريستالية ، تنبئ عن عودتهم تدريجيا ، لعالمهم المستقبلي ، يليها ضباب وهمي كثيف
ماركة صيني ( لبرقوق )
ــ ما تستغربش ، بعد ثواني ، حترجع بيتك في الحارة ، عند القرن 21 ، حنرجع كلنا أنا وإنت ، وحرنكش والضابط ، وأمين الشرطة والإتنين عساكر ، مش شرط يركبوا معانا العربية ، حيرجعوا وهما فى مكانهم ، بس الراديو معصلج شوية ، خايف يا روحى ، يودينا عالم .. أو زمن ماضي تاني ، شجرة الدر أو شجرة اللبلاب .. أو .. او ….
( بعد ذلك يهلل الخدم والعبيد ، لقد اختفى بالفعل برقوق ، وجده وحاشيته ، كما يدعونهم الغزاة ، من عوالم الجن والعفاريت ، ويرى أبو طبق الفكهي ، يرفع رأسه ، ويتلفت حوله متحسسا المكان ، أما علوبه بيك ، قد عاد لبرم شواربه ، والثقة بنفسه تدريجيا ، فترى السعادة والإرتياح على وجهه ، لقد استجابت السماء لدعائه الأخير ، وسيستطيع إصلاح ما افسده ، رواد الزمن )
علوبه بيك ( في سعادة )
ــ سلامو قولا من رب رحيم ، أخيرا العفاريت إختفت
( لنازك وأمها ، وترى الفتاة دموعها تسيل )
نازك يا بنتي ، الولد المخاوي إختفى ، هو وجده ملك العفاريت
( يلاحظ دموعها )
ما تزعليش يا بنتي ، والله تالله بالتركى ، لأجوزك سيد سيده ، بس ما يكونش معفرت ، ده فيه أمير ، من أسرة محمد علي ، طالب إيدك من زمان ، بس أنا ممانع ، أقصد بلف وأدور عليهم ، ده البرنس ( مسافر الصغير ) ، صحيح تخين ، بس حيكون فى طوعنا
نازك هانم ( باكية )
ــ لأ يا والدي بعد .. بعد
( تبكي )
بعد .. برقوق بيه ، اللطيف ده ، مش حتجوز أبدا ، لا مسافر ولا قاعد ، ما تحاولش
( تغادر الحجرة وهى تجرى ، وقد أجهشت بالبكاء ، وتتعلق بها نظرات أمها ، ثم يعود للأم وقارها ، وهيبتها وسلطانها ، وتعود لتمارس سلطتها ، فتنادي على قرنبيطة بحدة ، من خلال .. سقطتها على الأرض ، وهي لازالت بجوار ، أبو طبق الفكهي )
قرنبيطة ( في خوف وتلمس للأمر)
ــ يا ناس يا هوه ، أنا فين ، لسه بيضربوا بالقنبل والا إيه ، رمضان خلص والا لسه ، وكحك العين إتعمل ، والا شاط على الصوانى
( تتنهرها رفيعة هانم ، وقد عادت للحزم ، ولصورتها الأرستقراطية ، بعد أن نهض الخدم والطباخين ، والجوارى والعبيد ، وتلقائيا بدون أوامر ، بدئوا فى إعادة ، قطع الأثاث لأماكنها ، وذهب كل إلى عمله ، صامتين وكان شيئا لم يحدث ، مع بعض التهامس الحذر )
رفيعة هانم ( في حزم لقرنبيطة )
ــ قومي يا بنت ، بلاش مياصة ومياعة ، نايمة كده ، جنب أبو طبق الفكهي بيه ، على الأرض بتتسلبطى ، الناس تقول إيه
( تنهض قرنبيطة ، وكانها كانت فى نوم عميق ، يليها أبو طبق الفكهي ، وهو لازال يبحث عن نظارته ، وعصاه التركية ، وكان شيئا لم يكن )
قرنبيطة ( وهي مذعورة ، تتلفت حولها لرفيعة هانم )
ــ شفتي يا ستي الكبيرة ، العريس العفريت ، ضربني بالقنبل في قلبي ، وأنا في المعركة بأروضه ، هو إتجوز ستي والا لسه
( ينقشع الضباب الوهمى تدريجيا ، ولا زال بعض الخدم يعيد الأثاث ، لوضعه الأصلى في الحجرة ، وهم يتهامسون بحذر ، فيقف علوبه بيك وسطهم ، وهو ممسك بالبارودة ، يبرم شواربه ، وقد عاد لجبروته ووقاره ، ويبدا فى إصلاح ، ما افسده رواد الزمن )
علوبه بيك ( للخدم ولجميع العبيد )
ــ يلا ياخدم .. ياحوش ، الكل يشوف شغله ، مش عاوز حد يجيب سيرة ، عن إللي حصل هنا في الصالون ، لا عفاريت ولا جن ، ولا أبصر إيه ، ولا ناس .. جت من زمن تاني ، مش عاوز الوالي محمد علي ، يعرف بالموضوع ، عن طريق عيونه البصاصين ، إللى حيطلع كلمة ، حيتعدم على باب القصر ، بأى تهمة كانت ، إنتوا عاوزني انطرد من الكوبانية ، وآخذ خازوق معتبر
( يخاطب أحد العبيد ، الذى يرى على وجهه الغلظة والقسوة )
يا ولد يا إسود الوجه ، يا عبد انت ، إبعتوا عشر فرسان ، راهاوانات بالخيل بسرعة ، يروحوا فى أثر ، الكلب العبد ، طويل اللسان حمروش أغا ، يمسكوه ويرجعوه لهنا ، من غير ما يأذوه ، قبل ما يقابل خواص ، الوالى محمد على ، ويتسبب فى مصيبة ، ويعدمه ويعدمنى بعديه ، تلاقوه ما بعدش عن القصر ، 10 او 20 دراع ، مادام ماشى على رجليه ، وأنا حعقله بطريقتى ، أنا خابزه وعجنه ، ومعايا كل مفاتيحه ، حدخله الفرن بتاعى ، وأسويه على نار هاديه ، يرجع العبد الخصى المطيع ، الواقف على باب الحرملك
( بعد إنقشاع الضباب نهائى ، يرى المشهد فى حجرة الصالون ، على أن .. كل من الجد ماركة صيني ، وسيارته الجيب ، قد صعد عليها برقوق وجده ، وكذلك حرنكش ، والضابط وأمين الشرطة والعسكريين
دون ان يشعروا شبه مغيبين ، ما عدا برقوق وجده ، مدركين لما يحدث حولهما ، عائدون جميعا ، لعالمهم القرن 21 ، لا يرون علوبه بيك وزوجته والخدم ، وقرنبيطة وأبو طبق الفكهي ، وبالتالي الآخرين لا يروهم ، إذ أن الزمنان ينفصلان ، القرن 19 في جانب ، والقرن 21 في جانب أخرى )
ماركة صيني ( لبرقوق وهما يعودان ، لعالم القرن 21 )
ــ دلوقت يا حفيدي يا مبصبصاتي ، يا فضحني عند صاحبي علوبه بيك ، الله يرحم ضعفه ، تقريبا رجعنا للقرن 21 ، قبل ساعة على أفضل تقدير ، من دخولنا في عالم القرن 19 ، وبالتالي .. حتلاقي الضابط الوسيم تامر شوكت ، وأمين الشرطة والعساكر ، وحرنكش اللئيم مش موجودين ، فى بيتنا ، فى حارة المزنوق ، أنا وأنت بس ، وحتشوف دلوقتى ، كل اللي حصل ليك ، في القرن 19 ، لكن بالتصوير السريع ، كأنك بتتفرج على فيلم ، ماشي بسرعة ، زي السينما الصامتة لكن بالألوان ، في جزء من الثانية ، من أول دخول الخادم عثمان عليك ، لغاية أخر حدث حصل لينا ، وأحنا راجعين للعالم بتاعنا ، المنيل ده القرن 21 ، أبو ضب بارز إسمه التقدم العلمي
( ويحدث أمام عيون برقوق ، كل ما قاله الجد ، العالم النابه ، الشبه مجنون ، والعبقري في نفس الوقت ، وبعد إستقرار الزمن ، يجد نفسه برقوق ، في مرسمه أمام اللوحات ، والجد جالس يتصفح ، جريدة قديمة بالمعكوس ، يدخل المكان على غرة ، حرنكش بعد هدوء كل شىء ، ومعه الظابط ( تامر شوكت ) ، وأمين الشركة والعسكريان ، في تحفز بعد شكواه ، ضد العالم ماركة صيني وبرقوق ، في قسم الشرطة ، بأن الجد هاجمه وطارده بالمدفع ، حتى الشارع )
حرنكش ( يشير على الجد ماركة صيني للضابط )
ــ أهو ده يا حضرة الظابط تامر ، الراجل المخترع العجوز ، إللي حيودي الإنسانية في داهية ، عامل راديو ، بيرجع لزمن محمد علي ، والمغول والإنسان الأول ، عاوز يعملها سلطانية عثمانلي من جديد ، يحكمها السلطان هويام ومراته سليمان ، أقصد العكس مش .. مش عارف
ماركة صيني ( يلتفت للظابط ويضحك )
ــ إيه الموضوع يا جماعة ، هوا فيه حد يا حضرة الظابط ، برضه يصدق الكلام ده ، راديو وزمن ماضي ، والكلام الفارغ ده ، حرنكش أصله بيخرف ، علشان أنا زعقلته ، وقرصت عليه بالكماشة الماليزي ، قوم بقى هوا ، يتبلى عليا ، ويقول الكلام الهبلولا البيانولا ده ، فيه حد يصدق ، إن الراديو الصيني التعبان ده ، يرجعنا لزمن ( محمد علي ) ، وكمان نقابل كلنا ، البيك ( علوبه بيك البختدار ) ، وكمان كان عاوز ، يضرب علينا نار سامحه الله
( يستريب الضابط تامر في حرنكش ، الذي بدأ يدرك سوء موقفه ، بعد تعقل الجد المجنون ، وإنكاره للأمر وتصنعه للعقل )
الظابط تامر ( فى ذهول )
ــ علوبه بيك .. وزمن محمد علي .. وضرب نار
( يفكر قليلا )
يخيل ليا .. إني من ثواني ، كنت هنا فعلا ، وقابلت جدتي الكبيرة رفيعة هانم و .. و ….
( متداركا )
لأ .. لأ ، مش معقول .. يظهر ، إني دايخ شوية
( يتلفت حوله ناظرا ، لهياكل الاشياء القديمة ، المعلقة على الجدران )
يعني إنت يا جدو ، يا بتنجان إنت ، مش بتركب مراوح الطيارات ، على العربيات القديمة الألماني ، زي ما قال الواد ده ، كوز الميه المخروم
ماركة صيني ( ناظرا لحرنكش ، ضاحكا على سوء موقفه )
ــ مراوح إيه وعربيات إيه ، يا حضرة الملازم أول ، طب ده هتلر إنكسر من زمان ، فيه حد يصدق الكلام ده ، هتلر و
( علوبه بيك ) و ( محمد علي ) ، وقال إيه إنت قابلت جدتك ، وكمان علقتلك الدبورتين ، في المنام وقصة العرافة الاوربية العميا .. و ..
الظابط تامر ( مذهولا )
ــ دبورتين دهب .. جبت منين الكلام ده
ماركة صيني ( متداركا ثرثرته )
ــ لأ لأ ، أقصد عقبال السفين والنسر ، تبقى إن شاء ، فى المستقبل فأرض اللوا ، آ .. آ .. أقصد لواء كبير في الداخلية ، وأنت عمرك (40 سنة )
الظابط تامر ( مستريبا فى الجميع )
ــ يعني ما حصلش ، كل إللى قاله الواد القزعة ده ، بلاغ كاذب يعنى
( للعسكري )
يا عسكري ، إقبض على الواد القصير ده ، حرنكش وإلا دومه ، وإلا اسمه إيه ، بتهمة البلاغ الكاذب ، وتوضبهولي فى الحجز ، وتعمله فيش وتشبيه ، وتكشفلي عن سجله الجنائي ، علشان بيزعج السلطات، باين عليه بيبرشم الحبوب بتاعة فيلم ( الفيل الأزرق )
( يبكي حرنكش متوسلا )
حرنكش ( في خوف )
ــ خلاص خلاص ، والله آخر مرة ، ههلوس بالكلام ده ، لا هتلر ولا محمد علي ، ولا علوبه بيك ولا القرن 19 ، الله يخليك يا حضرة الظابط ، بلاش حكاية الحجز دي ، ولا فيش ولا تشبيه ، علشان ما ألفش الجمهورية كلها ، كعب داير ، أصل انا ماليش قرايب ، لا فى الصعيد ولا فى وجه بحرى
( يعود حرنكش ليتلفت حوله )
يا ربي .. بس ده شيء مش معقول ، كأنه حصل
( يدور حول نفسه )
كأني قابلت علوبه بيك ، أبو شوارب هنا ، وكان معاه بارودة قديمة و .. و ….
( يعود لعقله )
لأ خلاص والله حرمت ، أنا بهلوس مجنون والله ، وإبن ستين كلب ، أخرس ما بيهوهوش
الظابط تامر ( ينظر لبرقوق المنهمك في الرسم ، محدثا الجد ماركة صيني )
ــ خلاص هسيب الواد ده ، من غير محضر ، إزعاج السلطات ، لكن يا راجل إنت ، يعنى مش بتعمل تجارب ، على إختراق جدار الزمن
( يقهقه الجد ماركة صيني )
ماركة صيني ( يزفر ضاحكا )
ــ طبعا يا باشا لأ ، فيه حد برضه ، يلعب في زمن ربنا ، وكمان برجع لزمن شجرة الدر ، وهيا لبلابة صغيرة ، وبتعمل محشي لعز الدين أيبك ، قبل ما تغدر بيه
الظابط تامر ( صائحا )
ــ إيه يا راجل يا كهنة ، بتهزر معايا يا مخلول ، دا أنا الحكومة ( للعساكر)
يلا يا جماعة ، عيلة خرفانه صحيح
( لحرنكش )
إوعى تعملها تانى ، ساعتها إنت حر فى نفسك ، بطل شغل ( كريم عبد العزيز ) ، فى فيلم ( الفيل الأزرق )
( يغادر المكان ، وقد أطلق سراح حرنكش ، الذي يجفف دمعاته ، وهو يرمق الغرفة ، وقوة الشرطة تغادر الجميع ، بنظرات الريبة والإندهاش ، شبه مصدقين أن العائلة مجنونة )
ماركة صيني ( لبرقوق )
ــ خلاص يا عم برقوق يا أحمر ، عاملي دافنشي وسلفادور دالي ، وسايبنى أهاتى مع الضابط .. كنت إسندنى ، علشان ما أخرفش فى الكلام
( يرى برقوق حزينا ، على فراق نازك هانم لايرد ، فيعود الجد للحديث ، ضاحكا معه مستخفا )
عموما الظابط خلاص مشى بسلام ، لكن الله مش سلفادور دالي ده ، هوا إللي عملوا قصته ، في مسلسل الدالي بتاع ( نور الشريف ) ، لأ لأ مش هوا ، لازم عملو قصة تانية ، ده مش دالى ده داليدا ….
حرنكش ( لا يضحك على تعبيرات الجد ، ويرى باكيا مذهولا ، يرمق المكان ، غير مصدق نفسه )
ــ بذمتك يا جدو ، مش كنا واقفين هنا ، والراجل علوبه بيك ، كان بيضرب رصاص ، والا أنا بهلوس ، من الطرشى المغشوش ، وإتجننت خلاص
ماركة صيني ( يضربه بشيء من الدعابة ، على قفاه ، وهو لا زال يتلفت حوله )
ــ دي أمك الرعاشة ، هيا إللي كانت بتضرب نار ، من المقشة الرز ، إنس الموضوع ده نهائي ، علشان ما تأذيش نفسك ، وتأذينا معاك
( يضحك برقوق من الدعابة طويلة اللسان ، ويضحك حرنكش مدعيا ، أنه صدق للأمر ، ويستأذن في المغادرة ، وهو لا زال يرمق الحجرة في ذهول ، يريد اثبات صحة إدعاءه بأى طريقة )
برقوق ( حزينا وقد سالت دموعه )
ــ أنا زعلان يا جدي ، علي كنتلوب قلبي ، نازك هانم إللي سبتها ، في القرن 19 ، مش كنا جبناها معانا ، دي زي لهطة القشطة ، والله حبتها من كل قلبي
ماركة صيني ( ضاحكا بأسلوب ذو مغري )
ــ ماتقلقش .. حتقابلها ، لكن بصورة تانية ، الزمن بيكرر نفسه ، زي ما قالت الشاعرة نفوسه ، العالمة الرقاصة زميلتي ، إللى ما رضيتش أتجوزها زمان ، علشان مشغولة ، بتعمل تجارب عـ المحشى
برقوق ( ساخرا في ألم )
ــ نفوسه .. نفوسة يا جدي ، ليه .. هوا الزمن بيتكرر ازاى ، محطة تحليه بيكرر الميه ، مش تبطل إستخفاف عليا ، وعلى الخلق
( ينفجر الإثنان في الضحك )
ماركة صيني ( يزفر )
ــ بكره تشوف حِكم وأقاويل جدك
( في جدية )
عندي ليك عروسة ، إنما إيه ملظلظة زى نازك ، طراز القرن 21 ، بنت واحد صاحبي إتعرفت عليه ، وأنا بشتري مروحة الطيارة من هتلر ، أصله ..
( يضحك غامزا بعينه )
أصله ..
( يقهقه )
موالي للعدو ، وحارب مع المماليك ضد الفرنسيس ، ومع محمد علي ضد المماليك ، ومع الجميع ضد الجميع ….
برقوق ( متألما ، ولم يعي ما يقصده جده )
ــ يا جدي بطل لعب ، في الألفاظ والزمن ، ده كان في الماضي ، علوبه بيك القرن 19 ، ودلوقت إحنا فى القرن 21 ، لا فيه محمد علي ولا فرنسيس ، ولا عبيد ولا مماليك ، إختراعاتك دي ، كانت حتوديني في داهية ، وخلتني أحب نازك كنتلوب قلبي ، وكنت هـ ..هـ .. يعني إتحرشت بيها ، في زمن غير زمني ، وأبوها عرف وكان حيقطع رقبتى ، ويخزوقني على الخازوق ، حرام عليك ، كفاية جننت حرنكش ، وكان حيدخل السجن ، وكله كوم .. والعبد حمروش أغا ، إللي جننته كوم تانى ، زمانه حيقوم بثورة الخصيان الأولى ، في التاريخ .. ضد علوبه بيك
الجد ماركة صينى ( يفكر )
ــ ما اظنش ، زمان علوبة بيك رجه لعقله ، بطريقته الخاصة
( يسمع طرق على الباب )
برقوق ( محتدا )
ــ إفتح إنت يا جدي ، تلاقيه واحد من مقاطيعك ، أنا مش فاتح ، أنا قافل مع كل الناس
ماركة صيني ( يتجه للباب ويفتحه وهو يصفر )
ــ أهلا أهلا يا جماعة
( لبرقوق الذى يعطيهم ظهره )
دي يا حفيدي ، العروسة إللي قلتلك عليها ، وأبوها صاحبي الموالي للأعداء .. حسب الموقف السياسى
( برقوق لا يرد ، وينخرط في الرسم ، جالسا يائسا متململا ، فيستقبل جده من الباب ، فتاة بدينة ، من زمن القرن 21 ترتدي الجينز الأزرق الضيق ، ومعها أبوها ، يدخلان بعد التحية
يجلسان على الأريكة ، دون أن يلتفت إليهما برقوق ، الذى بدا عليه السام والحزن ، فينادي ماركة صيني على الأخير ، الذي يتجاهل النداء ، وهو لا ينظر خلفه ، ولا يرى الضيف وإبنته )
ماركة صيني ( لبرقوق )
ــ ده صاحبي يا برقوق ، تعالى سلم ، ومتطنشنيش علشان ما أتجننش ، وأبعت في المحمول رسالة صوتية ، للسلطان أبو بالوظة ، في زمن السلطانية ، ييجى يشوف حكايتك ايه
( يلتفت برقوق متأففا ، فيصاب بالذهول ، وهو يرى الضيف وإبنته ، ويقف فاعر الفم ، غير مصدق لعيناه ، فيكمل الجد كلماته )
ده بقى علوبه أفندي ما تقدرشي ، صاحبي الموالي للأعداء ، إللي لسه مش عارفهم ، ودي بنته نازك المؤدبة ، ما اعرفش ليه سموها المؤدبة ، صحفية في جرنال إسمه ( ما تخبطش في الحلل ) ، ويا عينى على الأسماء
( يتقدم منهم برقوق ، ويصافح نازك إبنة القرن 21 ، فيجدها نسخة من نازك القرن 19 ، وكذلك أبوها علوبه أفندي ، الذي هو نسخه ، من ( علوبه بيك البختدار ) ، لكن الإثنان من عالم القرن 21 ، يظل برقوق يحملق في الفتاة ، وقد ضغط على يدها ، فاعرالفم مذهولا )
ماركة صيني ( لبرقوق صائحا )
ــ ما تبحلقش في البنت كده ، علشان ما تخافش منك ، سيب إيدها يخرب بيتك
( يترك برقوق يدها خجلانا )
دول بقى أحفاد علوبه بيك ، بتاع القرن 19
( لعلوبه القرن 21 )
دلوقت يا صاحبي ، يا منتفع من العدو ، أنا باطلب أيد بنتك لحفيدي ، برقوق الصحفي التخين ده
( ساخرا )
هوا حلو بس ساعات ، بيتنح شويه ، فـ الحريم ، من غير بسبب
علوبه القرن 21 ( يقهقه بنفس طريقة القرن 19 )
ــ وأنا موافق يا يا عزيزي ، أصل المصالح بتتصالح
( يصيح برقوق مذهولا ، من تكرار كلمة عزيزي ، التي كان يسمعها في القرن 19 ، من الجميع .. هي وكلمة المصالح تتصالح )
برقوق ( مأخوذا )
ــ عزيزي .. أنا سمعت الكلمة دي قبل كده
( لجده )
إيه حكايتك يا جدي ، إيه حكاية المصالح دي
( يأخذ برقوق نازك ، التي تستريب في تصرفاته ، وينتحي بها جانبا ، حتى يصيبها الحرج ، ويتحرش بها كعادته ، مع الفتيات )
يا خواتي على كنتلوب قلبي
( مشدوها )
أنا ما شفتكيش قبل كده
( تسحب يدها من يده ، مندهشة وتضحك )
نازك القرن 21 ( مأخوذة )
ــ كنتلوب وشفتني قبل كده
( مندهشة )
فيه حد يقول كده لخطيبته ، أول ما يشوفها ، يا راجل قول كلمة حلوة ، مش كنتلوب وقرع ، وبطيخ وفاكهة ، إنت جعان والا ايه
( يضحك برقوق ، وقد هاله جمالها ، فيسل لعابه كعادته ، أمام أى فتاة يقابلها )
برقوق ( ضاحكا مغازلا في جرئه )
ــ لأ قرع إيه ، قولى منجه ، عنب أحمر ، عسل نحل مصفي ، شهد مكرر
( يمسك بيدها ثانيا ، فتسحب يدها في إستنكار ، دهشة وخجل )
نازك القرن 21 ( وقد احمر وجهها )
ــ عيب أبويا وجدك واقفين
برقوق ( وقد عاد لريبته )
ــ يعني إنت .. إنت ، مش بنت بيك الكوبانية ، بتاعة محمد علي
( تضحك مأخوذة وهي مذهولة )
نازك القرن 21 ( تشير بإشارة ، تدل على أنه ، ليس في وعيه )
ــ بطل الحاجات إللي بتشربها دي ، كوبانية إيه ومحمد علي إيه
( ساخرة )
ما تاكلش سمك وبيض، وإنت تبقى كويس ، وما تبحلقش كتير ، في المراية بالليل ، علشان النداهة ما تندهكش
( يضحك برقوق من الدعابة الفجة ، وتضحك هي معه ، ويظل برقوق ، يشرح لها رسوماته الكاريكاتورية ، وقد إنزوي الجد ماركة صيني وأبوها ، في حوار هامس ، يظل برقوق كعادته الحيوانية ، في إختلاس النظرات ، وتفحص جسدها بأسلوب خفي ، لم يخفي على الفتاه ، فتلاحظه في استنكار ، ويرى على وجهها الحرج )
نازك القرن 21 ( في استنكار )
ــ إيه يا استاذ ، ماشفتش ستات قبل كده ، بطل بحلقة برقوق (في جرأه )
ــ الجينز ضيق قوي حيجنني
نازك القرن 21 ( في غضب )
ــ قليل الأدب ، هو جينز أبوك ، كده عيب قوى ، من أولها تحرش
برقوق ( وقد عادل لتساؤلاته ، التي تنم على الريبة )
ــ إيه أخبار قرنبيطة الخدامة ، والأغا حمروش ، وأبو طبق الفكهي
( تنفجر الفتاة في الضحك كثيرا ، وهي غير مصدقة ، لما تسمعه )
نازك القرن 21 ( وقد تشككت في قواه العقلية )
ــ ياخواتي على البتنجان الأصلى ، مين دول زمايلك في الهوبا لاله ، والا المورستان
برقوق ( متداركا حديثه )
ــ خلاص خلاص ، ولا كأنك سمعت حاجة
نازك القرن 21 ( تشير نحو العربة الجيب ، ذات المروحة الكبيرة )
ــ قولي بقى ، إيه حكاية طيارة جدك دي ، عربية والا طيارة ، والا البتنجان متوطن ، عندكم في العيله
برقوق ( في سخرية )
ــ لأ اصل جدي من زملاء أينشتين ، وكمان إبن عم فرانشكتين ، بيرجع بالعربية ، لم الناس تنام بالليل ، لزمن محمد علي ، أصله لاسع شويه ، يا .. يا مربة فراولة قلبي
( تضحك من الغزل الفج )
تعالي تعالي أفرجك عليها ، يلا يلا اركبي معايا
( يسير بها ، ويصعدا فوق السيارة ، التي لا يزال غبار الزمن عليها ، والمروحة تدور ببطء ، والجد وعلوبه منهمكان ، في حديث هامس جانبي)
بيب بيب ، شايفه يا نازك قبلي ، يا زوجة المستقبل ، دلوقت تخيلي ، إننا في سوق شعبي ، داخل القاهرة فى مصر المحروسة ، في زمن محمد علي
نازك ( تضحك سعيدة ، وتتخيل نفسها في المشهد )
ــ أيوه أيوه ، أنا شايفه البياعين ، في كل مكان
( ساخرة )
يلا .. يلا هوا الكلام عليه فلوس ، حاخدك على قد عقلك
برقوق ( مأخوذا )
ــ ياه .. ياه شايفة المماليك ، بيضربوا الناس دول ، دول بينهبوا المحلات والدكاكين ، علشان يأخذوا مرتباتهم المتأخرة
نازل القرن 21 ( في جزع وتخيل )
ــ أيوه أيوه ، التجار اصحاب الدكاكين بيصرخوا ، والعيال بتجري في كل مكان ، من الخوف والرعب ، والحريم لزمت البيوت
برقوق ( في تألم )
ــ يادي المصيبة ، شايفة شايفة ، دول بيخطفوا العيال والبنات الصغيرين ، علشان يبيعوهم عبيد ، في أسواق النخاسة
نازك القرن 21 ( في ألم وجزع )
ــ يا عيني على الأطفال ، الولاد والبنات بيصرخوا ، مش عارفين حيودوهم فين ، بيشيلوهم هيلا بيلا ، ويجروا بيهم على الحصنة ، وأهاليهم بتصرخ موجوعة ، يادي الظلم والجور
برقوق ( وقد تحشرج صوته )
ــ وفي يوم من الأيام ، يمكن ولد من دول ، زمان والا دلوقت ، يصبح قائد أو سلطان ، قطز والا بيبرس ، ويحاربوا أعداء البلاد
نازك القرن 21 ( تمسح دموعها )
ــ ويمكن بنت من دول ، تبقى أم المماليك والا شجرة الدر ، عبدة مملوكة تحكم ، إلى جانب الرجال والملوك
برقوق ( في خوف )
ــ سيبك من دول ، شايفه الراجل إللي عـ الحصان الأسود ده ، باين عليه من الدرك ، بوليس يعني
نازك القرن 21 ( في دهشة )
ــ أيوه أيوه ، بيبص علينا في ريبة ، هوا والحصان كتلة واحدة ، وحواليه العساكر من كل لون ، إيشى أرنئوط على تراكوه ، على شراكسه ، على مصريين
برقوق ( وقد ارتعب )
ــ وجوههم حمرا على سوده ، على خمرية على قمحية ، دول مش قادرين على المماليك ، بيبصوا على المشهد ، في صمت
نازك القرن 21 ( في سعادة )
ــ شايف السبيل التركي ، إللي هناك ده ، وحواليه الخدام والحريم والمجاذيب
برقوق ( في تطلع )
ــ أنا شايف واحدة جارية ، من بلاد بعيدة عيونها ضيقة ، بتغرف من السبيل ، علشان تسقي الرايح والجاي
نازك القرن 21 ( في تفحص للمشهد )
ــ وكمان شايفة جواري من كل لون ، حبشيات على روميات ، على ألبانيات على أوربيات ، بيقوموا على خدمة الناس ، يا سلام على المشهد ، بشر من كل لون
برقوق ( يشير لها )
ــ فعلا مصر أم الدنيا ، كل الثقافات تيجي عندها وتذوب فيها ، شايفة الولد العبد الأسمر ، إللي بيعطر الميه بروح الورد هناك ، والناس واقفه بتدعيله
نازل القرن 21 ( تشير على مكان ما )
ــ وإلا الخان الي هناك ، عامل زي الفندق ، الناس فيه من كل لون وجنس
برقوق ( في سعادة )
ــ صحيح مصر أم الثقافات والعلوم ، الدنيا بدأت من عندنا ، الخان ده هوا نواة نظام الفندقة ، في العالم كله ، بينزل فيه التجار وبهايمهم ، وأتباعهم والغلمان ، وبيباتوا فيه كام يوم ، لحد ما يشحنوا ، على المراكب في النيل ، بضايعهم أو يبيعوها ، بعدين يرجعوا بلادهم ، في آخر الدنيا
نازل القرن 21 ( في فخر )
ــ شايف الجامع إللي هناك ، ده باين عليه الجامع الأزهر ، منارة الإسلام في العصور القديمة
برقوق ( في تطلع للماضى )
ــ أيوه أيوه ، شايفة الأولاد المعممين قاعدين ، حوالين العمود ، إللي قاعد على الكرسي قدامهم ، الشيخ الكبير يعلمهم أصول الدين والفقه ، ويحفظهم القرآن
نازك القرن 21 ( في جزع )
ــ إيه البيوت السوده ، إللي عليها الحراس ، إللي لابسين خلاخيل ، في كل حتة فى وشهم ، ولبسهم زى الستات ، لكن مبهرج وملون ، وماسكين سيوف وأسلحة
برقوق ( في دهشة )
ــ مش عارف ، باين عليها بيوت مشبوهة ، ودول الحراس ، أقصد الرجالة الكذا ، خصيان على قوادين، على منحرفين
نازك القرن 21 ( في تأفف )
ــ وفين شرطة الدرك ، الوالى ( محمد علي ) سايبينهم ليه
برقوق ( في غضب )
ــ في كل زمن ، فيه بلاد ، كانت بتسمح بالسلوكيات دي ، مرخصين يعني ، تحت عين الحكومة ، وبرضه كان في أزمان تانية ، بلاد بتمنع الأشياء دي ، والعياذ بالله
( يشعر الجميع بتيار هواء قوي ، وتدور مروحة الطائرة ، عدة دورات سريعة ، وفجأة يقطع على برقوق ، ونازك القرن 21 تخيلاتهم ، مشهد حرنكش ، يدخل مع الظابط تامر من جديد ، ومعه قوة من البوليس عددها أكبر ، ليثبت عليهم دعواه القديمة ، بعد أن ظنوا أنه نسى الأمر )
حرنكش (يقترب من برقوق ويشير عليه)
ــ إثبت يا حضرة الضابط ، أهو راكب العربية ، إللي بتروح عـ الزمن الماضي ، فاكر نفسه حيغير الكون ، زي ما قلت لسيادتك في المحضر
( يشير على الجد ماركة صيني )
الراجل المجنون ده ، عاوز يرجع لزمن هتلر ، وجنكيز خان والتتار ويسلم عليهم ، وبالمحمول ياخذ معاهم سلفي
( يصيح الظابط تامر ، فيدخل العشرات من الجنود والعساكر ، ليضبطوا مخترعات الجد ماركة صيني )
( يلتفت الجد ماركة صيني ، للضابط تامر ، وقد رفع يداه ، الإثنتان في الهواء مستلما ، بصورة كوميدية هزلية ، وكأنه زعيم عصابة قد سقط )
ماركة صيني ( وقد إستسلم فى صورة هزلية )
ــ خلاص يا باشا ، ما دام ظبتونى متلبس ، ماسك صرة الفلوس ، صوت وصورة ، أنا حعترف بكل حاجة ، ما فيش داعي تعلقوني في النجفة ، علشان أنور بالليل ، أنا فعلا بعمل مخترعات ، ترجع للزمن الماضي ، من غير تصريح ، لكن إنشاء الله ، لما أخذ التأشيرة ، حنسافر كلنا لزمن الهكسوس ، بس سيادتك إيدك معانا ، نخلص في المطار ، الإجراءات والجمارك ، علشان أم المعارك ، وكمان الواد حفيدي ده ، هو إللي بيجربلي المخترعات ، أصله فار تجارب ، من أصحاب ، صاحب ميكي ماوس ، والماوس بتاع الكمبيوتر ، الروح بالروح ، صحيح هوا تخين شوية ، لكن يعجبك قوي ، مصاحب البت الجارية ، بتاعة شجرة الدر ، في فيلم سلامة .. أحب القس سلامة ، حتى إسأل الدكتور المهندس ، إللى بنى أهرامات المكسيك، والجضارة إللى مالهاش إسم
الضابط تامر ( في تأفف )
ــ يادي المصيبة ، رجعنا للمناخوليا تاني
( يمسك أحد العساكر ببرقوق ، ويسير به مقيدا )
برقوق ( لحرنكش )
ــ كده يا حرنكش الكلب ، توديني اللومان ، منك لله إنت وجدي ، إللى إعترف من غير ماحد يكلمه ، ده أنا عندي إمتحانات آخر الترم ، في الجامعة ، وعلى وش جواز ، كده حبوظ ، ومش حنفع تاني
( يأمر الظابط ، بتقييد الجد هو الآخر ، الذي إستسلم ويسير رافعا يداه ، بأسلوب هزلى ، ويعود هابطا من أعلى ، أحد العساكر ، وهو يحمل هيكل ، لمكوك فضاء بصعوبة ، فيصعق الضابط ويشهق )
ماركة صيني ( يتقدم من الضابط ليشرح له ، وهو لازال رافعا يديه )
ــ ده بقى مكوك الفضاء ، الأمريكي المصري المشترك ،
( بسطويسى 13 – هوقة المعدل ) ، إللي بيروح عند الرئيس ، كندي ومارلين مونرو ، في الحرب الأهلية الأمريكية ، في زمن أم العجايز ، وأم العيال وأم قويق
الظابط تامر ( في ذهول )
ــ أم المعارك إيه .. وأم قويق إيه .. إيه يا ابن المجنونة ده ، إنت ولا أنينشتين في زمانه ، بقى عندك مواد مشعة ، ووقود للترحال عبر الزمن ، وكاتبلي على الحيطة ، نظريات رياضية وفزيائية ، ده إنت خطر جدا ، لازم تتعرض عـ الأمن العام ، والقومي والدولي كمان ، ده إنت خطر على الإنسانية ، لازم أبعتك عند بلحة ، فى المورستان ، ومساعده كفتة ، يحطك على السيخ ، ويدخلك الفرن ، علشان نتحقق من قواك العقلية
ماركة صيني ( في تذلل )
ــ معلش سماح النوبة دي ، أعملك شاي بنفسجى ، والا قهوة ملونة ، أبيض فى أحمر
الظابط تامر ( فى غضب )
ــ القهوة دي ، حنطفحهالك في التحقيقات ، وأنا بقول ، لما شفتك قبل كده ، هلوست والا إيه ، إتهيألي إني قابلت أجدادي ، عندك والا إيه ، بتدخل في دماغ إللي قدامك ، والا إيه .. مش عارف ، ده إنت خطير
( لأمين الشرطة )
يا أمين بائع ، حرز كل المخترعات وشمع المكان ، دول ناس حظر يا بني
( يقتاد العساكر ، الجد ماركة صيني ، وهو لازال ، يرفع يداه للاعلى ، وحفيده برقوق خلفه ، ويتبعهم الظابط تامر ، وحرنكش الشامت فيهما يضحك ، فلم يعد مجنونا ، ويركض خلفهم ، علوبه القرن 21 صائحا )
علوبه القرن 21 ( يصيح بكل قوة )
ــ ما تخافش يا ماركة صيني ، حقوملك محامي زيي ، منتفع من العدو
( ينادي برقوق ، ويعلو صوته من الخارج )
ــ هاتيلي عيش وحلاوة في اللومان ، يا نازك يا مفتقة قلبي ، وبلاش الجينز الضيق ، علشان بيعملي ، تعب في عقلي ، إبقى زوريني ، وإنت لابسه ملاية لف ، وبرقع ويشمك ، وتقولى للعساكر بتاعة السجن ، كلمة السر .. العواف
( تظل نازك القرن 21 واقفة وحيدة ، فوق السيارة الجيب ، التي تعود للزمن الماضي ، وهى تتلفت حولهما في حزن ، لقد تركوها جميعا وغادروا المكان ، ويعود تيار الهواء الشديد من جديد ، فتتلاعب مروحة السيارة ، وتدور عدة دورات بطيئة )
نازك القرن 21 ( في جزع وألم من الوحدة )
ــ ياه .. ياه ، دول سابوني لوحدي ، أبويا راح يجيب محامي ، لبرقوق وجده ماركة صيني ، ياه .. الوحدة صعبة ، طب أعمل إيه ، أروح والا أستناهم ، لما يرجعوا ، باين عليهم حيطولوا ، أحسن حاجة ، أفضل زي ما علمني برقوق ، أتخيل .. أتخيل إني فى زمن ( محمد علي ) ، راكبة العربية الجيب أم مروحة ، والناس بتصب عليا في دهشة ، آه .. آه أنا ماشية أهو ، فى سوق شعبيه كبيرة ، الناس بتبص عليا وبتشاور ، إيه يا عم إنت وهوا ، مش توسعوا شوية ….
( لجندي أرنئوطي )
ــ إنت يا عم يا عسكري يا أرنئوطي ، نزل البارودة شوية حتخبط في فانونس العربية ، ماحدش في السلطة غيرك
( تتخيل سير العربة ببطء ، وسط الزحام الشديد ، فتطلق نفير السيارة ( الكلاكس ) ، فينزعج المارة وتسمع همهماتهم )
ــ إنت يا صبي الراجل الإعرابي ، جاي منين بكل الجمال دى ، طبعا جاي من عند العربان ، إللي مستوليين على غالبية أراضي الصحرا ، جاي تبيع الجمال فـ السوق الكبير ، بتبيع الميه في حارة السقايين ، محمد علي مش حيسيبكم ، حيفضالكم بعد ما يخلص على المماليك ، علشان يحط إيده وسلطته ، على كل أراضي مصر
( تسير السيارة بشيء من السرعة ، فتجاور مجرى النيل ، الذي بدا خاليا ، من أي كباري ولا قناطير ، ومنسوب المياة مرتفع جدي ، إذ انه وقت الفيضان )
ــ إنت يا واد يا مراكبي ، شايفاك يا ابن الحرام ، بلاش تركب العيال المركب ببلاش ، ماتسمعوش كلامه ، محدش بيعمل حاجة ببلاش ، ده نخاس إبن كذا فـ كذا ، ياخد العيال ويستدرجهم ، بعدين يسلمهم عـ الشط التاني ، لبياعين العبيد ، يخدوهم مماليك والا جواري ، والا أي حاجة وحشة تانية ، يا عيني على البشر ، على الإنسانية لما تتهان
( تجري الفتاة بالسيارة ، فتقابل زحام شديد ، إذ أنه مولد ، لأحد أولياء الله الصالحين ، تظل تطلق النفير ( الكلاكس ) ، والناس في عالم آخر )
ــ إيه يا خلق كل ده ، بطلوا دروشة ، إنتوا بتحتفلوا بولي ، ممكن يكونش موجود من الأساس ، وأنت يا عم يلي لابس أخضر فـ أخضر ، وماسكلي راس الولي ، إللي مات من ألف سنة ، معقول راسه لسه موجودة لحد دلوقت ، كفايا خرافات وشعوذه ، سايبين أعمالكم وتاركين الناس إياهم ، بينهبوا في عقولكوا ، صحيح يا ولاد ، الموالد دى سبوبة ، رزق الهبل على المجانين ، الأنبياء بس ، هما إللي أجسادهم ما بتبلاش ، مش أي حد مغرض ، يقول فلان ده ولي ، نقوم نصدقه ، دول ناس منتفعين من الموالد ، والبيع والشراء ، والنشل والنصب ، إللي بيحصل فيها
( تسير السيارة ببطء شديد ، والناس في المولد تهز رؤوسها ، يمينة ويسره ، فتنظر نازك لأعلى ، فترى مشربيه نصف مفتوحة ، ويرى منها إمرأة بدينة ، تجاوزت الخمسين من عمرها ، تدور حول عبد أسود صغير ، وهو يجزع منها ، خوفا من سيده )
ــ وإنت يا وليه يا سمينه ، يا حلاوتهم عصرك ، يلي في الحرملك ، شايفاكي شايفاكي ، يا عرة النسوان ، بتعملي إيه ، سيبي الواد العبد الصغير فى حاله ، الله يفضحك ، جوزك التاجر الكبير سيده ، ساب البيت من هنا ، وانت نازلة حب في الواد ، كفاية كده تلفتوا أملنا ، نسوان بايظة
( تنفرج كتل الناس على غرة ، فتسير السيارة بسرعة ، نحو شارع تجاري كبير ، فترى نازك مقهى شعبي ، يجلس عليه التجار والمعلمين ، يدخنون الأرجيل ، ووسطهم شيخ معمم شاب صغير ، يجلس في صورة نشاز ، ويتسامر مع الرواد )
ــ وإنت يا شيخ يا أزهري ، يلي قاعد تشيش هناك ، قوم شوف شغلك ، بطل قعدة على القهاوي وصياعة ، الأزهر قوة مالهاش مثيل ، هيا إللي حطت ( محمد علي ) ، فى الحكم ، وهيا إللي تقدر تشيله ، لكن طول ما انتوا قاعدين ، على الشلت متفككين ، الزعامة الشعبية حتروح من إيديكوا ، وبالتالي ( محمد على ) ، حينفرد بحكم مصر ، ومحدش حيوقف الضرايب الباهظة ، والظلم والجور ، وآه وآه يا بلد
( تسير السيارة ببطء ثانيا ، بسبب مجموعة من العساكر النظامية ، الذين كانوا يمرون ، ويسيرون في عشوائية ، نازك تنادي عليهم ، وهم صغار في العمر )
ــ وإنتوا يا عساكر ، يلي عمل منكم محمد علي ، أول جيش مصري نظامي ، بعد عهود طويلة ، من جيوش المرتزقة والمماليك ، يلا وسعوا وسعوا ، كلو يروح على المعسكر بتاعه ، آه .. لازم إنت يلي بتبص عليا هناك ، يا واد يا عسكري ، حيبقى ليك شأن كبير ، تبقى مثلا فلاح قائد إسمه عرابي ، حيقوم بثورة على الخديوي ، بعد سنين طويلة ، من موت محمد علي ، إللي انكسر ( سنة 1840 ) ، ومش عارفه البلد حتستفيد منك ، إنت والبارودي وعبد الله النديم ، والا حتضروها ، لكن إللي عملته ، جرأ العامة من الشعب ، بعد ما كان مستكنين ، ومن بعدك حتقوم ثورات ، قام بيها مصريين من ولاد البلد ، إيشى يوليو وإيشى يناير
( يسير ركب العساكر بعيدا ، فيرى شيخ جليل يلتف حوله الناس ، وهو ممسك بأوراق وأقلام ، ويحيهم فى أدب )
ــ آه لازم أنت يا شيخنا ( رفاعة الطهطاوي ) ، بتاع ( تلخيص الإبريز في تلخيص باريز ) ، إنت إللي رحت مع البعثة ، تعلم الطلبة المحافظة على الدين ، رجعت لينا رائد من رواد التنوير
( ترى نازك فتاة ملامحها أوروبية ، تسير في ملابس بلدية ، وقد غطت رأسها ووجهها ، لكن تبين ملامحها الأوروبية ، تنادي عليها نازك )
ــ وسعى يا ست ، يلي قدام العربية ، باين عليكي أوروبية ، من بقايا الحملة الفرنسية ، والا إيه .. سبحان الله ، حتى الأجانب ، واقعين في حب مصر ، إللي يجيها ، مش عاوز يسيبها بيقعد فيها ، ويصبح من نسيجها الوطني
( يمر السيارة على تاجر متجول ، أحمر الوجه ، ينادي على النساء ، يبيع لهم الحلى المقلدة ، وأدوات الزينة )
ــ وإنت يا عم شركسى ، يا بياع الجواهر الإزاز ، دي مش شغلتك ، كفايا نصب على الستات ، بتبيع الإزاز على إنه حقيقى ، كفاياك بيع الوهم ، لستات الملايات اللف
( تسير إلى جوار السيارة ، موكب لأمير شاب ، من أسرة محمد علي ، الموكب حوله الفرسان بالخيول ، والسيوف والبارودات ( البنادق ) ، ينظر الأمير الشاب من السيارة ، ذات الثمان خيول ، لنازك في دهشة )
ــ وإنت يا عم الأمير ، يلي جدك محمد علي باشا ، الجيل بتاعك جه ، على الدلع والرغد ، مش زي الأجيال الأولى في العيلة ، من بعد إبراهيم باشا العيلة إتدهورت ، الأمراء بقوا عرايس ، في إيد المستعمر ، راكبلي العربية وماشي تتمخطر ، وتلاقي كرشك ، من الأكل طوله شبرين ، إنزل وسط الناس شوف أحوالهم ، بدل الحبسه ، في أربع حيطان ملكية ، ماتنفصلش عن الناس ، علشان الناس هما الأصل ، دوب في المجتمع يا راجل ، علشان تقدر تكمل فى السلطة
( تسير السيارة بسرعة ، فتكاد تصدم رجل ، بري أنه
( خوجه ) ، من معلمي التلاميذ الصغار ، في المدارس الالزامية ، فتنظر له نازك مندهشة )
ــ وإنت يا عم ، يابو طربوش ولبس أفرنجي ، باين عليك خوجه نحوي ، علم العيال لغة بلدهم كويس ، علمهم التاريخ ، وأمجاد مصر والعرب ، إزاي طردنا الهكسوس ، إزاي بنينا الهرم وأبو الهول ، إزاي دمرنا المغول والتتار ، إزاي صلاح الدين وحد العرب ، وحرر القدس ، كلمهم عن النهضات ، مش أمجاد الحكام الزايفة
( تسير السيارة بسرعة ، فتكاد تصطدم برجل ذو ملامح أوروبية ، يرى من ملابسه ، أنه من بقايا الحملة الفرنسية ، وذو شأن كبير ، ترمقه نازك بدهشة ، وهو فوق حصانة )
ــ وإنت يا سيدنا ، باين عليك أوربي له مكانة كبيرة ، تكونش إنت ( سليمان باشا الفرنساوي ) ، إللي مارجعش مع الحملة الفرنسية وأسلم ، وقعد يبني الجيش المصري ، بأوامر من محمد علي ، تعرف يا باشا ، أحفادك كلهم حيبقوا مصريين ، والناس تتندر بيهم ، وبجدهم الفرنساوي ، المسلم الباشا الكبير
( تسير السيارة ببطء ، إذ أنه موكب مهول ، حراس مماليك ، كثيرون يبعدون الناس ، الذين التفوا حول الموكب سعداء ، ووسطهم إمرأة من نساء المماليك الكبار ، الناس تلتف حول المرأة الطيبة ، تعطى العطايا ، وتقضي لهم حوائجهم ، ترمقها نازك في سعادة )
ــ إنت يا ستنا يا عظيمة ، لازم إنت أم المماليك ، مرات
( علي بك الكبير ) ، إللي هو كان كبير المماليك ، يلي ضربت أروع مثل ، في حب المصريين ، كنت بتبني مستشفيات ، وتعملي للفقراء إعانات شهرية ، مع إنك مش مصرية ، إللي يشرب من نيل مصر ، يحب أرضها ، وعمره ما يخون عهدها
( تسير السيارة ببطء ، لتدخل في حارة ضيقة ، تكاد تتسع للمرور فيها ببطء ، فترى نازك إمرأة بدينة ، ترتدي البرقع واليشمك ، والملاية اللف السوداء ، تسير في تبختر ، ويتابعها رجل ذو طربوش قصير ، وملابس أفرنجية غير بلدية ، يظل يسير خلف المرأة ، وهو يهز بالمنشة ، يمين ويسار ، فتنادي عليهم نازك بحدة )
ــ إنت يا وليه يا تخينه ، يلي هناك ، يامو ملاية لف ، الراجل قاطرك من أول الحارة ، وقاعد يتحنجلك وإنت بتضحكي ، يالا روحي بسرعة ، أبوكي لو عرف حيتاويكي ، يلا يا بت
يا بايظة ، حبكت تمشي في الحارة الضيقة دي ، الراجل قاعد يتلزق فيكي ، يمين وشمال ، صحيح التحرش والبذائة ، في كل زمن ، يلا يا راجل إنت وهيا ، مافيش أدب ، ولا خشا ولا حيا
( تخرج السيارة من الحارة الضيقة ، لتمر على مسجد قديم ، كبير مهول ، فترى ولد صغير بملابس بلدية ، ينتهز فرصة إنهماك المصليين في الصلاة ، ويجمع متعلقاتهم من المداسات ، والبلغ والشباشب والجرابات ، ويهرب على الفور ، فتنادي عليه نازك وهو يفر )
ــ وإنت يا واد ، يا صبي شيخ المنسر ، مش عيب عليك ، تسرق المصليين في عز الضهر ، خلاص يا عالم ، بقى بيت ربنا ينسرق ، روح إلهي يبتليك الزمن بمصيبة ، تطلع من حبابي عنيك
( تمر السيارة على ولد مملوك ، صغير في العمر ، نائم يشخر ، وقد تدلى منه بطنه الكبير ، فيهتز أثناء الشخير ، وصبيان الحارة يتهامسون عليه ، ثم يقترب أحدهم ، ليضع إصبعه في زناد البارودة ، التي يسجيها فوق بطنه المتكور ، فتتراقص مع شخيره ، يلعب الولد الجريء في البارودة ، ثم يمسك بها ، ويفر مع أصحابه ضاجين ، والمملوك لازال نائما ، تنادي عليه نازك ، وهو لا يستيقظ )
ــ وإنت يا خيبة المماليك ، يابو كرش بالوظة ، قاعد نايم ، والعيال سرقت منك البارودة ، وراحت تلعب بيها ، ولا تبيعها في سوق الخردة ، يا بهيم حافظ على شرفك العسكري ، الملوك الكبير إللي مشغلك ، حيقطع رقبتك ، وحيخزوقك على الخازوق ، إللي يضيع سلاحه يا كذا ، ممكن يضيع بلده
( تمر السيارة أمام امرأة ، بملابس صعيدية وقورة ، تبيع العسلية الشعر ، تنظر المرأة الصعيدية ، لنازك باندهاش ، تشير لها نازك بيديها )
ــ سلام يا بتاعة العسلية الشعر ، ما أعرفش إنها موجودة من زمان ، آه ما هي معمولة من العسل الإسود ، والعسل بيعملوه من القصب ، وما أكتر القصب في بلدنا ، شمالك شويه يا ست ، العسلية العسلية ، في الزيت مقلية
( تمر نازك على رجل مكاري ، يؤجر حماره ، لينقل الناس إلى أعمالهم ، وللمناطق البعيدة ، يظل يرمقها في دهشة ، فتنادي عليه )
ــ إيه يا عم يا مكاري ، ما شفتش عربية قبل كده ، ماهو الحمار بتاعك ، برضه زي العربية ، هوا ف الزمن القديم ، تاكسي العصر ، يمينك شوية ، حتكسرلي الفوانيس يا مكاري ، براحة على الحمار ، ما تضربوش ، والله مش عارفة ، مين بيسوق مين
( تسيير السيارة ، نحو حشد من الناس ، في سوق كبير ، فتقترب لتشاهد سر الحشد ، فيتباعد عنها الناس ، لترى مشهد رجل ، قد وضع على الخازوق حتى الموت ، فتتأثر نازك ، وتنادي على الجميع ، وقد سالت دموعها )
ــ ايه ده يا خلق ، حرام عليكو ، بتعملوا في الراجل ايه ، ده أسلوب وحشى مش حضاري ، إجلدوه .. إسجنوه ، لو سرق والا نهب والا قتل ، حاكموه إقطعوا رقبته شرعي ، لكن تحطوه على الخازوق ، أداة التعذيب القاسية ، ده تنكيل وإنتقام ، الله يرحمك يا ( سليمان الحلبي ) ، يارب إنتقم من كل واحد ، إشترك في اختراع زي ده ، يا ويل الإنسان من أخوه الإنسان ، خوازيق وأدوات تعذيب ، ومقاصل ومشانق ، يارب إرحم البشر
( تسير السيارة بسرعة في الطريق ، فتكاد تصدم فارس كبير ، يجري بحصانة ، يرى من هيئته ، أنه من خواص محمد علي المقربين ، تنادي عليه نازك )
ــ وإنت يا أغا أغات ، يا فارس يا قائد الجند ، يلا بسرعة بسرعة ، القلعة هناك فوق ، ( محمد علي الكبير ) مستنيك ، والنهاردة (1 مارس) معاد مدبحة القلعة ، محمد علي حيموتهم نفر نفر ، وإنت إللي حتقفل عليهم الباب ، لما يدخلوا ، مش حيفلت إلا مملوك واحد ، بيقولوا طيب القلب ومخلص لمصر ، علشان كده فلت ، ونط بالحصان من فوق القلعة ، ونزل الحصان ميت ، وهوا نجى بحياته ، وحافر الحصان لحد دلوقت ، معلمة عـ الأرض ، سموها الناس ( نطة المملوك ) ، لكن إيه ده ، أنا سامعه صوت ضرب الرصاص ، المدبحة إشتغلت ، يا الله .. يا الله ، الدم سايل من جدران القلعة ، الناس خايفة بتصرخ ، بيقفلوا الدكاكين ، وكله بيلزم بيته ، الدم سايل سايل ، عمل درب على الأرض ، الناس سمته الدرب الأحمر ، يا عيني على الإنسان ، لما يتعامل كأنه شيء رخيص
( تسير السيارة ببطء ، وسط حشود الناس ، في زقاق شعبي ، فتظل نازك تنادي على المارة وتناوشهم ، ترى إمرأة مصرية فلاحة شابه ، من سكان القاهرة ، تبيع الخضروات الطازجة ، تجلس في ركن على الأرض ، بعيدا عن المارة ، حتى تتجنب الطريق ، المرأة نموذج للفلاحة المصرية المكافحة ، تنادي عليها نازك )
ــ وانت يا ست يا بتاعة الورور ، يلي شبه الفلاحة المصرية ، إللي واقفة جنب أبو الهول ، ومكونين تمثال نهضة مصر ، قدام جنينة الحيوانات ، مالك قاعدة مهمومة ، ماحدش بيشتري منك الخضار ، معلش الناس ماعهاش فلوس ، أصل الضرائب قسمت وسطهم ، الفردة والأتاوة والميرى وأشباههم ، حتاخد إيه يا برديسى من تفليسى ، ما تزعليش ما تزعليش ، أنا حنادي معاكي ، يلا .. يلا يا زقاق ، يا حارة يا شارع ، الورور الورور ، واحدة من القرن 19 بتقولي الورور الصابح ، الورور الطازج ، واحدة من القرن 21 بتساعد معاها ، يلا .. يلا يا خلق الورور المورق ، الورور النادي ، يجعل يومكو كلكو نادي ، يلا .. يلا ، عصر من العصور بيقول الورور ، زمن من الأزمان بيقول الورور ، الأزمان بتروح وتيجي ، إكتب يا تاريخ ، والناس بتتغير وبتتطور ، سجل يا أبو الأزمان ، الورور الورور ، لكن البلد ، هيا إللي مش حتتغير ، الورور الورور ، يقولوا المحروسة ، الورور الورور ، يقولوا القاهرة ، الورور الورور ، هيا هيا مصر أم الدينا ، هيا معقل الحضارات وملتقى الدول ، الورور الورور ، بوتقة إنصهار البشر ، الورور الورور ، إللي يشرب من نيلها ، يرجعلها تاني ، الورور الورور
ستار
تمت بحمد الله
القاهرة
2020
إلى اللقاء
في الجزء الثاني من الملحمة المسرحية
(جدي أراجواز الوالي)