كيف يمكن للمتابع والمختص الراصد أن يتصور واقعاً فيه حركة مسرحية ناشطة في ظل غياب سافر لفرق القطاع الخاص ( الفرق الأهلية ) التي كانت ترفد الساحة المسرحية بالعروض المتنوعة المميزة، تُمولها بالطاقات الشابة ، وتشكل عافية المواسم المسرحية في العراق ؟ كيف لنا أن نقتنع بهذا الأمر وهناك مؤسسة تمَّ ضغطها فأضحت دائرة ثم شركة ، وهذه الدائرة الشركة كانت تعمل بنظام التمويل المركزي ، وهي من أهم وأنشط الدوائر في وزارة الثقافة ، حيث تعمل علىٰ تحريك وتغذية ثلاثة خطوط إنتاجية : مسرح ، سينما ، وفنون شعبية ، علىٰ المستوىٰ المحلي والعربي والعالمي ، ثم تحولت في ظرفٍ استثنائي إلىٰ العمل بنظام التمويل الذاتي وما تزال ؟ كيف يمكن لحراك مسرحي أن يكون حاضراً بعافيته ، واللاعب الأساس فيه هو الفنان الذي يعيش الآن في وضعٍ إقتصادي صعب وظروف حياتيةٍ قاهرة وإهمالٍ واضح من الحكومات المتعاقبة لهذه الشريحة الهامة ، وإذا ابتسم له الحظ وشارك في عملٍ ما ، فهو لآ يتقاضىٰ إلا مبالغ بالكاد تسد حاجته وعائلته لمدة أسبوع وسط غلاء مجنونٍ لأسعار السوق المنفلتة ؟ كيف يُنتظر من إنتاجٍ متهالك مرتبك ولآهث أن يغطي حاجة مشاريع فناني المسرح في دائرة السينما والمسرح ؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير ، نجح بعضها أن يعرض نفسه في جلسةٍ جمعتنا مساءً مع السيد وزير الثقافة والسياحة والآثار الناقد والمترجم د . حسن ناظم في مبنىٰ مسرح الرشيد ، حضرها عدد من الفنانين مخرجين وممثلين وفنيين وبحضور مدير عام دائرة السينما والمسرح د . أحمد حسن موسىٰ ومدير المسارح د . علي السوداني ، وضيوف من تخصصات أُخرىٰ ، الشاعر د . علي جعفر العلآق ومدير عام دار الشؤون الثقافية العامة الشاعر د . عارف الساعدي ، وقد تركزت هذه الجلسة وما استقبلته من أراء علىٰ هموم هذه الشريحة الفنية الهامة في دائرة السينما والمسرح ، من حيث الإنتاج والبرمجة ، وكيفية السُبل لدعم الدائرة من أجل أن تنهض بمهامها الوطنية .
والجميل في الأمر أنني لآحظتُ أن هناك تناغماً من قِبَل السيد الوزير والسادة الحضور في رصد وتسمية المعيقات مشوباً بالقلق وعدم الرضا للأسباب التي تحاول أن تُعطّلَ عجلة عمل هذه الدائرة الهامة التي تعتبر من أهم الدوائر لإنتاج الجمال في وزارة الثقافة ، والتي تنهض بمهمة إشراقات الفن في عراقنا ، علىٰ مستوىٰ المسرح والسينما والفنون الشعبية ، كما أنني لآحظتُ تعاطفاً مسؤولاً بموقف السيد الوزير ممّا طرحه الحضور .
ما يلي عدد من الأفكار تكثفت في ذهني وجدتُ من اللازم أن أُثبتها هنا، بعض ملامحها طُرحت في الجلسة :
1: أن تعود هذه الدائرة وبسرعة للعمل بنظام التمويل المركزي كما كانت عليه في السابق بدلاً من التمويل الذاتي الذي أرهقها مبنىً ومعنىٰ ، أرهقها صروحاً وعملاً وطاقات بشرية ، سيما وأن هناك موآفقة بهذآ المعنىٰ من مجلس الوزراء ، استحصلناها بجهودنا ، وبوقفة احتجاجية داخل المسرح الوطني في العام 2011 لكن الإدارة ووزير الثقافة في تلك السنوات السابقة ولمنافع شخصية عملوا بعكس ذلك ، الآن أقول مُعتقداً وجازماً وكما كتبتُ في أكثر من مقالة بهذا الصدد أن عودة هذه الدائرة دائرة السينما والمسرح إلىٰ ما كانت عليه في السابق العمل بنظام التمويل المركزي هو الحل الأسلم والعلاج الشافي لجميع مشاكلها .
2: إعادة النظر بعقود الفنانين الذين يتعاملون مع هذه الدائرة ، أو بشكلٍ مباشر مع وزارة الثقافة ، وبما يتناسب وأهمية موقعهم وتأثيرهم الفني ، لأن هذه اللوائح المعمول بها الآن تتحدث عندما كان سعر صرف الدينار العراقي الواحد يساوي 3/30 ثلاث دولارات ونصف ، أضف إلىٰ ذلك أن هذه العقود بشكلها الحالي مُهينة ولآ تتناسب والجهد العضلي والفكري الذي يبذله الفنان لحظة إنجاز العمل الفني قياساً بالفترة الزمنية وكم المتاعب في ظروف إستثنائية وما تفرضه مُتغيرات الحياة من مصاعب .
3: ضرورة أن يُثبت الاتي في البرنامج السنوي لدائرة السينما والمسرح :
-: تنظيم ورش لتطوير كفاءات العاملين في هذه الدائرة ، والعمل علىٰ ولادة طاقات شابة ، مخرجين ، ممثلين ، كُتّابً ، فنيين ، مُصممّين ، تقنيين ، من خلال هذه الورش التي يُشرف عليها خبراء من داخل العراق وخارجه لخلق كوادر جديدة للفرقة الوطنية للتمثيل لأننا الآن نعاني نقصاً شديداً في هذآ الجانب ، علماً أن دائرة السينما والمسرح بوضعها الحالي تحتاج إلىٰ عملٍ كبير وعناية خاصة من الحكومة للخروج مما هي فيه من عوز وتهميش ، يتناسب والمهام الكبيرة التي يجب عليها النهوض بها في زمنٍ تعصف بعراقنا التحديات ومن كل جانب .
-: مهرجان محلي لمسرح الطفل .
– :مهرجان عربي لمسرح الطفل .
-: مهرجان وطني للمسرح في العراق
– : إدامة وتطوير امكانيات وآفاق ، مهرجان بغداد الدولي للمسرح وأن تُسمىٰ له لجنة عليا دائمة العمل طوال السنة يتغير أعضاؤها كل سنتين تُتابع اجتماعاتها من الآن وتُحضّر للدورة الثالثة لهذا المهرجان الهام بما يجعله نافذة العرآق المسرحية الدولية جهة العالم .
4: أقترح تخصيص صندوق لدعم الإنتاج المسرحي تُشرف عليه وزارة الثقافة والسياحة والآثار عن طريق استقطاع 250 سنتاً من كل برميل نفطي وهذا المبلغ في ظاهره يبدو بسيطاً ، لكنه الحل السحري للنهوض بالواقع المسرحي خاصة والفني بشكلٍ عام .
أتمنىٰ طامحاً أن يتم إطلاع الجهات المسؤولة وذات العلاقة علىٰ ما جاء في هذه الورقة ، ومتابعة فقراتها بحثاً عن حلولٍ ناجعة وسريعة خدمة لقطاع المسرح والسينما والفنون الشعبية في عراقنا .
عزيز خيون
مخرج وممثل وباحث مسرحي
مُؤسّس ورئيس مُحترف بغدآد المسرحي .
العرآق – بغدآد .