صبحي البيجواني:
أنّى لرشدك عائدٌ يا فاني
و العمر بضعُ دقائق و ثواني
هي سكرة لابد منك تذوقُها
و تغيبُ في لحد و في أكفان
أو مورد لابد منك ورودُه
ليكن ورودك من صفاء دنان
هي هذه الدنيا محطة رحلة
و تزود بتجارة و تفاني
فهل انتقيت من الحلال مغانما ؟
لتكون ريعا مورقَ الأغصان
و هل ارتضيت من الحياة بزهدها
و شكمت بغي النفس عن عصيان
و هل اكتفيت بما اتيت من اللهى
أم حال سخطك جاحدا بثواني ؟
و هل ادكرت الله إذ نعماؤه
فاضت عليك بوفرة الفيضان ؟
و وقفت بين يديه تحمده على
أفضاله بجزائل الشكران
أم هل دعوت الله في حلك الدجى
متضرعا للواحد الديان ؟
أذكرت مسكينا تضور مخمصا ؟
من جوعه . من منقذ الجيعان ؟
أحنوت للايتام ثم كسوتهم ؟
لله در الكاسي العريان
أم أنهم لا يخطرون على المدى
في بال ميسور و لا ملآن
أين الفضيلة في الملا و ثمارُها ؟
لنسير خلف ركائب الإحسان
و بما ستنفع تخمة أركمتها ؟
و على النقيض بها الأذى متداني
و نسيت من أمسى و يمسي طاويا
يشكوك حاجته من الحرمان
و تنام أنت على وثير وسائد
و ينام محروم على القيعان
و عليك هندام الملوكِ و كبرُهم
و قميصُ غيرك بالي الأردان
و تعيش في قصر و بين رعية
ذعنوا لسيدهم بغير توان
و بغير مأوى الأكثرون تشردا
يتوسدون هواجر الكثبان
و على الموائد مأكل و مشارب
متغير الأشكال و الألوان
و المعدمون تضمروا و تذمروا
و تنمروا حنقا على الحيتان
هلا حسبت بأنها متروكة ؟
و خلافها لم يأت بالحسبان
أتعيش في ترف و غيرك معدم ؟
و تنام في رغد و غيرك عاني ؟
و غفلت عن عين الذي ما أغفلت
عن ذرة عيناه في الأكوان
و طفقت ترفل بالنعيم و ظلهِ
وجمعت سحتَ المال بالأطنان
هلاّ فطنت بأننا من نطفة ؟
فعلام هذا الكبر بالتيهان ؟
فغدا يقدم محضرٌ و حسابُه
وشهادةُ الأعضاءِ في الأبدان
أين المفرُّ إذا الصحائفُ قدمتْ ؟
و عليك ترجحُ كفة الميزان
فهناك إقرارٌ بكل مساءةٍ
و بما أطعت وساوس الشيطان
و هناك تسأل كم تبعت غواية
و جريت خلف مآثم الطغيان
و بما استعنت على الرذيلة بالذي
أغنيت من مال و من أعوان
مما أفاض عليك ربك نعمة
فلما نسيت فضائل الرحمن ؟
و هناك تسأل عن مغانم جمة
أجريتها لمصالح و رهان
و على الغواني حول عرشــــــــــــك اسربت
من ساقطات في الردى و زواني
أقحمت خيلك في الرذيلة و الخنا
و مجالس الشهوات و الندمان
حسبي الهي في ابن آدم إن سرى
بدجى الضلال و مهمه الإدمان
و تحثه نزوات إبليس إلى
غور الهلاك و هوة الشيطان
فهناك لا تنجيه أي شفاعة
و تغيب عنه مهابة السلطان
قترٌ على تلك المهابة مغبرٌ
و مطأطئ يا ويحه من جاني
و على الصراط تكبكبت خطواته
و هوت به في لجة النيران
سيذوق بعد تكبر و تجبر
سوءَ العقاب بذلة و هوان
و يُجر سحقا للعذاب و غيظه
و جحيمه المسجور بالغليان
الله انزل محكما و شريعة
و بها تكرم هيبة الإنسان
و الرسل أرسلها لترشدَ خلقه
سبلا تقود لملجأ و أمان
يا رب عفوك إننا في محنة
جارت علينا كربة الحدثان
و غيوم دهر أمطرت بمصائب
و الصبر سلوة عاجزٍ و مُدان
بالهاشمي محمد و بآله
و بصحبه الأبرار بالأركان
رحماك تجليها و تدفعُ غمة
عن أمة المشهور بالعدنان
أدم الصلاة عليه ما دام المدى
يسري و يشدو الطير في الأفنان