اسلام عادل
اسلام عادل :
جلس مرتخيا وراء مكتبه.. كان منهكا.. رمى الهاتف من يده بحنق.. بدا مذعورا.. ثائرا.. و شاحبا. كأن رصاصة انغرزت في قلبه الغليظ. طفق يبعثر الاشياء باحثا عن سيجار و قداحة.
امسى حائرا.. صامتا.. معكرا نقاوة تفكيره بتزاحم الافكار و ضجيج الخواطر. يغار, يقسى, يرى اشباحا.. و لا يرف له جفن حين يلمحها. و كأنه شبحا.. جلس في العتمة يحادث تبعثر اوراقه.. و تناثر الغبار في ارجاء غرفته المسكونة. لقد انسجم مع الموقف فلا ترى منه غير شعلة صغيرة بعيدة تدل على وجوده.. و اذا اقتربت اكثر, ربما تستنشق الدخان.
لا يبكي و لا يصرخ.. و هو بقمة الوجل.
استجمع قواه و سار بخطوات بطيئة و حزينة و كأنه يسير على أشلائه المبعثرة. اشلاء مشاعره او اشلاء غضبه.. يجر نفسه الى الباب علة يستنشق نفسا نقيا و الا فسيموت! ما زال قلبه العنيد ينزف وجعا.. و كتفيه المثقلين.. فينفخ حقدا في ارجاء المكان.. و يصرخ الما بدون ان ينبس بكلمة.
زائغ العينين.. مرتجف الاطراف و هو يلقي بنظره بين الحين و الاخر على الهاتف! لم يعد يريد ان يتنفس هواء نقيا و قرر ان يرجع الى مكتبه. لم يعد يحتمل ان يستمر بالادعاء, فأنكفأ على وجهه يتلوى.. حين قرر ان يفجر غضبة و ان يرفع نشيجه, رن الهاتف.. فأستعاد قوته من جديد من قبل ان يلقي نظرة. احتضن الهاتف و برقت عيناه بريقا مخيفا.. .
– انا اسفة عما بدر مني, لم اقصد ان اجرحك.. ربما اسأت التعبير. صوت امراه تتخلل العذوبة بين كلماتها.. فرقع قلبه لسماعه.
– لا تفكري بذلك ارجوك——- كان يبدوا متسامحا.. متفهما و مجاملا.
اعتذرت منه مرة اخرى بأغراء لتوقعه في شباكها الأنثوية المخادعة..
فأجابها بصوت خفيض:
لا يهمني ما حدث.. كنت اعلم انك اسأتي التعبير و انا أسأت الفهم.. انت حبيبتي..
تنفس الصعداء, رمى ثقله على الكرسي و اخذ يدون ما دار بينهما..
“لقد بادرت.. اعتقد انها بدأت تحبني”.
—