ثامر سعيد :
يمسحُ الصبحُ وجه المدينة
ثم يراودها كي تعود إلى السرير .
لم تكملُ العصافيرُ حفلتها
على الشجرة ،
في الحافلة …
المسافرون إلى مدن الخوف
لم ينهوا ترتيب حقائبهم ،
لم تكملُ فيروزُ أغنيتها
عن الحور العتيق ،
الزجاجُ لم يكتب وصيتهُ
ولا العشبُ ،
على فقرائه …
لم يكملُ الله توزيع رحمته وبلاياه .
برائحته النّتنة ، كان أسرعُ
كبشُ القدّاس الأحمر
وبقرنيه المقرفين .
بغتةً …
صارت السماءُ أشدُّ حمرة
من الرصيف
والرصيفُ الذّبيحُ أشدُّ حمرة
من عيون ثاكلة
وعيونُ ثاكلة أشدُّ حمرة
من دمٍ صاعدٍ إلى السماء .
كنتُ أراها ، وكانت تراني
بخيول شعرها الحمر
وعطرها الملكي ،
تسبّحُ بآيات النّار ، وجلال العاصفة
فارعةً كالصهيل وجروحي بلا ضفاف .
في شارع العويل والدخان
ترقصُ نصف عاريةٍ ،
برأس زكريا ، تلوحُ للمفزوعين
ولسيّارات الإسعاف النابحة
في الضجيج…
بين الجسر وساحتهِ
توزعُ ابتسامتها الصفراء
على الجند والكاميرات
المبتهلون في خرائب الشيطان
أوقدوا شموعهم السودَ لها
في الليلةِ الفائتة ،
قرعوا الأجراسَ والطبول،
وبدمِ ديكٍ أسود
خضبوا ساقيها الفضيين
قبل أن يمنحوها عنان كبشهم
وبخّروها بمجامرهم ،
وهي تميسُ على موسيقى الهاردروك
لم تكن وحدها …
بومٌ وخفاشٌ يتبعانها .
قلتُ لها:-
لو ملكتم الخيل والويل
الريح والرعود …
ستكملُ فيروزُ أغنيتها
والعصافيرُ حفلتها
على ما بقيّ من الشجرة .
—