اسلام عادل
اسلام عادل :
احاسيسي التي اعتقدت انها ماتت منذ زمن طويل.. ماتت منذ ان لسعتني اولى ضرباته, منذ ان جرحتني اولى كلمات سبابه. اعتقدت اني و هو قتلنا حبنا. قتلناه بالبرود, قتلناه بالكره.. قتلته بلساني السليط, قتله بصفعاته الموجعه. بدموعي التي كان يتكبر عن ان يكفكفها.. الوجع.. الوحدة.. قتلت حبنا.
انتقمنا من الواقع, بكره بعضنا بلوم بعضنا.. كان يجب ان نلوم احدا, فلم نجد غيرنا لنلومنا.
و اليوم.. حين مات. عرفت اني قتلته, و قتلني منذ زمن بعيد.
البداية جميلة ككل البدايات, جميلة… لكننا نسيناها بسرعة, و اصبحت كالوهم يطوف في احلامنا احيانا. و احيانا اخرى يصطدم بنا حين تتلامس ايدينا صدفة.
و قتلنا البداية.. و سارع القاضي ليعلن النهاية.. و بالفعل انتهينا. لم ارد ذلك.. و لم يرده ايضا.. اردنا الاستمرار.. و الابتعاد عن الطلاق كحل و قرار.. و لم نقدر على الاصطبار.. و صار الاولاد ضحية الاستكبار و الاستحقار. و نقول دائما لهم.. ان ما قادنا الى الكره سوى الاضطرار..
و ما كان لنا اختيار.. سوى الانجرار خلف اختيار البغض و الانكسار.
اول صفعة.. اشعلت نار الابتعاد.. نشرت الرماد.. ثارت الاحقاد.. لم استطع يومها الابتعاد.. بل بقيت اتلذذ بحماقاته و خياناته.. بدأت احب الاضطهاد و الاصفاد.. و بقيت اتجرع الالم.. و بعدها ثرت..
ياليتني لم اثر! لم اثر على رجولته و ساديته.. ليتني رضيت بالظلم و الاستعباد.. و تعودت على الانقياد.. لكان قد مات كما كل العاشقين في احضاني دافئا..
و بعد سنين على الانتقام.. احتضنت نفسي و اولادي و ابتعدت عنه.. و تركته وحيدا.. يتخبط بين الاعتزام و الاستسلام.. و ياليتني بقيت انتظره ليأتي في المساء متعبا, و يركض الاولاد لاستقباله.. و لكنت مثلت السعادة كما باقي صويحباتي.. و لكني اخترت ان اعيش كرها حقيقيا … لا حبا مصطنعا.
قلبي خانني حين دفعني لاتخاذ القرار.. ضننت انه مات.. و لكن خفقان الحياة كان خافتا جدا.. لم انصت لاسمعه.. صفعاته كانت اكثر صخبا من الحب الذي ينازع الحياة.. كان يرف بداخلي, و لم انتبه له..
ياليتني لم ابتعد..
مرت السنين كلمح البصر, اعتقدت اني بعده سأبدأ حياة.. لم ابدأ حياة, بل بقيت انازع الحياة عالقة بين الحياة و الممات.. و بعد فترة قصيرة اشتقت مرة اخرى الى الظلم.. اشتقت الى الكذب.. اشتقت اليه.
الى رائحته النتنه بعد يوم شاق.. الى لعابه الذي يتناثر و هو يصرخ بوجهي..
و الى لحظات ضعفه… حين كان يفرح بولادة مولود جديد.. ايا نفسي لم لم تحتملي اكثر.. لم الفيته يموت بعقدة ذنب.. لقد اراد الاعتذار.. اراد ان يرانا للمرة الاخيرة, و لكن اوهام الحياة ببعده حرمته..
و هكذا تذكرت الماضي السحيق, على صوت ممرضة تحاول جاهدة ان تخفف من وقع ما تقول.
و نسيت.. و ندمت..
و جئت لاراك للمرة للاخيرة..
و كأنك ما كنت بعيد..
وجدته مستلق على سرير.. وجهه الميت يحكي.. و مشتاق. و بكيت.. كان يصارع الموت, يريد ان يحكي.. لكن لسانه ثقيل و شفتيه مزرقتين لا يحملان كلمات….
و أيقضني شخيره الصاخب.
—
رائعة القصة .. وحزينة جدا