الحسين بري:
تجلس الشقراء ذات العينين الزرقاوين في الطابق العلوي. تتأمل فنجان قهوتها، تتحسسه بأنامل رقيقة، تشتم رائحتها بعينين مبتسمتين. تسحب كتابا بغلاف أنيق، تتصفح أوراقه، تمسح سطوره بملامح هادئة..أما نحن، فننتشرعلى قارعة الطريق، نحتسي كؤوسنا الباردة، نلتهم أجساد المارة بعيون جائعة.. أحيانا، يلفنا صمت غريب؛ فنهرع الى خيالنا الأحمق كي يمدنا بنشوة زائفة.. تنهي الشقراء جلستها، تغادرالمكان بهدوء تام. تمرأمامنا، ترمي لنا بابتسامة باهثة كي تصد سهام عيوننا الزائغة، نتتبع تفاصيل جسدها..تتوارى عن أنظارنا تاركة وراءها طيفها يعبث بأحاسيسنا المريضة..
—