في قصيدتين للشاعر ثامر سعيد:(مكالمة لم تكتمل) (بائعة المناديل) يوحدهما حضور المرأة، حضوراً متفرداً، والفضاء النصي هو الإبداع الفني: جواد سليم/ فائق حسن.
القصيدة الأولى : حكاية شعرية يرسلها إلى أمه أحد المشاركين في الانتفاضة أما فاعلية الخطاب فهي التحريك الشعري لنصب الحرية للنحات جواد سليم. حيث يتم تحريك منحوتات النص للدلالة على ما يجري في الراهن العراقي أثناء الانتفاضة..
(الحصان الذي في أقصى يمين النصب
في كل لحظة ينتر عنقه
وبرفس بقوائمه الرخام
فلا يبلغ جسر الجمهورية
لكنه لم يكّف عن الصهيل)
ثم… إلى أقصى اليسار في نصب الحرية، خارج التنضيد الشعري للنص، حيث
(الثور في أقصى اليسار
يصوب خواره من حنجرة الأساطير)
بين الدال والمدلول اللفظي في نص الشاعر: بين قوسي قوتين
يتحرك الفعل الشعري، بمشيئة الحركة الجماهيرية للمنتفضين
وهي حركة ينشطها الشاعر في قوله
(حاملو اليافطات يتمردون على
جواد سليم
في ضجيج الأرصفة الصاعد
إلى السماء
ويحملون المرأة الحانية على طفلها
بعجلة التك تك إلى أقرب مشفى)
الوشيجة الكبرى بين العلو الفني : نصب الحرية وبين الأفقي على الارض : المنتفضون : هي الوطن المكابر دفاعا عن هويته
ما يجسّر العلاقة بين القصيدتين (مكالمة لم تكتمل) و(بائعة المناديل) هو الفن في القصيدة الأولى : نصب الحرية، وفي القصيدة الثانية (جدارية فائق حسن) هنا اركز على التوصيفات الشعرية لبائعة المناديل
(1) عملة رديئة تقرفص في جيب الوطن
(2) في عينيها الحزن صفصافتان
(3) يدها بيضاء كذاكرة طفلة تحدق في الظلام
(4) هي نضوج الفطرة من قارة المطر
ثم يتحول مسار القصيدة من توصيفات البائعة
إلى مخاطبتها: وهذه المخاطبة تؤسس صلة مع قصيدة (مكالمة لم تكتمل) حيث المنتفض يخاطب أمه
(المناديل أمهات يا دنيا
ولك أن تستجيري بها
أنت لا تعرفين مواقيت الرصاص
لا تعرفين كيف تحول هواء دجلة إلى دموع
لا تعرفين من قرع الطبول
وعلق كل هذا الدخان
بين نساء جواد سليم)
يبدو أن القصيدتين هما الوجه والقفا لموضوعة واحدة كانت ملتهبة حماسا هي انتفاضة تشرين التي تضرجت بالشهداء والشهيدات ثم عادت الاطراف الى قواعدها سالمة.. وبقيت الثكالى بقلوب موقدة
هنا اكتملت دائرة قرائتي للقصيدتين… متمنية للشاعر الاستاذ ثامر سعيد كل النجاح والتوفيق.
—
ورقتي المشاركة في أمسية احتفاء بالشاعر ثامر سعيد اقامتها مؤسسة النهضة الثقافية بالتعاون مع قصر الثقافة والفنون في البصرة/ 27/ 4/ 2022
قراءة انطباعية