أفتتح مساء (الأربعاء) «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر»، بعرض إيطالي – ألماني، على «مسرح بيريت»، بعنوان «آرا آرا»، للثنائي جينيفرا بانزيتي، وإنريكو تيكوني. وهي واحدة من 6 فرق يستقبلها المهرجان في دورته الـ18؛ حيث ستقدم 8 عروض موزعة بين «متحف سرسق» و«مسرح بيريت» في بيروت، وسيُعاد عرضان منها بالمكتبة الوطنية في بعقلين (الشوف). وانطلقت النسخة الـ18 لـ«بايبود»، في مدينة ليون الفرنسية يوم 5 مايو (أيار) الحالي، واستمرت ليومين متتاليين، ويكمل المهرجان مسيرته في العاصمة بيروت من 25 إلى 29 مايو الحالي. وتقدم هذه النسخة برنامجاً من العروض، والفيديوهات، والحوارات، والمناقشات، تتعلق بموضوع العصيان الثقافي؛ بحيث ستطرح أسئلة من نوع: لم العصيان؟ وما الهدف منه؟ وما الطريقة للعصيان؟
وينظر المنظمون إلى العصيان على أنه فعل اهتمام وإصلاح وتغيير نحو الأفضل. فالإنسان يعصي عندما يدرك أن النظام لا يلاقي طموحاته وأمنياته، ويقرر أن يفعل ما يستطيع ليبدل الحال.
قاوم هذا المهرجان على مدار السنوات الماضية أزمات طاحنة. تجاوز المنظمون الحجر العام الماضي ببث الحفلات أونلاين، وهو ما سيتابع السنة الحالية أيضاً، رغم وجود الجمهور في الصالة. أما عام 2020؛ فكان ثمة حرص كذلك على عدم التوقف، حيث قُدم عرضان حيان في كل من «الجامعة اللبنانية – الأميركية»، و«المكتبة الوطنية» في بعقلين، من دون جمهور، وبُثا عبر الإنترنت.
أياً تكن الأحوال، فإن «بايبود» يعود السنة الحالية، بفرقه المحترفة ليطل على جمهور أدمنه موعداً سنوياً لا يفوت. يعترف مؤسس المهرجان، عمر راجح، بأن السنوات العشر الأخيرة كانت ثقيلة، وبأن هجرته مع زوجته المديرة الفنية للمهرجان ميا حبيس إلى فرنسا، جعلت إدارتهما له أصعب من ذي قبل. ومع ذلك يقول: «نحن أتينا خصيصاً لنقيم الحفلات، وكي لا نغيب. وما نفكر به هو بقاؤنا منظمين للبرنامج، مع تسليم الإدارة لمن يتدبرها»، مضيفاً: «بتنا بحاجة إلى مساعدة في بيروت كي نستمر». ويلفت إلى أن «البعض ينسى أن الأيام القليلة التي تقدم خلالها الحفلات ويسعد بها الجمهور هي نتاج عمل طوال السنة، وتدريب، وتواصل». هذا المشروع الثقافي هو ثمرة تعاون مستمر مع فنانين ومهرجانات ومواقع ثقافية في كل أنحاء أوروبا والمنطقة المتوسطية، لتحليل قدرات الجسد وضعفه وقوته على الصمود والمقاومة؛ أي لتحليل قدرة الجسد على البقاء رغم الأزمات. وهو ما يتطلب جهداً لا بد من أن يبذل مع الفرق، وتدريباً للفنانين طوال السنة.
وعلى برنامج هذه السنة عرض لألكسندر روكول، وآخر لفابيان توميه، يقدمان بشكل متتابع، في «متحف سرسق» في يوم 26 من الشهر الحالي، وعرض لفانيا فانو في «سرسق» أيضاً يوم 27، وآخر لبسام أبو دياب في «بيريت». ويفتح «سرسق» باحته لحفل يقدمه يوانس ماندافونس في يوم 29 لاختتام المهرجان.
ويشرح راجح كيف أن العديد من الراقصين والفرق الموجودة في بيروت اليوم تتلمذت على هذا المهرجان، وأنها نتاج ما قامت به جمعية «مقامات» من تدريب وتأهيل على مدار السنوات السابقة، مستعينة بأمهر أساتذة الرقص في العالم.
وسبقت انعقاد المهرجان، إقامة ورشات فنية بإدارة فابيان توميه من إسبانيا، كما أقيمت تدريبات لراقصين على يد بيغي أوليسليغرز، من «أمالغام استوديو»، وهي مديرة مهرجان «بوليفار» في هولندا، وعملت مع الفنانين في لبنان على الربط بين العمل الفني والبواعث التي تشحن الفنان وتحركه.
وبالتزامن مع المهرجان، وعلى مدار يومي 26 و27 من الشهر الحالي، هناك تدريبات وندوات حول «العصيان الثقافي» وعلاقته بالتحول السياسي. والهدف حسبما يقول راجح هو «الإضاءة على الفنانين؛ بصفتهم العنصر الأساسي في العملية الإبداعية، لأن نتاجها، في النهاية، هو انعكاس لوجهات نظرهم. وسيكون بحث خلال هذين اليومين في مدى قدرة الفنانين على التحكم بمصيرهم، وشكل عروضهم، ومدى ارتباطهم بما يحدث على الأرض».
يشارك في الحوارات نزار غانم؛ أحد مؤسسي «جمعية المودعين في المصارف»، وجان قصير؛ أحد مؤسسي منصة «ميغافون»، بالإضافة إلى «شادن»، وهي ناشطة سياسية معروفة في فن الـ«استاند أب كوميدي>>.
المصدر: الشرق الاوسط