شاعر استقطب محبة كل الجهات؟ ليس بالشعر وحده تحيا المحبة. هل لأن مظفر لسان حالنا جميعا؟ احتمل السجون والحرمان والتشرد من أجلنا وهو يحملنا راية ً.
هناك شاعر عربي كبير يقول (مت لتكون أسطورة) لكن مظفر النواب أسطورة ً عراقية عربية منذ أكثر من نصف قرن.
كنت في مرحلة الابتدائية ذات ليلة طالبنا أبي بالسكوت.. وصرت اصغي معه وانظر الى شاشة التلفزيون ثم بعد سنوات رأيت أبي مبتهجا كما لو ان هناك شيء ما يفتخر به وهو يترنم:
(ما بينه الهمازة وما بينه اللمازة
وما بينه الما تحب المكتب
ميلن غاد عن دربنا)
الاغنية من كلمات الشاعر مظفر النواب، والمغني صباح غازي وقتها لم اكن اعرف شيئا عن شاعر الشعب، رغم قصائده التي تتغنى بها حناجر النسوة والرجال في اسرتي، وقبل ان اسأل أبي سمعتُ منه نبذة ً من سيرته.. وعن ديوانه (للريل وحمد) وكنتُ اسمع منه ما يحفظ من مطالع قصائده فأزددت حبا بهذه النصوص التي تتلقفها الذاكرة لتكون حاضرة في كل مجلس او موقف على هيئة حكمة، اواهزوجة، او انشودة او نعاوة.
لا يمل القارئ من ترديد قصائد مظفر، بل يشعر بالغبطة والارتياح. شاعر استطاع ان يلامس بقصائده مشاعر الشعب بكل اطيافه ومستوياته، لا يحتاج الإنسان ثقافة ليفهم قصائد مظفر النواب بل لا يحتاج الشخص ان يكون قد تعلم القراءة والكتابة ليحفظ قصائد مظفر النواب، هنا تصدق نبوءة المتنبي: انا الذي نظر الاعمى الى ادبي، الادب الحق لا يحتاج عيناً تبصره، قصائد تجاوزت البصر الى البصيرة، في زمن الانترنيت أطلعت على قصائد مظفر النواب المسجلة عبر اليوتيوب فسحرتني طريقته في الأداء وسطوع الاستعارات والمجازات في قصائده..
وحين اشتريت الاعمال الكاملة للشاعر مظفر النواب، ما ان افتح صفحة حتى صرت اسمع القصيدة بصوته وهكذا تحول فعل قراءتي إلى إصغاء عميق لمياه وطيور ومواويل القرويات في أهوار مظفر النواب
فأدركت أن قصائد مظفر النواب لا تحتاج الى كتب ورقية فقد اصطفت من الكتب قلوب الشعب
وأنا أكتب ورقتي هذه
شعرتُ كأن مظفر النواب يخاطبني:
أشري لج من ضحكة باجر ثوب امقلم