قادتني الصدفة.. وكما اشارة حمراء واجهني عنوان الكتاب: (السيدة المجهولة).. توقفتُ مندهشة متسائلة: لماذا هذا العنوان؟ ومن هي السيدة المجهولة؟ ولماذا مجهولة؟ وحين هبط الى اسم المؤلف نظري، حثني سؤالي على فتح باب الكتاب ورؤية ما في الداخل.. الكتاب من تأليف حجة الإسلام والمسلمين سيد محمد رضا الواحدي
وتعريب وإضافات السيد سيد رضي سيد أحمد الواحدي.
هناك جهود كبيرة واضحة في البحث وتعقب المصادر والمراجع حول سيرة السيدة المجهولة تاريخيا وما يثبت وجودها وانتسابها الشريف لآل بيت النبوة ولجدها الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم، وأبيها علي بن أبي طالب وأمها فاطمة الزهراء. هي سكينة بنت علي بن أبي طالب. لم تذكر السيدة الجليلة سكينة (إلا في موارد قليلة ومحددة والتي بقيت مجهولة إلى محبيها.. إلاّ أن كثيراً من المحققين والباحثين علموا بوجودها بعد مشروع توسعة المدينة وشق الطرق الضرورية فيها بأن هناك قبراً للسيدة سكينة عليها السلام الذي كان ومازال محترما ومقدسا عند أهل المنطقة والمجاورين /ص23) أن وجود أبنة أخرى للإمام علي قد سبب العجب فهي شقيقة السيدة زينب والسيدة أم كلثوم عليهما السلام وكانت ضمن السبايا في معركة الطف.
بين ضريح السيدة زينب وبين ضريح شقيقتها السيدة سكينة عشرة كيلومترات. السيدة زينب في قرية(الراوية) في دمشق والسيدة سكينة في مدينة (داريا). في عام 1985 أثناء تعبيد طريق جديد في (داريا) اكتشفت السلطة قبراً يعرف لدى أهل المنطقة بقبر (السيدة سكينة بنت علي بن أبي طالب والسيدة الزهراء) وقد أمرت الحكومة السورية بوقف العمل وعدم هدم القبر الشريف وأخبروا العلاّمة الواحدي بذلك وقام سماحته بالبحث المعرفي بالمصادر والمستندات التاريخية التي تثبت أن صاحبة القبر هي ابنة علي وفاطمة عليهما السلام. ومن المستمسكات (سند عقاري يرجع تاريخه إلى عام 1938 أي منذ أيام الاحتلال الفرنسي للقطر السوري يُثبت وجود قبر السيدة الجليلة في هذا المكان /ص27).. ثم تشكلت لجنة تنسيقية من رجال الدين والمسؤولين السوريين وسميت اللجنة (لجنة إعمار مقام ومرقد السيدة سكينة بنت أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام)..
ومن الأدلة التاريخية الدامغة:
(1)عن المجلسي في كتابه (بحار الانوار) بعد تغسيل وتكفين السيدة الزهراء، عن أمير المؤمنين ما يلي (فلما هممتُ أن أعقد الرداء ناديتُ: يا أم كلثوم يا زينب يا سكينة يا حسن يا حسين هلمّوا تزودا مِن أمكم).
(2)في زمن مرجعية سماحة آية الله السيد البروجردي، أعتلى المنبر آية الله الميرزا الزاهدي قائلا: رأيتُ في تحقيقاتي بأن هناك بنتٌ أخرى لأمير المؤمنين وفاطمة تسمى سكينة.
(3)وتتضح علو مكانة الثقافية فيما ينقله العلاّمة الطبري في كتابة (دلائل الامامة): عن علي بن محمد العسكري، عن زيد بن موسى، عن أبيه، عن عمه زيد بن علي، عن سكينة وزينب بنتيّ عليّ، عن علي: قال رسول الله..) يستوقفني أن زيدا ينقل عن أبيه زين العابدين والامام زين العابدين ينقل عن عمتيه السيدتين الجليلتين: سكينة وزينب.
يرى مؤلف الكتيب أن الثورات المتواترة وعدم الأمن في العراق والحجاز من جهة ومضايقات حكومة عبد الله بن الزبير وأخيه مصعب التي كانت تلاحق وتضايق بني هاشم عامة ً وأهل البيت خاصة ً..كل هذه الاسباب جعلت العترة ومواليهم يتركون ديارهم ويهاجروا إلى دمشق التي كانت في مأمن من حكومة الزبيرين ليقطنوا فيها/ص 31، ويبرر المؤلف هذه الهجرة قائلا : أن هجرة القبائل العربية المختلفة إلى الشام كانت سبباً لتغيير أوضاع الشاميين وفي النتيجة التغيير الجذري للثقافة العامة وبمرور السنوات صارت الشام بلادا آمنة ً مناسبة لهجرة بني هاشم ومواليهم.
وهكذا بعد قرون وقرون غدت دمشق وبلاد الشام تشع ضوءا ً قدسيا من أضرحة
السيدات الطاهرات المطهرات: زينب.. أم كلثوم.. رقية وسكينة بنتي الحسين.. حميدة بنت مسلم بن عقيل.. أم سلمة زوجة الرسول الاعظم.. فضة خادمة السيدة الزهراء.. وهناك أيضا قبور: عمار بن ياسر.. بلال الحبشي.. حجر بن عدي.. وهناك أماكن مقدسة
مقام رأس الحسين.. مقام عبادة زين العابدين..
…………
السيّدة المجهولة طبعة اولى / طهران/ 2010