من منا أخلفَ الوعد
وترك بعضه في كفّ الضياعِ
ها قد رحلتَ تاركاً سركَ الثقيل
في طردٍ بلا عنوان
ها قدّ نفد الصبرُ مني
على كراسي الإحتضار
وخيوطُ الشمسِ تتشظى
في غياهبِ الوحشةِ
رحلتَ وكفك يُلّوح للعودةِ
ومذ ذاكَ الطريق المعبأ بالقهقهات
وأنا أُقنع كذبي الشارد نحوك
أُهيلُ عليه السُبابَ تارةً
وأخرجُ عن طوع كبريائي تارةً أُخرى
أجوب المسافات المبهمة نحوكَ
أسألُ جوارحي
عن آثارك المحفورة فيها
عن آخر غفوة فطامٍ من نهدِ أمي
عن وجلِ حبيبةٍ تُركت هُناك
أيقظها دويُّ الحروب المتصابية
والمُتجحفلة صوبها
وهي تُرقّنُ الإنتظارات العاطلة عن اللقاء
في تقويم الوحشةِ المعلق على جُدرانِ لهفتِها
هكذا أنا طاعنةٌ بأرق الغيابِ وبالأسى
ومُذ ذلك الرفض وأنا أحصي رمال أيامي
وشحوبَ عُذريتي الأولى
مازلتُ أتمسك بحبليَّ السري
ألملفوف حولكَ كطوقِ نجاةٍ
أنصاعُ لسقمِ الحنين وهو يعدو صوبك
تَركتَني مُشردة هكذا
مثل حروفٍ مُتنافرةٍ على الموائد
مثل كتبٍ نيئةٍ لا تُستساغ
تُرِكَت على منضدة قديمة نصف عناوينها ممزقة
أبحثُ عن سنينٍ مؤجلة على الرفّ
عن دُعابةٍ عائليةٍ وقهقهاتٍ
في صناديقِ الذكريات الخاوية
عن رصيفٍ تَركنا فيه قُبلاتنا كعلاماتٍ دالّة
عن إبتسامةٍ لاذعةٍ كتمتها في معارضكَ الخالدة
عن أُغنيةٍ سبعينيةٍ سمعناها معاً ذات عناق
عن بيتِ قصيدٍ رددناه سويةً
عن أمانينا المؤدلجة
عن خلافِ رأيٍ ودفئِ تصالحٍ
عن ظلٍ رسمناه بالمقلوب
على جذع شجرة هرمةٍ
كانت ترصدُ مراهقتنا
أبحث عني
عنكَ
عن محطةِ لقاءنا الأول والأخير
لا أدري من نحنُ
وكيف إفترقنا…. أنا… وأنت ؟
أو مَن أكون انا
أنا… انا…نعم أنا
أنا هكذا
طردٌ بلا عنوان
رُقّن ضد مجهول