أحلامنا عاليةٌ
لكنّ سقفَ البلادِ واطئ جدا
أدنى من مستوى قاماتنا.
هنا على هذه الأرض وضعنا مسودةَ رسائلنا الأولى التي لم يقرأها أحدٌ إلى الآن، ولن يقرأها أحدٌ، مازلنا نصنف مع الجزء المهمل من وصايا رسالاتِ السماء، لم نرث من القداح وعده، ولامن مسحوق طلع النخيل سكرا؛ نخفف به مرارةَ الجانبِ المر من أسمائنا. سوف تبتلعنا دواماتُ البحث عن غزلان الحقيقةِ في براري اليتمِ الأبدي، نرسم خطوطَ حظوظنا على رمال الوهم،وعلى صفحات الموج نشعلُ شموعَ ليلِ الوحشة، ولن نصل أبدا لمصاف غيمة، ولا لعتبة فراغٍ نملؤه بالأخضر اليانع منّا.
نحن المواطنين المهملين تحت نيازك اللعنة نتوزع على شكلِ خواتم في أصابع الليل، لاأحدَ يتزين بقبرات نوايانا سوى تنين الغربة الذي يتلذذ بطقطقة عظامنا تحت سرفاتِ الخراب.
نجونا من كل فخاخ الدنيا إلّا فخ عواطفنا حين
زلت أقدامنا بدغل المغالات بخشخاش الخرافة.
لن يدلنا أحدٌ على بائعي الزهور، ولن تأخذنا أقدامنا إلى حيث تشتبك السنابلُ مع رقصةِ نسمات الحياة؛ وهي تمسكُ بخصرِ أيامنا وتدورُ حول مئدنةٍ شريفة.
نحتفظ بصورٍ قديمةٍ في البومِ الذاكرة لأراضٍ شاسعةٍ من الضحكِ ، وقهقات أطفالٍ على النهرِ يلقون بأنفسهم في أحضان الماء، وينحدرون مع الجزرِ إلى فمِ الشاطئ دون أن تعترضهم سمكةُ قرش واحدة.
كل هذا أيام كان السلاحُ رحيمًا ولم يمد رقبته في خصوصياتِ بساتيننا.
أما كان حريا بنا أن نهتم بمسحِ الغبارِ عن مصاحف أحلامنا؟ بترتيب ربطةِ عنقِ أطفالِ المدارسِ الذين لم تبلغ ألسنتهم بعدُ سنَّ الدمعة؟ بتوزيع قلوبنا على القرى القريبة والنائية بالتساوي؟.
نحتفظ بالمنسي منا في قوارير الملحِ خشيةَ أن ينالنا العفنُ الكوني،مؤطرين بخليطِ حنظلِ المرارات وورقِ الصفصافِ اليابس.