عندما كنت أجمع أشيائي في حقيبة سفري لم أكن أتصور أنني كنت أجمع معها تعبي ووحدتي، وكذا سوداوية يومي……
تركت كل الوجوه خلفي وركضت نحو شوارع الهروب، إلى تلك المسافات الطويلة والممرات المتسعة التي لم أحفظ منها سوى أسمائها…..
كنت مبعثرة من كل شيء، منهكة القوى، لا أقوى حتى على مصافحة حرف يمد يده إلي….
حتى السطور فرغت من أبجديتي التي تقلصت في مكان ما في داخلي….
أردت فقط أن أحدثك عن تلك الندوب التي كانت تطفو في ورقي وإنني أردت أن أشعرك بتلك الانقباضات التي تنهش فرحي……
لأول مرة كنت أحتاج إلى تماسك الكلمات التي تخرجني من ذاك القبو المظلم….
كنت بحاجة إلى قناديل سطرك يشعل تلك الممرات الضيقة….
كان بإمكاني أن أفلت من قبضة الحلم بعد أن تهالك قلمي… بعد أن تمزق حرفي وتصلب ورقي كلوح ثلجي بارد….
أردت أن أصف لك حجم الانكسارات التي شطرتني إلى نصفين وأنا على قيد حرف ومداد قلم….
لم أكن مثقلة الخطوات يوماً حتى زحف الضجر إلى جيوبي وأوراقي….
لم أقو على مواجهتك بتلك التشققات التي تمددت في داخلي….. وتلك الانهيارات التي لطالما حاولت ترميمها بصوتي المرتجف كقلمك الحبري عندما يحدث ارتطامه بحافة منضدة ضجيج مختنق….