ليس غريباً أن يخطفك شعوراً بالإمتلاء الروحي في تمام الساعة الرابعة فجراً وأنت تحاول أن تستدل إلى الطريق المؤدي إلى السموات السابعة….
ليس غريباً أن تنتزع جسدك الغارق في الدفئ وتجر قدماك نحو المغسل لتحيط جوارحك بهالة الوضوء والضوء لتتساقط آثام الدنوية بنقاء الماء والقلب…..
غريباً أن نعلم بوجود حوض من السكينة ولا نغرف منه حد الشبع… وبوجود من بيده كل شيء ولا نتوافد عليه في محراب فجر….
غريباً أن لا نتعثر بكل تلك الأجواء الماثلة للمغفرة! وتثقل أرواحنا و تتوسد الدنيا وهي التي على مقاس الظل….
هل تتخيل وأنت تقف وحدك وشفتاك تقرأ سلسبيل الآيات النورانية ويمتلئ نبضك بالشعور الذي لا يمكنك حتى الكتابة عنه أو وصفه فقط.. تقف مأخوذاً بعظمة اللحظة وأنت تستشعر بتلك الصلوات كأنك تتحدث إلى ربك بخشوع لا تسمع سوى دقات قلبك ورجفة جوارحك كلها تفصلك حتى عن نفسك وكل تفاصيلها….
ما الذي أتى بك إلى تلك الدقائق الفاصلة بين روحانية فجر وصلاة؟ بين عتمة ليل محاط بقناديل ربانية وأول تدرجات الصبح؟ حتى أدركت عندها إنك لا تقوى على ترك ذاك المركب الذي يأخذك إلى أزمنة عبادات الصالحين…
وغريباً أن ألاحظ إنسحابك المفاجئ من رنين الهاتف… وغيابك المعتمد في ساعات الأحاديث الهادرة…. ذاك الأختفاء الغامض من الضجيج البشري.. لتطفوا نحو أفق السماء وأنت على سجادة صلاة…