
في عدد مجلة الشعر الصادرة عن إتحاد الاذاعة والتلفزيون في مصر، وهي فصليّة العدد ١٤١/ربيع ٢٠١١ ما يستدعي مراجعتها تبعاً للأحداث التي شهدتها سوريا بتغيير نظام الحكم استناداً إلى ثورة الربيع العربي٢٠١١ وشملت سوريا ثمّ تلاشت، واصبحت حقيقة في بداية ديسمبر ٢٠٢٤. ولم نحصل على أيّ شي ء جديد غير احتفالات بانتصار الثورة على الحكم في الذي امتدّ ٦١ /سنة.
ومراجعة للمجلة التي توسط غلافها عنوان’ الشعر في الميدان’ يؤكّد إنّ حضور ا الشعراء في مرحلة التغيير كان على أرض الميدان من نصّ/فجر ميدان التحرير/لصلاح عليوه ص١٨/ماذا قال الفجر لميدان التحرير/ماذا؟ /وحشود شهداء تشقُّ اللّيل/وظِلُّ الموت يرفرف مشدوها/ما بين شهيق وزفير/قال لي قلاع الظالم تهوي/والشعب كله يرجّ بروح/التأريخ وجيل الثورة يطلق فوق عروش الظلم/ اعاصير التغيير. /
او قد تكون القصيدة قريبة من الطبيعة كما في نصّ اشرف البحطيطي /ثورة الازهار ص٢٦/
من ثرى التحرير للدنيا جميعاً ….. اذنَ الاحرارُ للشمس سطوعا
وانحنى التأريخ يروي قصّة……….الابطال بأساً ودماءً ودموعا
ساحة الميدان زهرات وأطياف….. فمن يغتال فيهنَّ الربيعا
ثورة الازهار والأطهار زلزال…… من الانوار لا يرضى خضوعا
…………… فالثمي يا مصر هاتيك الورود
…………… من جريح مُستهام او شهيد
هتفوا قُمْ وارفع الرأس الابيّا انت مصري تجاوزت الثريّا
وعرفت الاهة الشّماء لحناً رائع الشّدو شجيّاً عبقريّاً
هذا النص جمع بين اطياف الشعب المصري بصورة زلزال لم يخضع لكلّ محاولات الحاكم في استمالتهم وثني ارادتهم.
وفي نص/ فرسان قرية الساحات الخالية/يجمع الشاعر احمد سراج بين صيغتي الأمر والإستفهام. /
قل ما تشاء متى تشاء لمن تشاء/ وانسب لصوتك أنّهُ الهادي/ المحررّ والمحددّ للنجاء/وزّع عليهم في الفضاء الرَّحيب/آلاء الذَّكاء/لكن بربّكَ لا تخنْ/شعباً كغرس الارض/
ويجعل الشاعر سامح كعوش من النداء لبلده عنواناً لقصيدته / يا مصرنا/ يامصرنا /يا نصرنا//يازهرنا المتفتحا/ياوردة برّية تأبى المذلّة مطرحا/يا فرحة الام التَّي ربَّت شباب الامنيات/حملت وروت زهرها كبروا لتبتسم الحياة. / نجد الشاعر من خلال خطاب النداء يوضح في البيت الاخير إن الشباب عماد الامّة في التضحية والفداء من اجل ان تبقى الحياة.
ويختم الشاعر عبد الناصر عيسوي نصّه /خلعوك فقالوا/ خلعوك فقالوا/ما اخترناك ولكن قلنا/إنَّا اخترناك والآنَ أردنا ان/نُصلح ما افسدت/ونبني ما هدمت ونثأر لدم الشهداء/ والنص يخاطب حاكم مصر وما وصلت إليهِ البلاد ويستخدم الشاعر أسلوب الطباق في الأصلاح والفساد وفي البناء والهدم. ويتخيّل حاكم مصر كانَّهُ أسطورة لا تنفّك تبهر اجيال الشباب، ولكن سرعان ما يفصح عنه الشاعر. /لو كنت كما في الاسطورة/ما كنت سرقت الشَّعب/واطعمت الفقراء/كلاماً معسولا/وفِتات حكايات/وقرأت على الجوعى/مجموعة تنويمات/ هل سيظلّ الجوعى جوعى/او ينامون على بضع حكايات/هيهات./ يتخّذ الشاعر عبد الناصر أسلوب الحوار والنتيجه المخيبّة للشعب هو سرد الحكايات عن البطولة لشعب بدأ الجوع يدبّ عليه وينهي ذلك بصيغة اسم الفعل هيهات/ أيّ بعيد بين الحاكم والشعب.
وكما كان الفراعنة يحكمون مصر وهم الأعلى بين الناس وبين انتهاء حكم فرعون مع النبي موسى. يعيد الشاعر فاروق جويدة في نصّه /الأرض قد عادت لنا/ص ١٠/ بنداء إلى الفرعون بوصف سنوات حكم رئيس مصر. /بالخراب/والوحشة/ والاحزان/ ياسيّدي الفرعون/هل انت شاهدت أحزان المدينة/النَّارِ تصرخ من كهوف الظَّلم/ والايام موحشة حزينة/ومواكب الكُهّان تنهب في بلاطك/والخراب يدّقُ أرجاء السفينة/ والموت يرسم بالسواد زمانك الموبوء/والأحلام جاحدة ضنينة/
ويتناول الشاعر محمّد إسماعيل جاد موضوعاً اجتماعيّاً في الفساد بنص/الكلُّ فاسد/ ص ١٧/ الكُلّ فاسد /قالتها/عندما رأت السيوف تشرق من فمي / وتغرب من خلف عظام الظَّهر/ عندما شعرت أنَّ ولي أمر العبث تلاشى /وجاء عوضاً عنه/ بائع صبرٍ وحلوى مطاطة /يدخل الشاعر الثورة بصفتها القائلة في الميدان تتلقفها الافواة من اجل الحريّة وتتحاشى طعنات الغدر من أيتام الحاكم. وكما حصل من مجازر في مصر. ويرمز له الشاعر بولي امر العبث. ويصف من جاء بعده بصفة معنوية الصبر وادخل الأفراح إلى قلوب المصريينَ. ويوزّع الشاعر الفساد على كلّ شيء في الحياة. /الكلّ فاسد قالتها/عندما تلوّنت الثَّياب والاقلام والشَّاشات/ واختلف البائع والمشتري/ وتعانقت الألوان المختلفة/والاحزاب المحترقة/ وتحوّلتْ البلدة لكرة قدم/يقذفها منْ يشاء/بهدف وبغير هدف/إنّ ثورة الربيع في نظر الشاعر أصبحت مثل كرة القدم يتلاعب بها اطياف من الشعب المصري وكلّ يدعّي الحقّ والحقيقة.
هذه وقفة مراجعة للثقافة المصرية في الشعر الذّي واكب ثورة الربيع العربي، وهو غير نصوص في الشعر الشعبي الذّي يلازم ويرافق قصيدة العمود، و قصيدة النثر وستكون لنا معه وفقة.
وما زالت الثقافة العربيّة تنتظر كغيرها من المؤسسات ماذا ستكون عليه آفاق الثقافة في الثورة السوريّة؟ وهل سنشهد شعراً يصوّر مآسي الشعب عبر غرض الشكوى من الظَّلم وما خلفّه سجن صيد نايا من فضيحة لسجناء دفنوا في مقابر جماعية كما حدث في العراق حتى نتعرف عن الشعر في ثورة الربيع العربي.