المنعطف في حياة كلا منا، منعطف قد ينقلنا الى عالم اخر، آخر بكل مافيه من شخوص واحداث، والصدفة التي تحدث المعجزات. بالصدفة التقيا، وبالصدفة حدثت المعجزة.. معجزة الحب.
حين تلتقين به تكون السماء صافية وبيادر الحنطة الصفراء تملأ المكان.. نجوم واقمار تسقط على كتفه. ليس من ثوبك ولا انت من ثوبه.. تفترقان مثلما تلتقيان قالت العرافة الغجرية، وهي تضرب الرمل بالحصاة.
رواية منعطف الصابونجية للقاصة نيران العبيدي الصادر عن دار ضفاف (بغداد- الشارقة)، منعطف قد يكون في حياة كلا منا، منعطف مكاني حين تخطىء اقدام الخادمة كتيتي الأفريقية، فتأتي الى قارة اسيا وتحديدا بغداد أبان ثلاثينات القرن العشرين، منعطف مكاني يحمل ملامح وبصمات زمانية لتنعطف معه حياة بدرية بنت الحسب والنسب لينقلها من حضن اسرة محافظة الى احضان الغرباء.
نجحت الكاتبة الى حد كبير بما تملكه من خزين هو امتداد لعملها في الجانب القانوني من الحياة هو مجموعة تجارب وحكايا النساء اللواتي مررن بها وهي تعمل محققة عدلية في المحاكم العراقية. تتعاطف الكاتبة مع معاناة هؤلاء النساء وتقديرها لحقهن الانساني في الحياة ودفاعها عن التهميش والتقوقع الذي اجبرهن المجتمع على التموضع فيه بكل مافيه من ظلم وتصحر عاطفي وانكار لحقهن الطبيعي أن يحببن او يكن محبوبات، أن يملكن حق اختيار الفرد الذي سوف يرتبطن به، كل هذا صورته الكاتبة بمنتهى التجرد فاسمعتنا امنيات العذارى في السكن في قلب رجل .
اجادت الكاتبة في تصوير البيت البغدادي في تلك الفترة، اركانه، قوانينه، اسراره التي تختبىء خلف الابواب المغلقة ، العرف، العيب ، الخطا والصواب.
( في هذا الوقت بالذات ادرك ولع عمي ابراهيم ويونس من بعده وحتى بدرية وحبهم الى هذه الغرفة، لعبة الاختباء خلف الشناشيل!! والتطلع الى المارة ومجريات امور المحلة ومن يدري ربما عمي أو يونس…او ربما حتى بدرية كانت تتطلع لاحدهم من هذا المكان ) الشناشيل ذلك المعمار الذي يستوعب كل اسرارنا المغيبة خلف العيب والعرف، نظرات العيون المتكحلة بكحل الامنيات المنتظرة لاناس قد ياتون وقد لا يأتون، انسكاب الانتظار لدى العمة التي تقضم ايامها انتظارا وتكرر لعناتها لاخوة انكروا حقها في الحب والزواج.
(يطفىء مرهون نوره وابقى اراجع المحاضرات وابحث بين الكراريس طالما كان الضوء ينعكس على الجدران المقابلة)
ولاتنسى الكاتبة الناشطة في مجال حقوق المرأة أن تؤكد على اهمية التعليم كفرصة لأنعتاق المرأة من ريق عبودية العائلة ولا تنكر رغبتها في الحصول على قلب رجل وان كان هو من نفذ حكم الموت بشقيقتها الكبرى ربما لانها وجدت انسانية منسية في ذات القاتل الذي يحاول ان يتغير بعد قضاء محكوميته.
منعطف الصابونجية هو منعطف افتراضي في داخل كلا منا فكم من منعطف غير نهايات لعوالم بشرية ، تختم الكاتبة روايتها بنهاية مفتوحة وكانها ترمز للحياة ولمنعطفاتها التي تفاجئنا دوما بنهايات غير متوقعة مفتوحة على المجهول.
(وسلمتهُ شالي الذهبي وضعه في عبه وانطلق، حينها امطرت السماء بقوة محت كل اثر لوقع حصانه ركضت وراءه أصرخ كمجنونة اقبل الطين الذي مرقَ عليه..ومحى ما دار بينا وتحولت الاعشاب التي كنا نتسامر بينها الى ثقوب شوهت وجه الارض بالطين والبلل وأساق أنا الى بيت أبو النخلة.)