حسين علي غالب :
(1) نهاية الشفقة :
من بعيد يطالع الجنديان إلى الرجل العجوز الذي يجر عربة من الطماطم .
يقول الجندي الذي يقف في نهاية نقطة التفتيش عبر جهاز اللاسلكي: هيا فتشه فنحن في منطقة تفتيش مهمة .
يؤشر صديقه إلى الرجل العجوز الذي في بداية نقطة التفتيش بيده لكي يتقدم من دون تفتيش لأنه أشفق عليه ،فصرخ بأعلى صوته صديقه: لا تتحرك إلى الإمام .
ارتسمت ابتسامة صفراء على وجه العجوز وفجأة تفجرت العربة وهو معها ، تقدم الجندي الذي يقف في نهاية نقطة التفتيش نحو صديقه الذي تأثر كثيرا بسبب شدة الانفجار .
وجد الجندي صديقه غارق بدمائه فقال له : لقد أشفقت على من قتلك يا مسكين.
—
(2) راحة الموت :
بمسدسه الصغير يطلق رصاصات موجهة إلى أماكن محددة للذين تم خطفهم وتقييدهم .
يصرخ رئيسه بوجهه بصوت مرتفع : أقتلهم لا تبذر الرصاص عليهم ..!!
أدخل مسدسه بجيبه بعد أن انتهى ،وألتفت إلى رئيسه وقال :لن أمنحهم راحة الموت بل سوف أمنحهم عذاب الحياة وهم معاقين .
—
(3) مستشفى خاص:
بقربه محاسب المستشفى يقول له وهو ممدد على السرير الطبي : علمت من الأطباء أنه يجب أن تجري عملية الزائدة الدودية .
يصرخ المريض من شدة الألم : لكني فقير لا أملك ثمن العملية …؟؟
قال له وهو فرح : وقع على هذه الأوراق، وعلى الفور سوف نجري لك العملية .
وقع المريض الأوراق من دون أن يطلع عليها من شدة ألمه .
دخل إلى غرفة العمليات وتم إزالة الزائدة الدودية، وأحدى الكليتين “”ثمنا”” لإجراء العملية ..!!
—
(4) العفيفة :
بأعلى صوته يقول : سوف أخرج .
لا تنطق بأي كلمة ، ترمق الأرض بعينيها وهو فرح ومسرور للغاية وكأنه حقق انتصارا.
يخرج من البيت ،يغلق الباب خلفه بالمفتاح.
تتقدم نحو الباب لتتأكد بأنه مغلق ، يدخل الفرح قلبها ، تهرول مسرعة نحو جهاز الكومبيوتر ،وتقول وهي ممسكة بالمايك : لقد خرج اللعين، والآن سوف ترون ما الذي سوف أفعله ..!!
—
(5) العطوف :
تهجم الأيادي على الحاجيات المختلفة التي يقدمها للمحتاجين ، يفرح الرجل الذي يقدمها وهو يسمع الناس تدعو له وتشكره .
ينتهي كل شيء خلال دقائق معدودة ، نظر إلى صديقه وقال له : أرأيت بأم عينك كيف نجحت فكرتي ، أنت تأخذ حاجيات الدكان الفاسدة وتتلفها بعيدا أما أنا فلقد انتهيت منها خلال دقائق مع دعاء وشكر الناس لي .
—
(6) استحالة :
وجدت نفسها مبتهجة ،وهي ترتدي الفستان الأبيض .
فتحت عيناها وقامت بالنهوض من سريرها ، رأت بالمرآة القريبة منها وجهها فقالت : من المستحيل أن يتحقق حلمي ..!!
—
(7) النفايات :
السحابة السوداء تحيط بالمكان ، يخرج الناس من بيوتهم خائفين ،وهم لا يستطيعون التنفس..!!
يبدأ الجميع بالحديث ،ويتداولون الأخبار الممزوجة بالإشاعات ، هذا عمل إرهابي ، هناك طائرة قصفت مكان معين، مخزن عملاق أحترق بسبب تماس كهربائي .
يضحك طفل صغير بشكل هستيري :
— لقد أحرقنا جبل النفايات ،وكل هذا ناتج عن الاحتراق.
—
(8) معاناة :
يستمع إلى كليهما وهما يتحدثان،وهو جالس بقربهم في المقهى ..!!
– أريد الهجرة أريد أن أعمل بالخارج كما الآخرين .
— أنا معك ،ومستعد أن أفعل أي شيء حتى أهاجر .
– اتفقنا ومنذ الآن يجب أن ننهي معاناتنا.
يذرف الرجل الذي يستمع إليهم عدة دموع حزينة ، ويقول بصوت منخفض : الآن بدأت معاناتكم فأنتما تذكراني بشبابي وبتجربتي فسوف تتخلصون من معاناة البطالة والحاجة وتتذوقون معاناة الغربة والوحدة .
—
(9) أشلاء فوق القمامة:
نحو العربة يهرولون ،والابتسامة على وجوههم المنهكة المتعبة .
ذاك الطفل يقول لمن معه : علب البلاستيك لي أنا وحدي ،وأنت خذ العلب المعانية ، أما الورق والعلب الزجاجية فهي حصتك ،وبقايا الطعام لنتقاسمها فيما بيننا لنبيعها إلى الراعي.
ينزل صاحب العربة كمية هائلة من الأكياس ،والابتسامة الصفراء على وجهه فيلتفت إلى صديقه الذي يجلس بقربه على متن العربة ويقول له بصوت منخفض : عندما نبتعد قليلا نفذ بلا تردد..!!
يحرك صديقه رأسه عدة مرات من دون أن ينطق بأي كلمة .
تبتعد العربة عن مكب النفايات بعد عدة دقائق فيلتفت من يجر العربة بوجهه ويقول لصديقه الذي يجلس بقربه : هيا نفذ الآن .
يخرج الرجل من جيبه جهاز الموبايل، ويتصل بالرقم المحدد الذي يعرفه .
يتوقف صاحب العربة ويلتفت هو وصديقه إلى الخلف ،ويحدث انفجار مخيف في مكب النفايات .
ترتسم الابتسامة على وجهيهما فيقول صاحب العربة لصديقه : لقد نجحت فكرتي ولقد قتلت عدد كبير من الصغار .
يضحك صديقه بشدة ،وهو يصفق من شدة الفرح.
—
(10) راحة الموت :
بمسدسه الصغير يطلق رصاصات موجهة إلى أماكن محددة للذين تم خطفهم وتقييدهم .
يصرخ رئيسه بوجه بصوت مرتفع : أقتلهم لماذا تضيع الرصاص عليهم..؟؟
أدخل مسدسه بجيبه بعد أن انتهى ،وألتفت إلى رئيسه وقال :لن أمنحهم راحة الموت بل سوف أمنحهم عذاب الحياة وهم معاقين .
—
(11) التيار الكهربائي :
في جانب الغرفة يقفز بشكل جنوني خوفا وهلعا، ينظر إليه أخيه ويشعر بالحزن عليه .
تمر الدقائق ويهدأ قليلا ،ويعود بعدها لطبيعته ..!!
يقترب الأخ نحو أخيه ويقول له : يا أخي ما بك كلما تقوم بتشغيل جهاز كهربائي يصيبك الخوف والهلع فبعد تشغيله أما تقفز أو تهرول ،وكأن الجهاز الكهربائي هو أسد يريد التهامك..؟؟
ساد الصمت في المكان وبدأ الأخ بالبكاء بعدما سمع سؤال أخيه وقال له بعد مرور عدة دقائق: كل هذا بسبب السجن .
أجابه أخيه : وما دخل السجن بالأجهزة الكهربائية ففي السجن حسب علمي لا يوجد إلا الضوء المعلق على الحائط ..!!
رد الأخ قائلا : لقد كانوا يصعقونني بجهاز كبير ،وكان التيار الكهربائي يصيب جسدي بألم ما زالت أتذكره وكنت أصرخ وأحاول الحركة ولكني كنت مقيد حتى أفقد الوعي فلهذا أرجوك أبعد الأجهزة الكهربائية عني ودعني حتى يعالجني الوقت والنسيان فهما علاجي الوحيد.
—