الثريا رمضان :
كان من الممكن..
أن أحب الحانوتي الذي يقطن بالحيّ المجاور
أن أرسم وإياه اﻷحلام على كفن من حرير
وأساوم الدنيا على ابتسامته الهادئة
وهو يدفن الجيران واحدا تلو اﻵخر
كان من الممكن أن أتزوّجه
لأضمن لي دفناً خاصّا
لا تحتاج لدموع..
من زوج
تعوّد حمل الأجساد الباردة
…………………………
كان من الممكن أن أحبّ قوّاد الحيّ
وهو يمرّ عصرا على الخبّاز
ليقتني ما يسدّ جوع “نسائه”
كان من الممكن أن أتزوّجه
أظلّ أشاهده كل ليلة
يرتّب العاهرات في طابور
ليرسلهنّ نحو مغارات الشهوة الذكوريّة
بيدي الأرجيلة
وكأس فوتكا
ساقاي المكتنزتان تغريان زوّار المنزل الرّطب
وحمرة الشفاه القانية تصيب العابثين في مقتل
…………………………
كان من الممكن
أن أحبّ جارنا المتزمّت
وأذوب في نظرته الغريبة لتنّورتي
وهي تطير مع الريح
كان من الممكن أن أتزوّجه
أمشّط لحيته الشقراء
وألبس “الشرعيّ” من اللباس
أسودا.. واسعا يخبّؤني من عيون مُتطفّل
قد يزور منزلنا
…………………………
كان من الممكن
أن يغريني جارنا الجندي ببزّته الخضراء، فأحبّه
ذلك الخضار الذي يعيدني طفلة
ألهو تحت زيتونة دار جدي
كان من الممكن أن أتزوجه
أقضي الليالي في بيتنا البسيط
على وقع الانتظار والهلع
أحبل منه صدفة
ففي كلّ مرّة يعود
رحمي المسكين يكون نائما والبُويْضات
ساعة الولادة
تخرج من رحمي ابنته نقيّة كالملاك
ويخرج هو من الحياة على غفلة من رصاصة غبيّة
نقيّا كالملاك
…………………………
كان من الممكن أن أحبّهم جميعا
وأضيف معهم عجوز الحيّ المُتصابي
غير أنّي خذلتهم جميعا
وبقيت في مكاني
أعدّ السنوات على مهل
هم يتزوّجون
ينجبون أطفالا
وينامون بأحلام مختنقة
ككلّ الحمقى
وأنا بجانب ياسمينتي أجلس
أبتسم لنسيم عابر
يشبهني
—