هل يمكن ان نقول في قصائد “ليلى حتى الرمق الاخير” لسوزان عون بانها تجسيد غير موارب للوعة الانوثة المستلبة ، قد يكون في هذه العبارة اختصارا لما لا يختصر ،لان القصائد تجسيدا شعريا لحالة المرأة بهويتها الانثوية مقابل الرجل، تبحث عن الرجل وتتمسك بانوثتها كأمراة حتى الرمق الاخير بحثا عنه ليرد لها اعتبارها كأمرأة ذات كيان مستقل .
وكلما قرأت نصا لسوزان عون احس بانها امرأة تفيض شعرا،دون ان ينتابها الوهن او الضعف بثقة مفرطة بقدرتها على تحويل العادي والمكرر والمألوف والطبيعي الى شعر مؤثر له سماته المميزة كقصيدة النثر او القصائد النثرية ، تقف على النقيض من اميلي دنكسن التي دفعها احساسها المفرط بانوثتها الى التقوقع والعزلة ووجدت في الطبيعة ما يعوض او يلغي تلك العزلة واتهمت بالانانية لكنها كانت في عزلة خارج تلك الضوضاء التي تثيرها حياتها الشخصية وعزلتها عن الحياة اليومية العادية، عكس سوزان عون المحتفلة دائما بنصوصها وشعرها بالحياة والطبيعة التي تمثل عنفوان المرأة وخصوبتها او انها جزء من الطبيعة وخصوبتها :
مواسم الأرض نمَتْ من خطوط كفي
التي عجزتَ أن تقرأها
طالت جذور صوتي
سيصلك جرح أغانيه مع حلول الشتاء البعيد
عكس اميلي دنكسن التي تتخذ من الطبيعة ملاذا للخفيف من وخدتها وتدرك بحسها بانها الاقرب الى انوثتها وخصوبتها كأمرأة تعاني من الوحدة ومكابدات الشعر حتى تبدو اشعارها كانها قادمة من اغوار بعيدة في الطبيعة تؤنسنها في وحدتها وتحولها الى قصائد غاية في الجمال بصوت خافت يهمس شعرا :
ليالي التوحش ياليالي التوحش
حيث كنت معك
وعلى الليالي القاسية ان تكون
نعيمنا الريح لا جدوى منها
لقلب في الجانب الايسر
حدد له بالبوصلة
ثبت على الخريطة
تجديف في جنات عددن
اه! يابحر
هل ممكن ان ارسو
الليلة هناك!
او:
“اللحن في الشجرة”،
يقول المتشكك فاجيب:
“لا ياسيدي ، انه بداخلك”
الوحدة دائما ما تؤدي الى الضجر والملل تحاول دنكسن ان تبددهما بين الطبيعة التي تمنحها فرصة لرؤية نفسها كامرأة والشعر المتوحد بالطبيعة حين تمنحها احاسيسها ومشاعرها الحقيقية، فتشعر بالدعة والامان اكثر مما لو اندمجت اوسايرت صخب الحياة اليومية من حولها ، بينما نجد العكس لدى سوزان عون :
بدون أصباغ زائفة لوجهي اليتيم
لا يقلقني الغد
ولا تلك المسافات الفارهة;
التي بيني وبين المستقر
لا أضجر ولا أايأس
ففانوس الحلم في يدي
وسندباد رحلتي لم يقلع بقاربي بعد .
المقارنة هذه ان صحت ان نسميها مقارنة لا تتعلق بالشعرية او بتشابه عوالم الشاعرتين وانما بالطريقة المختلفة للجوء المرأة الى الطبيعة وتعلقها بها باعتبارها الاقرب الى كيانها كأمرأة رغم ان ذلك لا يعني ان المرأة الوخيدة التي اتخذت من الطبيعة وسيلة للتعبير عن كيانها ووجودها في الشعر او التعبير بوسائل اخرى في الفنون التشكيلية والكتابات الادبية والابداعية وفي فن الرسم على الخصوص .
—
اعتذر لوجود خطأفي المقال